أثار الإعلان الرسمي عن التسعيرة الجديدة لرحلات العمرة من قطاع غزة إلى المملكة العربية السعودية لهذا العام، استياءاً كبيراً لدى أهالي القطاع، والذين اعتبروها مرتفعة جداً ولا تتناسب مع ظروفهم المادية الصعبة في ظل الحصار الإسرائيلي الممتد منذ 16 عاماً.

وقبل الولوج في ردود الفعل الغزاوية على هذا الارتفاع في العمرة، لا بد من استعراض تسعيرتها الصادرة عن لجنة الحج بوزارة الأوقاف بغزة ومجلس إدارة جمعية أصحاب شركات الحج والعمرة، حيث بلغت تسعيرة برنامج العمرة (1270) دينار أردني، تشمل: تأشيرة العمرة، والنقل البري والجوي، والسكن في مكة والمدينة، والحجر الصحي، وفحص كورونا والإعاشة فترة برنامج العمرة.

يذكر أن تكاليف رحلة العمرة للعام (2019-2020) بلغت 890 ديناراً أردنياً، حيث كانت شركات الحج والعمرة قد سيرت 13 رحلة عمرة عام 2019، و6 رحلات عام 2020، علماً أن السعودية علّقت أداء العمرة في مارس/آذار 2020، جراء تفشي جائحة كورونا في العالم.

تفاصيل مالية وبروتوكول

وفي التفاصيل المالية لتسعيرة العمرة لهذا الموسم 2022، فقد بلغت رسوم تأشيرة وتأمين ونقل داخل المملكة 170 ديناراً أردنياً، والنقل البري ورسوم المعابر والنقل "مصر والسعودية" 369 دينار، وتذكرة طائرة 334 دينار، وسكن مكة المكرمة والمدينة المنورة 65 دينار، ورسوم الحجر الصحي وفحص "بي سي آر" 140 دينار.

كما بلغت تكاليف الإعاشة والوجبات 50 دينار، ورسوم وزارة الأوقاف 5 دنانير، وأتعاب شركة الحج والعمرة 80 دينار، ونقل المعتمر للمعبر 6 دنانير، ورسوم جمعية أصحاب الشركات 5 دنانير، ورسوم إدارية لشركة الحج والعمرة 15 دينار، ورسوم فحص "بي سي آر" في العودة 16 دينار، ورسوم طوارئ 15 دينار.

 أكثرها النقل المصري

ولعل من أبرز رود الأفعال والسخط الغزاوي على التسعيرة سالفة الذكر، كانت على التكاليف الباهظة التي فرضتها السلطات المصرية والبالغة (369 دينار) رسوم النقل البري من معبر رفح حتى مطار القاهرة ذهاباً وإياباً، شامل رسوم المعابر ونقل العفش ما يعادل (520 دولار).

موقع "زوايا" رصد جملة من التدوينات لكتاب وصحفيين ونشطاء على الفيس بوك باعتباره من أكثر منصات التواصل الاجتماعي التي تعبر عن نبض الشارع الغزاوي في معظم القضايا التي تخصهم، حيث اعتبر الناشط الفلسطيني عاهد علوان تعامل مصر مع قطاع غزة في مسألة العمرة "مجحف واستغلال واضح لمعاناة سكانه"، مطالباً بالضغط على الجانب المصري لتخفيض المبلغ وعلى المملكة السعودية لإلغاء إجراءات الحجر على اعتبار أن فلسطين غير موبوءة حالها حال باقي الدول ووافديها المعتمرين. 

في حين اعتبر المصور الصحفي محمود أبو زياد "رسوم نقل المسافرين من معبر رفح لمطار القاهرة أغلى من سعر تذكرة الطيران، والله بدها شخرة غزاوية توصل للسعودية!"، أما الصحفي أكرم أبو عبد الله قال: "خلي بالك من رسوم النقل من وإلى معبر رفح ، أغلى من تذاكر السفر بالطيارة، نروح على دبي أحسن".

كما كتب الإعلامي هاني المغاري قائلاً "بطون الفقراء أولى، لم أقلها سابقاً لإيماني بأن أوجه كسب الحسنات كثيرة ومتنوعة ومن المستحسن أن تتعدد مصادرها ولا تتوقف عند إطعام الفقراء، لكن اليوم بعد الإعلان عن تسعيرة العمرة ب1270 دينارًا، فأقولها بملئ الفيه، #بطون_الفقراء_أولى وما يجري جنون وابتزاز مقزز لأبناء شعبنا المحاصر".

أما المحلل الاقتصادي محمد خالد أبو جياب فقال "تكاليف العُمرة في غزة 1270 دينار، لو أنك صرفتها في سبيل الله وعالجت بها فقير أو سترت بها عائلة لا بيت لها، أو ساهمت في تعليم شاب أو شابة مميزة، أو أطعمت بها جائع في وطنك المكلوم، لهو خير لك عند الله من ألف عُمرة". 

كذلك عبر الصحفي باسل أبو طواحينة بالقول " 127 دينار تسعيرة مبالغ فيها جداً"، وأيضاً كتب الصحفي طارق أبو سحاق متذمراً "حتى العبادة للأغنياء فقط العمرة بـ 1270 دينار".

وفي نفس السياق، نشر الإعلامي يوسف أبو كويك في تغريدته "خطيتكم في رقبتهم لا تعتمروا، ولا تسجلوا، والله يحرق الشركات بالمسؤولين بالسلطة بهالبلد"، أما المصورة الصحفية مريم أبو دقة كتبت قائلة: "سعر العمرة لسكان قطاع غزة 1270 ديناراً، الضفة لا يتجاوز 500 دينار، معقول ذنوبنا أكثر؟". أما الناشط أبو بانياس قال في هذا السياق: "شخرة أهل غزة أيقظت الموتى زمن أبونا إبراهيم، عندما قرأوا (1270 ديناراً) تسعيرة العمرة". 

 مبررات وإجراءات

ويُعد ما سبق هو غيض من فيض من ردود الأفعال الرافضة لتسعيرة العمرة، ولكن بماذا عقبت الجهات الرسمية والمعنية ولا سيما وزارة الأوقاف في غزة، حيث قدرت الأخيرة على لسان المتحدث باسمها عادل الهور، هذا الاستياء الشعبي على التسعيرة، في ظل الظروف المادية الصعبة التي يعيشوها منذ سنوات.

وأوضح الهور لـ "زوايا" أن جائحة كورونا ساهمت في ارتفاع تكلفة رحلة العمرة، لافتاً إلى أن وزارته حاولت قدر المستطاع تخفيض تكلفة العمرة، ولكن ترتيبات النقل من غزة للسعودية عبر الجانب المصري وإجراءات الحجر الصحي في السعودية زادت من هذه التكاليف، حسب تبريره.

يذكر أن وفداً من وزارة الأوقاف في غزة ولجنة الحج بالوزارة وجمعية أصحاب شركات الحج والعمرة، ناقشوا قبل نحو أسبوع في القاهرة الترتيبات الخاصة بموسم العمرة، وتم توقيع اتفاقية النقل البري والجوي، حيث نص الاتفاق على أن مدة برنامج العمرة أسبوعين فقط، موزعة على النحو التالي: 7 أيام في المدينة المنورة منها 5 أيام حجر صحي مؤسسي بالمملكة عند الوصول إلى المدينة، و8 أيام في مكة المكرمة.

ولفت الهور إلى أن عدد المعتمرين المسموح به عبر معبر رفح 300 معتمراً فقط يومياً بمعدل 4 رحلات أسبوعية، مبيناً أنه سيكون هناك متابعة طبية للمعتمرين قبل خروجهم من قطاع غزة، وأثناء وجودهم وبعد عودتهم حسب البروتوكول المعتمد.

وكان وزير الأوقاف والشؤون الدينية في رام الله الشيخ حاتم البكري، وقع في التاسع عشر من فبراير الجاري، اتفاقية لنقل المعتمرين من قطاع غزة إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة لهذا العام، مبيناً أن توقيع الاتفاقية بين الخطوط الجوية الفلسطينية وكل من شركتي "لاكي تورز" المصرية و"جوباص" وجمعية شركات الحج والعمرة وذلك برعاية سفارة دولة فلسطين بالقاهرة.

كما أعلنت وزارة الأوقاف برام الله، أسماء شركات الحج والعمرة المؤهلة للعمل في هذا المجال للموسم 1443هـ-2022، في الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرة إلى أن 52 شركة تعمل في الضفة الغربية، و72 شركة تعمل في غزة.

يذكر أن لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة، قررت سابقاً إعفاء شرکات الحج والعمرة من ضریبتي الدخل والقیمة المضافة بنسبة 100% عن الأعوام 2019، 2020، 2021.

من جهته، فقد أكد رئيس جمعية شركات الحج والعمرة في قطاع غزة عوض أبو مذكور لـ"زوايا" أن تحديد سعر رحلة العمرة لهذا العام جاء باتفاق بين الجمعية ووزارة الأوقاف وبناء على تسعيرة السعودية، مرجعاً أسباب هذا الارتفاع إلى عدة عوامل منها "إضافة التأمين الصحي، وارتفاع أسعار وسائل النقل بسبب ارتفاع أسعار النفط، والحجر المؤسسي الإجباري للقادمين من مصر، وما تبعها من وجبات الإعاشة الإجبارية التي ستقدمها الشركات للمعتمرين".

وتوقع أبو مذكور أنه في حال إزالة الحجر الإجباري فإن سعر الرحلة سينخفض، عاداً أن الحجر المؤسسي المفروض على معتمري غزة هو بسبب قدومهم عبر مصر التي تصفنها المملكة بالحمراء بسبب الوضع الوبائي فيها.

وأشار أبو مذكور إلى توجيه الشركات بغزة خطاباً لوزير الأوقاف برام الله لمحاولة إزالة الحجر المؤسسي عن معتمري غزة، كونهم قادمين من منطقة تصنيفها مختلف عن مصر في الوضع الوبائي، حسب تعبيره.