انهيار المفهوم الأمني

صحف عبرية: إسرائيل قدمت تنازلات واسعة خشية المواجهة مع غزة

حشودات الاحتلال على حدود غزة
حشودات الاحتلال على حدود غزة

أقر كتاب ومحللون إسرائيليون بفشل المفهوم الأمني الإسرائيلي التي انتهجته حكومة الاحتلال الحالية بقيادة "نفتالي بينت" تجاه قطاع غزة، مشيرين إلى أن أحداث الفترة الأخيرة في المسجد الأقصى المبارك وما تبعها من هجمات فردية في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل، ولاحقا من إطلاق صواريخ من قطاع غزة، توفر شهادة على انهيار المفهوم الأمني الذي تبلور في السنة الأخيرة.

وأوضح "يوسي يهوشع" المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرنوت أن سياسة الحكومة الحالية بإعطاء تسهيلات اقتصادية واسعة لغزة، والسماح بدخول غير مسبوق للعمال الى "إسرائيل"، حقق فترة من الهدوء الطويل، لكن الثمن الذي دفعته إسرائيل ليس اقتصاديا فحسب، وإنما ساهم في تعاظم قدرة المقاومة الفلسطينية تحت رعاية هذا الهدوء.

وكشف أن المشكلة تكمن في أن القيادة الأمنية والسياسية لا تزال لم تستوعب ذلك ولم تنفذ التعديلات اللازمة، رغم إعلانهم سابقا أن السياسة الهجومية ستتغير وأنها سترد على كل بالون وصاروخ من غزة، مضيفًا أن إسرائيل اضطرت خلال الأحداث الأخيرة في الأقصى إلى تقديم تنازلات واسعة كي تعيد حركة حماس والمقاومة بغزة إلى مسار التسوية بالقوة، خشية أن تشتعل الأوضاع مجددًا في القطاع.

اقرأ أيضاً: أوراق قوة بيد الفلسطينيين يمكن استغلالها لوقف العدوان

ولفت إلى أن أجهزة الأمن المختلفة انشغلت في الأشهر الأخيرة في موضوع واحد، وهو المسجد الأقصى، والجيش استعد لشهر رمضان، كدرس من السنة الماضية، عقب صدمة العدوان الأخير على غزة، حيث لم يتوقع أحد في هيئة الأركان إطلاق الصواريخ على المستوطنات بالقدس، وفي هذه المرة، قالوا في الجيش والشرطة، سنحافظ بكل ثمن على الهدوء ونفرق بين الساحات، ولكن ادعاء المسؤولين في جهاز الأمن وفي القيادة السياسية ممن يقولون إنهم نجحوا في الحفاظ على هذا التفريق، لا يصمد أمام الاختبار؛ فحماس أشعلت القدس والضفة الغربية، وسمحت بالنار من غزة في نفس الوقت".

استبدال استراتيجية الحصار

من جهته طالب "آفي دبوش" الكاتب الإسرائيلي في مقال بصحيفة "اسرائيل اليوم" العبرية حكومة الاحتلال باعتماد استراتيجية جديدة في التعامل مع قطاع غزة المحاصر، تكون "إبداعية وخلاقة"، منوها إلى أهمية استبدال استراتيجية فاعلة باستراتيجية الحصار.

وقال "دبوش"، وهو مدير عام جمعية "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" :"مرت 21 سنة منذ سقط صاروخ القسام الأول في مستوطنة سديروت، ومنذئذ تغير وجهها بمعان كثيرة، وفي الأسبوع الماضي عدنا إلى الغرف الأمنية المحصنة، وجُرح سديروت فُتح من جديد".

ونوه إلى أنه أجرى مقابلة مع الوزير السابق "يسرائيل كاتس"، وهو عضو "الكابينت الأمني الإسرائيلي"، اقترح خلالها استراتيجية جديدة للحرب تجاه حماس (بناء جزيرة مصطنعة في مياه غزة لميناء تجاري)، وكان الصدى لأقواله في حملة "الأمل بدل الحرب"، لافتًا إلى أن هذه الأفكار لم تحقق شيئا، فنحن نوجد في الجانب الذي يتعرض للضربات منذ 12 عاما، وأنا تربيت على الصهيونية التي تخلق واقعا وليس فقط تعنى برد الفعل، وتربيت على الإسرائيلية الإبداعية التي لا تتجمد في مكانها بل تخلق حلولا".

ورأى الكاتب الإسرائيلي أن الجانب القوي يمكنه أن يقرر حقائق على الأرض، وأن يستبدل استراتيجية لم تثبت نفسها؛ وهي استراتيجية الحصار التي أعلنت عنها حكومة أولمرت في 2007، إلى استراتيجية فاعلة، منوهًا أنه على الاستراتيجية أن تضرب المناخ السياسي الجديد لاتفاقات "أبراهام" (التطبيع)، وتعزيز العلاقات مع مصر.

وتابع: "العسكريون يتحدثون عن هذه المعادلة؛ إعمار البنى التحتية في غزة وإقامة ميناء بحري، وإدخال العمال إلى إسرائيل وسلسلة مشاريع اقتصادية مشتركة في صالح الكهرباء والمياه والصحة. وما المقابل؟ الهدوء، وإعادة جنودنا الأسرى".

وأشار إلى أن خطوة كهذه ستحتاج تجنيدا هاما لمصر، قطر، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وهذا ليس بسيطا، لكننا رأينا أي جهود تبذل في محاولة للتوسط في حرب عظيمة الحجم في أوروبا، أمامها، حرب الـ21 سنة تجاه غزة لاغية.

اقرأ أيضاً: عملية "إلعاد" فردية..لكنها مختلفة عن سابقاتها لأكثر من سبب

وقال: "هذه مسألة إرادة سياسية، تصميم وإبداع، من يحاولون تصوير حكم نتنياهو أنه أفضل لغلاف غزة فيجب أن يتذكروا أنه لا يمكن خداع الجمهور كل الوقت، وعلى حكومة التغيير (بينيت) أن تستوعب أن نافذة الفرص تغلق ومن لا يعرفون كيف يجلبون حلولا جديدة يخونون مهام مناصبهم".

ضعف مزدوج

من جانبه قال "دورون مصا" الكاتب الإسرائيلي إن قيام اسرائيل بعملية عسكرية في قطاع غزة هو بمثابة علاج للمشكلة غير الصحيحة، ولا تحل التآكل الزاحف المتواصل في مكانة إسرائيل في داخل بيتها ولا سياقات تموضع أولئك الذين يتحدون النظام السياسي – الأمني في الضفة. 

وأوضح الكاتب أن سبب تدهور الأوضاع الأمنية يعود لأمور أخرى من بينها الضعف المزدوج "ضعف إسرائيل كمؤسسة دولة بالنسبة لما يجري في الداخل عندها"، وضعف السلطة الفلسطينية بالنسبة لما يجري في محيطها في الضفة. 

وأضاف "إسرائيل" تعرف كيف تدار الحروب في قطاع غزة وكيف التصدي لتهديدات الصواريخ لكن لا فكرة لديها كيف تدار الحروب في داخل البيت، وليس أقل من ذلك كيف التصدي لإمكانية انهيار ساحتها الخلفية في الضفة وفي شرقي القدس حيث عناصر الاحتكاك اليهودي الفلسطيني ملموسة بلا قياس عنه في قطاع غزة وتنطوي على تهديدات لم تتأهل القبة الحديدية للتصدي لها.

المصدر : متابعة -زوايا
atyaf logo