موقف "زيلنسكي" يبرئ "بوتين"

مؤرخ إسرائيلي: العدوان على غزة يجب أخذه في الاعتبار عند تقييم وضع أوكرانيا

العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

استنكر المؤرخ الإسرائيلي والناشط الاشتراكي، إيلان بابيه، النفاق الدولي والمعايير المزدوجة التي تبناها الغرب في الأزمة الأوكرانية، فيما التزام الصمت المطبق على الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة، بل أنه يقدم الدعم لإسرائيل ويلقي باللوم على الشعب الفلسطيني المحتل الذي يتعرض لشتى أنواع الجرائم، وعندما يتم انتقاد "إسرائيل" من أي جهة يتم وصفها بأنها معادية للسامية.

واستعرض المؤرخ الإسرائيلي بابيه في مقال له، نشرته صحيفة USA Today الأكثر انتشاراً في الولايات المتحدة، مشهد صورة مبنى كبير تعرض للقصف وتم إدانة هذا المشهد والقوة المفرطة الروسية المستخدمة في أوكرانيا، قبل أن يتبين أن هذه الصورة هي صورة أحد الأبراج في قطاع غزة والتي تعرضت للقصف الإسرائيلي خلال العدوان الإسرائيلي في أيار/مايو الماضي، والتي لم تحظ بإدانة غربية، وفرض عقوبات على "إسرائيل" كتلك العقوبات الثقيلة التي تم فرضها من قبل الغرب على روسيا.

اقرأ أيضاً: "إسرائيل" والحرب الروسية الأوكرانية..السير على الحافة

وأشار الكاتب إلى أن وزير الخارجية الأوكراني اشتكى وهو غاضباً للسفير الإسرائيلي في كييف لعدم إدانة إسرائيل الغزو الروسي، وقال له:" إنكم تعاملوننا مثل غزة"؛ ولم تهتم سوى بإخلاء الإسرائيليين من أوكرانيا. وكان ذلك مزيجًا من الإشارة إلى إجلاء الأوكران المتزوجين من فلسطينيين من قطاع غزة في أيار 2021، وكذلك تذكيرًا لإسرائيل بدعم الرئيس الأوكراني الكامل للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة للعدوان الإسرائيلي.
وقال المؤرخ بانيه:" في الحقيقة يجب ذكر اعتداءات "إسرائيل" على غزة وأخذها في الاعتبار عند تقييم الأزمة الحالية في أوكرانيا".

وأضاف، أنه ليس من قبيل المصادفة أن يتم الخلط بين الصور (صور القصف في غزة وأوكرانيا)، حيث لا توجد العديد من الأبراج العالية التي أطيح بها في أوكرانيا من قبل الروس، لكنّ هناك وفرة في الأبراج الشاهقة المدمرة في قطاع غزة من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي. ومع ذلك، ليس النفاق بشأن فلسطين فقط هو الذي يظهر عندما ننظر إلى الأزمة الأوكرانية في سياق أوسع؛ إنها المعايير المزدوجة الغربية الشاملة هي التي يجب أن تخضع للتمحيص.

ولفت المؤرخ الإسرائيلي إلى أن النفاق الدولي بين أوكرانيا وفلسطين، واضح تماماً، حيث لا يرى الغرب أن ضرب المباني السكنية جريمة حرب إلا في أوروبا، أما ما يجري في فلسطين من قبل إسرائيل وبأكثر شراسة فالموقف هو الصمت، بل ودعم "إسرائيل". مشيراً إلى أن أوكرانيا موالية لإسرائيل بشكل مقلق ومحرج، وأن أحد أول الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو سحب أوكرانيا من "لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف"، الهيئة الدولية الوحيدة التي تتأكد من عدم إنكار النكبة الفلسطينية أو نسيانها، وأن هذا القرار من قبل زيلينسكي لم يكن ينطوي على أي تعاطف مع محنة اللاجئين الفلسطينيين ولا يعتبرهم ضحايا لأي جريمة.

اقرأ أيضاً: كتاب وباحثون: الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية بحاجة للحذر

وتابع، أن زيلنسكي ذكر في المقابلات الصحافية التي أجريت معه بعد القصف الإسرائيلي البربري الأخير على قطاع غزة في أيار 2021، أن المأساة الوحيدة في غزة هي تلك التي عانى منها "الإسرائيليون". وإذا كان الأمر كذلك، فإنه يعني أن الروس وحدهم هم الذين يعانون في أوكرانيا.

وواصل المؤرخ الإسرائيلي فضح مواقف الغرب، من ما يجري في فلسطين من قبل "إسرائيل"، بأن زيلينسكي ليس وحده من وقف إلى جانب "إسرائيل" على حساب الفلسطينيين، بل إن النفاق العالمي عندما يتعلق الأمر بفلسطين يصل إلى مستوى جديد. حيث أن ضربة روسيا لمبنى سكني فارغ واحد في أوكرانيا هيمنت على الأخبار وأثارت تحليلات عميقة حول الوحشية البشرية، وبوتين، واللاإنسانية، ولكن يبدو أن أولئك الذين يقودون هذه الإدانة بين زعماء العالم كانوا صامتين تماماً عندما دكت "إسرائيل" مدينة جنين وسوتها بالأرض في العام 2000؛ وحي الضاحية في بيروت في العام 2006، ومدينة غزة في موجة وحشية تلو الأخرى خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية. ولم تتم مناقشة أي عقوبات على الإطلاق، ناهيك عن فرضها على "إسرائيل" بسبب جرائم الحرب التي ارتكبتها في العام 1948 وكل الوقت بعد ذلك.

وتابع، أن معظم الدول الغربية التي تقود العقوبات ضد روسيا اليوم، فإنها تعتبر أن حتى مجرد ذكر إمكانية فرض عقوبات على "إسرائيل" هو أمر غير قانوني ويتم تأطيره على أنه معاد للسامية؛ بينما يتم التعبير عن تضامن إنساني حقيقي في الغرب بشكل عادل مع أوكرانيا، فإننا لا نستطيع التغاضي عن سياقه العنصري وانحيازه المتمركز حول أوروبا. 

وأوضح، أن التضامن واسع النطاق للغرب محجوز فقط لمن يرغب في الانضمام إلى كتلته ودائرة نفوذه. ولا يمكن العثور على هذا التعاطف الرسمي في أي مكان عندما يكون عنف مماثل، وأسوأ منه، موجهًا ضد غير الأوروبيين بشكل عام والفلسطينيين على وجه الخصوص.

وشدد المؤرخ الإسرائيلي بابيه، على أن إضفاء الشرعية على غزو الدول ذات السيادة دوليًا وإجازة الاستعمار والقمع المستمرين للآخرين، مثل فلسطين وشعبها، سيؤدي إلى المزيد من المآسي، مثل المأساة الأوكرانية، في المستقبل، وفي كل مكان على كوكبنا.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo