تقدير موقف: المقترح الفرنسي لنشر قوة دولية في غزة

سيدة تجلس أمام أنقاض منزلها المدمر
سيدة تجلس أمام أنقاض منزلها المدمر

تحليل السياق 

يأتي المقترح الفرنسي في ظل تحول استراتيجي واضح في النهج الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، حيث تسعى فرنسا لملء الفراغ السياسي الناتج عن غياب أفق واضح لإنهاء الصراع. هذا التحرك يعكس إدراكاً أوروبياً متنامياً بأن الحلول الجزئية والمؤقتة لم تعد كافية، وأن الحاجة باتت ملحّة لمقاربة أكثر شمولية تتجاوز المواقف الرمزية إلى خطوات عملية على الأرض.

 نقاط القوة في المقترح

- الوضوح المؤسسي
يتميز المقترح الفرنسي بوضوحه مقارنة بخطة بلير، حيث يحدد بصراحة هدف دعم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وإجراء انتخابات، بدلاً من الاكتفاء بتشكيل سلطة مؤقتة دون أفق سياسي واضح.

- الاستفادة من التجارب السابقة
إحالة المقترح إلى نماذج كوسوفو وتيمور الشرقية يشير إلى محاولة جدية لتطبيق دروس مستفادة من تجارب انتقالية ناجحة نسبياً، خاصة في مجالي بناء المؤسسات والتحضير للانتخابات.

- التوقيت 
يأتي المقترح متزامناً مع موجة اعترافات دولية بفلسطين، مما يخلق زخماً سياسياً قد يسهل تنفيذه ويضفي عليه شرعية دولية أوسع.

 التحديات الجوهرية

- المعضلة الإسرائيلية
يواجه المقترح تحدياً أساسياً يتمثل في الموقف الإسرائيلي الرافض لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، فضلاً عن عدم وجود ضمانات على قبول إسرائيل نشر قوات أجنبية في القطاع. غياب آليات التنسيق مع الجانب الإسرائيلي يجعل المقترح أقرب إلى تمنٍّ سياسي منه إلى خطة قابلة للتنفيذ.

- الموقف الأمريكي المبهم
نجاح أي مقترح دولي في المنطقة يتطلب دعماً أمريكياً واضحاً، والذي لا يبدو مضموناً في هذه المرحلة. الولايات المتحدة قد تفضل خططها الخاصة أو قد تتردد في دعم مبادرة قد تصطدم بالمعارضة الإسرائيلية.

- التعقيدات العملية
تنفيذ مهام نزع سلاح حماس وإدارة انتقال سياسي في بيئة متوترة ومدمرة يتطلب موارد ضخمة وإرادة سياسية استثنائية قد لا تتوفر لدى الأطراف المشاركة.

 التداعيات المحتملة

- السيناريو الإيجابي
في حال نجاح تطبيق المقترح، فإنه قد يشكل نموذجاً لحل النزاعات الإقليمية ويعيد تموضع أوروبا كلاعب مؤثر في الشرق الأوسط، كما قد يفتح الباب أمام عملية سلام شاملة.

- السيناريو السلبي
فشل المقترح قد يعمق حالة الإحباط الدولي ويعزز النظرة القائلة بأن القضية الفلسطينية مستعصية على الحل، مما قد يفتح المجال أمام حلول أكثر تطرفاً من جميع الأطراف.

 التقدير الختامي

المقترح الفرنسي يمثل محاولة جادة ومدروسة لكسر حالة الجمود، لكنه يواجه عقبات هيكلية قد تحول دون تنفيذه. النجاح مرهون بالدرجة الأولى بتغيير في الموقف الإسرائيلي أو بناء ضغط دولي كافٍ لإجبارها على القبول. كما يتطلب تنسيقاً معقداً بين أطراف دولية وإقليمية متعددة قد تكون مصالحها متضاربة.

رغم هذه التحديات، فإن المقترح يعكس تحولاً مهماً في النهج الأوروبي نحو القضية الفلسطينية، من المواقف الرمزية إلى المبادرات العملية، مما قد يؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي الدولي مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo