لم يحدث منذ 75 عامًا

"نبي الغضب": شيء رهيب يهدد وجود "إسرائيل"

نتنياهو في اجتماع الحكومة
نتنياهو في اجتماع الحكومة

قال أبرز الكتاب والمحللين الاستراتيجيين الإسرائيليين، الصحافي "آري شافيط" إن هناك إحساساً يتشارك فيه مع ملايين الإسرائيليين، بأن شيئا رهيبا يحدث، ويهدد وجود "إسرائيل".

الصحافي اري شافيط

وحذر الكاتب الذي يعتبره الكثير من الإسرائيليين بأنه "نبي غضب"، بعد أن صدقت نبوءاته في الكثير من المحطات، من خطر وجودي داهم على "الدولة اليهودية " لم تصادف شبيها له منذ 75 عاما.

وأشار إلى أن هذا الخطر يتعزز بوجود التهديد الخارجي المتمثل بالخطر الإيراني، والخطر الفلسطيني المتوقع بانهيار السلطة، وتجدد المقاومة في الضفة، واحتمال انزلاقها إلى الجليل والمثلث والنقب.

وخلال كتاب له حمل عنوان "إنقاذ إسرائيل" رأى أن ما حدث في نوفمبر الماضي، بمثابة "انفجار سياسي" خلق وضعا جديدا، ودمّر مبدأ التوازن الصهيوني، وفجّر معادلة النجاح الإسرائيلية، للمرة الأولى منذ تأسيس الحركة الصهيونية، كما يقول.

واعتبر أن ما حدث من هزيمة للمعتدلين، وانتصار للمتطرفين، هو بمثابة هزة أرضية مفاهيمية اجتماعية وسياسية ضربت إسرائيل، وغيرت وجهها، وهي تهدد بتغيير هويتها، حيث سيطرت ثلاث مجموعات من المتزمتين على الكنيست وعلى الحكومة.

اقرأ أيضا: "سمن على عسل".. كيف تطورت علاقة مصر بحكومة غزة؟

وأوضح الكاتب الإسرائيلي أن المجموعة الأولى، هي "الحردليم "- الذين يطمحون إلى تطبيق حلم أرض إسرائيل الكاملة بشكل فوري وكامل، المجموعة الثانية هي "الحريديين"- الذين يطمحون بأن تكون لـ"الحريديّة" حقوق أكثر، وواجبات أقل، والمجموعة الثالثة هي المتزمتة من اليمين الراديكالي، الذي يريد تحويل إسرائيل إلى دولة غير ليبرالية يستطيع أن يفعل بها ما يحلو له.

وأكد المحلل الإسرائيلي أن العامل المشترك للمجموعات الثلاث، هو تحويل إسرائيل من "دولة يهودية ديمقراطية" إلى "دولة يهودية"، وبحسب قوله فإن "الهيكل الأول"، و"الهيكل الثاني" كانا قد خُرِّبا بسبب "المتزمّتين" الذين يحاولون فرض وجهة نظرهم على الآخرين، وهم منغلقون على أنفسهم، ولا يرون ما يجري خارجها.

وقدم "شافيط" محاولة لفهم الأزمة الإسرائيلية الداخلية، عبر تقسيم إسرائيل زمنيا إلى ثلاث جمهوريات، وهو يرى أن الجمهورية الإسرائيلية الشابة فعلت، في الخمسينيات، ما لم تفعله "أمة" أخرى، حيث استوعبت أعدادا إضافية من السكان أكبر من العدد القائم، وأنها بعد بضع سنوات أقامت دولة اليهود، في ظروف مستحيلة.

كما أنها، وفق الكاتب، عززت أمنها بواسطة الجيش والصناعات العسكرية والمفاعل النووي في ديمونة، ورسخت ديمقراطيتها بواسطة انتخابات نزيهة، وقضاء، وصحافة حرة، ومجتمع مدني حيوي، كذلك بنت قوة اقتصادية، حولت إسرائيل خلال جيل واحد من دولة متداعية وفقيرة إلى دولة حديثة مستقرة، وتعجّ بالحياة.

ورغم ذلك انتقد "شافيط" ما يسميها بالجمهورية الأولى، فهو ينتقد كون "إسرائيل الشابة" كانت مركزية زيادة عن الحد، متجبرة زيادة عن الحد وعلمانية- اشتراكية زيادة عن الحد، وأنها لم تحترم الأفراد والأقليات والتقاليد وحقوق الإنسان بما فيه الكفاية.

وأضاف في عام 1977، انفجر هذا الغضب، وأحدث الانقلاب (صعود الليكود بزعامة بيغن للحكم) لتبدأ مرحلة إسرائيل الثانية، وخلال فترة قصيرة تحولت إسرائيل إلى يهودية أكثر وإلى تقليدية أكثر، وإلى شرقية أكثر، وقد قام الحُكم الجديد بحق، بدمج إسرائيل الثانية بشكل كامل بكل مؤسسات الدولة، وهو ما يُعتبر بمثابة فتح الباب لإسرائيل الدينية - القومية، ولإسرائيل الحريدية.

وأشار أيضاً إلى أن جمهورية إسرائيل الثانية التي قادها الليكود منذ عام 1977، ارتكبت العديد من الأخطاء الصعبة، حيث كرست وضعا لا توجد فيه حدود مع شعب آخر، ولا يوجد حيز محدد فيه أغلبية يهودية ساحقة، وبذلك تدهورت إسرائيل إلى واقع دولة ثنائية القومية، من شأن اليهود أن يتحولوا فيها إلى أقلية.

اقرأ أيضا: ترجمة خاصة بينما يحاول نتنياهو نقل الاعتدال ، تتجه حكومته نحو مواجهة حتمية مع العائلات الثكلى

ووازن الكاتب الإسرائيلي بين اليسار واليمين الإسرائيلي، وحمّل كليهما نتيجة ما آلت إليه الأوضاع، لأنهما تصرفا بعدم مسؤولية، فاليسار قاد عملية سلمية فاشلة انتهت بكارثة، على حد قوله، كما أنه دفع بثورة دستورية محطّ خلاف، ولاحَق بنيامين نتنياهو، واليمين من جهته لم يقدم إجابة على كارثة الدولة الواحدة، وعزز الانقسام الداخلي، واستسلم لطقوس تعظيم شخصية "نتنياهو".

وشدد على أن ما أسماه انفجار 2022، خلق وضعا إسرائيليا جديدا وغير مسبوق، وأطلق قوى تدميرية، ومنح أقليات متزمتة القدرة على إحداث ثورة معادية لليهودية وللصهيونية وللإسرائيلية وللديمقراطية وللمحافظة، وللرسمية أيضا، وهي تدير ظهرها للأغلبية الإسرائيلية وللمصلحة القومية الإسرائيلية.

وللجم هذه القوى اقترح المحلل الإسرائيلي إقامة تحالف صهيوني، بين "الصهيونية الليبرالية" و"الصهيونية القومية التقليدية" و"الصهيونية الدينية المعتدلة"، بالتزامن مع تحرير الدولة من عبئ محاكمة نتنياهو، "إما بصفقة ادعاء، أو بعفو رئاسي".

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo