كتاب وباحثون: الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية بحاجة للحذر 

الأزمة الأوكرانية
الأزمة الأوكرانية

ذاق الشعب الفلسطيني الأمرين من ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع قضيتهم، ومحاولات "اسرائيل" المستميتة لمنعهم من ممارسة حقهم في تقرير المصير، ورفع الظلم التاريخي الذي وقع عليهم منذ بدايات القرن الماضي.

ومع اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا برزت عدة تساؤلات في الساحة الفلسطينية، أبرزها: هل تشكل هذه الحرب فرصة للفلسطينيين؟، وما هو الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية؟، وهل النظام الجديد ثنائي أو متعدد الأقطاب سيُنصف الشعب الفلسطيني؟.

الوقوف على الحياد

الكاتب الفلسطيني "هاني المصري" وخلال مقال له أكد أن الفلسطينيين ومن حيث المبدأ، لا يمكن أن يدعموا أي احتلال وأي ظلم لأي شعب، لا سيما أنهم عانوا من التشريد والعدوان والحروب والمذابح والتهجير والتطهير العرقي والاحتلال، وهو لا يعني أن تدعم فلسطين أصدقاءها مهما عملوا، ولا أن تتخلى عنهم وفاءً للمبادئ والأخلاق، ولكن أن تنهض فلسطين وتأخذ مكانها في خارطة العالم الجديد، الذي ستأخذ الصين، وبدرجة أقل روسيا، مكانة متقدمة فيه.

ورأى "المصري" أن عدم اتخاذ موقف رسمي فلسطيني تجاه ما الأزمة الأوكرانية هو أفضل من موقف خاطئ قد ينعكس سلباً على القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن هناك عدة آراء فلسطينية تبلورت حول ما يجري من تشكل نظام جديد في القوى العالمية، فمنهم من يدعم روسيا ظالمة أو مظلومة، ويراهن على تعدد الأقطاب، فيما يرى البعض الآخر أن مكان فلسطين إلى جانب أوكرانيا وأصدقائها، كونهم المعسكر الأقوى الذي لن يغفر لمن لم يقف معه، ويتغطى أصحاب هذا الموقف بسيادة الدول واستقلالها، غاضين النظر عن كل الجرائم التي ترتكبها أميركا وربيبتها إسرائيل.

فيما يقف البعض الآخر على الحياد الإيجابي الذي يميل إلى جانب الأصدقاء، على أساس عدم صحة المساواة بين المعسكرين.

فرصة للفلسطينيين

أما "أحمد عيسى" المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي من جهته طالب المستوى الرسمي الفلسطيني بالحذر، وعدم التسرع في التموضع لجانب أي من الأطراف، لا سيما وأنه من غير المتوقع أن تسعى القوى الكبرى المنافسة للقوى الاستعمارية الغربية التقليدية "امريكا وبريطانيا"، والتي لن تعود بعد اليوم تتربع لوحدها على عرش قيادة النظام الدولي.

وأشار "عيسى" إلى أن النكبة الفلسطينية تعتبر أحد منتجات تحولات النظام الدولي منذ بدايات القرن الماضي، حيث كان مشروع صناعة إسرائيل وتثبت وجودها في المنطقة أحد أهم منتجات هذه التحولات، الأمر الذي تجلى في وعد بلفور العام 1917 في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ثم في إعلان قيام دولة إسرائيل العام 1948، ونشأة نظام القطبين في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

اقرأ أيضاً: تعرف على انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على فلسطين

في المقابل لم يستبعد المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي أن تنطوي الحرب الروسية في أوكرانيا على تهديدات لإسرائيل، وفرص للفلسطينيين في نضالهم ضد الاستعمار العنصري الإسرائيلي، رغم أن الاتحاد السوفيتي كان أكثر إيذاءً للفلسطينيين في اعترافه قانوناً بإسرائيل عام 1948.

وأكد أن الحرب الروسية في أوكرانيا قد أطلقت رصاصة الرحمة على جثة نظام القطب الواحد، الذي يشهد تحولاً بطيئاً منذ العام 2008.

التمسك بالقانون الدولي والوحدة

بدوره طالب الكاتب "جمال زقوت" الفلسطينيين بالتمسك بمبادئ القانون الدولي، والدعوة لحل النزاعات بالطرق السلمية والحوار وليس بالقوة العسكرية، واعتبار حق الشعوب في تقرير مصيرها مبدأً غير خاضع للمساومات.

وأضاف أن كلا الشعبين الروسي والأوكراني لطالما وقفا مع حقوق شعبنا كما سبق وأرستها الثقافة الشعبية في الحقبة السوفييتية، رغم تباين موقف الحكومتين الروسية والأوكرانية الراهن من السياسات الاسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني، أو تلك الداعمة لحقوقه.

وأشار "زقوت" إلى أن موسكو وكييف تربطهما علاقات مصالح كبرى مع اسرائيل، لدرجة أن موسكو لن تذهب بعيدًا في محاسبة اسرائيل على وقوفها مع واشنطن، وهذا ما أكدته موسكو إزاء مستقبل تنسيقها الأمني مع اسرائيل حول سوريا.

ورأى الكاتب أن ملاذ الفلسطينيين الوحيد يكمن في استعادة توحيد الصف والتوقف وللأبد عن سياسة الإقصاء ووجهها الآخر المتمثل بالمحاصصة، والذهاب نحو حكومة وحدة تمهد الطريق لانتخابات شاملة تعيد بناء النظام السياسي الموحد على صعيدي الحكومة والمنظمة، مضيفاً أنه وبدون وحدة الشعوب من أجل الحرية والسلام، قد تصبح قضية شعبنا مرة أخرى الضحية في ظل أي احتمال قد ترسو إليه هذه المعركة الكبرى على مستقبل قواعد النظام العالمي الجديد، والتي قد تطول وتمتد لسنوات عديدة. 

تشابه الأحداث

"سامح راشد" الباحث المصري المتخصص في العلاقات الدولية والشؤون الإقليمية للشرق الأوسط بدوره شبه استدراج واشنطن موسكو للحرب في أوكرانيا بما تفعله إسرائيل مع الفلسطينيين من استفزاز وقمع وتشكيك وتشويه أمام العالم.

وقال إن دولة الاحتلال تفتري على الفلسطينيين، وتدّعي كذباً أنهم إرهابيون، ويتربّصون بيهود إسرائيل، فيما هي تخنق أولئك الفلسطينيين وتطردهم من ديارهم، وتعتقل رجالهم وتُشرّد أسرهم، وتحرم أولادهم من الحق في الحياة، وتحت وطأة الاستفزاز والقمع والإمعان، يضطر شاب فلسطيني أو فتى إلى إلقاء حجر أو رفع سكين في وجه قاتل أبيه، أو سارق أرضه، وفجأة يصبح مجرماً وإرهابياً.

وختم قائلا: "كما يتفرّج العالم وأوروبا، خصوصاً على أوكرانيا، وهي تُحتل ويُشرَد أهلها، فإن العالم نفسه، والعرب خصوصاً، يتفرّجون على الفلسطينيين، وهم يُذبحون ويحاصَرون ويُطردون".

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo