غزة تحت الطوفان

معاناة أطفال غزة في فصل الشتاء
معاناة أطفال غزة في فصل الشتاء

تغرق غزة موسميا وبتقبل تام تحت ماء السماء، الذي طالما قامت له طقوس شعوب المتوسط لاستدرار بركته ورفعت له كفوف المؤمنين لاستدرار تدفقه، فكيف حولنا البركة لنقمة نخشى ورودها علينا.

يعاني قطاع غزة الويلات الاقتصادية بسبب حصاره وقدم بناه التحتية وتهالكها وسوء تخطيطها وتردي جودة الجديد منها وتراجع الانفاق التطويري عليها، الا ان سوء التخطيط وتوجيه الموارد قد يكون اسوء عوامل "الخطورة في خلق ازمة "النعمة-النقمة".

صحيح ان التدمير الصهيوني الممنهج للبنى التحتية والتوقف شبه التام للإنفاق التطويري من الحكومة المركزية في رام الله على البنى التحتية عوامل ذات مرتكز سياسي شديدة الخطورة الا ان عدم التعاطي مع الطوفان المستدام جراء حبيبات عزيزة من المطر نحتاجها بضراوة لحياتنا ومياهنا التي باتت تنعدم، اشد خطورة.

منظومة إبداعية ورصينة من الجباية على الأبنية والخدمات تخصص لتمويل الانفاق الجاري افقدت المجتمع الثقة بالقائمين على ادارة النظام البلدي غير الممثل اصلا وغير المنتخب وذات انعكاس حزبي بحت وغير المتشابك بجدارة مع مجتمعه، نجم عنه شعور بعدم احقيتهم بالالتزامات المطلوبة وخلقت حالة من  "الركود المجتمعي" وهو استمرار لأثر ارث الاحتلال كما وصفتها يوما الكاتبة الاسرائيلية سارة روى.

تدفقات معتبرة من المساعدات والتمويل المستمر من صندوق تطوير البلديات لم تتمكن من وضع خطة حقيقية، لإضافة مستوعبات المطر ومزيد من خطوط التصريف، لمعالجة المواطن التاريخية، بكل معنى الكلمة الدلالية، للطوفان في اماكن محددة ومعروفة دائمة الغرق في احيائنا والمنخفضة عادة في الطبيعة السهلية للقطاع لمعاجتها حتى تستوعب التدفق السريع للمياه من التلال البسيطة المحيطة بها، بل وتأتي الاجابة الوقحة بأن محطات الضخ تتوقف لانقطاع الكهرباء، انها نفس الكهرباء التي عرفت طريقها بأكثر من خط لبيت المسؤول القريب من المنخفضات المذكورة، وبما يرضي الله او بما لا يرضي الله. ان  مطب اي حفرة لا تعدو ثلث متر مربع قد نعهدها منذ عقود تشكو للسماء اهمالها، فنحن لا نبالي حتى بالامر الصغير.

اقرأ أيضاً: صمت فلسطيني رسمي تجاه الوفاء الأمريكي بجزء من "وعد القنصلية"

والأشد ازدراء ان تلك المنظومة التي فرضت تلكم الادارة البلدية والوزارية علينا ثم لا تقبل النقد او التذمر بل تفسق وتنعت بالنفاق من يشكو غرق مدارسنا وشوارعنا وبيوت الناس ومحالهم، اما عتاب النبي في القرآن يتشدقون به وابراز الكوارث الطبيعية في الدول المتقدمة فذات جدوى في هذه الحالة، تلك الدول التي خلقت لسكانها حالة تنموية ورفاهية واستهلاك مفرط غير مسبوق في التاريخ، وهنا بيت قصيدهم فكلنا سواء ولدينا كوارث، وهذه مغالطة كبرى فالبيئة الطبيعية من جبال ووديان دائمة وثلوج وانهيارات ممكنة من المساحات الخضراء الشاسعة المحيطة ورياح عاتية تكاد تكون طوال العام، واعاصير عاتية في تلكم الدول يكاد لا يمكن مواجهتها مع الانفاق العام الحاد في هذا المجال، والجانب الاخر ان المواطن يجد محاولات جدية لمواجهة الضواري الطبيعية التي تسبب كوارث حقيقية على البشر عند حدوثها في الدول المتخلفة، فليس مبررا ولسنا سواء. ثم لتسقط تلكم الدول المتقدمة فالتظاهر والاحتجاج والمطالبة بالتعويضات وتذنيب المسؤولين وحسابهم وعدم انتخابهم وعقابهم سنة متبعة طوال العام بكارثة وبالاوضاع الطبيعية، ولم يتهم اولئكم احد بارتدادهم عن الكاثوليكية. كفى، انما وضع المسؤول ليسأل عما يفعل لا ليسألون.

ثم يتفتق ذهن المسؤول عن المعضلة، لقد وجدناها، انها الأتربة والرمال والاكياس على مصافي العهد القديم بالطرقات البالية، وعلى الرغم من تنبؤنا بموعد الطوفان ليس بخبر نوح عليه السلام وانما بالاقمار السماوية، افلا من وردية اضافية لعمال النظافة قبلها او حملة تطوعية لتشجيع الشعب المحبط ضمن خطة ازمة، فأي تعذر هذا. اليسوا هم من يحظرون على صناع الجمال كما يطلقون عليهم جمع الأتربة والرمال من الطرقات، فلا يفعلون الا بحافز خاص اقترب ان يكون إجباريا، وهم من يتركون اكوام الرمال والحصى حيث المباني تحت الانشاء. نعم يا سادة اذا كانت الناس تشكو وتشكو فالمسؤول يتعذر ويتعذر واذياله تبرر وتبرر، وانما مهمتنا هنا لنبين الخلل ونحث على العمل وان بلغت القيود عنان السماء.

اين الحلول، اين المصائد المائية في الوديان والاراضي الحكومية او الابار وتجميع المياه في المنازل المستقلة على الاقل والاراضي الزراعية عوضا عن سكبها في البحر، اين حملات التوعية والتطوع في المدارس والمساجد والجامعات والمؤسسات الثقافية ولو قبيل الامطار لا الانتخابات، واين القرار الجاد بالانتخابات لنتحمل مسؤولية من ننتخبه ونحاسبه، واين التخطيط للشارع الذي نحفره عشرات المرات ثم نعيد الحفر، واين المحاسبة للمنفذ للطرق الجديدة فتجدها كالقديمة، واين من يقرر المدن الجديدة من المساعدات وينسى حاجة القديمة من البنى التحتية.

ان حلولا ما يجب ان توجد وتمويلا ما يجب ان يتوفر عوضا عن انفاق غير لازم وان مراعاة لارواح الناس وممتلكاتهم يجب ان تحدث

 

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo