الفقر يعرقل التحاق بعض طلبة الثانوية العامة بجامعات غزة

طلبة الثانوية العامة
طلبة الثانوية العامة

ما إن ينتهي طلبة الثانوية العامة الناجحون في قطاع غزة المحاصر، حتّى يبدؤوا في خوضِ معركتهم الدراسية الخاصة لاختيار تخصصاتهم الجامعية، وسط عجزِ الآلاف منهم عن الالتحاق بمقاعد الدراسة الجامعية، بسبب الفقر المتصاعد والأزمات الاقتصادية التي تضربُ قطاع غزة تباعًا، فيصبُح الوضع المادي كابوسًا يلاحق الطلبة وذويهم.

ووصلت معدلات الفقر في قطاع غزة إلى أكثر من 50% في العام 2023، بسبب تداعيات الانقسام والحصار المفروض على قطاع غزة.

38,647 طالبًا من قطاع غزة توجهوا لاختبارات الثانوية العامة نجح منهم 26,405 و12,212 غير مستكمل، حيث بلغت نسبة النّجاح 62.32%، بحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.

وبلغت نسبة الناجحين في الفرع الأدبي 64.8% فيما بلغت في الفرع العلمي بنسبة 77.92%، والشرعي بنسبة 59.95%، والريادة والأعمال بنسبة 68.26%، والصناعي بنسبة 82.38%، والزراعي بنسبة 71.43%، والاقتصاد المنزلي بنسبة 85.37%.

رحلةٌ دراسية صعبةٌ

في أحد بيوت مشروع بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، يجلسُ طالب الثانوية العامة شعبان محمد شعبان، والحاصل على معدل 78.9% في الفرع الأدبي، واضعًا شهادة الثانوية العامة وبعضًا من الكتبِ الدراسية، تلخص مسيرة عامٍ كامل من الدراسية.

يقول "شعبان" بكثيرٍ من الحُزن والألم، منذ أن أنهيت الثانوية العامة وأنا أعمل في إحدى المقاهي على شاطئ بحر غزة، لعله يساعدُ أهله في جمع رسوم الفصل الدراسي الجامعي الأوّل، إلا أنّ مبلغ 20 شيكل يومًا كان يتقاضاها غير كافيةٍ في جمع المبلغ المطلوب.

اقرأ أيضاً: خصومات دفعات الشؤون.. غضب شعبي بغزة وفجوة الفقر تتسع

وتابع "أبي مريض للغاية ولا يستطيع العمل ويتقاضى مخصصات الشؤون الاجتماعية التي تصرف خلال فتراتٍ متباعدة، ولا أمل في التحاقي بالجامعة هذا العام، بسبب الفقر الذي نعيشه".

ولم يكن الحال أفضل بالنسبة للطالبة شروق موسى في حي الأمل بخانيونس، والحاصلة على نسبة 90.2%، حيث ما زالت تبحث عن منحةٍ دراسيةٍ كاملة في إحدى الجامعات الفلسطينية، لعجز أسرتها عن دفع رسومها الجامعية.

جهود وزارة التعليم العالي

علي أبو سعدة مدير عام التعليم العالي بوزارة التربية والتعليم، قال إنّ الوزارة تقدّم العديد من المنح للطلبة الفلسطينيين وفق المعايير المعلن عنها، مثل المنح الخاصة بالرئيس محمود عباس، والمنحة الخاصة بأوائل الثانوية العامة على الوطنِ، والأوائل عن المديريات.

وبيّن خلال حديثــه لـ"زوايا" أن المرحلة المقبلة ستشهد منحةً خاصة بمجلس الوزراء، للطلبة الدارسين في الفصل الدراسي الجامعي الأوّل.

وأوضح "أبو سعدة" أن هناك قرابة 650 تخصصًا جامعيًا لنيل الدبلوم والبكالوريوس في الجامعات الفلسطينية ،وهذا يعطي طلبة الثانوية العامة حرية واسعة في اختيار تخصصهم الجامعي.

وحول جهود الوزارة تجاه طلبة الثانوية العامة في رحلتهم الدراسية نحو الجامعة، أشار إلى أن مؤسسات الوزارة مثل جامعة الأقصى وكلية فلسطين التقنية وكلية العلوم والتكنولوجيا، "تقدم برامج دراسية برسومٍ مخفضة جدًا"، حسب وصفه.

المنح والإعفاءات

وتشملُ منح مؤسسات وزارة التربية والتعليم 15 فئةً من الطلاب، أبرزها: أبناء الشهداء والحافظين للقرآن الكريم والمستفيدين من الشؤون الاجتماعية لنسبةِ إعفاءٍ تصل من 10%-ـ100%، لافتًا أنها تتقاضى رسومًا قد تصل لنصف الجامعات الأخرى، وفق حديث "أبو سعدة".

واعتبر أنّ الرسوم الأصلية لمؤسسات التعليم العالي مخفضة، حيث تتقاضى الجامعات الأخرى 25 دينارً لكل ساعةٍ دراسيةٍ، مقابل 12 دينارًا لمؤسسات التعليم العالي.

وتدعو وزارة التربية والتعليم العالي كافة الجامعات الفلسطينية إلى خفض الرسوم الجامعية قدر الإمكان، والمنافسة على تقديم الإعفاءات والمنح الدراسية للطلبة، لا سيما المتميزين والفقراء والعاجزين عن دفع الرسوم الدراسية، بحسب ما يقول "أبو سعدة".

وتتابعُ الوزارة مع الجامعات الخاصة وتحثها على تخفيض رسوم، لكنّه في الوقت ذاته نوّه إلى أن بعض التخصصات العلمية تحتاجُ إلى موارد عديدة من الصعب تخفيض الرسوم فيها.

طلبة الثانوية العامة مهددون

من جهته، قال منسق حملة تخفيض الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور إنّ الأوضاع الاقتصادية المدمّرة على قطاع غزة جعلت الآلاف من طلبة الثانوية العامة النّاجحين مهددين بعدم الحصول على حقهم والالتحاق بالجامعات الفلسطينية.

اقرأ/ي أيضاً: صناعات من عبق التاريخ مهددة بالاندثار من غزة

ويلجأ الكثير من الطلبة الفقراء للالتحاق بأي فرصة عمل من أجل أن يدفعوا الرسوم الجامعية، في ظل ارتفاع الرسوم الجامعية، بحسب "الغندور".

وأوضح "الغندور" أن البطالة طالت 57% من الشباب الفلسطيني، كما طال انعدام الامن الغذائي آلاف الأسر الفلسطينية، وقد يدفعُ ذلك طلبة الثانوية العامة لعدم الالتحاق بالجامعاتِ.

تراجع الملتحقين بالجامعات

وتحدث عن نسبة تراجع 35% من طلبة الثانوية العامة الملتحقين بالجامعات نتيجة الفقر وارتفاع كلفة الرسوم الدراسية، بسبب تقليص الحكومة موازنات التعليم العالي وتراجع الدعم الخارجي.

ودعا "الغندور" لإقرار صندوق يتعلقُ بدعم الطلبة الجامعيين، ويخدم تطلعاتهم وأحلامهم الدراسية كونَها حق أساسي لهم.

ومن المفترض أن يتم بلورة خطة استراتيجية تدعم طلبة الثانوية العامة العاجزين عن دفع الرسوم الجامعية وإعادة النظر في البرامج التعليمية القائمة، واعتماد برامج وتخصصات تنسجم مع متطلبات سوق العمل المحدود في قطاع غزة، وعدم تكدس التخصصات الحالية.

وفي سياقٍ آخر، دعا الجامعات الفلسطينية في غزة إلى تسهيل مهمّة فكاك 33 ألف شهادة جامعية عجز أصحابها عن الإيفاء بمتطلبات التخرج المالية.

وما بين جهودِ وزارة التربية والتعليم العالي والجامعات الفلسطينية في تخفيض الرسوم الجامعية في ظل الوضع الاقتصادي الصعب لطلبة الثانوية العامة في قطاع غزة، تبقى آمال الآلاف من طلبة الثانوية العامة معلّقة في الالتحاق بالجامعات الفلسطينية في غزة، وسط تحدياتٍ أكبر في مسيرتهم نحو التعليم الجامعي.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo