غياب السياسات والحماية

بعد الحصار والانقسام.. التنافس الحكومي يضرب القطاع الخاص في مقتل

شركة كهرباء غزة
شركة كهرباء غزة

يساهم القطاع الخاص في تحسين معدلات النمو الاقتصادي والحد من البطالة، لذلك تسعى جميع الدول النامية والمتقدمة إلى تعزيز ورفع كفاءة القطاع الخاص لما له من تأثير على التنمية الاقتصادية.

ورغم أهميته يواجه القطاع الخاص في قطاع غزة خطر الانهيار، بفعل الحصار الإسرائيلي، والانقسام الفلسطيني الداخلي، والسياسات التي تفرضها الجهات الحكومية.

وخلال تقرير لها حاولت مؤسسة "زوايا" الوقوف على أسباب ضعف وهشاشة القطاع الخاص وسبل النهوض به، حيث عدّد د. مازن العجلة الباحث والخبير الاقتصادي، مجموعة من الأسباب ساهمت في انهيار القطاع الخاص، ووضعها تحت عنوانين رئيسيين الأول يتعلق بتداعيات منظومة الحصار الإسرائيلي، والثاني بتداعيات منظومة الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني.

وقال "العجلة" خلال حديثه لـ"زوايا" إن الاجراءات الإسرائيلية العقابية على قطاع غزة من إغلاق خمسة معابر تجارية، واقتصارها على معبر تجاري واحد، وعزل مناطق زراعية تشكل 17% من الأرض الزراعية ومنع الوصول إليها، بالإضافة إلى الموانع التي تفرض على قطاع الصيد من وقت لآخر، ومنع استيراد قائمة من السلع مزدوجة الاستخدام كما يدعي الاحتلال، وفرض شروط للتصدير والاستيراد، كلها عوامل ساهمت في انهيار القطاع الخاص وتدميره.

اقرأ أيضاً: وزير مصري سابق: واشنطن ستعزل نفسها ولن تدخل في صدام مع "إسرائيل"

وعلى صعيد الانقسام الفلسطيني رأى الباحث الاقتصادي أن فرض الضرائب الجائرة، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، أثرت بشكل مباشر على القطاع الخاص، من خلال انخفاض القوة الشرائية، وهو ما أدى إلى إغلاق مئات المنشآت الصناعية طوال السنوات السابقة وأن ما تبقى منها لا يعمل بكامل إمكانياته.

ضرائب بهدف الجباية

وِأشار "العجلة" إلى مشكلة أخرى تتعلق بعدم وجود دعم حكومي للمنتج الوطني، رغم ادعاء وزارة الاقتصاد في غزة بدعم القطاع الخاص، عبر فرض ضرائب على السلع المنافسة، مبينًا أن هذه طريقة عقيمة ولا تجدي نفعا، وأن الدعم الحقيقي يكمن في مساعدة القطاع الخاص في تحسين جودة منتجاته، واقناع المستهلك بأولوية شراؤه للمنتج المحلي، الذي يحتاج إلى مزيد من التكاليف والدعم على صعيد السياسات.

وأكد أن الحماية الموجودة للقطاع الخاص لا تتماشى مع فكرة الحماية كما وردت في تجارب الدول والنظريات الاقتصادية، وأن هدفها الأساسي هي الجباية عبر فرض ضرائب على السلع المستوردة والشبيهة لما ينتجه القطاع الخاص.

غياب الرؤية الاقتصادية

من جهته رأى "على الحايك" رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين أن هناك أسباب متراكمة ساهمت في ضعف القطاع الخاص، بدأت منذ عام 2000 بالاجتياحات والحروب التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة، والتي كان الهدف الرئيسي منها تدمير البنية التحتية والقطاع الخاص، وتحديدا القطاعين الصناعي والتجاري، وما تبعه من حصار إسرائيلي، ومنع إدخال المواد الخام والمعدات ومنع التصدير من القطاع إلى الخارج.

وأضاف أن الانقسام الفلسطيني كان أكثر قساوة ومرارة على القطاع الخاص، وكذلك غياب رؤية اقتصادية حكومية، لحماية وتمويل المشاريع الاقتصادية من خلال قروض ميسرة وطويلة المدى، وايجاد منح، وتعويض خسائر التجار والقائمين على المشاريع الخاصة.

وطالب "الحايك" عبر "زوايا" بدعم سريع وفوري للقطاع الخاص الذي أكد أنه يتجه إلى مزيد من الانهيارات، قائلاً:" يجب رفع الحصار، وإدخال المواد الخام والمعدات، وضمان حرية التصدير من قطاع غزة إلى المحافظات الشمالية والعالم الخارجي، وتسهيل الحركة على معابر قطاع غزة، وعدم دفع رسوم لدخول لمعابر كما في الضفة الغربية، كي نساهم في وجود ما تبقى من القطاع الخاص".

سياسة الجهات الحكومية

بدوره أكد "أسامة كحيل" رجل الأعمال ورئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين السابق، أن سياسات الجهات الحكومية تجاه القطاع الخاص ليست تطويرية وتعتمد على المنافسة وجمع الضرائب، بغض النظر على الخسائر التي تلحق أصحاب المصانع والتجار والمشاريع الاقتصادية.

وقال كحيل لـ"زوايا" إن الحكومة والصناديق السيادية التابعة لها تنافس القطاع الخاص وتضربه في مقتل، مؤكدًا أن القطاع الخاص لا يستطيع الصمود ومنافسة هذه الصناديق والمؤسسات الحكومية التي تقوم بدوره وتحل محله.

اقرأ أيضاً: تزامناً مع المونديال.. ما هي فرص الحرب في عهد نتنياهو؟

واستشهد "كحيل" بصندوق الاستثمار الفلسطيني الذي يقوم ببناء عمارات سكنية وبيع شقق للمواطنين، منافسًا بذلك المشاريع الخاصة، مشيراً إلى أن الأمر لا يقتصر على ذلك وأن هناك الكثير من المؤسسات التابعة للحكومية التي تعمل عمل القطاع الخاص في غزة والضفة، ما يساهم في انهيار هذا القطاع.

وكشف "رجل الأعمال" أن جهل الجهات الحكومية وسياساتها الخاطئة تجاه القطاع الخاص، سيضعها أمام الآلاف من العاطلين عن العمل، بعد أن تستغني المؤسسات والقطاعات الخاصة عما تبقى لديها من موظفين وعمال.

كما أشار "كحيل" إلى سياسات البنوك الفلسطينية التي ساهمت في إضعاف القطاع الخاص، كونها تتعامل معه كبقرة حلوب، ولا تقف إلى جانبه في الأزمات، ومنها أزمة جائحة كورونا التي كان لها أثرا سلبيا بفعل الإغلاقات المتقطعة وصعوبات الاستيراد والتصدير وارتفاع أجور النقل، والتي استمرت لنحو عامين.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo