منعطف حرج.. مخاطر تهدد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

منعطف حرج
منعطف حرج

يشهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حالة من الهشاشة المتزايدة، مع تصاعد التهديدات باستئناف العمليات العسكرية تحت ذرائع تتعلق بعدم استكمال تسليم رفات المحتجزين. وتتقاطع في هذا المشهد ديناميكيات معقدة تشمل حسابات داخلية إسرائيلية، وضغوطات أميركية متباينة، وجهود وساطة إقليمية مكثفة، في ظل واقع ميداني متدهور.

العوامل المؤثرة في استقرار الاتفاق

أولاً: الديناميكيات الإسرائيلية

  • الضغوط السياسية الداخلية: تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطاً من الرأي العام وأسر المحتجزين لاستعادة جميع الرفات، مما يدفعها نحو التصعيد الخطابي
  • الحسابات الأمنية: القلق من إعادة تموضع الفصائل الفلسطينية وبناء قدرات أمنية جديدة في القطاع يمثل مصدر قلق هام
  • الخيارات العملياتية: رغم التهديدات، يواجه الجيش الإسرائيلي إرهاقاً عملياتياً بعد أشهر طويلة من القتال

ثانياً: الموقف الأميركي

  • التناقض الظاهري: بينما تصدر تهديدات أميركية بالتصعيد، تشير المؤشرات إلى عدم رغبة فعلية في استئناف الحرب
  • استخدام الضغط كأداة: التهديدات قد تكون أداة للضغط على الأطراف لتسريع تنفيذ الاتفاق أكثر من كونها نية حقيقية للعودة إلى القتال

ثالثاً: الواقع الميداني

  • التحديات اللوجستية: عمليات انتشال الرفات من تحت الأنقاض تتطلب معدات ثقيلة ووقتاً كافياً غير متوفر حالياً
  • الفراغ الأمني: محاولات ملء الفراغ الأمني في القطاع تخلق توترات جديدة وتثير مخاوف الأطراف الخارجية
  • الدمار الهائل: حجم التدمير في القطاع يعقّد أي عمليات ميدانية ويطيل زمن تنفيذ الالتزامات

السيناريوهات المحتملة

السيناريو الأول: استمرار الاتفاق بصيغة معدّلة

  • المحفزات: الإرهاق العسكري الإسرائيلي، الضغوط الدولية، الحاجة الإنسانية الملحة
  • المؤشرات: نشاط الوساطة المكثف، تأكيد الالتزام من الأطراف، التكلفة العالية لاستئناف القتال

السيناريو الثاني: تعليق جزئي للاتفاق

  • الشكل المتوقع: عمليات عسكرية محدودة بذرائع أمنية دون انهيار كامل للاتفاق
  • المحفزات: الضغوط الداخلية الإسرائيلية، الرغبة في تقويض القدرات الأمنية الناشئة
  • المخاطر: تصعيد غير مسيطر عليه، فقدان الثقة بين الأطراف

السيناريو الثالث: انهيار كامل للاتفاق

  • المحفزات: حادث أمني كبير، فشل الوساطة، تصعيد متبادل
  • العواقب: كارثة إنسانية أكبر، فقدان مصداقية الوسطاء، تعقيد أي تسوية مستقبلية

خيارات الوسطاء

على المستوى الدبلوماسي

  1. تكثيف الجهود الوساطية: التواصل المستمر مع جميع الأطراف لمنع التصعيد
  2. توضيح الالتزامات: وضع جدول زمني واقعي لتنفيذ البنود المتبقية
  3. بناء آليات ثقة: إنشاء لجان مشتركة لمتابعة التنفيذ والتحقق منه

على المستوى الميداني

  1. توفير الدعم اللوجستي: تأمين المعدات اللازمة لعمليات الانتشال
  2. تشكيل هيئات إدارية: تسريع تشكيل اللجان المجتمعية لإدارة القطاع
  3. البدء بإعادة الإعمار: خطوات عملية لإعادة التعافي المبكر لتعزيز الاستقرار

على المستوى السياسي

  1. الضغط المتوازن: ممارسة ضغوط متساوية على جميع الأطراف للالتزام
  2. الانتقال للمرحلة الثانية: وضع إطار واضح للمفاوضات المستقبلية
  3. الضمانات الدولية: تأمين ضمانات دولية لاستمرارية الاتفاق

التوصيات:

  1. الإسراع في تشكيل قوة الاستقرار الدولية: لملء الفراغ الأمني ومنع التوترات
  2. وضع جدول زمني مرن: يراعي التحديات اللوجستية الفعلية على الأرض
  3. تعزيز الشفافية: نشر تقارير دورية عن التقدم في تنفيذ الاتفاق
  4. تجنب التصعيد الإعلامي: تقليل التصريحات التهديدية التي تقوّض الثقة
  5. البدء الفوري بالإعمار: لخلق واقع جديد يصعب التراجع عنه

الخلاصة

يقف اتفاق وقف إطلاق النار عند منعطف حرج، حيث تتصارع مصالح متباينة ومخاوف مشروعة. رغم خطورة التهديدات، تشير المؤشرات إلى أن احتمالية استمرار الاتفاق تبقى أعلى من احتمالية انهياره الكامل، شريطة نجاح الوسطاء في إدارة التوقعات وتأمين التزام جميع الأطراف. التحدي الأكبر يكمن في تحويل وقف إطلاق النار الهش إلى سلام مستدام يمنع تكرار دورات العنف المدمرة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo