تواجه المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ تحديات جوهرية تهدد بإفشال أي تسوية مستدامة لقطاع غزة. الأجواء السائدة تميل نحو التشاؤم، مع وجود فجوات عميقة بين مواقف الأطراف الرئيسية: إسرائيل، السلطة الفلسطينية، حماس، والوسطاء الدوليين.
القضايا الخلافية:
1- لجنة التكنوقراط وإدارة القطاع
الإشكالية المركزية: فشل تشكيل لجنة إدارية محايدة بسبب التعارض الحاد في الرؤى:
- موقف حماس: قبول لجنة من 8 شخصيات مستقلة، مع استعداد لقبول رئاسة وزير من الحكومة الفلسطينية
- موقف السلطة الفلسطينية: إصرار على تشكيل اللجنة من موظفيها الكبار برئاسة وزير من غزة
- موقف إسرائيل: رفض قاطع لأي دور مباشر للسلطة الفلسطينية (رفضت قائمتين مصريتين)
التقييم: الرفض الإسرائيلي ليس تقنياً بل استراتيجي، يهدف إلى:
- منع السلطة من استعادة نفوذها في قطاع غزة
- تفريغ أي حل من مضمونه السياسي الوطني
- تمهيد الطريق لفصل غزة عن الضفة الغربية
- وضع القطاع تحت نوع من الوصاية الأمريكية
2- ملف السلاح
المواقف المتباينة:
- المقترح المصري: تخزين السلاح تحت إشراف فلسطيني أو عربي
- موقف حماس: قبول التخزين بمشاركة السلطة الفلسطينية
- الموقف الإسرائيلي-الأمريكي: رفض أي حل دون التجريد الكامل من السلاح
التقييم: هذا الملف يمثل العقدة الأصعب، حيث يتعلق بوجود حماس كحركة مقاومة مسلحة، ولا يبدو أن هناك أرضية مشتركة للحل.
3- الترتيبات الأمنية
الواقع الميداني: حماس سارعت لنشر قواتها الأمنية وفرض النظام في المناطق المحررة، ما يجعل استبعادها صعباً عملياً.
المشروع الأمريكي-الإسرائيلي: إنشاء "قوات الاستقرار الدولية" لتحل محل القوات الإسرائيلية وقوات حماس، مع رفض مشاركة تركيا.
التقييم: هذا المشروع يواجه إشكاليات:
- عدم واقعيته في ظل رفض حماس التخلي عن دورها الأمني
- احتمالية تقسيم القطاع إلى مناطق نفوذ متصارعة
- غياب الشرعية الفلسطينية عن أي ترتيب أمني خارجي
السيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول: الفشل والجمود
استمرار الخلافات وعدم التوصل لاتفاق حول المرحلة الثانية، مما يؤدي إلى:
- بقاء الوضع الراهن مجمداً
- استمرار المعاناة الإنسانية
- احتمال انهيار الاتفاق بالكامالسيناريو الثاني: التقسيم الفعلي لغزة
تنفيذ المشروع الأمريكي بإنشاء:
- منطقة غربية تحت السيطرة الدولية (مناطق إيواء وإعمار)
- منطقة شرقية محاصرة تحت سيطرة حماس
- خلق واقع جديد يكرس الانقسام ويُفشل أي مشروع وطني موحد
السيناريو الثالث: حل توافقي
التوصل لصيغة وسط تحفظ ماء وجه الجميع، لكن احتماليته ضعيفة جداً في ظل التباين الحاد.
الخلاصة والتوقعات
- الأزمة أساسية وليست إجرائية: الخلاف ليس على تفاصيل تقنية بل على رؤى استراتيجية متناقضة لمستقبل غزة
- التوافق الفلسطيني الداخلي غائب: فجوة عميقة بين فتح وحماس حول الحكم والأمن والسلاح
- إسرائيل تلعب بالوقت: استراتيجيتها واضحة في منع أي حل يعيد للفلسطينيين سيطرتهم على غزة
- الوسطاء في موقف حرج: مصر تحاول ولا تستطيع فرض حلول، وأمريكا منحازة للموقف الإسرائيلي
- خطر التقسيم حقيقي: المشروع الأمريكي لقوات الاستقرار والإيواء المؤقت قد يؤسس لواقع انقسامي دائم
التوقع الأرجح: استمرار الجمود وتعثر المرحلة الثانية، مع احتمال كبير لانفجار الوضع مجدداً، ما لم تحدث تطورات إقليمية أو دولية تغير موازين القوى الحالية.
