ما يحدث شمال غزة إبادة وليس عمليات

اثار القصف الاسرائيلي على قطاع غزة
اثار القصف الاسرائيلي على قطاع غزة

مع انطلاق العملية العسكرية على قطاع غزة في 27 أكتوبر تشرين الأول، ركز الاحتلال جهودة الحربية على شمال القطاع في مناطق (جباليا - بيت حانون شمال شرق القطاع - وبيت لاهيا ) ،التي كانت مسرحا لعملياته العسكرية، وعمد الى استخدام سياسية الأرض المحروقة بهدف افراغ المنطقة من سكانها، وهو إجراء طال 1.1 مليون شخص ودفعهم نحو جنوب وادي غزة، ومع اشتداد المعارك عزل الاحتلال الشطر الشمالي من غزة عسكريا وحولها الى مدينة اشباح وتم محو أحياء بأكملها، وتعرضت منازل ومدارس ومشافي للقصف الجوي والمدفعي والاحزمة النارية، فيما حاولت اسرائيل ايهام العالم ان هذه المنطقة تشكل قاعدة متقدمة للمقاومة التي تستخدم المدنيين غطاء لعملياتها، ليتضح فيما بعد سيناريو العملية الانتقامية التي ادارتها إسرائيل على الأرض في مذبحة غير مسبوقة لا زالت فصولها تتوالي الي حد الان.

إزاحة السكان ... تغيير التركيبة الديمغرافية

عمليات اخلاء شمال القطاع من السكان تحت الضغط العسكري والتي وصفتها العديد من المنظمات الدولية والإنسانية بانها ترقي الى مستوي جريمة حرب، هي غير مرتبطة بالعمليات العسكرية بل بمخطط إزاحة السكان والتهجير القسري، ونقلت هذه المنظمات شهادات مروعة لمواطنين وعاملين في المجال الإنساني عن هول الجريمة التي تجري في شمال القطاع حيث جري مسح احياء مثل حي الفرقان وحي النصر وحي الكرامة.

من جهته وصف نائب وزير الخارجية الفلسطيني أحمد الديك الحرب في غزة بأنها "وحشية وبربرية ومجنونة تستهدف المدنيين الفلسطينيين"، معتبرا أن "دولة الاحتلال تحاول القضاء على العامل الديمغرافي والكثافة السكانية التي خلقها الفلسطينيون في قطاع غزة من خلال شل كافة أشكال الحياة المدنية في القطاع وجعله غير صالح للحياة البشرية"، مضيفا أن "العدوان وحرب الإبادة" التي تشنها إسرائيل على غزة لم تقتصر منذ البداية على شمال القطاع بل استهدفت كافة المناطق.

إلى ذلك أكد رئيس جمعية "JUSTICIAبول مرقص أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، قد ترقى إلى جريمة إبادة جماعية، لأنها أجبرت سكان تلك المنطقة على النزوح تحت القصف المكثف. بل وترافقت مع تصريحات من أعضاء في الحكومة الإسرائيلية، عبروا فيها علناً عن الرغبة في تهجير سكان القطاع.

في السياق رصد موقع "برلماني"، المتخصص في الشأن التشريعى والنيابى، في تقرير له استعرض خلاله كارثة تغيير التركيبة السكانية بتهجير الفلسطينيين التي تُعد جريمة في القانون الدولى، والتأكيد على أن مقترح التدخل الخارجي في إدارة غزة ينتهك القوانين والمواثيق الدولية، حيث أن أي محاولات لفرض الهيمنة الخارجية على غزة تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وللمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على مبدأ تساوي الشعوب في تقرير مصيرها.

قالت صحيفة "لاكروا" الفرنسية إن المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة لم تعد تعرف اللغة التي يجب استخدامها للتحذير من المأساة المستمرة والجحيم الذي يعيش فيه قطاع غزة، كما لم يعد المتخصصون في حالات الطوارئ أيضا يجدون الكلمات لوصف ما رأوه أو ما ينقل لهم.

وترددت الصحيفة -في افتتاحية لها بقلم جان كريستوف بلوكين- بين وصف ما يحدث "بالرعب المطلق" أو "سيناريو جهنمي" أو "أحلك ساعة عرفتها البشرية".

إفادات إنسانية

الصورة الإنسانية القاتمة في الشمال في ظل عمليات التطهير التي يمارسها جيش الاحتلال ينقلها المتحدث باسم الصليب الأحمر في غزة، هشام مهنا، الذي أكد أنّ ما يشهده شمال قطاع غزة الآن أسوأ بكثير من الوضع قبل الهدنة.

وقال مهنا أنّ كل القطاعات الإنسانية في غزة "ستنهار إذا استمرت الظروف الحالية".

من جهته قال المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، إنّ الاحتلال ارتكب، 19 مجزرة يوميا في الأحياء السكنية ومراكز الإيواء في كل مناطق القطاع.

وذكر، القدرة أنّ الاحتلال تعمّد استهداف 137 مؤسسة، وأخرج 22 مستشفى و46 مركزاً للرعاية الأوّلية عن الخدمة، وتعمّد تدمير المنظومة الصحية شمالي غزة، الأمر الذي تسبّب بقتل مئات الجرحى والمرضى.

بدورها اعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن قوات الاحتلال اعتقلت أحمد الكحلوت مدير مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع واقتادته إلى جهة غير معلومة، وذلك بعد اقتحامها المستشفى واحتجاز طواقم طبية. موضحة أنها اقتادت أكثر من 70 من الكوادر الصحية إلى جهة غير معلومة.

ويوجد في المستشفى إلى جانب الكوادر الطبية 65 جريحا و12 طفلا مريضا في عناية الأطفال بدون كهرباء أو ماء أو طعام.

إلى ذلك نقل صحفيون أجانب رافقوا جيش الاحتلال اثناء عمليته البرية في الشمال واصفين المشهد انه أينما اتجهت في منطقة شمال غزة وقعت عيناك على مشاهد الدمار والخراب المتمثلة في النوافذ المتفحمة وغرف النوم المحطمة والجدران التي تظهر عليها آثار إطلاق النار وعند التوقف عند مجموعة من المباني السكنية، بدت آثار المعركة على كل مبنى على مرمى البصر؛ من جدران مهدمة وواجهات عليها ثقوب من أثر الرصاص والشظايا وأشجار نخيل انكسرت سيقانها.

إلى ذلك وصفت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز ان إسرائيل نفّذت في الواقع تطهيرًا عرقيًا جماعيًا للفلسطينيين بحجّة الحرب. وهي تسعى باسم الدفاع عن النفس، إلى تبرير ما يرقى إلى مستوى التطهير العرقي."

وشدّدت قائلة: "تجاوزت أي عمليات عسكرية مستمرة تقوم بها إسرائيل حدود القانون الدولي. وعلى المجتمع الدولي وضع حدّ فوري لهذه الانتهاكات الفظيعة للقانون الدولي، قبل أن يكرّر التاريخ المأساوي نفسه.

لماذا شمال غزة

التركيز العسكري على شمال القطاع يعود الى سعي الاحتلال-وفق تقارير عبرية- تنفيذ مخطط بعد افراغ المنطقة من سكانها نظرا الى وجود منطقتين مجاورتين للحدود وهما بيت حانون وبيت لاهيا، وهما منطقتان -من الناحية العسكرية- قريبتان من احتياطيات الجيش الإسرائيلي. ويشير التدخل البري المحتمل للجيش في هذه المنطقة الى إنشاء منطقة قد تكون أقرب لحزام عازل جديد في أجزاء كبيرة من شمال غزة وشرقها.

حيث نقلت "الأسوشيتد برس" عن مديرة منظمة "إير وورز إميلي تريب، وهي منظمة تتابع الصراعات ومقرها في لندن، قولها إن القصف الإسرائيلي أصبح أحد أكثر الحملات الجوية كثافة منذ الحرب العالمية الثانية.ا

وفى الأسابيع السبعة التي تلت هجوم حماس غير المسبوق في 7 أكتوبر، أطلقت إسرائيل ذخائر أكثر مما أطلقته الولايات المتحدة في أي عام من حملة القصف التي استهدفت تنظيم (داعش). حيث دمر نحو نصف مباني شمال غزة أو هدم، وفقا لتحليل بيانات الأقمار الاصطناعية.

في غضون ذلك أعلن جيش الاحتلال إنه لن يسمح لسكان شمال غزة بالعودة قبل الانتهاء من ما اسماه إرساء نظام جديد، فيما كشف مسؤولون إسرائيليون، أن الجيش يخطط للاحتفاظ بحضور عسكري في شمال قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب على القطاع.

ونقل موقع "I24 news"، عن مسئولين أن "هذا القرار يعني أن عودة ما يقرب من مليون فلسطيني نزحوا من المناطق الشمالية لن تكون فورية".

الاحتلال الذى تحدث عن احكام السيطرة على شمال القطاع تراجع عن هذه الرواية حيث قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، إنه مع استمرار تقدم القوات البرية الإسرائيلية نحو جنوب قطاع غزة، تستمر حملة الجيش لتدمير معقل حركة «حماس» في شمال القطاع.

وأضاف كونريكوس، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية: "لم نهزمهم كلياً عسكرياً في الشمال، ولكننا أحرزنا تقدماً جيداً".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo