إسناد حكومي غير كافٍ.. الضرائب في غزة تثقل كاهل المواطنين

أسواق غزة
أسواق غزة

يعاني الموطنُ الفلسطيني في قطاع غزةٍ من ارتفاعٍ في الضرائبِ، التي تبعها ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، ما أثقل كاهله في ظل حالةٍ من التردي الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة والفقر.

وما "زاد الطين بلة" الارتفاع العالمي في أسعار السلع عقب الحرب الروسية الأوكرانية، والذي ألقى بظلاله على المواطن الفلسطيني في غزة، الأمر الذي أثار سخط المواطنين.

"بتنا لا نستطيع أن نوفّر لقمةَ عيشنا لأطفالِنا، بعد الارتفاع الجنوني في السلع الأساسية، وأصبحت حياتنا جحيمًا وعذاب" يقول المواطنُ أحمد لبد.

وندّد المواطن، تتكون أسرته من سبع أفراد، بالسياسات الحكومية بشقيها في الضفة وغزة، بعد أن انقطعت مخصصات الشؤون واستمرت الضرائب، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة بسبب استمرار الضرائب على السلع من جانبٍ وارتفاعها عالميًا من جانبٍ آخر.

وسخط المواطنُ أكرم المدهون على موجةِ الغلاءِ وجشع التجّار، الذين يريدون الاغتناء والرفاهية على حساب المواطن المسكين، حسب وصفه، وعدم اكتفائهم بالضرائب الحكومية.

وطالب المدهون بحماية المستهلك الفلسطيني وخفض الضرائب التي أثقلت كاهله، فأضحى عاجزًا عن توفير المتطلبات الأساسية لعائلته.

إجراءات غير كافية

واعتبرَ الخبير الاقتصادي الدكتور رائد حلس في حديث لموقع "زوايا"، أن الإجراءات الضريبية التي تتخذها إدارة غزة غير كافيةٍ، وأن معدل الأسعار في قطاع غزة أعلى من معدلات الغلاء في العالم، ولا سيما بعد تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

اقرأ أيضاً: الأقفاص البحرية بغزة.. مشروع واعد هل يُعوض الفاقد؟

وتعتمد الجهات الحكومية في غزة على الضرائب على نحوٍ كبير ومفرط، وفق "حلس" الذي لفت إلى أن الجهات الحكومية عملت على عدم رفع الأسعار خشية الضغط على المواطنين وتجنب غضبهم.

وتعاني غزة من ارتفاعٍ في السلع الأساسية ومواد البناء، وهي نسبة لا تتفق مع الارتفاعات العالمية في هذا المجال، حسب "حلس".

وبشأن الإجراءات الحكومية في غزة، أشار "حلس" إلى خفض الجهات الحكومية في غزة لبعض الضرائب المتعلقة بالسلع الأساسية، كما أنها تحمّلت جزءًا من ضرائب البترول والغاز لتحافظ على سعره السابق.

خيارات محدودة

وتمتلك الجهات الحكومية في غزة خياراتٍ محدودة، فيما تفتقد إلى السياسات المالية أو الضريبة، كونها تحمّلت إدارة غزة عقب الانقسام في عام 2007، بحسب "حلس".

وأوضح أنّ الجهات الحكومية في غزة تحاول قدر الإمكان تحصيل أكبر قدر من الجباية المحلية، لتأمين رواتب موظفيها.

اتفاقية باريس

وتولى الجانب الإسرائيلي تحصيل إيرادات السلع الواردة لقطاع غزة أو الضفة بموجب اتفاقية باريس 1994، فيما سمحت لدخول البضائع عبر معبر كرم أبو سالم وهو المعبر الوحيدة المخصص لإدخال السلع للقطاع.

ويوضح حلس لـ "زوايا" أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستقطع 16% من الضريبة على السلع الواردة لقطاع غزة، مقابل 3% لصالح الجانب الإسرائيلي، فيما تذهب بقية المبالغ المحصلة لخزينة السلطة الفلسطينية.

ولفت "حلس" أن الاحتلال يقوم باستقطاع رواتب الشهداء والجرحى ورسوم الكهرباء والمياه لصالح الشركات الإسرائيلية، إضافة للذمم المالية لأي إسرائيلي دائن لمديون فلسطينيٍ، دون موافقة السلطة.

وبشأن معبر رفح، فيبيّن "حلس" أن البضائع التي تمر عبر معبر رفح، مخصصة للأفراد وتأتي في سياق التسهيلات المصرية التي تمنحها الحكومة المصرية للفلسطينيين، فيما تذهب الضرائب الجمركية المفروضة على البضائع لخزينة غزة.

سياسية مالية محابية للفقراء

وحول التوصيات، فقلد طالب "حلس" بإنهاء حالة الانقسام وتبني سياسة مالية محابية للفقراء ومحدودي الدخل، في الوقت التي تحظى غزة بأعلى نسبة بطالة على مستوى العالم، وفي ظل ارتفاع الأسعار الذي لا يتناسب مع دخل الفرد من جانب والارتفاع العالمي من جانب آخر.

وحمّل مسؤولية المواطنين المالية لحكومة غزة قائلًا "من يجلس على سدة الحكم هو الأولى بتحمل تبعات الغلاء والأسعار، وإن 80% من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الإغاثية".

المواطن الفلسطيني والإسرائيلي.. الضرائب ذاتها

واتفق الخبير في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب مع ما ذهب إليه حلس، في أن الجهات الحكومية في غزة تحمّلت جزءًا من الضرائب لكيلا ترتفع، في الوقتِ ذاته فإن الضرائب بقيت تقريبًا على حالِها.

وطالب "أبو جياب" الجهات الحكومية في غزة بمزيدٍ من الإجراءات من أجل التخفيف عن كاهل المواطنين ضمن المتاح، في المقابل لفت أن المزيد من الإجراءات قد تمس إيرادات الجهات الحكومية في قضية الانفاق.

اقرأ أيضاً: أزمة الدواجن بغزة.. ولدت المقاطعة وكشفت الضعف الحكومي في إدارتها

وبشأن الجهة التي تتحمّل المسؤولية، حمّل "أبو جياب" السلطة الفلسطينية جزءًا من المسؤولية عبر موافقتها على منطقةٍ جمركية واحدةٍ في إطار اتفاقية باريس، بمعنى أن المواطن الإسرائيلي الذي يتقاضى راتبًا بالحد الأدنى 6000 شيكل، يُفرض عليه ضرائب مثل المواطن الفلسطيني الذي يتقاضى بموجب القانون 1800 شيكل، مشيرًا أن القرار الفلسطيني للحد الأدنى من الأجور غير مطبق لا في الضفة ولا في غزة.

غياب الموارد الطبيعية

وبين أبو جياب لـ "زوايا" أن المنطقة الجمركية الموحدة، أنهكت الفلسطينيين، وشكلت ضغوطا اقتصادية عليهم على مستويات العمل والقدرة على المستوى الاقتصادي.

وبشأن التخفيف عن كاهل المواطنين في قضية الضرائب، لفت "أبو جياب" إلى أن أي خطوات للتخفيف عن المواطنين بحاجة لقدرات مالية تمتلكها المؤسسة الحكومية التي تعاني من سلم الرواتب والنفقات التشغيلية المتضخمة، في ظل غياب الموارد الطبيعية.

وليس من الممكن أن تنخفض الضرائب على قطاع غزة والفلسطينيين بشكل عامٍ لطالما بقي الاقتصادي الفلسطيني تابعًا للاقتصاد الإسرائيلي، بحسب "أبو جياب".

ويبقى المواطن الفلسطيني في غزة بين سندان الفقر وارتفاع الضرائب ومطرقة الخيارات المحدودة والإمكانيات المتاحة، في ظل اعتماد الحكومة بالكامل على الضرائب لإنفاقها على رواتب الموظفين والميزانيات التشغيلية، وسط غيابٍ للحلول الفعلية التي من شأنها التخفيف عن المواطنين.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo