اتفاق التجارة الحرة بين المملكة المتحدة وإسرائيل والعلاقة مع فلسطين

اللقاءات حول التجارة الحرة بين أمريكا وبريطانيا
اللقاءات حول التجارة الحرة بين أمريكا وبريطانيا

يبلغ إجمالي الناتج المحلي البريطاني حوالي 2700 مليار بينما يبلغ الناتج الإسرائيلي فقط 400 مليار تقريبا في حين يبلغ نظيرهم الفلسطيني حوالي 16 مليار ، فالناتج البريطاني أقل قليلا من سبعة أضعاف نظيره الاسرائيلي الا انه اكثر من 170 ضعف نظيره الفلسطيني، وهو ما يظهر التباين الحاد في أحجام الناتج المحلي الإجمالي وإمكانية خلق مزايا تفضيلية للجانب الفلسطيني لأغراض تعزيز فرص السلام وتعزيز فرصة حل الدولتين حسب الرواية الرسمية المتبناة من الجانب البريطاني ودون أعباء اقتصادية تذكر بل وتحقيق امتيازات اقتصادية محتملة أيضا للجانب البريطاني كما الفلسطيني. وإنما يثار هذا التساؤل بسبب التقدم النوعي في العلاقة الاقتصادية البريطانية الإسرائيلية بشكل أكبر من التطور في العلاقات الاقتصادية البريطانية الفلسطينية، هذا اولا، وثانيا بسبب عدم إعطاء مزايا تفضيلية إضافية للفلسطينيين لتعزيز فرص البقاء والصمود الاقتصادي، وأخيرا للتعويض عن الخسائر المتوخاة للفلسطينيين نتيجة اتفاق التجارة الحرة الناشئ بين المملكة المتحدة واسرائيل.

المملكة المتحدة هي ثالث أكبر سوق لصادرات إسرائيل السلعية وقد مثلت صادراتها لبريطانيا ما نسبته 7.5% ، بينما شكلت واردات اسرائيل من بريطانيا 2.9% من إجمالي واردات إسرائيل السلعية كسابع أكبر سوق لواردات إسرائيل، حيث في عام 2020 صدرت بريطانيا حوالي 3.7 مليار دولار لإسرائيل و استوردت منها بحوالي 2.85 مليار دولار بفائض متحقق بأكثر من 800 مليون دولار موزعة بالتساوي بين ميزان التجارة وميزان الخدمات، من ناحية أخرى تحتل إسرائيل المركز 35 من وجهة الصادرات البريطانية بما نسبته 0.4% من صادراتها من السلع والخدمات، وتشغل إسرائيل أيضا المركز 41 من واردات بريطانيا بما يمثل أيضا 0.4% من وارداتها من السلع والخدمات.

طبقت اتفاقية الشراكة والتجارة بين بريطانيا وإسرائيل بالكامل منذ بداية 2021 وهي مؤسسة على بل واستمرار لاتفاقيات التجارة بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل وتكرار لشروط اتفاقيات الاتحاد الاوروبي التي تمتعت بها بريطانيا قبل خروجها من الاتحاد. تغطي الاتفاقية مجالات مثل التجارة في السلع والتعريفات الجمركية ومعدل التعريفة الجمركية والحصص، قواعد المنشأ، التجارة في الخدمات، حقوق الملكية الفكرية، المشتريات الحكومية، وتقييم المطابقة للأدوية. الا ان الجانبان قد وقعا مذكرة تفاهم MOU في نهاية 2021 لخارطة طريق خلال عشر سنوات لتطوير وتعميق العلاقات التجارية والدفاع والأمن والأمن السيبراني والعلوم والتكنولوجيا ومزيد من التقارب الدبلوماسي والعمل عليه، وهو ما توج باتفاق التجارة الحرة الموقع منذ أيام والذي سيترتب عليه أيضا قمة الربيع للابتكار والتكنولوجيا.

تطور العلاقات البريطانية الاسرائيلية والاقتصاد الفلسطيني

 على الرغم من الحالة الدعائية التي تظهرها الخارجية البريطانية وتصريحات وزارة التجارة الدولية البريطانية الصحفية حيث تشمل زيارتها لإسرائيل وتطور علاقاتها زيارة الجانب الفلسطيني وكأن الجانب الفلسطيني مشتمل بعين الاعتبار ضمن التطور النوعي الحاصل للشركات الاسرائيلية في حين ان اتفاقية الشراكة التجارية والسياسية المؤقتة بين بريطانيا وفلسطين والاعلانات المشتركة والتي دخلت حيز التنفيذ بداية 2021 على نفس ترتيبات اتفاقية الشراكة الأوروبية الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: تقرير متخصص يكشف أسباب أزمة الكهرباء ومسؤولية الجهات السياسية والإدارية

تستمر المزايا التفضيلية للسلع الزراعية الفلسطينية إلا ان العوائق تحد من الاستفادة المثلى من هذه الميزة، كما أنها لم تنسحب على جوانب اخرى مثل تصدير خدمات التكنولوجيا وعقد الشراكات مع الجانب البريطاني، في حين تسعى إسرائيل لتوفير آلاف فرص العمل للفلسطينيين العاملين في المجال التكنولوجي وتصديرها كبوادر حسن نية في حين أنها ستستفيد بقوة بسبب توسع عمل شركاتها مع الجانب البريطاني في المجال التكنولوجي مما يبقي إسرائيل حلقة الوصل مع العالم الخارجي.

من جانب اخر، ستستمر بريطانيا بتمييز منتجات المستوطنات حتى لا يكون ذلك مضللا للمستهلك ويتخذ قراره بمقاطعتها إن شاء، ولا تنوي الحكومة البريطانية حظر منتجات المستوطنات والذي يعتبر امرا غير منصف، كما ان تصدير منتجات المستوطنات عبر فروع أخرى لشركات في اسرائيل امر شائع تتحايل به إسرائيل دوما لتصدير منتجاتها حتى للخليج قبل التطبيع أو عبر شركات بشراكات أردنية وحتى للتصدير لقطاع غزة الذي يمنع هذه المنتجات، والتي من المؤكد انها تتسرب لبريطانيا والاتحاد الأوروبي أيضا.

الجانب السياسي، الدبلوماسي والدفاع

من الواضح ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي اظهر حدة وتباين موقفها مقارنة بباقي الأوروبيين وهو ما يتجلى في حظر الجانب السياسي لحركة حماس كحركة مقاومة فلسطينية اتهامها بمعاداة السامية، دون موقف يدين سلب الحقوق الفلسطينية المستمر، والتزامها بشكل أكثر وضوحا وصرامة بالعمل مع إسرائيل على منع حصول إيران على السلاح النووي مما يشير الى امكانية الانخراط بعمل ما ضد إيران خصوصا إذا ما احتدمت الازمة في اوكرانيا.

كما ان التطور النوعي بما فيه المرتقب في العلاقات مع إسرائيل دون تطور مواز ومتناسب مع الجانب الفلسطيني يسمح بالتشجيع على عملية السلام أو الضغط على الجانب الإسرائيلي على الاقل لضمان تخفيف بعض إجراءاته غير القانونية يوضح ان لا اهتمام حقيقي بعملية سلام وحل الدولتين، بل إنها تساهم في ترسيخ وقائع التبعية للاقتصاد الإسرائيلية وصياغة حل إسرائيل الاقتصادي على أرض الواقع.

وخلاصة القول ان السلوك الاقتصادي والسياسي للبريطانيين أكثر نشوزا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وشاذا مقارنة بالأوروبيين ولا يعطي تفضيلا للفلسطينيين في ظل تطور اتفاقات علاقاتها التجارية بعد الخروج من الاتحاد مع الكثير من الدول خصوصا اسرائيل. كما يتضح من جانب اخر عجز الجانب السياسي والدبلوماسي الفلسطيني في تطوير واقتراح مجالات جديدة وتفعيل مزيد من العلاقات التجارية والاستثمارية لاقتصاد صناعي عظيم مثل بريطانيا.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo