الجبهة المصرية وعدوان غزة.. التصعيد الذي يخشاه الاحتلال

حدود مصر مع غزة
حدود مصر مع غزة

عدوانٌ إسرائيلي بلا هوادةٍ على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الملاصقُ للحدود المصرية، والتي شهدَ خلال عقودٍ طويلةٍ من الزمان علاقاتٍ تاريخية مع الجمهورية المصرية على جميع المستوياتِ.

وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، ما طبيعة الموقف المصري الرسمي والشعبي إزاء ما يحدث من مجازر إنسانية فظيعة في قطاع غزة، وهل يتطور الموقف المصري على جميع المستويات إلى ما هو أكثر من المسيرات والتضامن ورفض التهجير؟

تحركٌ مصريٌ وروابط كثيرة

وقال المحلل السياسي عمر عساف أنه لا شك أن الجبهة المصرية متحركة في موضوع العدوان على غزة والشعب الفلسطيني وقد يكون الحديث عن حدود هذا التحرك مرتبطا بكثير من العوامل، ذلك أن مصر تعتبر قضية فلسطين قضية أمن قومي مصري، ليس بسبب الجوار الجغرافي و الانتماء القومي العربي وحسب، ولكن بسبب المسؤولية السياسية والإدارية والأخلاقية لمصر عن قطاع غزة خلال مرحلة ما بعد النكبة 48 حتى 67 ، وبالتالي بشكل او بآخر تظل مصر تشعر بالمسؤولية تجاه غزة لكل هذه الاعتبارات .

وأكد خلال حديثـه لـ "زوايا" أنّ الموقف الرسمي المصري كان واضحا منذ اليوم الأول من العدوان حيث صمد الموقف الرسمي المصري المعلن في أمرين رئيسيين وهما: رفض العدوان على الشعب الفلسطيني وتجويعه وحصار وقتل النساء والشيوخ والأطفال.

وحولَ الأمر الثاني، وهو الأهم الرفض القاطع الاستقبال لاجئين فلسطينيين في سيناء، في إطار مشروع التهجير رغم كل الإغراءات وكل الضغوطات الأمريكية والغربية من الدول الداعمة للعدوان، أصر الموقف الرسمي المصري على الرفض القاطع للتهجير إلى سيناء وأمام الضغوط ، اقترحت مصر أن يرحل سكان غزة إلى النقب مع أن هذا أيضا مناف للقانون الدولي ويعد إحدى جرائم الحرب، بحسب "عساف".

رفضٌ للموقفِ الغربي

ولتكريس هذا الموقف وتعزيزه يبين "عساف" أن مصر رفضت مطلقا فتح معبر رفح أمام السكان والمواطنين حتى ممن يحملون جنسية غربية وأعلنت أنه معبر رفح فقط يجب أن يفتح باتجاه واحد وهو إدخال المساعدات إلى غزة، وفي محاولة الخروج من هذا المأزق دعت مصر لاجتماع " السلام " الذي فشل فشلا ذريعا بسبب إصرار الدول داعمة العدوان على إدانة المقاومة وتوفير الغطاء لجرائم الاحتلال.

ولفت إلى أن مصر والأردن والعراق بشكل خاص رفضتا الموقف الغربي بشدة فكان مصيره الفشل، مشيرًا إلى أنه قد سبق هذا الاجتماع إلغاء اللقاء الرباعي مع بايدن استجابة للإرادة الشعبية العربية خصوصا الشعبين المصري والأردني.

الموقف الشعبي المصري وتجاوز للرسمي

وحول البعد الشعبي، فقد اجتاحت مصر طوفانات شعبية مصرية في كل المدن المصرية ، وفي ساحة التحرير هتف الشعب المصري دعما للمقاومة والسيد حسن نصر الله " ميشان الله يا سيد يلا " مع كل ما لهذا الموضوع من حساسية في مصر، كما يوضّح "عساف".

ويتابع "عساف" "وفي سابقة تجاوزت الهبات الشعبية المصرية الموقف الرسمي من المقاومة، في حين وظف النظام الرسمي المصري هبة الشعب المصري لدعم موقفه وحين حول مستشار ألمانيا الضغط على الرئيس السيسي أجابه الرئيس السيسي هل تريدون أن اخرج لكم 105 مليون مصري في الشوارع ، إلى جانب ذلك كان الشعب المصري يطالب بطرد السفير الصهيوني وإلغاء اتفاقية كامب ديفيد".

الأيام القادمة.. تطوّر الموقف المصري

بدورها اعتقدت الباحثة السياسية ربى مسروجي، أن الأيام القادمة ستحملُ تطورًا في الموقف الرسمي المصري، وأن تطور الموقف الرسمي والشعبي مرتبط بتطورات العدوان واتساع المجابهة الى حرب اقليمية وما يتعلق بالمعارك البرية في غزة وقد تجد مصر نفسها أمام الضغط الشعبي الأوسع باتجاه اتخاذ خطوات أكثر جذرية بما فيها طرد السفير الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: إطلاق المقاومة سراح أسرى مدنيين بلا شروط.. المكاسبُ والتأثيرُ

وقد يحصل أو يصل الامر إلى إلغاء اتفاقية كامب ديفيد تحت وطأة الضغط الشعبي المصري وصولي إلى إدخال الجيش المصري إلى سيناء بتجاوز شروط كامب ديفيد ، كما تقول"مسروجي" خلال حديثها لـ "زوايا".

أوجه الضعف والقوة

وحول المعيقات وأوجه الضعف والقوة في الموقف المصري فقد رأت "مسروجي أنها تتمثلُ في اتفاقية كامب ديفيد من جهة والوضع الاقتصادي المصري من جانب الآخر والتي تصل مديونية مصر أكثر من 100 مليار دولار وخدمات هذه المديونية تثقل كاهل الموازنة المصرية وهذا ينعكس على تدهور قيمة الجنيه المصري ومدى استعداد الجيش المصري بعد كل هذه السنوات من "السلام" للدخول في مواجهات عسكرية.

وبشأن عناصر القوة، فرأت أن سعي مصر إلى استعادة مكانتها القيادية في العالم العربي، وربما فيما يجري فرصة لاستعادة هذه المكانة، كما أن هذا قد يشكل مدخلا لالتزام عربي بمد مصر بالمساعدات العربية والخليجية لدعم اقتصادها والتخفيف من أعباء المديونية، بحسب "مسروجي"

ونوّهت إلى أن القوة الأبرز في الموقف المصري هي الحدود الملاصقة لفلسطين بما في ذلك قطاع غزة، وفي ظل تصاعد دور محور المقاومة والجبهة الشمالية وتعزيز المصالحة الإيرانية السعودية والتغيرات الدولية فيما يتعلق بتراجع دور الولايات المتحدة وفتح الباب أمام مصر للتوجه شرقا ، كلها عوامل تشكل سندا وحماية للموقف المصري إذا اتجه نحو موقف أكثر جذرية.

السيناريوهات المطروحة

وحول السيناريوهات فقد رأت أن هناك أكثر من سيناريو مطروح على الطاولة لعل أولها محاولات مصر وإسرائيل والغرب زيادة الأغراء المادي لمصر بمعنى رفع السعر أو الرشوة مقابل موقف مصري يتعاطى مع المشاريع الصهيونية الغربية إلى جانب مزيد من الضغوط على الموقف الرسمي المصري.

وعطفًا على السابقِ فقد اعتقدت، أن هذا الموقف سيصطدم بالشعب المصري أولا خصوصا أن هناك انتخابات الرئاسية المصرية قريبا مما سيضعف موقف الرئيس السيسي في الانتخابات إذا ذهب في موقف يتعارض مع الإرادة الشعبية في هذه الظروف.

وبشأن السيناريو الآخر فهو أن تسلم أمريكا وإسرائيل والغرب بموقف مصري رسمي وسطي و الحفاظ على بقاء مصر في هذا الموقف حتى لا تدفع باتجاه السيناريو الثالث ويعني الموقف الوسطى أن تواصل مصر دورها في التعاون مع الولايات المتحدة في مشاريع لا تقود الى زعزعة النفوذ الأمريكي في المنطقة.

أما السيناريو الثالث فهو أن تدفع الاحداث والقوى الشعبية النظام المصري نحو موقف جذري بدعم غزة وصولا إلى إلغاء كامب ديفيد والذهاب كما وردا سابقا بعبور الجيش المصري إلى سيناء، دون أن يشارك في معارك ولكن لحماية حدود مصر، كما تقول "مسروجي" التي اعتبرت أن كل هذه السيناريوهات في تقديرها ستكون مرتبطة بتطور الأوضاع واتساع الحرب والعدوان والحراك الشعبي المصري والعربي.

وما زال الموقف الرسمي والشعبي المصري حتى اللحظة يراوح مكانه، بين رفضٍ لمخططات التهجيرِ من الموقف الرسمي، ومسيراتٍ تضامنية وغاضبة إزاء العدوان على غزة، فيما قد تحمل الأيام القادمة تطورًا لافتًا في الموقف المصري إزاء تطورات الأحداث في قطاع غزة.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo