طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبادرة لإنهاء الحرب في قطاع غزة تضم نحو 21 بنداً، وفقاً لمبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف. تهدف هذه المبادرة إلى معالجة "هواجس إسرائيل وكل الجيران في المنطقة"، إلا أن التحليل الأولي يكشف عن عقبات جدية قد تحد من فرص نجاحها.
العقبات الرئيسية
1- نزع سلاح حماس
تمثل مسألة نزع سلاح حماس أبرز العقبات أمام المبادرة. تتمسك إسرائيل بهذا المطلب كشرط أساسي، فيما ترفضه حماس بشكل قاطع، مؤكدة أنه "لا يمكن المساس بسلاح المقاومة ما دام الاحتلال جاثماً على أرضنا". هذا التناقض الجذري يضع الوسطاء أمام تحدٍ كبير في إيجاد صيغة وسط تحفظ ماء الوجه للطرفين.
2-إدارة قطاع غزة في "اليوم التالي"
تبرز خلافات حادة حول شكل الإدارة المستقبلية لغزة:
- الموقف الإسرائيلي: يرفض تولي السلطة الفلسطينية حكم القطاع ويطالب بسلطة مدنية "ملتزمة بالسلام مع إسرائيل"
- الموقف الفلسطيني الرسمي: محمود عباس يؤكد استعداد السلطة لتولي مسؤولية القطاع "فوراً، بدلاً من حماس"
- موقف حماس: ترفض التنازل عن دورها في إدارة القطاع
- التسريبات الدولية: تشير إلى احتمال تولي توني بلير رئاسة "السلطة الدولية الانتقالية لغزة" لخمس سنوات
3- انعدام الثقة بين الأطراف
يشكل انعدام الثقة المتراكم عبر أشهر الحرب عقبة نفسية وسياسية كبرى أمام أي اتفاق، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية وتصاعد الخسائر.
4-الانقسام الفلسطيني
يعمق الخلاف بين السلطة الفلسطينية وحماس حول نزع السلاح وإدارة القطاع من تعقيد المشهد، مما يضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني.
الفرص المتاحة
1-الدعم الإقليمي للمبادرة
- تلقت مبادرة ترامب ردود فعل إيجابية من الوسطاء الإقليميين:
- مصر: الرئيس السيسي رحب بالمبادرة وأعرب عن التطلع لتنفيذها
- قطر: الأمير تميم أكد التعويل على ترامب لوقف الحرب
- تركيا: أردوغان وصف اللقاء بأنه "مثمر"
2-الضغط الدولي المتزايد
مقاطعة عشرات الوفود لخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة تشير إلى تزايد العزلة الدولية لإسرائيل، مما قد يدفعها نحو مرونة أكبر.
3-إمكانية التدرج والتوازي في التنفيذ
يمكن للوسطاء اعتماد استراتيجية التنفيذ المتدرج والمتوازي، تشمل:
- الإفراج المتبادل عن الرهائن والأسرى
- إدخال المساعدات الإنسانية
- انتشار قوات دولية بقرار من مجلس الأمن
- وضع خطط الإعمار حيز التنفيذ
تقدير الفرص
فرص النجاح: متوسطة (40-50%)
العوامل الإيجابية:
- الدعم الإقليمي للمبادرة من الوسطاء الرئيسيين
- الضغط الدولي المتزايد على إسرائيل
- رغبة ترامب في تحقيق إنجاز دبلوماسي مبكر
- إرهاق الطرفين من استمرار الحرب
العوامل السلبية:
- العقبات الجوهرية حول نزع السلاح وإدارة القطاع
- تمسك نتنياهو باستمرار الحرب و"استكمال أهدافها"
- رفض حماس المطلق لنزع سلاحها
- الانقسام الفلسطيني الداخلي
التوصيات:
1-للوسطاء الإقليميين
- تكثيف الضغط على جميع الأطراف لتقديم تنازلات متبادلة
- البحث عن صيغ وسط إبداعية لمسألة السلاح (التجميد، التخزين، المراقبة الدولية)
- تنسيق المواقف لتجنب "الفخ الأمريكي-الإسرائيلي"
2- للمجتمع الدولي
- زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي لدفع الأطراف نحو المرونة
- توفير ضمانات دولية لحماية أي اتفاق مستقبلي
- الإعداد لآليات مراقبة وتنفيذ فعالة
3-للأطراف المحلية
- إعطاء الأولوية للمصالح الإنسانية على الاعتبارات السياسية
- البحث عن حلول تدريجية تسمح ببناء الثقة تدريجياً
- التركيز على النتائج طويلة المدى بدلاً من المكاسب الآنية
الخلاصة
رغم وجود فرص حقيقية لنجاح مبادرة ترامب، تبقى العقبات جدية ومعقدة. نجاح المبادرة يتطلب مرونة استثنائية من جميع الأطراف، خاصة في المسائل الجوهرية مثل نزع السلاح وإدارة القطاع. لقاء ترامب-نتنياهو المرتقب سيكون حاسماً في تحديد مسار المبادرة ومدى جديتها، وقد يكشف عن مدى استعداد الإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات حقيقية.