لحظة الحقيقة

ثلاثة أسابيع فاصلة.. هل سينجح ترامب في غزة؟

توتر بين ترمب ونتنياهو
توتر بين ترمب ونتنياهو

توقعات بلحظة فارقة مع اقتراب موعد لقاء متوقع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل نهاية ديسمبر 2025، والذي سيُخصص لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. يأتي هذا اللقاء في ظل ضغوط أميركية متزايدة على إسرائيل للانتقال إلى مرحلة جديدة من الاتفاق، ما يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل القطاع والتوازنات الإقليمية.

أهم انجاز

يمثل وقف إطلاق النار الهش في غزة الإنجاز الرئيسي لترامب في السياسة الخارجية خلال ولايته الثانية، وهو ما يفسر الإصرار الأميركي على الانتقال للمرحلة الثانية لمنع انهيار الاتفاق وتجدد القتال. وفقاً لمصادر أميركية وإسرائيلية، يخطط ترامب لإعلان الانتقال إلى المرحلة الثانية قبل عيد الميلاد، أي خلال أقل من ثلاثة أسابيع.

محاور التحليل الرئيسية

أولاً: الفجوة بين التصريحات الإسرائيلية والواقع المتوقع

تشير التصريحات الإسرائيلية المتكررة إلى وجود فجوة كبيرة محتملة بين:

  • ما تطالب به الحكومة الإسرائيلية وما تخطط له
  • ما سيحدث فعلياً على الأرض نتيجة الضغوط الأميركية

حالة "الخط الأصفر"

  • يعتبره الجيش الإسرائيلي حدوداً جديدة دائمة مع غزة
  • يصفه البعض بـ"جدار برلين" يفصل بين نوعين مختلفين من غزة
  • من المتوقع ممارسة ضغوط أميركية لإجبار إسرائيل على الانسحاب منه

التقدير: هذه الفجوة تعكس صراعاً أعمق بين الرؤية الإسرائيلية طويلة المدى للسيطرة على غزة والضغوط الأميركية لحل سياسي أكثر استدامة.

ثانياً: العقبات الجوهرية الثلاث

1- نزع سلاح حماس

  • الموقف الإسرائيلي: مطلب أساسي وغير قابل للتفاوض
  • موقف حماس: رفض مبدئي باعتبار السلاح عنصراً مركزياً في هويتها
  • الحل الوسط المقترح: تخلي الحركة عن السلاح الهجومي فقط (خاصة الصواريخ)
  • المؤشرات: رغبة ترامب الشديدة في الحفاظ على الاتفاق قد تدفعه لقبول هذا الحل، كما حدث سابقاً عندما اعتبر رد حماس "كافياً" رغم عدم التزامها بكل الشروط

2- نشر القوة متعددة الجنسيات

  • التحدي الرئيسي: عدم حماسة المجتمع الدولي لإرسال قوات
  • السبب: معارضة حماس واحتمال مهاجمتها لهذه القوات
  • التقييم: هذه العقبة قد تكون الأصعب، حيث تتطلب التزاماً دولياً في بيئة أمنية معقدة

3- إقامة سلطة بديلة في غزة

  • المعادلة الأميركية: الجيش الإسرائيلي يخرج، وحماس تخرج من الحكم
  • الشرط: عدم بقاء حماس في الحكم بشكل مباشر أو غير مباشر عبر سلاحها
  • الإشكالية: من سيحكم غزة؟ وكيف سيتم ضمان عدم نفوذ حماس غير المباشر؟

ثالثاً: المصالح الإسرائيلية "الأساسية"

تركز التحليلات الإسرائيلية على ثلاثة مصالح مركزية:

  1. الاحتفاظ بحرية العمل العسكري: القدرة على التدخل ضد أي تهديد يتطور في القطاع (كما في لبنان)
  2. السيطرة على محور فيلادلفيا: فرض رقابة فاعلة بقيادة أميركية على الحدود ومعبر رفح
  3. حق النقض على الإدارة المستقبلية: رفض أي تركيبة تضم عناصر مرتبطة بحماس

الملاحظة الحرجة: هناك شبه إجماع إسرائيلي على "ضرورة التخطيط لعملية عسكرية مستقبلية واسعة للقضاء على حماس"، ما يشير إلى أن الاتفاق الحالي قد يُنظر إليه كهدنة مؤقتة وليس حلاً نهائياً.

السيناريوهات المحتملة

السيناريو الأول: التوافق المشروط

  • قبول إسرائيل بالانسحاب الجزئي مقابل ضمانات أمنية
  • قبول حماس بالتخلي عن السلاح الهجومي فقط
  • تشكيل إدارة انتقالية بمشاركة فصائل مختلفة
  • بقاء نفوذ حماس غير المباشر

السيناريو الثاني: الانهيار والعودة للقتال

  • رفض أحد الطرفين للشروط الأساسية
  • فشل تشكيل القوة متعددة الجنسيات
  • استئناف العمليات العسكرية

السيناريو الثالث: التجميد والاستمرار بالوضع الراهن

  • عدم الانتقال للمرحلة الثانية
  • استمرار وقف إطلاق النار الهش
  • تأجيل القضايا الخلافية

التقديرات والاستنتاجات

  1. الموقف الأميركي
  • ترامب يضع ثقله السياسي بالكامل خلف الاتفاق
  • الضغط على نتنياهو ليكون "شريكاً أفضل" يعكس استياءً أميركياً
  • الأولوية لحفظ الاتفاق حتى لو تطلب ذلك تقديم تنازلات
  1. المأزق الإسرائيلي
  • تناقض بين الخطاب السياسي الداخلي والضغوط الدولية
  • صعوبة التراجع عن "الخط الأصفر" أمام الجمهور الإسرائيلي
  • التخطيط لعملية عسكرية مستقبلية يتناقض مع روح الاتفاق

3- موقف حماس

  • رفض نزع السلاح الكامل ثابت
  • الاستعداد لحلول وسط محدودة
  • تعتمد على الوقت وصمود الوضع الراهن
  1. العامل الدولي
  • فتور المجتمع الدولي تجاه المشاركة في قوة حفظ سلام
  • عدم وجود نموذج ناجح مشابه في المنطقة
  • المخاطر الأمنية تقلل الحماس للمشاركة

الخلاصة: لحظة الحقيقة

"لحظة الحقيقة" المشار إليها في المصادر الأميركية خلال الأسابيع القليلة المقبلة ستكشف عن:

  1. مدى جدية ترامب في فرض رؤيته حتى لو تطلب ذلك تحدي نتنياهو
  2. حدود مرونة حماس في قبول ترتيبات تحد من نفوذها العسكري والسياسي
  3. قدرة المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في تثبيت الاستقرار
  4. استدامة الاتفاق أم أنه مجرد هدنة مؤقتة قبل جولة قتال جديدة

التوصيات

  • للوسطاء: تقديم ضمانات ملموسة لكل طرف لتسهيل التوافق
  • للمجتمع الدولي: الاستعداد لدور فاعل وليس رمزياً في غزة

الخاتمة: المرحلة الثانية من الاتفاق تمثل اختباراً حقيقياً لجدية جميع الأطراف في إنهاء الحرب. النجاح يتطلب تنازلات مؤلمة من الجميع، والفشل سيعني العودة إلى دوامة العنف مع عواقب أكثر تدميراً. الأسابيع القادمة ستحدد ليس فقط مصير غزة، بل أيضاً مصداقية الوساطة الأميركية وجدية المجتمع الدولي في حل النزاعات.

 

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo