إعادة إعمار غزة تحت رحمة الممولين.. إلى متى؟

إعادة إعمار غزة
إعادة إعمار غزة

تهددُ الحروبُ الإسرائيليةُ المتتالية على قطاع غزة، والتي خلفت دمارًا هائلًا في الوحدات السكنية والزراعية والاقتصادية، عملية الإعمار في قطاع غزة، والتي أدت لتراكم الأضرار وعجز وزارة الأشغال والممولين عن تسيير عملية الإعمار ضمن خطط منهجية ووقت زمني محدّد.

وتستضيف "زوايا" وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان المهندس ناجي سرحان، للاطلاع على آخر مستجدات إعادة الإعمار في قطاع غزة، على جميع المستويات من مشاريع قطرية ومصرية وإعادة تمويل القطاع الزراعي والصناعي والأبراج.

آمال الفلسطينيين

يقول وسيم صلاح من سكان شمال قطاع غزة: "بتنا نتنقل من بيتٍ إلى بيتٍ ومن إيجارٍ إلى إيجارٍ، بعد أن هدّمت الطائرات الإسرائيلية بيتنا إبان حرب 2021".

ويضيفُ وقد بدا على وجهه التّعب والحسرة "هناك بيوت من عام 2014 لم يتم إعمارها، فما بال بيوتنا التي هدمت بعد سبع سنواتٍ! أتمنى مزيدًا من الجهود لإنهاء معاناتنا".

وسخطت المحامية كريمة عبد القادر على سير عملية الإعمار بعد تدمير مكتبها في إحدى العماراتِ السكنية عام 2014 في غزة، ولم تُعوّض حتى اللحظة.

واعتبرت "عبد القادر" أنّ عملية الإعمار تسير ببطء شديدٍ، وأنّ من حقها ومن حق كل من دمّر مكتبه أو بيته الحصول على تعويض لإعادة الإعمار.

بطء شديد

وأسِفِ وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزّة ناجي سرحان، حول سيرَ آلية الإعمار في قطاع غزة، معتبرًا أنها تسير في بطءٍ شديدٍ دون التوقعاتِ المرجوة من الوزارة.

اقرأ أيضاً: حماس والجهاد.. تقارب يتجاوز التباينات

وقدّرت وزارة الإشغال العامة والإسكان في غزة أضرار الحرب الأخيرة والتي ضمّت 1700 وحدة سكنية دمرت بشكل كامل، و62 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي، وتم البدء فقط بـ 200 وحدة للكلي وإنجاز 70% من الجزئي.

ورأى "سرحان" خلال حديثه لـ "زوايا" أن عملية إعادة التمويل منوطة بالتبرعات والدولة المانحة وكمية المبالغ المرصودة، مبينًا أن إعادة الإعمار تحتاج إلى 416 مليون دولار جراء الحرب الأخيرة و600 مليون دولار جراء الحروب السابقة.

وعود وشروط دون جدول زمني

وعقب الحرب الأخيرة، تلقت وزارة الأشغال وعودًا قطرية بمنحة نصف مليار دولار وكذلك الحال بالنسبة إلى مصر، شاكرًا "سرحان" الجهود العربية والدولية في إعادة إعمار غزة.

وما زالت غزة في بداية الإعمار جراء الحرب التي شنتها قواتُ الاحتلال الإسرائيلي عليها في مايو 2021، وقد تم البدء في إعمار 200 وحدة سكنية من أصل 1700 وحدة دُمّرت على نحوٍ كاملٍ. بحسب وكيل وزارة الأشغال.

وأوضح "سرحان" أن المانحين يركزون على الحروب الجديد، ويَشترطون إعادة إعمار أضرار الحروب الجديدة، وعند الانتهاء من الوحدات السكنة الجديدة يتم البدء في البيوت القديمة، مؤكدا أن وزارته ترى الحق في إعادة الإعمار لكل الذين هُدّمت بيوتهم إلا أن المانحين هم الذين يتحكمون في عملية الإعمار.

ويستدرك "لكن في الحقيقة تحتاجُ عملية الإعمار إلى جدول زمني ومهام محددة غير مشروطة متعلقة بطبيعة البناء ومتطلبات عمليات الإعمار وهذا لم يتحقق"، لافتًا أنّ العلاقة بالمانحين علاقة احترام أكثر مما هي طلب ومبنية على حسن النوايا.

الحروب السابقة.. ملف عالق

وما زال ملف تمويل إعادة إعمار بعض أضرار الحروب السابقة منذ بداية عدوان 2014 عالقًا، فما زالت 1300 وحدة سكنية تدمرت بشكل كامل و70 ألف وحدة بشكل جزئي تحتاجُ التمويل اللازم المقدر بـ 150 مليون دولار. كما أوضح "سرحان".

وحول الأولوية في بدء الإعمار، نوّه "سرحان" أن الأولوية للبيوت التي كان مأهولة بساكنيها إبان الحرب، وتم تقسيم الأسماء المتضررة للاجئين ومواطنين، حيث تم إرسال "اللاجئين" لوكالة الغوث التي عجزت عن توفير الدعم اللازم لإعادة الإعمار، واتسمت عملية الإعمار لدى الوكالة بالبطء باتخاذ الإجراءات.

اقرأ أيضاً: إسناد حكومي غير كافٍ.. الضرائب في غزة تثقل كاهل المواطنين

وبشأن المواطنين فقد تم إرسال أسمائهم للجنة القطرية لإعمار بيوتهم، بعد تجهيز المخططات وتقديم الملكيات حتى ترسل إلى الجهات المانحة للبدء في عملية الإعمار.

المشاريع المصرية

ويعمل المصريون بشكلٍ متواصلٍ في إعمار قطاع غزة، حيث تعكف مصر على تنفيذ منحتها المقدرة بـنصف مليار دولار، المتمثلة في شارع "الكورنيش" الذي تم رصف الطبقة الأولى منه، وجاري العمل والانتهاء من الطبقة الثانية.

وتتمثلُ المشاريع المصرية أيضًا بثلاث مدن تحتوي على 117 عمارة سكنية يسير العمل بها، وقد بدأت مصر فعليًا في البدء في 70% منها، كما أفاد "سرحان" أن الأعمال المصرية متدرجة ومتفاوتة من الحفر في بعض العمارات ووصلت في بعضها إلى الطابق الثانية.

كما تتضمن المنحة المصرية كورنيش ومشروعين كُبري السرايا والشجاعية والتي هي قيد الدراسة، متمنيًا من الحكومة المصرية الاهتمام في موضوع إعادة الأبراج التي دمرت مثل الشروق والجلاء والجوهرة والأبراج الأخرى، معتبرًا إياها أولوية مهمة جدًا لعملية الإعمار.

وعن المستفيدين من المشاريع المصرية، فإنها تشمل الفئات كافة، والأولوية لمن هدمت بيوتهم فيعوضوا بشقة سكنية، منوهًا أن هذه الفئة ذات أغلبية رافضة لاستلام شقة مفضلة إعادة البناء في أماكن بيوتهم المهدمة.

وحول الأولوية الثانية فإنها لذوي الدخل المحدود والمتوسط، ويتم الدفع بتقسيط الشقق عن طريق الأقساط وتصل مدة سداد الأقساط لـ15-20 سنة ويتم الاستفادة من دفع الأقساط في إنشاء وحدات سكنية أخرى في ظل العجز الكبير في الوحدات السكنة.

وحول الفئة الثالثة فإنها تتمثل في الطبقة الفقيرة جدًا في قطاع غزة، متمنيًا أن يتم الانتهاء من المشاريع المصرية مع نهاية عام 2022 أو مع بداية 2023، منوهًا أن الظروف تتحكم في المدى الزمني للانتهاء من المشاريع.

وأشار أن المشاريع المصرية تتم بالتنسيق الكامل مع المصريين، وأن هناك لجان مشتركة ومخططات تم اعتمادها ومناقشتها من قبل الوزارة وتم تصميمها من المهندسين المصريين، وتتم العملية بإشراف طواقم الوزارة والاستشاريين المصريين جنبًا إلى جنب.

الزراعة.. الصناعة.. الأبراج.. وكالة الغوث

وخلافًا للأضرار في الوحدة السكنية، هناك قطاع زراعي واقتصادي مدمر لم يتم تعويضه في السابق، ولا يوجد حتى اللحظة جهات تمويل في هذا الاختصاصات، ورغم سير الإعمار البطيء في الوحدات السكنية، إلا أن المانحين أعملوا القطاعين الزراعي والاقتصادي.

وحول إعمار الأبراج السكنية التي دُمرت في الحربِ الأخيرة، فإنّ مشروعها لم يرَ النور بعد، ولم يتقدّم المتبرعون لمشروعِ إعمارها.

وبشأن مساهمة وكالة الغوث واللاجئين، بين "سرحان" أن الوكالة لم تشرع بعد في إعمار بيوت اللاجئين.

وشكر دولة قطر على مساهمتها بـ 30 مليون دولار للأسر الفقيرة ولتمويل محطة الكهرباء، متمنيًا أن تكون منحة النصف مليار دولار خارج إطار منحة الـ 30 مليون دولار (التي جاءت بناء على تفاهمات عقب مسيرات العودة)، وأن تكون المنحة مخصصة فقط لإعادة الإعمار.

وما بين تأخر عملية إعادة إعمار الوحدات السكنية بغزة، وتجاهل القطاع الاقتصادي والزراعي من الممولين، يبقى المواطنون في قطاع غزة رهينة للممولين وجهود إعادة الإعمار في وضع إنساني صعب وكارثي، يحل عليهم في ظل تتابع الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة ومحدودية الحلول والخيارات.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo