رغم التصريحات المتفائلة للرئيس الأميركي دونالد ترمب حول قرب التوصل إلى هدنة في قطاع غزة، فإن الوقائع الميدانية والاشتراطات المطروحة تشير إلى أن سيناريو "الاختراق الحقيقي" لا يزال بعيداً. فالهدنة المقترحة، الممددة لـ60 يوماً، لا تتعدى كونها محاولة لإدارة الأزمة لا حلّها، وتفتقر إلى شروط العدالة والتكافؤ، خصوصاً مع استمرار المطالب الإسرائيلية بنزع سلاح حماس، دون تقديم مقابل واضح لرفع الحصار أو إعادة الإعمار.
تحليل المواقف
الجانب الأميركي يروّج لاتفاق هدنة قد يمنح ترمب نقطة سياسية ترفع حظوظه دولياً، لكن بنود الاتفاق المسرّبة تكشف عن موقف غير متوازن يمنح إسرائيل الحق في استئناف الحرب، ما يُفقد الهدنة معناها العملي.
الجانب الإسرائيلي بقيادة نتنياهو، لا يزال متمسكاً بشروط تعجيزية، يغلب عليها الطابع الأمني والعقابي، ويهدف لإخراج غزة من معادلة الصراع السياسي عبر تفكيك حماس وتهميش السلطة الفلسطينية، مقابل ترتيبات عشائرية تهدف لفصل غزة نهائياً عن الضفة.
الجانب الفلسطيني (حماس) يواجه مقترحاً غير مقبول من وجهة نظرها، إذ يطالبها بالتفكيك الكامل مقابل هدنة مؤقتة، دون أي ضمانات لرفع الحصار أو حماية المدنيين، ما يعني أن أي قبول سيكون بمثابة انتحار سياسي للحركة.
الرؤية
في ظل اتساع الهوة بين المطالب، وانعدام الضمانات الدولية، فإن احتمال الوصول إلى هدنة دائمة يبدو ضعيفاً. ما لم يتحرك المجتمع الدولي برؤية إنسانية شاملة تُخرج غزة من كونها ملفاً أمنياً إلى اعتبارها أزمة إنسانية تحتاج لحل سياسي عادل، فإن المفاوضات ستبقى تدور في دائرة مفرغة، وسيدفع المدنيون الفلسطينيون الثمن.
الخلاصة
المقترحات المطروحة لا ترقى لحل شامل، والرهان على هدنة دون رفع الحصار أو معالجة الأسباب الجذرية للصراع، يعني ببساطة تأجيل الانفجار القادم. لا بد من تغيير جذري في منهج التفاوض، مدعوم بإرادة دولية حقيقية، تعترف بالحقوق الفلسطينية وتُلزم إسرائيل بوقف آلة الحرب، لا أن تمنحها الضوء الأخضر باسم الأمن.