"فتح".. هل تعود إلى خيار "المقاومة المسلحة"؟

عناصر حركة فتح بالضفة الغربية
عناصر حركة فتح بالضفة الغربية

فتحت العمليات المسلحة الأخيرة في العمق الإسرائيلي، بتنفيذ من فلسطينيين من محافظة جنين، الباب أمام قراءة رسمية من تل أبيب وحتى رسمية فلسطينية، لحالة جنين، وما إذا كانت ستؤول إلى دخول أكبر من حركة فتح لمواجهة مسلحة مع الإحتلال الإسرائيلي، على غرار الانتفاضة الثانية، قبل وصول محمود عباس إلى سدة الرئاسة للسلطة و"فتح"، وتبنيه منهجية ضد العسكرة.

وبرز النقاش الإسرائيلي، لموضوع حركة "فتح" وعناصر الأجهزة الأمنية بالسلطة الفلسطينية، من منطلق انهما يشتملان على مخزون من الكوادر العسكرية، من شأنها أن تشكل حالة ميدانية خطرة، إذا ما قررت في لحظة ما الإنضمام للمعركة، خاصة في حال فقدان السيطرة بالسلطة، وغاب عباس عن المشهد، لأي سبب كان.

وهنا، زعم المحلل السياسي الإسرائيلي إيهود حمو في مقال كتبه الإثنين، أن هناك عناصر من "فتح"، وبالتحديد في منطقة جنين، أصبحوا في السنوات الأخيرة "راديكاليين"، ولا تترك تصريحاتهم مجالاً للشك في موقفهم من النزاع . واعتبر أن تنفيذ شخص يتماهي مع حركة "فتح" لهجوم "قاسٍ" في تل أبيب، ثم يلقى هجومه تأييداً من عناصر الحركة في جنين، علاوة على انه إبن عقيد متقاعد من جهاز الأمن الوطني التابع للسلطة الفلسطينية..كله قد أنشأ "منطقة رمادية التقى فيها الإرهاب بالسلطة الفلسطينية القائمة"، على حد تعبيره.

وادّعى بن حمو أنه ما دام محمود عباس في منصبه فإن خيار السلطة واضح، وهو محاربة "العسكرة" بلا هوادة. لكنه تساءل: ماذا سيجري عندما يختفي عباس، فعلاً، عن الساحة؟.. ثم يستدرك: "في ذلك اليوم لا شيء سيكون بديهياً، إذ سيكون علينا إعادة النظر في نظريتنا وفرضيات عملنا وبلورتها من جديد".

الحال، أنّ هذا يستدعي سؤالاً عاجلاً: هل تقترب فتح من العودة إلى المقاومة المسلحة؟

يقول مسؤول الإعلام في التعبئة والتنظيم لحركة "فتح" منير الجاغوب، لموقع "زوايا"، إن حركة فتح ابنة الشعب الفلسطيني وجزء من همومه الوطنية، وأن الفلسطيني لم يذهب الى الاحتلال، بل أن الأخير هو الذي يأتي إلى بلداتنا ومدننا، ويمارس اعتداءاته، وبالتالي هو من يتحمل مسؤولية عن ردات الفعل. وبالتالي: بالنسبة لفتح تقاوم وتدافع عن أبناء شعبها وموجودة بالمخيمات وكل مكان وتقوم بواجبها اليومي".

اقرأ أيضاً: "فتح" في الميدان المقدسي: لمنع الاشتعال.. أم إثبات الوجود؟

لكن الجاغوب أكد أن حركة "فتح" لا زالت تعتقد أن وسيلة المقاومة وطريقتها متروكة للأحداث وطبيعة تسارعها على الأرض، مبيناً أن الحركة لا زالت متمسكة ب"المقاومة الشعبية الجماهيرية العارمة"، بإعتبارها "الطريقة الأنجع في هذا الوقت للخلاص من الاحتلال، حسب الجاغوب.

"فتح لا زالت تؤمن بالمقاومة الشعبية لأن مردودها أقوى من المسلحة"

وضرب الجاغوب مثالاً هنا، مفاده "أن مشاركة مئات الآلاف من الفلسطينيين في مسيرة باتجاه الشوارع الالتفافية التي يستخدمها المستوطنون، سيكون وقعها اكبر واقوى على المستوى العربية والدولي، وبالتالي لا يذهب بالقضية الفلسطينية باتجاه ان يستنكر فلان او علان ما يحدث على الأرض هنا".

وشدد منير الجاغوب على أن ما تفكر به حركة فتح، تفكر به باقي الفصائل الفلسطينية، أيضاً، وإن اختلفت وجهات النظر من مكان إلى آخر أو من فصيل إلى آخر، وفق قوله.

وقال إنه، بالمجمل، لا توجه فتحاوي للعسكرة المواجهة مع إسرائيل، مضيفاً: "سأكون صادقا معك، إن العسكرة دفعت الشعب الفلسطيني ثمناً كبيرا بالإنتفاضة الثانية، فهُدمت مقرات السلطة ومؤسساتها، وتم القضاء على مقدرات الشعب الفلسطيني. وعلى فكرة، تنتظر اسرائيل هذا التدخل من قبل فتح أو الاجهزة الامنية، كي تنقض من جديد على مقدرات الشعب الفلسطيني، ثم نبدأ بتجديدها بعد 10 سنوات".

بالمحصلة، يرى الجاغوب أن "عسكرة المواجهة" ليس واقعياً، وأن الواقعي على الأرض هو الإنخراط بالمقاومة الشعبية، التي يرى أن مردودها أكبر من أي شيء آخر. وتابع: "فهذه المقاومة والمسيرات اسقطت انظمة بدول مجاورة لفلسطين، وبالتالي السلاح الأكثر نجاعة، بالمرحلة الحالية، هو المقاومة الشعبية".

وختم الجاغوب حديثه، بالقول إن هناك كما كبيرا من الفصائل الفلسطينية تتفق مع فتح بوجهة النظر هذه، وأنه تم التطرق إلى ذلك خلال اجتماع الأمناء العامين لمختلف الفصائل، رغم ان أحد النصوص بمؤتمر فتح السابع يقر بأن المقاومة بكافة اشكالها حق للشعب الفلسطيني. بيدَ أنّ الجاغوب ينوه بأن فتح، في هذه المرحلة، تعتقد ان الشيء الأنسب والأكثر أمناً لشعبنا والمدنيين هو المشاركة بالمقاومة الشعبية ضد الإحتلال.

"100 قناص في السلطة الفلسطينية..تحت أعين إسرائيل"

من جهته، أكد مصدر أمني فلسطيني، لموقع "زوايا"، أن إسرائيل تحسب حساباً كبيراً لكوادر الأجهزة الأمنية، لأن انخراطهم في الميدان، يعني حالة ميدانية مستجدة. وكشف عن أن وجود "مئة" قناص في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حيث ان هذا العدد فقط الذي سمحت له إسرائيل بتلقي دورات خارجية على القنص. ووفق المصدر، فإن هذا العدد من القناصين تحت الرقابة الإسرائيلية المستمرة، حيث سيكونون على لائحة الاغتيال في حال انفلات الوضع الميداني، في مرحلة ما. من منطلق أن هؤلاء يشكلون خطراً ميدانياً، إذا ما تم فقدان السيطرة عليهم.

اقرأ أيضاً: ماذا تهدف "إسرائيل" من وراء نسب عمليات الداخل لداعش؟

وحسب مصادر سياسية، فإن إدانة رئيس السلطة محمود عباس لعمليتي تل أبيب وبني براك، كان الهدف منها هو تحذير ضمني للأجهزة الأمنية وحركة فتح من مغبة الإنخراط بالهجمات المسلحة، مع ضرورة أن تبذلان الجهد الكافي لضبط الوضع ومنع أي حالة ل"عسكرة المواجهة"، على نحو يتم فيه فقدان السيطرة على الميدان.

"منهجية فتح ضد العسكرة ستستمر..حتى لو غاب عباس"

من جهته، قال الوزير الأسبق والقيادي السابق في حركة "فتح" زياد أبو زياد، لموقع "زوايا"، إن حركة فتح تتصدر المشهد السياسي في الضفة الغربية، وأن القرار الفتحاوي كما التعبير عنه من قبل رئيسها محمود عباس هو "المفاوضات ثم المفاوضات".

واستبعد أبو زياد أن تدخل فتح إلى مواجهة عسكرية ضد الاحتلال في هذه الأثناء، موضحاً أن "كتائب الأقصى"، الذراع العسكرية ل"فتح"، لا تحرج القيادة السياسية. لكن أبو زياد، حذر من أن أي مبادرة إسرائيلية لإستفزاز كتائب الأقصى، او اغتيال أي من كوادرها، فإن الكتائب لن تسكت وستقوم بالرد، وهنا سيحدث تضارب بين الموقفين الرسمي لفتح، وذلك الميداني.

بيدَ أن زياد أبو زياد يعتقد أن حركة "فتح" باتت تتبنى منهجاً سياسياً برفض العسكرة، وأنها ليست بصدد تغيير هذا المنهج، حتى لو غاب محمود عباس "أبو مازن" عن المشهد؛ ذلك أن القيادة الفتحاوية أصبحت على نفس خط الرئيس عباس.

"الممارسات الإسرائيلية قد تلجم صوت المعتدلين في فتح"

لكن أبو زياد نوه بأن الممارسات الإسرائيلية هي التي قد تقود في نهاية الأمر إلى فرض المواجهة المسلحة على حركة "فتح"، إذا ما استمرت باعتداءاتها وصعدت اغتيالاتها في الضفة؛ لأن الاحتلال بهذه التصرفات سيضع معسكر المعتدلين في فتح في الزاوية، وسيعلو صوت المقاومة المسلحة في الحركة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo