تقرير وحدة السّاحات ومعركة جنين.. لماذا لم تتدخل مقاومة غزة بشكل مباشر؟

الشباب المقاومين في جنين
الشباب المقاومين في جنين

اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيّم جنين، ودارت اشتباكات عنيفة بينها وبين المقاومين الفلسطينيين، في عملية عسكرية استمرت يومين متتالين، وخلّفت 12 شهيدًا بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، ودمارا هائلا في المخيم، إلى جانب قتل جندي إسرائيلي، بحسب الاعتراف الإسرائيلي.

وأمام معركة جنين التي تضمنّت شهداء وجرحى وهدم للمنازل واستهداف للمساجد، برز مصطلح "وحدة الساحات" مرة أخرى، ودار الجدل حول عدم تدخل المقاومة بغزة في هذه المعركة، ما جعل "زوايا" تستضيف عددًا من المحللين السياسيين، لمناقشة مفهوم "وحدة الساحات"، والاطلاع على مدى حضور مقاومة غزة في معركة جنين.

وحدة الساحات.. قدرٌ من المبالغة

من جانبه، قال المحلل السياسي ناجي شراب إن مصطلح وحدة الساحات "مصطلح جديد، وقد يكون فيها قدر من المبالغة"، مبينًا أن لكل مقاومةٍ آلياتها حسب المكان الجغرافي التي تمارس فيه.

وتمتلك المقاومة في جنين أسلحة خفيفة وعبوات ناسفة بدائية، في المقابل تمتلك مقاومة غزة سلاحًا أكثر تطورًا سواء كانت صواريخ أو أسلحة مضادة للدروع، حسب ما يقول "شراب" لـ "زوايا".

اقرأ أيضاً: الاستخبارات الإسرائيلية تؤجج النزاعات العشائرية في "الخليل"

وحول أسباب عدم دخول مقاومة غزة في حرب جنين ضمن ما يشير إليه مفهوم "وحدة الساحات"، لفت المحلل السياسي إلى أنّ حسابات غزة مختلفة تمامًا عن جنين، فقرار دخولها المواجهة بمثابة حربٍ مدمرةٍ، وليس مجرد اقتحامات وقصف محدود كما حدث في جنين.

في المقابل ينوّه "شراب" إلى أن مقاومة الضفة هي امتداد لمقاومة غزة، وأن الكل مشترك في القرار والمواجهة والدعم.

وبشأن قرار حركة حماس المسيطرة على القرار العسكري في غزة عدم دخول معركة جنين، وفق وصفه، رأى أن للحركة "حسابات سياسية، وهي لا تريد أن تخسر قوتها العسكرية المرتبطة بقوتها السياسية، وأن قرارها العسكري بات محكومًا بدولٍ وإقليمٍ ودور سياسي تمارسه".

وتنشغل حركة حماس في الوقت الحالي بتحركاتٍ داخلية وخارجية للتحضير لمرحلة ما بعد رئيس السلطة محمود عباس وبدورٍ سياسي أكبر في المنطقةِ، كما لا زالت تبحث عن دور سياسي في الساحة الفلسطينية يتبع امتدادات إقليمية ودولية، فلذلك تضبط موقفها السياسي والعسكري في غزة، كما يقول "شراب".

معركة جنين لا تستدعي تدخل غزة

من ناحيته، عرّج المحلل السياسي تيسير الزبري بقوله إن أي معركةٍ تندلع سواءً في الضفة أو في غزة، لا يجب بالضرورة أن يشارك فيها الجميع من كافة الساحات.

وحول رأيه في معركة جنين، أوضح أن مقاومة جنين أدّت دورها بالكامل، ولم تكن المعركة تستدعي تدخلًا من فصائل المقاومة في غزة، لافتًا إلى أن مشاركة مقاومة غزة غير مقصورة على الجهد العسكري بل السياسي والمالي وغيرهما.

0595282a-10a6-41a2-ac7b-b26826b2db5d.jpeg

وأشارَ إلى "زوايا" أن مقاومي حماس والجهاد وفتح كانوا موجودين في مخيم جنين، مبينًا أن قرار المعركة والدعم المادي والسياسي كان حاضرًا من داخل و خارج جنين.

وحول موقف حركة حماس، لفت إلى أنها جمعت بين موقفين، الحرص على الشعب في غزة وتوفير مستلزماته الحياتية وعدم الدخول في الحرب، معتبرًا أن ذلك لا يعيبها، والموقف الآخر التمسك بسلاحها.

ونبه إلى أن قرار دخول مقاومة غزة ليس سهلًا، وأن معارك غزة ذات طابع تدميري كبير، معتقدًا أن الانتقادات التي وجهت لمقاومة غزة بعدم دخولها الحرب إزاء أحداث جنين، تأتي إما بشكل عفويٍ أو بشكل مقصود، لأغراض سياسية غير نزيهة.

نجاح نسبي لوحدة الساحات

وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي ثامر سباعنة من جنين، أن هناك نجاحًا نسبيًا لوحدة الساحات خلال معركة جنين، وأن الاحتلال كان في ترقبٍ مستمر لتأهب المقاومة في جنين، وكان يحسب حسابًا كبيرًا لتدخل المقاومة حال إيغاله في الكثير من الدّماء، معتبرًا أن حجم الخسائر في جنين كان من الممكن أن تكون أكبر.

واعتقد خلال حديثه لـ "زوايا" أن صواريخ غزة التي انطلقت عقب المعركة هي رسالة بأنها موجودة، وكانت تراقب كافة التطورات في جنين عن كثب، وأنها باتت أكثر وعيًا ولا تخوض معارك استفزازية ذات ردة فعل سريعة وغير محسوبة.

وحول رضا الحاضنة الشعبية عن المقاومة في كافة الساحات، من خلال قراءته للمشهد بتواجده في جنين، أشار إلى أن الجماهير خرجت تهتفُ للمقاومة في كل مكان عقب انتهاء العملية العسكرية التي استمرت ليومين متتالين.

واتفق "سباعنة" مع "الزبري" بأن المعركة لم تستدعِ دخول مقاومة غزة، وأن المقاومة في جنين اعتمدت على تكتيكين، التكتيك الأول هو امتصاص الضربة الأولى واستخدامها الكمائن، والثاني هو المبادرة في الهجوم في ساعات العملية العسكرية الأخيرة ما أدى لمقتل جندي إسرائيلي أثناء عملية الانسحاب.

لم يتم الاستفراد بجنين

وعرّج المحلل السياسي والمختص بالشأن العبري من جنين محيي الدين نجم على مصطلح وحدة الساحات أثناء معركة جنين، بقوله إنه لم يتم الاستفراد بمخيم جنين خلال معركته الأخيرة.

ورأى في حديث مع "زوايا" أن غزة تكبّدت المآسي والجراح على مدار سنوات، وأن مقاومتها تملك حسابات أخرى يقررها قادة المقاومة وليس النشطاء والجماهيرـ وأن أهل مكة أدرى بشعابها.

ويعتقد أن هناك كان ساعة صفر لتدخل غزة في معركة جنين، وأن ذلك ما كان يخشاه الاحتلال، وهذا ما سرع في انتهاء المعركةِ، إضافة لعملية تل أبيبت التي أدارتها المقاومة.

اقرأ أيضاً: صحيفة إماراتية: "نتنياهو" يريد سلطة تعمل وكيلا أمنيا لإسرائيل

ومن جانب آخر، بين أن الاحتلال يخشى أن تكون جنين ساحة ينطلق منها المقاومون وتكون قدوة لباقي المنطقة، لافتًا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يسعى لتنفيذ مجازره وعدوانه على جنين من أجل إرضاء المستوطنين وحفاظًا على ائتلافه الحكومي.

6469f2d2-38f6-476c-a866-22d072eb0854.jpeg

وأكد أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه في جنين، رغم إعلانه انتهاء العملية وتحقيق أهدافه وتهديده بالعودة إلى جنين إرضاءً لجمهوره.

وفي ظل عدوان جنين، الذي لم تتدخل فيه غزة بشكلٍ مباشرٍ، تبقى مقاومة قطاع غزة محكومة بحساباتٍ سياسية وعسكريةٍ، بعدما خاضت حروبًا عديدةً ومدمّرة في السنواتِ الماضية، إضافة إلى أن المقاتلين في جنين تنوعت مشاربهم التنظيمية، وقد مثلوا فصائل المقاومة بغزة وأبرزها حماس والجهاد الإسلامي خلال قتالهم في جنين، وسط اعتقاد بأنّ معركة جنين لم تستدعِ تدخل غزة العسكري.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo