رغم علاقتها بواشنطن..

دراسة: تل ابيب تخشى خسارة روسيا وفقدان أمنها على جبهة سوريا

نفتالي بينيت وبوتين
نفتالي بينيت وبوتين

مع اشتداد وطيس الحرب الروسية على أوكرانيا تسعى "إسرائيل" لتجنب تبني موقف واضح من الأزمة الأوكرانية، لكي تحافظ على علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، رغم مطالبات واشنطن المتلاحقة لحلفائها، غير الأوروبيين، اتخاذ مواقف واضحة من الأزمة الأوكرانية، ودعمهم في فرض مزيد من العقوبات ضد روسيا.

ويستند الموقف دولة الاحتلال إلى عدة اعتبارات بحسب تقديرات "مركز المستقبل للأبحاث والدراسات والمتقدمة" أهمها الخشية من فقدان التنسيق الميداني في سوريا حيث يسهم التنسيق المشترك بين تل أبيب وموسكو في تحجيم مخاطر ما يطلق عليه وكلاء إيران في الأراضي السورية للحيلولة من دون استهداف "إسرائيل" من الجبهة الشمالية. فضلاً عن المصالح الإسرائيلية شرقي المتوسط والتي قد تتضرر كذلك بفعل غياب التنسيق مع روسيا.

وبالنسبة لإسرائيل فإن موسكو تُعد لاعباً رئيسياً في المنطقة، لا سيما في سوريا، وتحتاج "إسرائيل" إلى تبني سياسات حذرة تجاه موسكو إذا أرادت الاستمرار في العمل بحرية مثلما تفعل اليوم في ضرب الأصول الإيرانية في سوريا لمنع إيران وحزب الله توطيد أقدامهم في العمق السوري، خاصة أن موسكو قد أقدمت لفترة على اعتراض الهجمات الإسرائيلية على سوريا، مما أثر على فاعليتها، وهو ما دفع رئيس حكومة الاحتلال، نفتالي بينيت إلى زيارة موسكو، في أكتوبر 2022، لاستعادة التفاهمات مع موسكو حول تنفيذ عمليات إسرائيلية في الأجواء السورية، وهو ما تحقق له.

وأشار المركز إلى أن تل أبيب تدرك أن تبني أي مواقف معادية لموسكو في الأزمة الأوكرانية قد يترتب عليه خسارة هذا التنسيق مجدداً، وهو أمر لا ترغب "إسرائيل"  في حدوثه، خاصة في ظل تنامي التهديدات الإيرانية للأمن الإسرائيلي، سواء عبر حزب الله اللبناني، أو حتى بشكل مباشر من إيران.

اقرأ أيضاً: تعرف على انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على فلسطين

في المقابل تحرص "إسرائيل" على عدم معاداة واشنطن، لأنها تدرك أن لها العديد من المصالح الأمنية والدفاعية مع الولايات المتحدة، خاصة في ضوء اعتماد الجيش الإسرائيلي على الدعم العسكري الأمريكي، والذي تحصل بموجبه على نظم عسكرية متطورة تمكنها من تأمين نفسها في مواجهة التهديدات الإيرانية. 

وكان وزير خارجية الاحتلال أعلنت يائير لابيد، أكد أن حكومته ستقف إلى جانب حليفها الأمريكي التقليدي في حالة إقدام روسيا على غزو أوكرانيا، وذلك على الرغم من اهتمامها بالحفاظ على علاقات ودية مع الروس بسبب جهودهم لحفظ الاستقرار بالحدود السورية – الفلسطينية المحتلة.

وأكد لابيد أن بلاده والولايات المتحدة لديهما علاقة خاصة ولغة مشتركة، إلا أنه أكد أن الموقف الإسرائيلي سيستند إلى الرؤية والقيم الإسرائيلية والتقييمات الاستخباراتية من قبل دوائر صنع القرار الإسرائيلي، وليس انسياقاً مع موقف الحلفاء.

بالإضافة إلى ذلك تمثل الجاليات اليهودية الكبيرة في روسيا وأوكرانيا تحدياً يدفع "إسرائيل" للمزيد من الحرص في قراراتها إزاء الأزمة، ومحاولة تبني مواقف محايدة نسبياً، مع محاولة الاستفادة من الأزمة عبر إيجاد مصدر جديد للهجرة اليهودية إلى الدولة العبرية.

من زاوية أخرى يعتبر الملف النووي الإيراني الهاجس الأكبر بالنسبة لدولة الاحتلال التي تخشى أن يؤدي الانشغال العالمي بتطورات الأزمة الأوكرانية إلى تعثر إنجاز الاتفاق النووي الإيراني، في الوقت الذي تستفيد فيه إيران عبر كسب المزيد من الفرص لتطوير قدراتها النووية.
كما أن هناك سيناريو آخر أشد سوءاً، أشار إليه تقدير "مركز المستقبل" للدراسات  وهو أن تستغل إيران هذا التصعيد، وتعلق مشاركتها في المفاوضات، استغلالاً لتصاعد العقوبات بين روسيا والولايات المتحدة، واصطفاف الصين خلف موسكو، على نحو ينذر بإمكانية انهيار الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي، أو تعاون الصين وروسيا مع الولايات المتحدة حول إيران، بما يرتبه ذلك في النهاية من غياب أي اتفاق يحجم طهران، فضلاً عن انشغال أمريكي بملفات دولية أخرى، مثل الصراع مع روسيا والصين.

وبعيدا عن المخاوف قد تجد "إسرائيل" نفسها أمام صفقة لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر قرص، عبر خط الغاز "إيست – ميد" والذى سبق وأن رفضته الولايات المتحدة، ولكن بعد  تعليق ألمانيا تشغيل خط الغاز "نورد ستريم-2"، وتصاعد العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا، مما قد يدفع الأخيرة إلى الرد عبر تقليص صادراتها من الطاقة.

ويرى مركز المستقبل في تقديره أن إسرائيل بحاجة للتصرف بحذر إزاء الأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما يمكن الاستدلال منه على أن ثمة تردداً داخل الأوساط الإسرائيلية إزاء تلك القضية، في ظل تباين توجهات مكونات الائتلاف الحاكم إزاءها.

المصدر : متابعة - زوايا
atyaf logo