وسط مؤشرات كارثية.. الكثافة السكانية تنفجر في غزة

الكثافة السكانية في قطاع غزة
الكثافة السكانية في قطاع غزة

يعد قطاع غزة أحد أكثر أماكن العالم اكتظاظاً من حيث الكثافة السكانية والتي تبلغ (5936 نسمة/كم2) وهي 10 أضعاف الكثافة في الضفة الغربية والتي تبلغ ( 563 نسمة/كم2)، مع ملاحظة أن الكثافة السكانية في (المناطق المبنية) تصل إلى ( 13,789 نسمة/كم2)، ويشكل اللاجئون ما نسبته 68% من سكان قطاع غزة.

ويعتبر هذا الرقم ضخم جداً وذلك حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (فبراير 2022)، حيث يظهر الجدول أدناه المؤشرات الديمغرافية الرئيسية في قطاع غزة مقارنة بالضفة الغربية والوطن، حيث يشكل قطاع غزة نحو %40 من إجمالي السكان في فلسطين، ومن الواضح أن المؤشرات في غزة تنذر بكارثة حقيقية تتعاظم مع مرور الوقت، وذلك لعدم كفاية الموارد القليلة لسد حاجات السكان من الخدمات الأساسية.

ملخص المؤشرات الإحصائية في فلسطين حسب المنطقة فبراير2022

المؤشرات السكانية والتحديات

وتزداد الأمور تعقيداً بسبب الزيادة السكانية المطردة، وذلك في ظل اضمحلال الموارد بشكل متسارع، وعدم السيطرة عليها، إضافة إلى استمرار الحصار والانقسام لأكثر من 15 عاماً، ناهيك عن تحكم الاحتلال الإسرائيلي في كافة مناحي الحياة، وهذا ما دفع الأمم المتحدة للإعلان عن قطاع غزة أنها منطقة غير قابلة للحياة بحلول العام 2020.

ومنذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 تم بناء نحو 185 ألف وحدة سكنية، ساهمت الحكومة الفلسطينية ببناء نحو 10 آلاف وحدة سكنية منها، والتي تمثل (5%) فقط من إجمالي الوحدات السكنية التي تم بناؤها من خلال القطاع الخاص والمواطنين أنفسهم.

وذكر ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال والإسكان في حكومة غزة، أن هناك عجزا كبيرا في الوحدات السكنية المطلوبة لمواجهة الزيادة الطبيعية في عدد السكان، خاصة في ظل النمو السكاني الكبير وزيادة نسبة الشباب في المجتمع الفلسطيني، لافتاً إلى أن عددا كبيرا من الوحدات السكنية المأهولة حالياً في قطاع غزة غير ملائمة للسكن الآدمي، ولا يستطيع أصحابها ترميمها أو إعادة بنائها بأنفسهم، نظراً لصعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لتلك الأسر.

وأشار سرحان في حديث لـ"زوايا" إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمتواصلة فاقمت من أزمة السكن، فمنذ عام 2008 تجاوز عدد الوحدات السكنية المهدمة كليا 17 ألف وحدة سكنية، منها 11 ألف وحدة سكنية هدمت خلال عدوان 2014 فقط، بالإضافة إلى تضرر مئات آلاف الوحدات السكنية بشكل جزئي.

ويوضح سرحان أن قرابة 1300 وحدة سكنية مهدومة لم يتم إعادة إعمارها بعد، بالإضافة إلى 1700 وحدة سكنية مهدومة كلياً نتجت عن عدوان مايو 2021، مؤكداً أن وزارته تبذل بالتعاون مع المانحين الرئيسيين جهوداً كبيرة في إعمار الوحدات السكنية، وما زال التمويل المتاح غير كاف، ويتبقى 1,586 وحدة مدمرة كلياً و90,145 وحدة متضررة جزئياً بلا تمويل.

WhatsApp Image 2022-11-16 at 10.28.38 AM (2).jpeg

والمؤشرات الرئيسية لقطاع الإسكان، تشير إلى أن ما يزيد عن %62 من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة تحتاج إلى بناء وحدة سكنية إضافية على الأقل حتى عام 2023، وإجمالي عدد الوحدات السكنية المأهولة في قطاع غزة قدر بـ 710,334 وحدة سكنية، منها حوالي 8% تحتاج إلى إعادة بناء بصورة ملحة، لكي تصبح ملائمة للسكن، علماً أن متوسط عدد عقود الزواج المحررة سنوياً قرابة 21 ألف عقد زواج جديد، وذلك حسب تقرير القضاء الشرعي 2021.

ما يعني –حسب سرحان- أن الاحتياج السنوي من الوحدات السكنية مقابل الزيادة السكانية الطبيعية لا يقل عن 15 ألف وحدة سكنية، في حين أن قرابة 60 ألف وحدة سكنية تحتاج إلى ترميم وتأهيل كي تصبح لائقة للسكن الآدمي، بالإضافة إلى قرابة 26 ألف وحدة سكنية تحتاج إلى إعادة بناء بالكامل، كما أن 11,7% من الأسر تعيش في وحدات سكنية ذات كثافة عالية (أكثر من 3 في الغرفة)، وترتفع إلى 15,6% في المخيمات.

WhatsApp Image 2022-11-16 at 10.28.39 AM.jpeg

وحول التحديات الرئيسية المرتبطة بالنمو السكاني، يؤكد سرحان أن هناك زيادة كبيرة مطردة على طلب الوحدات السكنية سواء نتيجة الزيادة الطبيعية أو بسبب تدمير الوحدات السكنية في الحروب، إضافة إلى زيادة كبيرة في حالات الفقر والهشاشة المجتمعية وحاجة هذه الفئات الهشة لمأوى لائق.

إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية أضعف القوة الشرائية للمواطنين خصوصاً أن أسعار مواد البناء قد ارتفعت بشكل كبير بسبب الحصار وعدم توافر المواد الخام، وأدى ذلك إلى عزوف المستثمرين عن الاستثمار في قطاع الإسكان بسبب المخاطر المرتفعة الأمنية والاستثمارية.

المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية

وفي دراسة بحثية للخبير الاستشاري في التنمية مأمون بسيسو، حول العلاقة بين النمو السكاني في قطاع غزة والتحديات للقطاعات المختلفة والحلول الممكنة، ذكر أنه حسب الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فإن الناتج المحلي لقطاع غزة تراجع كثيراً في السنوات الماضية ليشكل ما نسبته 18% بعد أن كان يشكل نحو 40% مع إنشاء السلطة الفلسطينية، ففي العام 2020 بلغت قيمة الناتج المحلي لقطاع غزة 2.5 مليار دولار، في حين بلغت قيمته في الضفة الغربية 11.5 مليار دولار.

وبلغ نصيب الفرد في قطاع غزة من الناتج الإجمالي 1,207.6 دولار، وفي الضفة بلغ نصيب الفرد 14,197 دولار، أي أن نصيب الفلسطيني في قطاع غزة من الناتج الإجمالي المحلي تبلغ 28.7% فقط من نصيب مواطنه في الضفة الغربية، مع العلم بأن هذه النسبة كانت 90% قبل فرض الحصار على القطاع..

WhatsApp Image 2022-11-16 at 10.28.38 AM.jpeg

أما بخصوص قطاع الزراعة، فعلى الرغم من أهميته الفائقة لارتباطه بالأمن الغذائي وتعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه في مواجهة الاستيطان، فقد تعرض للإهمال من قبل السلطة الفلسطينية، والتي لم توفر له الدعم الكافي إضافة إلى ممارسات الاحتلال، ولذلك تراجعت مساهمة قطاع الزراعة على مستوى فلسطين من 13.3% العام 1994 إلى6.5% العام 2021، لذلك من المهم التركيز على هذا القطاع وتوفير الدعم اللازم لاستنهاضه من جديد، بحسب دراسة بسيسو.

ويشير مؤشر دورة الأعمال التي تصدره سلطة النقد دورياً إلى أن قطاع غزة ما يزال في المنطقة السالبة تحت الصفر منذ أكثر من 5 سنوات، وقد وصل إلى أدنى مستوى بعيد العدوان الأخير (سالب 26,5 %) وتحسن حالياً إلى (سالب 32,6%) إلا أنه مازال تحت الصفر، أما من حيث الناتج المحلي فقد انخفضت مساهمة قطاع غزة في الناتج المحلي، لتصبح مساهمة الضفة الغربية 5 أضعاف مساهمة غزة.

أما البطالة فقد بلغ معدلها بين المشاركين في القوى العاملة (15 سنة فأكثر) في عام 2021 47% في قطاع غزة مقارنة بـ %16 في الضفة الغربية، وهذا تفاوت كبير جدا (3 أضعاف).

وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 230 ألف شخص في قطاع غزة، فقد سجلت محافظة دير البلح أعلى معدل بطالة في قطاع غزة، حيث بلغ 53%، تلاها محافظة خان يونس 51%، علماً أن معدل البطالة للشباب الخريجين 47% في قطاع غزة مقابل 36% في الضفة الغربية.

اقرأ أيضاً: نقابة أطباء فلسطينية.. السلطة إذ تطوع العمل النقابي

وفيما يخص الظروف المعيشة، فجميع مؤشرات الظروف المعيشة في قطاع غزة تعكس حالة البؤس والفقر والانكشاف الحاد، حيث ازداد الفقر من 40% في 2005 إلى 56% في 2020، أما مستوى انعدام الأمن الغذائي وصل إلى64% في غزة مقابل 9% في الضفة الغربية.

من ناحية أخرى، فقد بلغت نسبة المواطنين المصنفين من ذوي الحاجة الماسة والشديدة إلى 77% في غزة مقابل 23% في الضفة، أما المعرضين للمخاطر من النزاع تبلغ نسبتهم 60% في غزة و40% في الضفة، في حين أن80% من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الخارجية، والتي تتقلص تدريجياً لانشغال المانحين بمناطق أخرى أكثر سخونة مثل اليمن وليبيا وسوريا وأخيراً أوكرانيا.

 الأمور تسير للأسوأ

ويعلق بسيسو على دراسته السالفة خلال حديثه إلى "زوايا"، بأن كل المؤشرات السالفة تؤكد صوابيه إعلان الأمم المتحدة أن غزة غير قابلة للحياة بحلول العام 2020، ومنذ ذلك الحين تسير الأمور نحو الأسوأ، والمطلوب وطنياً إنقاذ قطاع غزة من الاستمرار في طريق الفناء عبر إنهاء الانقسام بداية وعودة الحكومة المركزية والسيطرة على كامل الموارد الطبيعية وإنهاء الحصار والاحتلال.

واستعرض بسيسو العلاقة بين النمو السكاني في قطاع غزة والتحديات في القطاعات الرئيسية مع مراجعة للمؤشرات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، والتي تشير بجلاء إلى كارثية الوضع المعيشي في قطاع غزة، مبيناً أنه عادة ما يعتبر النمو السكاني إثراء للثروة البشرية إذا ما ارتبط النمو السكاني بمعدلات تنمية أكبر من النمو السكاني مثل ألمانيا ما بعد الحرب العالمية وتجربة الصين.

وفي حالة قطاع غزة، يذكر بسيسو أن النمو السكاني يتزامن مع معدلات تراجع في التنمية وتدمير ممنهج للموارد الطبيعية وحصار خانق واحتلال غاشم وانقسام بغيض يجعل معدلات تراجع التنمية هي السائدة، لافتاً إلى أنه في ظل محدودية الموارد فإن الفجوة تتسع سنوياً ما بين احتياجات السكان وما يمكن تلبيته من هذه الاحتياجات التي تزداد ولا تنتهي.

وأضاف "هذا الوضع يخلق تحديات جمة أمام القطاعات المختلفة المرتبطة بالسكان من صحة وتعليم وحماية مجتمعية وبنية تحتية ومياه وكهرباء .. إلخ".

وكرر بسيسو الإشارة إلى إن جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية في قطاع غزة "سوداوية وتسير إلى الأسوأ بشكل متسارع"، وقال: "يتحمل الكل الفلسطيني مسؤولية وطنية مقدسة لإنقاذ قطاع غزة من الاستمرار في طريق الفناء عبر إنهاء الانقسام بداية وعودة الحكومة المركزية والسيطرة على كامل الموارد الطبيعية وتنميتها وصولاً إلى إنهاء الحصار والاحتلال".

ولفت إلى أنه على المستوى البعيد لا غني عن توسيع الحدود الجغرافية لقطاع غزة بالتوسع الجغرافي نحو فلسطين المحتلة أو ردم البحر، حسب تعبيره.

وأشار إلى أن مؤسسات المجتمع المدني تتحمل مسؤولية وطنية وأخلاقية، وعليها الاستمرار في الدفاع عن حقوق الناس وتمكينهم من الحصول على حقوقهم من الخدمات الأساسية، حيث ينبغي على طرفي الانقسام تمكين مؤسسات المجتمع المدني للقيام بواجبها الطليعي بدلا من تضييق الفضاء المتاح لها.

الاحتلال والانقسام

وحول قراءته للكثافة السكانية في قطاع غزة، قال أمجد الشوا رئيس شبكة المنظمات الأهلية " "ليس القراءة مقتصرة فقط على البعد الديمغرافي والعددي، لكنني أقرأها بالواقع السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الصحي، والنفسي وارتباط ذلك بالاحتلال الإسرائيلي المسبب الرئيسي للأزمات التي يعيشها شعبنا الفلسطيني سواء في الشتات أو غزة والضفة والقدس وأراضي الـ48".

وأشار الشوا في حديثه لـ"زوايا" إلى أن هناك حالة غير مسبوقة من التدهور الذي يشهده الشعب الفلسطيني على كل المستويات، وخاصة في ظل الإدارة الأمريكية التي تنكر أبسط الحقوق الفلسطينية، وما يسمى الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وأيضاً حالة التهويد التي تجري على مدار الساعة ومصادرة الأراضي.

وركز على حالة الحصار التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث أن ما يزيد عن مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع في ظروف هي الأسوأ عبر التاريخ الفلسطيني، سواء على صعيد الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي، مشيراً إلى أن الجهاز المركزي للإحصاء تحدث أن هناك قرابة 5600 مواطن يعيشون على بقعة لا تتجاوز الكيلو متر مربع في قطاع غزة.

ولفت الشوا إلى أن هذه الكثافة الأعلى في العالم تتزامن مع ضعف البنية التحتية التي اهترأت على مدار سنوات من العدوان المستمر والحروب المتوالية والحصار المتواصل، قائلاً "الواقع يتحدث عن نفسه في القطاع، فالبنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية هي في تدهور مستمر بسبب الحصار الممتد لأكثر من 15 عاماً، فضلاً عن التشديد على إدخال مواد البناء والمواد الخام اللازمة لإحداث أي شكل من أشكال التنمية الاقتصادية".

وذكر أن نسب الفقر والبطالة ترتفع يوماً بعد يوم وخاصة في صفوف الشباب، الأمر الذي له تداعيات مباشرة على عدم القدرة في توفر الغذاء وعلى صحة الأطفال والنساء والمسنين وذوي الإعاقة بشكل أساسي .

كما عبر الشوا عن أسفه لعدم توفر الخدمات التي تتوافق مع التزايد الكبير في عدد السكان في قطاع غزة بشكل أوضح من الضفة الغربية، بسبب أن القطاع مساحته 360 كليو متر يعيش فيه ما يزيد عن 2 مليون نسمة ويعاني فيه نحو 70% من انعدام الأمن الغذائي، وبالتالي فإن مساحة الأرض تضيق في ظل أن الاحتلال يمنع الوصول إلى الكثير من الأراضي على الحدود الفاصلة بين القطاع والأراضي المحتلة عام الـ48.

ويرى الشوا أن حل قضايا قطاع غزة لا تأتي فقط بالحلول الإنسانية على أهميتها، ولكن يجب أن يكون هناك حلولاً سياسية حقيقية تتمثل بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار بشكل كامل، وأيضاً إنهاء حالة الانقسام السياسي.

وأضاف "نأمل أن يكون هناك شكل من أشكال الخطط الحقيقية للتعامل مع قطاع غزة على مستوى الوطني، ولكن للأسف في ظل الانقسام السياسي هذا الأمر يحول دون إمكانية للتحرك على مستوى إنهاء أزمات القطاع المستمرة أو التخفيف منها".

التأثيرات والحلول

من جهته، فقد اعتبر محمد نصار المختص في الشأن الاقتصادي، أنه النمو السكاني لو استمر بهذه الوتيرة في ظل ثبات المساحة فسيكون لهذا الأمر تأثير سلبي على الكثير من القطاعات، مذكراً أن حوالي 2.3 مليون نسمة يعشون في بقعة من الأرض مساحتها 365 كم2 فقط تسمى غزة.

وذكر نصار لـ"زوايا" التأثيرات السلبية على القطاع، قائلاً "بداية سيكون الأمن الغذائي معرض للخطر ولن نكون قادرين مستقبلاً على تأمين الغذاء اللازم للسكان وسنعتمد على استيراد من الخارج، كما سيكون هناك طلب كبير على الوحدات السكنية سواء من خلال الزيادة الطبيعية أو بسبب تدمير هذه الوحدات في الحروب، إضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة والتي تؤثر بشكل سلبي على قدرة غالبية السكان على بناء أو شراء وحدات سكنية، ومن ناحية أخرى فإن مجتمع غزة مجتمع فتي وأي زيادة سكانية تعني المزيد من الغرف الصفية والمدرسين".

ويرى نصار أن الزيادة السكانية في ظل استمرار الحصار والانقسام يعني انضمام الآلاف لطابور البطالة حتى لو تمكنوا من التخرج من الجامعة في ظل عدم قدرة آلاف الأسر من تحمل المصروفات والرسوم الجامعية في غزة، ومزيد من الفقراء الذين بحاجة إلى الحماية الاجتماعية والمساعدات في ظل اعتماد 80% من السكان على المساعدات، والتضييق الممارس على الجمعيات وقلة التمويل الدولي المتوفر لبرامج الحماية الاجتماعية بسبب الحروب في مناطق مختلفة من العالم.

وأضاف أن مزيدا من السكان يعني مزيد من الطلب على الكهرباء، والتي نعاني حالياً من عدم توفرها سوى لساعات محدودة يومياً، ومزيد من الطلب على وسائل الاتصال في ظل عدم سماح دولة الاحتلال للفلسطينيين في غزة من استخدام اتصالات الجيل الثالث، وبالتالي عدم القدرة على التحول التكنولوجي وفرص العمل الحر عن بعد بسبب ضعف الانترنت، والقيود المفروضة على الأجهزة والمعدات اللازمة لشركات الاتصالات.

ومن وجهة نظر نصار، فإن الحلول المقترحة تتطلب أن تتظافر الجهود المحلية والدولية من أجل التغلب على أزمة السكن، بحيث يتوجب دفع المانحين الدوليين من أجل بناء مدن حديثة مشابهة لمدينة حمد بخان يونس والمدن المصرية التي يتم بناؤها حالياً، وتوفير تسهيلات للأسر الفقيرة في الحصول على السكن، وأن تحتوي هذه المدن على مدارس حديثة قادرة على استيعاب الزيادة السكانية.

كما شدد على أهمية دعم الزراعة المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة من أجل الاستخدام الأمثل للمساحات الزراعية المتوفرة، والمطالبة باستثمار الشريط الحدودي.

وعلى صعيد التعليم، أوضح نصار أنه يجب تشجيع الطلاب للالتحاق بالتخصصات الحديثة التي توفر عملاً عن بعد مثل تخصصات تكنولوجيا المعلومات، ودمج التكنولوجيا في التخصصات المختلفة وتحديث المناهج الدراسية والتي تتلاءم مع متطلبات العصر.

وبالنسبة للكهرباء، فيرى نصار أن يكون هناك دعم للتحول إلى الطاقة البديلة، والاستفادة من تحويل محطة توليد كهرباء غزة إلى العمل بالغاز وزيادة قدرتها الإنتاجية. وعلى صعيد الاتصالات لابد من التفكير بطرق إبداعية للاستفادة من خطوط الألياف الضوئية التي أصبحت منتشرة في معظم قطاع غزة من أجل تحويل القطاع إلى شبكة اتصال واحدة بقدرات عالية.

وركز نصار أنه لابد من توفير برامج التمكين الاقتصادي لعموم السكان، خصوصاً الفئات الهشة والمحرومة، والتي لديها قدرات يمكن استثمارها لتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها، وفي نفس الوقت توفير برامج حماية اجتماعية للأفراد الذين لا يمتلكون قدرات أو مهارات مثل بعض كبار السن أو الأشخاص ذوي الإعاقة.

وقبل كل ذلك لابد من مطالبة دولة الاحتلال بإنهاء الحصار المفروض على غزة، والدفع باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية، وحصول المواطن الفلسطيني على حقه في اختيار من يخدم مصالحه ويستطيع حل مشاكله، حسب نصار.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo