تقرير غزة .. نهاية الحلول المؤقتة

قصف على غزة
قصف على غزة

على مدار خمسة عشر عاماً هي عمر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، تخلله أربع عمليات عسكرية "إسرائيلية"، أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة تفوق 4000 شهيداً، وأكثر من 20 ألف جريح، وتدمير آلاف المنازل بين تدمير كلي وجزئي، إلى جانب البنية التحتية، وفي كل عدوان كان الوسطاء بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، يتوصلون لوقف إطلاق النار، بينما الأخيرة لا تلتزم مطلقاً بتفاصيل كل اتفاق، والذي غالباً ما يركز على رفع الحصار عن القطاع.

وفي العدوان الأخير الذي استمر لمدة أحد عشر يوماً، استشهد خلاله 259 مواطناً، وارتكبت فيه إسرائيل مجازر بشعة بتدمير المنازل فوق رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ، توصلت مصر لوقف إطلاق النار، على أن تستكمل الجهود للتوصل لتهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة ورفع الحصار، إلا أن ذلك لم يحدث رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على انتهاء العدوان، في المقابل يزداد الضغط على قطاع غزة مع اشتداد الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال مواد البناء وغيره، نظراً لربط الاحتلال إعادة الإعمار بإعادة الجنود الإسرائيليين الأربعة الأسرى لدى حركة حماس، الأمر الذي ترفضه الأخيرة جملاً وتفصيلاً.

ونظراً لفشل الحلول المؤقتة التي كان يتم التوصل إليها بعد كل عدوان من عام 2008-2012-2014-2021، بات الفلسطيني في قطاع غزة، يحلم بحل جذري لمشكلاته وآلامه، إلا أن استمرار الانقسام الفلسطيني وخاصة بين حركتي فتح وحماس، يمثل حجر عثرة وعقبة رئيسية أمام إمكانية التوصل إلى حلول أكثر جدوى من السابقة، بحسب محللين في أحاديث منفصلة لموقع "زوايا".

وحدة النظام السياسي

الكاتب والمحلل السياسي محمد حجازي، أكد أن إمكانية التوصل لحلول أفضل من تلك الحلول السابقة لقطاع غزة، مرهون بوحدة النظام السياسي الفلسطيني، وتحقيق الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وما دون ذلك ستبقى غزة تعاني.

وأوضح حجازي في حديث لـ موقع "زوايا"، أن المشكلة الكبرى التي تواجه غزة، هو حالة الخصومة السياسية بين حركتي فتح وحماس، والتي يقف خلفها معظم الأزمات التي يعيشها القطاع، مشيراً إلى أن قطاع غزة لم يعد جزءاً من السلطة المتمركزة في رام الله، بينما حركة حماس أخذت القطاع لبعد آخر، فيه كيانية خاصة بها، وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع في غزة.

اقرأ أيضاً: بالفيديو مقابر الأرقام.. احتجاٌز بعد الموت

وأكد على أن غزة بحاجة لتمويل دائم لحل جزء من مشاكله، والجهة المرشحة للقيام بهذا الدور هي السلطة الفلسطينية، مشدداً على أنه لا حل لقطاع غزة إلا أن يكون جزءاً من الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية، حيث هناك آلاف العاطلين عن العمل وأرقام البطالة في صفوف الخريجين مذهلة.

وأوضح، أن قطاع غزة يعاني من مشكلة اجتماعية سببها الانقسام وبدرجة ثانية الواقع المرير الذي يعشها القطاع من الحصار.

وتابع، الكاتب والمحلل الساسي حجازي، أن حرب مايو 2021م، رغم ما حققته من إنجازات على الأرض، في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، والضفة الغربية، والتأييد الدولي للقضية الفلسطينية، إلا أن الأوضاع داخل قطاع غزة أصبحت سيئة جدا، بشكل أكبر من فترة ما قبل الحرب الأخيرة.

وتوقع حجازي، أن يبقى الوضع سيئاً على ما هو عليه، دون إنهاء الانقسام لإمكانية التوصل لحل سياسي. مشدداً على أن بقاء الانقسام يعني انعدام كل ممكنات النهوض.

وأوضح أن الانقسام ساهم في خسارة الحلفاء وتراجع التمويل الدولي، وأصبحت "اسرائيل" تستفرد بالحالة الفلسطينية سواء في الضفة بالاستيطان والقتل والاعدام الميداني، وفي قطاع غزة بشن عدوان بين كل فترة زمنية مع تشديد الحصار.

مأساة غزة تتكرر بنفس الأساليب والأدوات

في ذات السياق، أكد السياسي الفلسطيني البارز تيسير محيسن، أن الواقع الذي يعيشه قطاع غزة مريراً، في ظل ميل ميزان القوة إلى الاحتلال الاسرائيلي، الذي لا يلتزم بالاتفاقات، وتتحول عنده الاتفاقات المؤقتة التي لا يلتزم بها أيضاً إلى حلول دائمة، كما هو الحال في الاتفاق المرحلي (أوسلو) الذي كان من المفترض أن ينتهي بعد خمسة أعوام من توقيعه، للتوصل لحل دائم، الأمر الذي لم تقبل به "إسرائيل".

وأكد محيسن، أن قطاع غزة تتكرر فيه المأساة، ويمارس في كل مرة نفس السلوك، ونريد نتائج مختلفة، وهو أمر لا يحدث، في ظل استمرار الانقسام وعدم استغلال عوامل القوة.

وشدد على أن الحلول لقطاع غزة لا يمكن أن تتم دون وحدة النظام السياسي الفلسطيني وتحقيق المصالحة الفلسطينية.

لا حل لغزة بدون حل سياسي

عصمت منصور المختص في الشأن الإسرائيلي، أكد على أن حل مشكلة قطاع غزة والانتهاء من الحلول المؤقتة التي لا تلتزم بها حكومة الاحتلال، مرهون بالتوصل لتسوية شاملة، موضحاً أن كل الحلول المؤقتة التي وافقت عليها اسرائيل جاءت بحكم ظرف تبادل اطلاق النار والهدف منها وقف اطلاق النار، وفي كل مرة "إسرائيل" تستطيع التحايل على المعايير والمطالب الفلسطينية التي تم الاتفاق عليها مع الوسطاء قبل وقف اطلاق النار في المواجهات الثلاثة السابقة.

ولفت إلى أن "إسرائيل" ناقشت الاعتراف بحركة حماس في قطاع غزة والتسليم بوجودها والانفتاح عليها، لكن هذا الأمر لم يحسم في ظل حكومة نتنياهو. وتابع أن الوضع الآن تغير حيث حكومة ائتلافية يقودها نفتالي بنيت رئيسا للوزراء، والجنرال بيني غانتس وزيراً للجيش، ويتبنيان موقفاً مغايراً لموقف نتنياهو، بالتشديد على حركة حماس وتقوية السلطة الفلسطينية التي أضعفها نتنياهو.

ورأى أن حل غزة، لا يمكن إلا بحل سياسي، سواء بين اسرائيل وحماس، أو اسرائيل والسلطة الفلسطينية، أو توافق بين حماس والسلطة ، وما دون ذلك ستبقى غزة في نفس الدائرة.

وأشار إلى أن السياسية الاسرائيلية في عهد نتنياهو تجاه قطاع غزة، كانت واضحة وأعلنها أكثر من مرة، بأن إسرائيل مستفيدة من وضع الانقسام وسيطرة حماس على قطاع غزة، وإبقائها معزولة عن الضفة الغربية حيث مقر رئاسة السلطة، مع إبقاء رأس غزة فوق الماء كي تتنفس ولكن غير قادرة على العيش بدون "اسرائيل".

وفي ظل استمرار الوضع على ما هو عليه في قطاع غزة من سيطرة حركة حماس على القطاع وعدم تحقيق المصالحة، سيبقى الوضع الراهن يراوح مكانه.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo