أسواقٌ فارغةٌ من البضائع، وأسعارٌ خياليةٌ لما تبقى من أساسياتِ الحياةِ، ونقصٌ حاد في الموادِ الأساسية ولا سيما الدقيق "الطحين" والأرز اللذين يعدان عصبَ الحياة لدى سكان شمال قطاع غزة.
عدسة "زوايا" تجوّلت في أسواقِ شمال قطاع غزة، لترصدَ الكارثة الواقعة فعلًا على الأهالي في تلك البقعة المنكوبة، بعد منع الاحتلال الإسرائيلي دخول البضائع منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، حيث لا أثر للحياةِ هناك وتسود حالة من الغليانِ في صفوف المواطنين الذين عبروا عن استيائهم جراء الأوضاع المعيشية الكارثية.
المواطن فادي الغندور "45 عامًا" يقولُ وعيناه تملأنهما الأسى والحزن إلى ما آلت إليه الأوضاع، فيقارنُ بين الأسعار قبل السابع من أكتوبر وما بعدها وأنها تضاعفت في بعض الأحيانِ لأكثر من 10 أضعافِ.
ويضيفُ بأنَ الحياةَ أصبحت عبئًا كبيرًا على المواطن الفلسطيني في شمال قطاع غزة، حيث بات ربَ الأسرة ميسور الحال عاجزًا عن تلبية احتياجات أسرته، فما بال ربَ الأسرة الفقير من عاملٍ وعاطلٍ عن العمل في ظل هذه الظروفِ.
أما المواطنُ رباح شملة وهو ربٌَ لأسرةٍ تتكونُ من 12 فردًا، اضطر لبيع بعض الحاجيّاتِ من حلوى للأطفالِ مصنَعة محليًا والتي قد ارتفع سعرها لخمسة أضعافٍ ويزيدُ في بعض الأحيانِ.
وعبرَ "شملة" عن غضبه جراء ما آلت إليه الأوضاع، معتبرًا أن الاحتلال هو المسبب الأوَل للمجاعة التي تعتري شمال قطاع غزة، ومن ثم غياب الرقابة والشّرطة ودورهما في ضبط الأسعار.
في حينِ اعتبر المواطن سعيد أحمد ويعيل أسرة مكونة من 10 أفرادٍ ويسكن مخيم جباليا شمال قطاع غزة، أن شرطة حماس هي المسبب الأول للمجاعة بعد أن حجزت المواد التموينية في المخازن التي قصفها الاحتلالُ - حسب قوله-
أما المواطنة آلاء حجازي والتي تعيل خمسة أفرادٍ بعد استشهاد زوجها في إحدى الغارات الإسرائيلية على مدارس النازحين في الفالوجا شمال قطاع غزة، فلم يعنيها من يكون السبب في المجاعة، إلا أنَها طالبت بحلٍ عاجلٍ للكارثة والمجاعة في شمال قطاع غزة بعد انقطاع غالبية المواد التموينية من الأسواق.
وأكد المزارع محمد ورش أغا، الذي لم يستطع الوصول لأرضه لرعايتها وحصدها، أن الاحتلال دمّر آلاف الدونمات، والمحاصيل الزراعية ومنع المزارعين من الوصول لأراضيهم ما أدى لارتفاع جنوني في الأسعار، إضافة إلى الجودة السيئة للغاية.
المجاعة تفتك بالسكان
من جانبها قالت الممرضة سناء المدهون إنَ المجاعة التي يتعرضُ لها شمال قطاع غزة بدأت تظهر بقوةٍ على أعراض المرضى الذين يصلون مستشفى كمال عدوان ومستشفيات شمال قطاع غزة كافة.
وبينت أن المرضى يعانون من نقص المناعة وتفشي الأمراض وانتقال العدوى بسهولةٍ إليهم، فيما بدأ جزءٌ آخر في فقد وظائف الأعضاء والتي تدمر الإنسان جسديًا ونفسيًا.
إضافة إلى ذلك فإن العديد من الحالات وصلت المستشفيات تعاني من الطفح الجلدي وآلام في البطن وتقرحات في الجروح وتساقط في الشعر وتكسر الأظافر وسرعة دقات القلب وانخفاض في ضغط الدَمِ والتعب والإرهاق والخمول، كما تقول "المدهون".
وحذرت "المدهون" من تداعياتٍ كارثيةٍ أكبر جراء المجاعة، قد تؤدي لسقوط مئات الضحايا جراء الجوعِ.
أهداف الاحتلال
وعن الأهداف، كشف مصدرُ حكومي لـ "زوايا" بأن الاحتلال يسعى لمفاقمة الأوضاع الإنسانية في شمال قطاع غزة، لمعاقبة الشعب الفلسطيني الذي لم ينصع لأوامره بالنزوحِ إلى جنوب القطاع الذي ادعّى أنها منطقة آمنة.
ويؤكد المصدر بأنَ الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال منع المساعدات إلى شمال قطاع غزة إلى الضغط على المقاومةِ الفلسطينية من أجل القبول بشروطه في العملية التفاوضية التي لم تر النور إلى حدَ اللحظة.
ويبينُ أن الاحتلال يتعمّد تغييب الشرطة في قطاع غزة، لتعمَّ حالة من الفوضى، حيث قصف واستهدف العديد من مراكز الشرطة ودورياتها التي تحاول تأمين شاحنات المساعدات التي تصل بشكلٍ ضعيفٍ للغايةٍ.
بدوره قالَ مصدرٌ في شرطة حماس في قطاع غزة، رفض الكشف عن هويته بسبب الأوضاع الأمنية - حسب قوله- إن الاحتلال منع دخول المواد والبضائع إلى شمال قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر وهو ما فاقم الكارثة وباتت المجاعة واقعًا يعيشه السكّانُ.
وللشهر الخامس على التوالي، ما زال قطاع غزة بلا مساعداتٍ فيما دقّت المجاعة أبوابه في ظل فقدانِ السلع الأساسية، وغليان الأسعار للسلع الموجودة بندرةٍ، وسط عجزٍ تامٍ من المواطنين، الذين ينتظرون حلًا عاجلًا مع اقتراب شهر رمضان.
وفيما يلى جملة من السلع الأساسية وأسعارها قبل الحرب وخلالها: