صمت فلسطيني رسمي تجاه الوفاء الأمريكي بجزء من "وعد القنصلية"

القنصلية الأمريكية بالقدس
القنصلية الأمريكية بالقدس

تواصل السلطة الفلسطينية صمتها الرسمي إزاء أنباء عن قيام الإدارة الأمريكية بإعادة الأمور لسابق عهدها فيما يخص القسم الفلسطيني بالسفارة الأمريكية، بحيث باتت مرجعية الموظفين في القسم والتقارير السياسية والخدمات المقدمة للفلسطينيين تتبع لوزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، وليس السفير الأمريكي لدى إسرائيل. وهو ما يعني العودة للحال الذي كان عليه ما قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو أعلن اندماج السفارة في القدس مع القنصلية الأمريكية العامة في المدينة في مهمة واحدة، بعد قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، معتبراً إياها "عاصمة موحدة لإسرائيل".

مجدلاني: لم يصلنا أي شيء رسمي من إدارة بايدن

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" الفلسطينية د.احمد مجدلاني، قال لموقع "زوايا" إنه لم يصل السلطة في رام الله أي شيء رسمي من الإدارة الأمريكية بهذا الخصوص.

وأضاف أن "الأمور لا تزال على ما هي عليه، واستبعد أن تكون خطوة أمريكية علنية بموضوع إعادة فتح القنصلية في الأمد القريب".

اقرأ أيضاً: "بايدن" يسير على خطى "ترامب" وسياسة واشنطن الخارجية تحمل بذور فنائها

ونفى مجدلاني أن تكون السلطة قد خففت في الشهرين الأخيرين وتيرة مطالباتها المستمرة من الإدارة الأمريكية بضرورة الوفاء ب"وعد القنصلية".

مسؤولون فلسطينيون التقوا أمريكيين بالقسم المذكور!

لكنّ مصادر موثوقة كشفت لـ "زوايا" أن فريقا من العاملين في القسم الخاص بالشؤون الفلسطينية في السفارة الأمريكية، قد اجتمع مع مسؤولين فلسطينيين في رام الله، لأكثر من ثلاث مرات بالفترة الأخيرة.. وهو ما يثير تساؤلات حول حقيقة عدم إبلاغ السلطة، أو على الأقل دوائر ضيقة فيها، بخطوة إحالة مرجعية هذا القسم لوزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، وليس للسفير الإسرائيلي.

كُتّاب: واشنطن أوفت عملياً بوعدها..وتبقّت "الرمزية"

في المقابل، أكد المختص بشأن السياسة الأمريكية داود كُتّاب لموقع "زوايا" أنّ الإدارة الأمريكية أوفت من الناحية العملية بنصف وعدها بإعادة الأمور لسابق عهدها بخصوص افتتاح القنصلية الأمريكية الخاصة بالفلسطينيين، وذلك عبر جعل القسم المتعلق بالفلسطينيين يتبع إداريا لوزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، وليس السفير الأمريكي في اسرائيل.. أي كما كان عليه الحال قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن واشنطن أجلت خطوتها الرمزية بوضع اليافطة التي تميزها كقنصلية خاصة بالفلسطينيين لأسباب عديدة.

وتابع كُتّاب: "دعنا نُفرّق بين أمرين، الخطوة الرسمية (الرمزية) وتلك العملية. فمن ناحية عملية، تم تحويل مسؤولية القسم الفلسطيني في السفارة الأمريكية بالقدس إلى وزارة الخارجية في واشنطن، بدلاً من أن ترفع تقاريرها للسفير الأمريكي..وهذا تحوّل مهم ونوعي".

وبالنسبة للخطوة الرسمية لوضع لافتة باسم القنصلية إيذاناً بإعادة فتح القنصلية الأمريكية الخاصة بـ الفلسطينيين بالقدس الشرقية، أعرب داود كُتّاب عن تقديره بأن الإدارة الأمريكية أجلت خطوتها الرسمية بسبب مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي الإيراني، وأنه سيتم الإعلان رسمياً عن الخطوة الأميركية بإعادة فتح القنصلية، لمجرّد التوقيع على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الغربية.

ويعتقد كُتّاب أن خطوة "وعد القنصلية" قد تم الوفاء به أمريكياً من ناحية عملية، لكن تبقّى الشيء الرمزي وهو الإعلان عن ذلك ووضع يافطة، مبيناً أن إدارة بايدن لم تتراجع عن وعهدها، وإنما أجلت الإعلان عن ذلك. وأضاف أن الرئيس الأمريكي جدد تأكيده لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرة أخرى، في الأيام الأخيرة، على على الوفاء بوعد "القنصلية" حينما تحين الفرصة.

ونوه كُتّاب أنه بالنسبة لأمريكا، لا يوجد شيء إسمه قدس شرقية أو غربية، وإنما القدس..ولذلك، فإنّ منزل القنصل الأمريكي في القدس، سيكون مكان القنصلية، موضحاً انها ان هذا المقر لا زال اساساً يتعامل مع الأمور القُنصلية والإجرائية الخاصة بالفلسطينيين، بينما بقي مقر السفارة في تل ابيب يتولى العصب العملي ويوجد به مئات الموظفين.

وبشأن مستقبل العلاقات الامريكية-الفلسطينية، أشار داود كتاب إلى أن إدارة بايدن اعادت تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة بين الفلسطينيين والأمريكيين، لكنّ آلية الدعم المالي الأمريكي لم يتم حسمه بعد.. متوقعاً أن يتركز على دعم تنموي أكثر من دعم مباشر لموازنة السلطة، مع دعم محدد لدعم الأمن الفلسطيني.

"الرمزية" بالخطوة أهمّ من الجانب العملي

بيدَ أن الصحفي المتابع لملف القنصلية محمد القاسم، بدا مخالفا لوجهة النظر التي تقلل من أهمية الخطوة الأمريكية الرمزية، بالإستناد إلى القول "إن جعل مرجعية القسم المتعلق بالفلسطينيين لوزارة الخارجية بمثابة تطبيق عملي لوعد بايدن". وشدد القاسم في حديثه لموقع "زوايا"، على أن الخطوة الأهم، حسب رأيه، ليس بفصل مرجعية قسم الشؤون الفلسطينية عن السفارة، وإنما الإعلان عن إعادة فتح القنصلية لسابق عهدها، وهو ما يعني الترجمة الحقيقية لوعد بايدن بهذا الخصوص.

وتابع القاسم: "أساساً المعركة الفلسطينية مع إسرائيل، مبنية على الخطوة الرمزية التي هي الكفيلة بتثبيت الحق الفلسطيني أمام العالم وعلى الملأ".

اقرأ أيضاً: إدارة بايدن و"وعد القنصلية".. بين الالتزام والتسويف

وأكد محمد القاسم أن هناك انتقادا فلسطينيا رسميا، بعيداً عن الإعلام، لعدم التقدم بموضوع إعادة فتح القنصلية بالقدس، موضحاً أن الصمت الفلسطيني حاضر أمام وعودات أمريكية بالتحرك بالموضوع، ولكن العذر الأمريكي هو "أن واشنطن لا تريد بهكذا خطوة أن تتسبب بإنهيار الحكومة الإسرائيلية وعودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم". وبين القاسم أنّ واشنطن تقول للسلطة الفلسطينية: "الآن، هناك تسهيلات إسرائيلية لكم، وقمنا بإحالة مرجعية القسم الذي يعنى بالشؤون الفلسطينية في السفارة إلى وزارة الخارجية الأمريكية، لكن نريد التأني بإستكمال الخطوة".

وبحسب القاسم، فإن السلطة تريد من وراء عدم انتقادها العلني لإدارة بايدن، ان تسجل أمام واشنطن انها "لم تعمل على إزعاجها أو توتير العلاقة معها، وذلك رغبة منها بتحسين العلاقة بين الجانبين.

وشدد محمد القاسم على ضرورة إثارة الموضوع بصوت أعلى من قبل السلطة الفلسطينية، حتى لا يتم تناسي الأمر ولتثبيت الحق الفلسطيني.

"لن يتم إكمال الوعد الأمريكي في عهد بينيت"

أما المختص بالشأن الإسرائيلي محمد سلامة، فقد قدّر في حديث لـ "زوايا" أن الإدارة الامريكية لن تقدم على خطوتها الكاملة بافتتاح مبنى القنصلية في فترة ولاية رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت.

وقال أستاذ العلاقات الدولية د.جورج جقمان إنه الإدارة الأمريكية ليست في وضع تهتم بتخصيص مبنى للقنصلية، نتيجة الضغط الإسرائيلي من ناحية الملف النووي الإيراني، وأيضاً ما يتصل بالقدس.. وهو ما دفع واشنطن لإعطاء الأولوية للنووي الإيراني، حسب جقمان.

ورجح جقمان لـ "زوايا" أنّ تأجيل واشنطن خطوة اعادة افتتاح القنصلية بمعناها الكامل سيكون لما لا نهاية، خاصة وأنه لا اوراق فلسطينية للضغط بدلاً من السؤال أو الطلب.. وتابع: "السلطة تريد دعما ماليا من الأمريكان والأوروبيين والعرب، في ظل استفحال الأزمة المالية".

وختم جقمان حديثه: "لو كان هناك حراك قوي متمثل بالمقاومة الشعبية، لكانت ورقة قوية لدى السلطة".

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo