ما دور فصائل غزة من تصاعد العدوان الإسرائيلي بالضفة؟

الفصائل الفلسطينية في غزة
الفصائل الفلسطينية في غزة

في ظل تصاعد الأحداث بالضفة الغربية، لاسيما اقتحامات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه المتواصلة، وارتفاع وتيرة العنف ما أسفر عن استشهاد أكثر من ستين فلسطينيا منذ بداية العام الجاري وإحراق بيوت وممتلكات الفلسطينيين، يلاحظ تلاشي موقف غزة العسكري، في حين كانت تهدد الفصائل الفلسطينية على ساحة غزة، منذ انتهاء حرب "سيف القدس" التي دارت في مايو 2021، بأن أي سلوك ينتهجه الاحتلال ضد الفلسطينيين سيقابل برد حاسم ولن يكون الصمت موقفها.

وبات يقتصر دور الفصائل الفلسطينية في غزة على بيانات تبارك العمليات أو تدين الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وبالتحديد، تنتهج حركة حماس هذا السلوك، ومن الملاحظ أنه بعد كل عملية يقوم بها الشباب الثائر والفصائل في الضفة الغربية تبارك حماس وفصائل غزة هذه العمليات، إلى جانب تنديدها بجرائم الاحتلال اليومية.

هذا السلوك الذي تنتهجه الفصائل الفلسطينية في غزة، يدفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن ثمة ضغط يمارس عليها، لثنيها من الدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي مقابل الكثير من التسهيلات الاقتصادية للقطاع، وما يعزز ذلك الاعتقاد اللقاءات التي جمعت حركتي حماس والجهاد الإسلامي كل على حدى مع جهاز المخابرات المصرية الشهر الماضي، وأسفر عنه اقتصار دور الفصائل على الاستنكار أو مباركة العمليات في الضفة الغربية، بدلا من التهديد أو الدخول في مواجهة عسكرية.

توصيف الميدان في غزة

وحول توصيف ما يجري ميدانياً في غزة، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب إن حركة حماس بصفتها التي تدير غزة وتشرف على الحدود وترأس غرفة العمليات المشتركة للفصائل ترغب في أن تكون غزة أكثر استقراراً وتتمتع بانتعاش اقتصادي، وبالتالي لا تدفع باتجاه مواجهة جديدة مع الاحتلال، إنها غير معنية بذلك الأمر.

ويوضح الرقب في حديثه لـ"زوايا" أن ذلك يعود لسببين: الأول أن هناك رغبة فصائلية في التصعيد بالضفة الغربية أكثر من غزة ونقل المواجهة لنقاط التماس بدلاً من القصف والدمار الذي سيحصل في القطاع، والثاني هو ارتفاع مؤشرات الفقر والتدهور الاقتصادي في غزة، وهذا يدفع للقبول بالتحسينات الاقتصادية كحل في الفترة الحالية.

اقرأ أيضاً: تفجر الأحداث بين "فتح" و "عصبة الأنصار" بـ"عين الحلوة"

ويضيف الرقب "منذ حرب 2021 هناك توقف بشكل كامل للعمليات العسكرية من قطاع غزة خاصة إطلاق الصواريخ، وهناك فلسفة كسب بياض الوجه لدى حماس، إذ تدفع بأحد الفصائل لإطلاق بعض الصواريخ قصيرة المدى، بما يضمن أنها لا تمثل أضرار ولا تجر المنطقة لمواجهة مفتوحة".

ويشير الرقب إلى أن حماس شكلت غرفة عمليات مشتركة لضبط إيقاع إطلاق الصواريخ وهذا يعني أن هناك سيطرة من حماس على غزة، وتحسب مصالحها أين تبدأ وأين تنتهي، لافتاً إلى أن حركة الجهاد الإسلامي لا تستطيع التمرد على حركة حماس، ولديها رغبة في عدم الانجرار لمواجهة مفتوحة للحفاظ على الإيقاع الذي تريده حماس في غزة.

وبحسب الرقب، فإن الأمر يقاس بـ"المصالح الاقتصادية"، مضيفا "إذا غير الاحتلال معادلته وعمل على زيادة الحصار، وإيقاف الأموال القطرية، ووقف العمالة، فإن هذا يعني رغبة حماس بالتصعيد ولكن تدفع بالفصائل الفلسطينية في بدايته، وتحويل التهديد بالصواريخ فعلاً وليس كلاماً".

تساؤلات للفصائل

ويثير سلوك الفصائل الفلسطينية في غزة تساؤلات صعبة حيال ما يدور أمامهم من انتهاكات مستمرة من المستوطنين وجيش الاحتلال، وأول هذه الأسئلة ما هو دورهم في وقف مسلسل الانتهاكات المستمر في الضفة الغربية، بينما الثاني لماذا لا تثور غزة كما باقي المدن الفلسطينية لتكتمل قاعدة "وحدة الساحات"، ثم لماذا تقتصر القوى السياسية على التهديد المستمر دون تدخل عسكري فعلي.

وطرحت "زوايا" على حركتي حماس والجهاد الإسلامي هذه الاستفسارات، لمعرفة موقفهم حيال ما يحدث في الضفة الغربية، وإذا كان قد حان الوقت لتنفيذ التهديدات، التي لم تتوقف من الناطقين الإعلاميين التابعين لهما، سواء كانوا سياسيين أو عسكريين.

حماس: "سنرد بالوقت والمكان المناسبين"

يقول عضو المكتب السياسي لحركة حماس، سهيل الهندي، إن فصيله يراقب الأحداث في الضفة الغربية ويدرسها بعمق، ويعرف متى يرد وبأي مكان على انتهاكات الاحتلال التي لا تتوقف، خاصة وأن سلوك الاحتلال هو الذي يحدد إذا حان دور غزة فاعلا من عدمه.

ويضيف الهندي في حديث لـ "زوايا": "لن نقبل أن نرى دماء الفلسطينيين في الضفة الغربية تراق ونقف صامتين، وهناك خطوط حمراء إذا تجاوزها الاحتلال فإن المقاومة حينها لن تصبر، وستتدخل كما جرى في حرب سيف القدس، عندما قالت كتائب القسام كلمتها وأوقفت المقاومة جرائم إسرائيل".

ويوضح الهندي أن حماس لها رؤية وهدف، ولا يمكن أن تسمح بارتكاب الاحتلال المزيد من الجرائم، وفي لحظة حاسمة ستتدخل حماس إلى جانب باقي الفصائل، ولكن سلوك الاحتلال نفسه هو الذي يحدد متى موعد التدخل، وحينها تحدد الفصائل القوة المناسبة للرد على الاختراقات الإسرائيلية.

وكان رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل قد دعا إلى توحيد جهد الفصائل الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، خاصة وأن جميع المؤشرات ذاهبة إلى أيام ساخنة في شهر رمضان.

لا ارتباطات اقتصادية

تعقيباً على ذلك، يوضح الهندي أن حماس لا تتحدث عن حرب في شهر رمضان ولا في أي وقت، ولكن الانجرار لعملية عسكرية جديدة مرهون بتطور الأحداث الميدانية، مؤكداً أن حركته نجحت في موضوع التواصل مع الفصائل في الضفة الغربية بما فيها حركة فتح لكن لا زال الأمر عالقا، بسبب الظروف الأمنية.

ورداً على سؤال إذا كانت حماس ترغب في الهدوء من أجل جلب الاستقرار والانتعاش الاقتصادي لقطاع غزة، يقول: "لا يوجد أي ارتباطات اقتصادية لما يجري في الضفة الغربية، وعندما تمس إسرائيل القضايا الكبرى لا تضع حماس التحسينات الاقتصادية في الحسبان، لأن هذا آخر ما تفكر فيه".

الجهاد الإسلامي: هناك دور للظروف الأمنية والتكتيكية

ومن حركة الجهاد الإسلامي، يقول عضو مكتبها السياسي نافذ عزام إن فلسطين وحدة واحدة، لذلك فإن الفصائل في غزة نفسها الموجودة في الضفة الغربية، وما يجري هناك هو بدعم من القوى السياسية في القطاع.

اقرأ أيضاً: ترجمة خاصة يرسم الاتفاق بين إيران والسعودية خريطة جديدة للشرق الأوسط وما وراءه

ويؤكد عزام لـ"زوايا": "وجود تنسيق من غزة مع الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية ويبدو بوضوح في جنين ونابلس"، ولكنه يشير إلى أن "الظروف الأمنية أحيانا تتدخل وتفرض بعض الانقطاع وتعيق هذا التواصل".

ويضيف عزام: "بغض النظر عن الجغرافيا، فإن غزة لا تتأخر في تقديم دورها، وهي قدمت فعليا التضحيات الكبيرة، ولكن عدم التدخل الحالي، لأن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية يقوم بواجبه كاملاً، بالإضافة إلى أن المسألة تتعلق بتكتيكات سياسية وعسكرية".

ويتابع عزام "بما أن الضفة الغربية تشتعل وتستطيع إرباك حسابات الاحتلال لا يجوز أن نتدخل، لأن الفصائل تتصرف بشكل مسؤول ومدروس، وتحاول أن تدافع عن جميع سكان الأراضي الفلسطينية وحقوقهم".

ويوضح عزام أنه لكل بيئة خصوصيتها، وفي حال غامر الاحتلال الإسرائيلي في توجيه ضربات موجعة، فالفلسطينيون في غزة والفصائل مستعدون للدفاع عن أنفسهم، لكن المسألة تتعلق أحياناً ببعض الظروف الطارئة، دون أن يوضح طبيعة هذه المعيقات التي تحول دون تدخل الفصائل.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo