"فتح" في الميدان المقدسي: لمنع الاشتعال.. أم إثبات الوجود؟

تواجد مؤيدين فتح بالقدس
تواجد مؤيدين فتح بالقدس

أثارت مزاعم القناة "12" الإسرائيلية، حول توجيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تعليماته لنشطاء حركة "فتح" في القدس بالحيلولة دون اندلاع موجة تصعيد جديدة، جدلاً وارتياباً في الشارع الفلسطيني بين مُصدق ومُكذب.

وحسب مراسل الشؤون الفلسطينية في القناة العبرية "12"، أوهيد خيمو، فإن عباس طلب من نشطاء فتح في القدس بمنع التصعيد في المدينة بأي ثمن.

بدوره، أكد مصدر سياسي مقيم في أراضي48، لموقع "زوايا"، أن الأمر يتعلق بتنسيق دائم بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وبعض كوادر "فتح" "الموثوقة" في القدس، بحكم عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على المدينة، وذلك ليكون لعناصر "فتح" دور في عدم وقوع حدث في البلدة القديمة للقدس، من شأنه أن تستغله إسرائيل، لشن عدوان على الفلسطينيين. وهذا يعبر عن مكمن خشية السلطة من منطلق مصلحتها.

ووفق المصدر، فإن هذا ما يمكن للسلطة أن تفعله، في سياق الجهود التي تبذلها مصر والأردن لمنع انفجار الأمور على نحو لا يمكن السيطرة عليه.

فتح- إقليم القدس تُكذّب النبأ وتقول إنها "رأس الحربة"

في المقابل، نفى عضو إقليم حركة فتح في القدس عاهد الرشق، لموقع "زوايا"، أن تكون قد وصلتهم أي تعليمات بهذا الصدد، معتبراً أن بث الإعلام العبري هكذا نبأ، يهدف من خلاله أن يضرب النسيج الإجتماعي والوطني في القدس. وأكد الرشق أن إقليم "فتح" بالقدس، قد أصدر بياناً يُكذب فيه إدعاء الإعلام العبري؛ لأن "فتح هي رأس الحربة في مواجهة الإحتلال بالمدينة المقدسة"، وفق الرشق.

اقرأ أيضاً: رمضان... فلسطين على أبواب المواجهة الشاملة

وتابع الرشق: "أهل القدس هم واعون من مآرب إدعاءات الإحتلال خلال شهر رمضان، ونحن كأبناء فتح من الشعب، ونقوم بالدفاع عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية".

وقال الرشق إنهم كفتحاويين، دائما، موجودون في القدس والمسجد الأقصى وفي باب العامود، مضيفاً أن "معظم الاعتقالات والإصابات، هي في صفوف أبناء الحركة". وأشار إلى أن الأخبار التي نسبت للرئيس محمود عباس، هي "مدسوسة وغير صحيحة، وهدفها دق أسفين بين أهل القدس".

وشدد الرشق على أنّه المطلوب من الإحتلال هو وقف استفزازاته بحق الفلسطينيين، لمنع التصعيد، موضحاً أن "تجمّعنا في باب العامود هو متنفس لنا، لكن الإحتلال يُنغص علينا، عبر نشر مئات الجنود المدججين بالسلاح للتنكيل بنا..لذا، على الإحتلال أن يوقف هذه الإجراءات لمنع التصعيد".

اللافت أنّ صحافية مقدسية، مفضلة عدم ذكر إسمها، قد ذكرت لموقع "زوايا"، أن بعض كوادر "فتح" الذين يواظبون على الحضور الميداني في القدس، قد قللوا نزولهم إلى باب العامود، مؤخراً، في أعقاب تقرير القناة العبرية "الثانية عشرة"، وذلك لما شعروا به من حساسية يمكن أن تتولد في الشارع المقدسي، جراء مزاعم الإعلام الإسرائيلي.

"مصر والأردن طلبت من أبو مازن أن تجاوب إيجاباً مع إجراءات إسرائيل للتهدئة، وليس تهدئة الفلسطينيين"

بيدَ أنّ المختص بالشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أوضح لموقع "زوايا"، أن الطلب المصري والأردني من السلطة الفلسطينية هو أن يسعى الرئيس الفلسطيني إلى التجاوب إيجابياً مع الإجراءات الإسرائيلية التي تسير بإتجاه التهدئة، لكن لم يُطلب منه تهدئة الجانب الفلسطيني. والسبب في هذا الطلب، حسب مجلي، هو أن التصعيد الإسرائيلي بالقدس لا يتلاءم مع الادعاءات الإسرائيلية حول مساعيها للتهدئة، ويدل على أن هناك استهتارا إسرائيلياً بالتوجهات العربية والدولية في هذا الصدد.

وأكد مجلي ان واشنطن وأوروبا ودولاً عربية طلبت من إسرائيل بعدم الإقدام على استفزاز الفلسطينيين.

بيدَ أن نظير مجلي، شدد على ان هنا توجد مشكلة في الحكومة الإسرائيلية تدفعها للتصعيد؛ لسببين: الأول، أنها تحاول أن تثبت لليمين المعارض انها يمينية، ما يدفعها إلى استعراض العضلات. وثانياً، لا يقرأ المسؤولون الإسرائيليون الخارطة جيداً، ولا يفهمون مدى خطورة إجراءاتهم الاستفزازية. فمثلاً، يُعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أحد العناصر الرئيسية التي تعمل للتهدئة، لكنه قام بالأيام الأخير باقتحام استفزازي للقدس القديمة..فهو لا يستوعب أنه يثير المشاعر الفلسطينية في وقت تكون فيه الأمور متوترة، خصوصاً الآن.

وشدد مجلي أن تجمع الشباب المقدسي كل ليلة في باب العامود، هو عادات وطقوس فلسطينية خلال الشهر الفضيل، وهذه عادات موجودة قبل الاحتلال وخلال الاحتلال وبعد الإحتلال، لكن تل أبيب لا تفهم ذلك؛ والسبب ان اليمين المتطرف يهدد باستفزازات في البلدة القديمة، وهو ما يدفع الحكومة الإسرائيلية إلى العمل على منع المواجهة عبر إفراغ الشباب المقدسي من الشارع، لكن هذا لا ينفع، وعلى إسرائيل ان تفهم هذا.

"فتح" قامت بحراسة أمنية في القدس القديمة بعد اقتحام شارون للمسجد الأقصى

وتحدث نظير مجلي عن دور حركة "فتح" بالقدس، معتبراً أنها تقوم بدور أساسي وإيجابي بتعزيز عروبة القدس من جهة، ومن جهة أخرى، عدم السماح ل"عناصر فوضوية من جهات فلسطينية، تريد إشعال النار بأي وقت وأي شكل دون أي حسابات سياسية حكيمة".

واستذكر مجلي، هنا، قيام عناصر "فتح" والأمن الفلسطيني بدور ضابط للحالة الميدانية في القدس، وذلك في الجمعة الثانية من أكتوبر عام 2000، في أعقاب صدامات دامية اندلعت بعد اقتحام زعيم المعارضة اليمينية الإسرائيلية آنذاك، أرئيل شارون للمسجد الأقصى المبارك.

اقرأ أيضاً: جنرال "إسرائيلي" يحرض: 2000 مسلح يعيشون في قلب الدولة العبرية

وقال مجلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في ذلك الوقت، قد اجتمع بقادة الأمن الفلسطيني، وطلب منهم أن يقوم بمعية كوادر "فتح" بالقدس، بتولي الحراسة الأمنية بالبلدة القديمة، في الجمعة الثانية لإقتحام شارون، وذلك للمساهمة بعد وقوع صدامات دامية. وأكد مجلي ان السلطة الفلسطينية و"فتح" وافقتا على ذلك، ونجحتا بالفعل في أن يؤدي نحو 70 ألف مصلي الصلاة بالحرم القدسي، ثم تنتهي الصلاة دون أي مشكلة.

واعتبر مجلي أن هذا يدلل على أن "فتح حكيمة ومهنية وتقرر متى تكافح وكيف تكافح دون ان تشكل استدعاءً للإستفزاز الإسرائيلي.. وبالتالي، الإعتماد على فتح هو إيجابي، بغض النظر عن خلافاتها الداخلية وحالة الإنقسام".

مقاربة حراسة "فتح" في القدس..بما تقوم بها "حماس على حدود غزة

وأجرى نظير مجلي مقاربة بين هذا الدور الذي تقوم به "فتح" بالقدس، لحماية المقدسيين والمقدسات، وبين التزام حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة بعدم القيام بأي عملية تشعل النار بالمنطقة..موضحاً أن الحركتان نظمتا مهرجان "يوم الأرض"، مؤخراً، قرب ميناء غزة، وليس قرب حدود غزة الشرقية، وذلك في سبيل عدم حدوث اشتباكات مع جيش الإحتلال، بل أن مسلحي حماس والجهاد راقبوا الحدود، لمنع وصول متظاهرين إلى السياج الفاصل.

وتابع: فعلوا ذلك من رؤية المسؤولية الضرورة لحماية أهل غزة من العدوان. وواجب فتح هان في الضفة والقدس، أن تلتزم بذلك، بما يحمي الفلسطينيين، فكل طرف يُكمل الآخر، ولا يجب أن يُعرقله".

ويرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية معنية بأن تكون حاضرة في مشهد القدس، عبر حركة "فتح"، وذلك حتى لا تتصدر حركة "حماس" للمشهد. كما أن هذا يأتي في ظل مخاوف حقيقية للسلطة من وقوع مفاجآت قد يتم فقدان السيطرة عليها؛ ما يتسبب بأضرار لمكانة السلطة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo