خطر يتهدد مواشي غزة والانقسام "يزيد الطين بِلة"!

مزارع المواشي بغزة
مزارع المواشي بغزة

خطر يتهدد الثروة الحيوانية في قطاع غزة، وذلك لعدم توفر التحصينات اللازمة من اللقاحات البيطرية الخاصة بتطعيم المواشي وخاصة الأبقار والأغنام، والأخطر من ذلك إصابة تلك المواشي ببعض الأمراض المعدية للإنسان أو ما يسمى "الأمراض المشتركة".

ويشكي مربي المواشي في القطاع من تأخر تطعيم حيواناتهم، حيث اعتادوا على تطعيمها سنوياً أو حين اقتضت الحاجة بناءً على توصيات الأطباء البيطريين، الأمر الذي قد يعرض مواشيهم للإعياء والنقوق غالباً، وذلك إذا ما تدخلت الجهات المختصة والمعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الحيوانات قبل فوات الأوان.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت وزارة الزراعة في الضفة الغربية عن تطعيم (200,000) رأس من الأغنام والأبقار ضد مرض "الحمى القلاعية"، فإن وزارة الزراعة في غزة أكدت أن ما وصلها( 10,000) لقاح من أصل (60,000) لقاح يُفترض توفرها لتغطية العجز الحاصل في القطاع.

و"الحمى القلاعية" مرض فيروسي شديد العدوى، ويعد من الأمراض المستوطنة في فلسطين ومنها قطاع غزة والدول المجاورة وفي الكثير من دول العالم، ويعد من الأمراض الوبائية التي تصيب المواشي ومنها الأبقار والأغنام التي يقوم المزارعون بتربيتها.

وبالإشارة إلى عدد الثروة الحيوانية في القطاع وفقاً لإحصاءات رسمية من وزارة الزراعة في غزة، فإن عدد المواشي من الأغنام والماعز تزيد عن (95,000) رأس، ومن أبقار حليب ( 3200) تقريباً.

وبتفصيل أكثر، في محافظة غزة: عدد أبقار حليب ( 1000) رأس وعجولها الصغيرة حوالي( 500) رأس، في حين أن عدد الأغنام والماعز تقريباً( 17,000) رأس. 

محافظة شمال غزة: عدد أبقار حليب (763 ) رأس وعجولها الصغيرة ما يقارب ( 400) رأس، أما عدد الأغنام والماعز تقريباً (22998) رأس.

المحافظة الوسطى: عدد أبقار حليب (630 ) رأس وعجولها الصغيرة ما يقارب (70 ) رأس، في حين الأغنام والماعز حوالي( 17600) رأس. 

محافظة خان يونس: عدد أبقار الحليب(546) رأس، أما عدد الأغنام والماعز( 20866) رأس.

محافظة رفح: عدد أبقار حليب (200 ) رأس، أما عدد الأغنام والماعز( 17,000) رأس.

 تمييز بسبب "الانقسام السياسي"

وعبر مربون ومزارعون من قطاع غزة، عن انزعاجهم مما أسموه حالة التمييز بينهم وبين نظرائهم في الضفة الغربية، عادين تأخر تطعيم مواشيهم من المرض المذكور سالفاً "يعود للانقسام السياسي الحاصل بين غزة والضفة، وهو ما يزيد الطين بلة"!.

فقد اشتكى المزارع حمد النجار من عدم تطعيم مواشيه الكائنة في محافظة خان يونس وعددها نحو ٥٠ رأس من الأبقار والأغنام، مشيراً إلى أنه لا يقوى على شراء التحصينات اللازمة في ظل ارتفاع أسعارها في العيادات البيطرية الخاصة.

اقرأ أيضاً: نقاط الغاز العشوائية.. خطر يتهدد أحياء غزة المأهولة

ويطالب حمد بمساواة مربي القطاع بمربي الضفة، متسائلاً " إيش عجب إنه مربين الضفة يصلهم التطعيمات واحنا في غزة لا يصلنا"، علماً أنها مدعومة من مؤسسات دولية وتُقدم للمربين بشكل مجاني.

في حين أن المزارع سالم العمور، يعتاش هو وأسرته على بقرة واحدة وبضعة أغنام لا تتجاوز الـ20 رأس، فقد عبر هو الآخر عن استيائه من عدم تطعيم أغنامه حتى الآن، وذلك بالرغم من أنه قام بمراجعة وزارة الزراعة في غزة بالخصوص، لافتاً إلى أن ردهم على طلبه كان "أنه لا تتوفر لديهم تحصينات في الوقت الراهن، وأنه في حال وصولها سوف يشمله التطعيم".

أما (رامي. ن) العامل في إحدى العيادات البيطرية، فقد أشار إلى الطلب الكبير من المربين والمزارعين على تحصين مواشيهم، مُرجعاً ذلك إلى تخوفهم الأخيرين من خسارة مواشيهم في ظل ما يسمعون عنه حول انتشار الحمى القلاعية. 

ويختلف حال تاجر المواشي(م. ع) عن سابقيه، فلم ينتظر – كما يقول- أي جهة حكومية أو غيرها لتُمن عليه باللقاحات اللازمة سنوياً لتحصين أبقاره وأغنامه، فقد أكد أنه يضطر لتوريد المطلوب من هذه التحصينات من الخارج على نفقته الخاصة، عاداً أن أي تأخير في التطعيم يكلفه خسائر كبيرة لا تُحمد عقباها، الأمر الذي ينعكس بالتأكيد على التكلفة الانتاجية لديه وعلى الأسعار التي يضطر للبيع بها بثمن أعلى للمستهلك.

 المسؤولية ضائعة

ويقع على وزارة الزراعة الدور والمسؤولية الأكبر في حماية الثروة الحيوانية، حيث دائماً ما تطالب الجهات المعنية والداعمة للقطاع الزراعي في فلسطين، بمساعدتها في توفير اللقاحات والمحافظة على دورية إعطاء التطعيمات اللازمة للحيوانات.

وللاستفسار حول الأسباب والمسؤولية عن تأخر وصول التحصينات لمربي المواشي في غزة، فقد حاول موقع "زوايا" التواصل –مراراً وتكراراً- مع وزارة الزراعة في الضفة الغربية، سواء مع الهيئة الوزارية العليا أو الجهة البيطرية المختصة، ولكن هذه المحاولات قوبلت جميعها بعدم الاستجابة، والاكتفاء فقط بالإحالة لبيان الوزارة الذي أصدرته قبل أيام بالخصوص.  

وفي تفاصيل البيان المذكور، فقد ذكرت وزارة الزراعة في الضفة - الاسبوع الماضي- أنه في ظل انتشار مرض الحمى القلاعية مؤخراً في بعض دول الجوار، وانتقال المرض عبر الحيوانات البرية العابرة للحدود، فقد تم تسجيل عدد من حالات الإصابة بمرض الحمى القلاعية في قطعان من الأغنام في بعض المحافظات.

وأضافت بأن الخدمات البيطرية بالوزارة، كثفت جهودها للسيطرة و احتواء بؤر الإصابة ومنع انتشار المرض عبر تطعيم ما يزيد عن (200,000) رأس من الأغنام والأبقار، وذلك من خلال استخدام المخزون الاستراتيجي من لقاح الحمى القلاعية المتوفر في مستودعات الوزارة، وكما قامت بتكثيف إجراءات الرصد والتقصي عن المرض.

وأشارت إلى أنها بذلت الوزارة جهوداً مكثفة مع الجهات الإقليمية والدولية لتوفير كميات إضافية من لقاح الحمى القلاعية، وتكللت هذه الجهود بالنجاح، حيث استطاعت الوزارة شراء كميات إضافية من اللقاح من خلال إحدى الشركات الفلسطينية بالرغم من شح اللقاح في السوق العالمي وفرض الاحتلال لقيود مشددة في استيراد اللقاحات البيطرية.

وأوضحت زراعة الضفة، أنهذه الكمية التي تم شرائها من اللقاح تكفي لتنفيذ كافة الأنشطة الميدانية التي تقوم بها الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة واللازمة لمكافحة المرض واحتواءه ومنع انتشاره، وستستمر طواقم الخدمات البيطرية في حملة التحصين ضد المرض وفق تحليل المخاطر وخطتها الاستراتيجية للسيطرة على المرض.

(10,000) لقاح فقط لغزة 

وفيما يخص قطاع غزة، فقد كان وزير الزراعة رياض العطاري، أعلن نهاية الشهر الماضي، عن إرسال طعومات بيطرية إلى قطاع غزة، حيث تشمل (10,000) جرعة من لقاح مرض الحمى القلاعية، وتهدف إلى الحفاظ على سلامة الثروة الحيوانية في قطاع غزة، بما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي والصحي للمواطنين.

وقالت وزارة الزراعة في غزة، إنها تحتاج إلى (60,000) جرعة لقاح ضد مرض الحمى القلاعية لحقن الأغنام، مشيرة إلى تسلُمها (10,000) جرعة فقط لتحصين الأبقار من وزارة الزراعة برام الله. 

وأوضح د. حسن عزام مدير عام الخدمات البيطرية بوزارة الزراعة في غزة، أن وزارته تسلمت من الزراعة في رام الله، الكمية المذكورة سالفاً من لقاح ضد الحمى القلاعية، مبينًا أنه جاري تحصين (10,000) رأس من الأبقار.

وتطرق إلى مجموع ما تسلمه من الضفة والتطعيم به خلال العام الماضي وبداية العام الجاري، مبيناً أنه تم استلام (40,000) جرعة تم تطعيم جميعها للأغنام والماعز، كما تم استلام عدد جرعات (16800) لطاعون المجترات الصغيرة، حيث تم تطعيم إلى الآن ما يقارب( 13700 ) رأس من الماشية وجاري التطعيم حتى نفاذ الكمية.

ودعا عزام في حديثه لـ "زوايا" وزارة الزراعة في رام الله إلى الإسراع في إرسال تلك اللقاحات، مطالباً الجهات المعنية في القطاع الزراعي والثروة الحيوانية- محلياً ودولياً - بتوفير اللقاحات والمحافظة على دورية إعطاء التطعيمات اللازمة للحيوانات. 

اقرأ أيضاً: دراسة: "إسرائيل" استثنت الفلسطينيين من لقاحات "كورونا"

وأشار إلى أن قطاع غزة يحتاج في الظرف الطبيعي إلى (90,000) جرعة لتطعيم المواشي ضد مرض الحمى القلاعية، منها(60,000) جرعة للأغنام، و(30,000) جرعة للأبقار، علماً أن اللقاحات توزع مجاناً على المزارعين ويرصد لها ميزانية في وزارة الزراعة سنوياً.

وتشترط وزارة الزراعة حسب عزام توفير لقاحات ضد مرض "الجدري، الحمى القلاعية، الطاعون" للمجترات الصغيرة، وتوفير لقاحات "الحمى القلاعية والجلد العقدي" للمجترات الكبيرة، مشدداً على عدم تهاون الوزارة مع التجار غير الملتزمين قرارها، حيث إنها لن تسمح لهم بالاستيراد إلا في حال التأكد من توفر اللقاحات المناسبة للأعداد المَنوِي استيرادها. 

أعراض المرض

وتظهر أعراض القلاعية -وفق عزام- على هيئة تقرحات في لسان الحيوان، وسيلان اللعاب، وفقدان الشهية وما يترتب عليها من انخفاض في الوزن، والتهابات في القدم. 

وأوضح أن الفيروس يكون فقاعة مائية أولية خلال 24 إلى 48 ساعة في مكان دخوله الجسم، بعدها ترتفع درجة حرارة الحيوان المصاب فترة تتراوح بين 24 و36 ساعة، وفي هذه الفترة يكون الحيوان ناقلاً العدوى بدرجة كبيرة، حيث يفرز الفيروس في اللعاب واللبن والبراز، وتتورم شفتا الحيوان المصاب، وكذلك يسيل اللعاب بشدة من فم الحيوانات المصابة ليصل إلى الأرض على هيئة خطوط فضية طويلة، منوهاً إلى أنه تنتشر الفقاعات في الفم والبلعوم واللثة، وعادة ما تنفجر وتترك قرحاً مؤلمة ملتهبة، لدرجة أنها تمنع الحيوان من تناول العلائق، وتسبب فقد الشهية. 

وحسب عزام، فإنه ينتقل الفيروس عادة بواسطة العلف الملوث بالفيروس، ومن خلال الغذاء والمياه الملوثة، أو الاستنشاق، حيث يمكن أن ينتقل بواسطة ذرات الغبار في الهواء في المناطق الموبوءة، أو من خلال العين بالملامسة، أو أرجل الحيوانات الملوثة التي تضعها في الطين، وأيضاً عن طريق الأحذية وإطارات السيارات.
 ونبه عزام إلى أن فرصة شفاء الحيوان من هذا المرض مرهونة بمدى تغلبه على المرض، وتقديم علاجات موضوعية له، ومعالجة الأعراض، في حين أن وضعه بمكان منعزل ضروري لمنع تفشي العدوى التي تعد سريعة الانتشار.

 توجيهات ونصائح

من ناحيته، يرى د. سعود الشوا خبير البيطرة وشؤون الثروة الحيوانية، أن الحمى القلاعية والحمى المالطية (وغيرها حوالي مائتي مرض) تسمى الأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان وتسبب العدوى للإنسان بشكل مؤكد، عاداً أن ذلك موثقاً بالدراسات العلمية التي يطول سردها وشرحها.

وركز الشوا في حديثه لـ "زوايا" على مرض الحمى القلاعية الجاري مكافحته في غزة حالياً، مبيناً أن –القلاعية- ينتشر على فترات متباعدة غير محددة السبب، حيث غالباً الإصابة تصل إلى القطاع من خارجه سواء من مصر أو من الداخل المحتل.

وذكر الشوا أن التحصين ضد مرض الحمى القلاعية متنوع ومتعدد بحسب مصدر العدوى ونوع الحيوان المصاب سواء أبقار أو أغنام، حيث أفاد –حسب اطلاعه- أن كمية اللقاحات التي وصلت غزة بداية انتشار المرض لا تكفي وقد نفذت، و بالتالي يجب توفير كميات أخرى لاستكمال التطعيم، منبهاً إلى أن مثل هذه التحصين متوفر بمقابل مادي لدى القطاع الخاص في بعض الصيدليات البيطرية في القطاع.

وطالب الخبير البيطري، الجهات المختصة ولا سيما وزارة الزراعة، بالسعي لتوفير الكمية المطلوبة من التحصينات بأسرع وقت ممكن، داعياً إياها إلى التوجه لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" المساعدة بتوفير التحصينات كما ساعدت في سنوات سابقة مشكورة.

ووجه الشوا نصائح إلى العاملين في الميدان، بضرورة تطبيق إجراءات الأمن الحيوي للفرق والطواقم الميدانية بارتداء الملابس الواقية لعدم نشر العدوى للمزارع، وكذلك بذل الجهد في الحجر الصحي وعلاج الحيوانات المريضة، بالإضافة إلى تكثيف حملات التوعية والإرشاد لجميع مربي الثروة الحيوانية في كافة محافظات غزة، وذلك للتغلب على هذه الأوبئة والأمراض الخطيرة وحماية الإنسان الفلسطيني و المقدرات الاقتصادية من الثروة الحيوانية الوطنية في فلسطين.

كما وجه نصيحة لمربي الثروة الحيوانية بعدم إدخال أي شخص لمزارعهم  وخصوصاً التجار والزوار أو مربين آخرين وعدم شراء أي حيوانات جديدة من أي مصدر في مرحلة انتشار المرض بالمنطقة، داعياُ إياهم إلى التواصل مع وزارة الزراعة لتحصين حيواناتهم إذا ما توفرت لديها اللقاحات، أو شراؤها من الصيدليات البيطرية بالقطاع الخاص مهما كان الثمن للحفاظ على حيواناتهم من الإصابة بالمرض.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo