تقرير سائقو غزة.. فئة معدومة تواجه ثلاثية الغلاء والحصار وكورونا

سائقو غزة
سائقو غزة

سائقو غزة.. فئة معدومة تواجه ثلاثية الغلاء والحصار وكورونا حيث يكافح السائق خالد برهوم (30 عاماً) الذي يعمل على سيارة أجرة، لتحصيل أجرته اليومية التي بالكاد تصل 25 شيكل.

ويعاني سائقو غزة وقطاع النقل والمواصلات من أزمات متراكمة في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 14 عاما.

ويتنقل برهوم يومياً من مدينة رفح جنوباً تجاه غزة شمالاً، أملاً في الظفر بعدد من الركاب، بعد ساعات من البحث.

اقرأ أيضاً: قيادي جزائري “لزوايا”: تصالح حركتي فتح وحماس ضروري لدحر الاحتلال

ويخرج آلاف السائقين يومياً سعيا وراء رزقٍ مبعثرٍ في الطرقات والأسواق، عساهم يوفروا دخلا يلبي احتياجات عائلاتهم.

ارتفاع أسعار الوقود والمحروقات

ويشتكي برهوم، من الارتفاع غير المتكافئ في أسعار الوقود، بما لا يناسب الحالة المعيشية والأجر المحصل من هذه المهنة.

ووصف مهنته بأنها "عمل بلا أجر"، خاصة وأن الناتج اليومي لا يكفي لسد احتياجات المركبة والسائق، إضافة لمالك المركبة.

يشار إلى أن الهيئة العامة للبترول بوزارة المالية حددت أسعار الوقود مطلع مارس الحالي، البنزين (95) بـ5.90 شيكل للتر، والسولار 4.99 شيكل.

عدم توفر قطع الغيار و"الكاوتشوك"

ويرى برهوم أن معاناتهم لا تقتصر على الوقود فحسب، إنما تجاوزت ذلك بارتفاع أسعار قطع الغيار و(الكاوتشوك)، الذي تجاوز سعره في بعض الأحيان 900 شيكل وأرهق سائقو غزة.

وفي ظل الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ 14 عاماً، يصعب توفرها قطع الغيار في كثير من الأحيان.

تذاكر تحصيل الكراجات

من جانب آخر، يسلط برهوم الضوء على مشكلة "الكراجات"، والتي هي عبارة عن مصف لمركبات الأجرة.

وأضح أنهم يمرون بأزمة نتيجة ارتفاع "تذكرة تحصيل الكراج".
اقرأ في تقارير زوايا: جديد الاحتلال في 2021…سنهدم منزلك خلال 100ساعة

وأضاف برهوم، أن المطلوب هو تحديد سعر ثابت للتذكرة.

وطالب بوضع لافتة بالتسعيرة كي يلتزم أصحاب الكراجات بها، مع مراعاة ظروف السائقين الصعبة في ذلك.

جائحة كورونا المرحلة الأصعب

أما عن العمل أثناء فترة جائحة كورونا، أوضح برهوم بأنها من أصعب المراحل التي يعاني منها سائقو مركبات الأجرة، خاصة في ظل الإغلاقات المتكررة.

وبسبب الإغلاقات، فإن التحصيل اليومي للسائق في غزة يصبح صفرا في بعض الأحيان.

وأدى تعطل الجامعات والمدارس والمؤسسات العامة والأسواق، إلى انخفاض الحركة اليومية لنحو 90%.

وطالب برهوم الجهات المسؤولة، بمراعاة أوضاع السائقين وتوفير بدائل لهم، وتقديم إجراءات داعمة  من تسهيلات تراخيص وتخفيف المخالفات.

وأشار برهوم أنه يعمل سائقا منذ 8 سنوات، لافتاً إلى تزايد أعداد السائقين وكثرة السيارات ونقص الركاب.

يذكر أن شوارع غزة تحتضن 80 ألف مركبة، تسيرُ في مساحة 365 كم²، الأمر الذي أثر على دخل السائقين اليومي.

وبحسب سامي العمصي، رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين بغزة، فإن ما يزيد عن 40 ألف عامل في مختلف القطاعات العمالية تضرروا جراء أزمة فيروس كورونا، من بينهم قرابة 10 آلاف سائق.

سائقو غزة يتذمرون

حال برهوم لا يختلف عن السائق مهند الهمص، والذي اشتكى من ارتفاع اسعار المحروقات والوقود.

وقال الهمص: "الشهر الماضي كان سعر لتر الوقود 4.5 شيكل، الآن ارتفع إلى 5، وبالمقارنة يكون الفرق اليومي 20 شيكل".

ووصف هذا الارتفاع في أسعار الوقود بأنه "أمر كارثي".

وتوسع الهمص في الحديث عن تسعيرة الكراجات، موضحاً أنه يدفع نحو 7 شيكل يوميا لمحصل التذاكر، وهو مبلغ يفوق إمكاناته المادية.

وطالب السلطات المسؤولة بوضع حل منصف للطرفين (السائق ومالكي الكراجات).

فخ التقسيط

وأشار الهمص إلى أزمة أعمق تخص شراء المركبات بالتقسيط من معارض بيع السيارات.

ووفق المعتاد، تقوم المعارض بمنح المشتري السيارة التي يريد مقابل نظام يقوم على المرابحة، مع اشتراط تسديد المبلغ خلال فترة محددة بالعقد.

وأوضح الهمص، يتم توقيع "كمبيالات" تضمن حق الطرفين، على أن يقسط المشتري ثمن السيارة خلال مدة لا تتجاوز العامين.

وفي حال عدم تسديد المبلغ والذي يقدر بـ 400$، يمارس التاجر إجراءاته القانونية ضد المشتري، والتي من شأنها سحب السيارة وتغريمه.

وينوه الهمص إلى أن ذلك يشكل كابوساً يؤرق السائقين، خاصة في ظل الأزمات المتلاحقة، والتي لم تكن إغلاقات كورونا آخرها.

أما عن "مقاسمة الرزق" حسب وصف الهمص، فهو يأتي على هيئة مركبات ملاكي تعمل على نقل المواطنين، وتؤثر على عمل مركبات الأجرة.

ويلعب فرق ترخيص المركبات (الملاكي 600 شيكل، الأجرة 1200 شيكل) لصالح الفئة الأولى في هذه الحالة.

ومن ناحية أخرى، فإن ارتفاع معدلات البطالة، دفع الكثير من الغزيين نحو العمل على مركبات الأجرة.

وحسب وصف السائقين فقد أصبحت قيادة مركبة الأجرة "مهنة من لا مهنة له".

شرطة المرور ومعاناة سائقي غزة

بدوره، أكد العقيد تامر شحادة مدير الإدارة العامة لشرطة المرور والنجدة بقطاع غزة، على أنهم ينظرون بعين الرحمة للسائقين في ظل الأزمات التي تحيط بهم.

وقال إنهم يعملون للتخفيف من الإجراءات القانونية بحق السائقين، خاصة إذا كانت المخالفات خفيفة ولا تؤثر على حياة المواطنين.

وأضاف شحادة، أن إدارة المرور شكلت لجنة الشكاوى لمقابلة السائقين والاستماع لإشكالياتهم.

وأوضح أنه في حال كان هناك مجال لتخفيض المخالفات والمساعدة في الترخيص والمخالفات، فيتم ذلك بصورة سلسة لحدٍ يصل من 20% إلى 25% من قيمتها.

وشدد شحادة أن الأزمات التي تضرب قطاع السائقين، لا تعطي مبرراً للسائق لارتكاب مخالفات خطيرة مثل قطع الاشارة الحمراء أو السير عكس خط السير، والقيادة بدون رخصة قيادة، والسرعة الزائدة، بالإضافة إلى الاعتداء على الأجهزة الشرطية.

وزارة المواصلات تخفض الرسوم

من جهته، قال المتحدثّ باسم وزارة النقل والمواصلات ومدير عام سلطة الترخيص خليل الزيان، إن وزارته قدمت تسهيلات للسائقين، تتعلق بتخفيض الرسوم على مركبات الديزل، والتي كانت تدفع مبلغ 2100 شيكل ملاكي وعمومي، والآن أصبحت تدفع 1500 شيكل.

وأضاف الزيان أن الوزارة، خفضت نسبة الديون المتراكمة على المركبات الديزل العمومي والملاكي 50%، وأعفت شركات الباصات عن الـ6 شهور الماضية خلال فترة جائحة كورونا.

في ذات الإطار، أشار الزيان إلى أن الوزارة عملت على تقسيط 24 شهر من الأقساط المتراكمة على السائقين، وذلك حسب قدرته المادية.

وحول ارتفاع أسعار الوقود ذكر الزيان، أن الوزارة ليست الجهة المباشرة التي تحدد ذلك.

وأفاد أن الوزارة تجري دراسة حول سعر الوقود والمسافات التي تقطعها المركبات ونوعياتها، لتحقيق تناسب بينها.

وفيما يخص عمل المركبات الملاكي، أكد الزيان أنه يتم ملاحقة أصحابها من خلال الحملات المرورية.

وأوضح أن حق العمل في هذا المجال لمن يمتلك رخصة قيادة عمومي ومركبة تحمل تصريح عمل عمومي.

من ناحية أخرى، عقب الزيان حول عمل معارض السيارات وآلية التقسيط، بأنه موضوع تجاري بحت، والوزارة ليست طرفاً به.

ودعا الزيان أصحاب المعارض للتسهيل على المشترين، والتآزر معهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.

إحصائيات المركبات في قطاع غزة

وحسب الإحصاءات الرسمية، يبلغ عدد السيارات بقطاع غزة 80114 مركبة مسجلة، عدا السيارات غير المسجلة، بينما يبلغ عدد رخص القيادة 112675.

وتشير الإحصاءات أن أعداد سيارات الملاكي (الخاصة) بلغت حوالي 13 ألف سيارة، وعدد سيارات الأجرة 2000 سيارة.

ويعمل في مهنة قيادة السيارات أكثر من 20 ألف سائق أجرة من غزة.

المصدر : زوايا: خاص
atyaf logo