بعد مذكرة اعتقال نتنياهو

العدالة الدولية في اختبار صعب

نتنياهو وجالانت
نتنياهو وجالانت

مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش السابق يوآف غالانت، على خلفية الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في قطاع غزة، أصبح هذا الموضوع محورًا رئيسيًا في النقاشات السياسية والإعلامية حول العدالة الدولية، والحقوق الفلسطينية، وحماية المدنيين في النزاعات المسلحة.

مذكرة اعتقال نتنياهو

الكاتبة الصحفية نادين عبدالله، أكدت أن مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو، وغالانت، صدرتا بعد تأكد المحكمة من ارتكابهما جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة.

وأشارت في مقال على موقع "المصري اليوم" إلى أنه رغم قانونية القرار الصادر من المحكمة المختصة بمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب، والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، إلا أنها قد لا تكون قادرة على تنفيذ المذكرات بمفردها، حيث تعتمد على التعاون الدولي من الدول الأعضاء في المحكمة.

وأوضحت أن مذكرة الاعتقال تكتسب أهمية كبيرة من الناحية الرمزية، حيث تُظهر محاولات المجتمع الدولي لتحقيق العدالة حتى في ظل رفض بعض القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل لها.

وتحذر الكاتبة من أن المذكرة تمثل تحديًا حقيقيًا لإسرائيل، خاصة على المستوى السياسي والدبلوماسي، خاصة أنها قد تساهم في عزل إسرائيل أكثر على الساحة الدولية، حيث بدأت بعض الدول الأوروبية في مراجعة مواقفها من السياسات الإسرائيلية في غزة، وهو ما يشير إلى تحول محتمل في المزاج الدولي تجاه إسرائيل في المستقبل.

وشددت الكاتبة على أن المعضلة تظل في التنفيذ، وهو ما يجعل من الصعب التنبؤ بما إذا كانت هذه المذكرة ستؤدي إلى نتائج ملموسة على الأرض.

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

في مقاله، بصحيفة الشرق الأوسط، يُلقي الدكتور جبريل العبيدي الضوء على مفهوم العدالة الدولية في سياق مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغلانت، محاولًا الإجابة على السؤال: هل من الممكن أن نرى اعتقال قادة إسرائيليين في المستقبل؟

يعرض العبيدي النقاط القانونية والسياسية المتعلقة بالاتهامات الموجهة إلى هؤلاء القادة، ويستعرض الجرائم التي ارتكبوها، بما في ذلك استهداف المدنيين الفلسطينيين في الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة، وفرض الحصار والتجويع على السكان المدنيين، وهو ما يعتبره القانون الدولي بمثابة "جرائم ضد الإنسانية".

ويطرح العبيدي تساؤلات حول قدرة المحكمة الجنائية الدولية على تنفيذ قراراتها في ظل غياب آلية تنفيذ مستقلة، حيث تعتمد المحكمة على تعاون الدول الأعضاء في فرض مذكرات الاعتقال.

ومع ذلك، يشير العبيدي إلى أن القرار، على الرغم من صعوبته، يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الدولية، ويبعث برسالة قوية إلى إسرائيل والمجتمع الدولي أن الجرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تمر دون عقاب.

ويرى أن الحل يكمن في الضغوط الدولية التي قد تلعب دورًا كبيرًا في التأثير على الموقف الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن بعض الدول الغربية بدأت في إعادة النظر في مواقفها تجاه إسرائيل.

ويعول "العبيدي" على المذكرة باعتبارها فرصة لإعادة تشكيل السياسات الدولية تجاه إسرائيل، وهو ما قد يسهم في محاسبتها في المستقبل على جرائمها.

سؤال الجريمة والعقاب

أما الكاتب المصري عبد الله السناوي، فسلط الضوء على تاريخ التواطؤ الدولي مع إسرائيل، خاصة من قبل الولايات المتحدة، التي قدمت دعمًا غير مشروط لإسرائيل على مر السنوات، رغم الجرائم المتكررة ضد الفلسطينيين.

ويرى السناوي أن هذا الدعم بدأ في التآكل تدريجيًا في ظل التصعيد الأخير في غزة، حيث أظهرت بعض الدول الأوروبية، على الأقل في البيانات الرسمية، مواقف أكثر انتقادًا لإسرائيل.

ويطرح السناوي تساؤلات حول مدى تأثير هذه المذكرة على المواقف الغربية تجاه إسرائيل، معتبرا أنها محاولة جادة لإرساء العدالة في النزاعات الدولية، رغم التحديات التي تواجهها من بعض الدول الكبرى.

ويرى أن هذه المذكرة قد تكون بداية لتقليص الدعم الغربي لإسرائيل، وأنها تمثل خطوة مهمة في مسار العدالة، حيث تضع معايير واضحة لحقوق الإنسان.

ويختتم السناوي مقاله بالتأكيد على أهمية المذكرة من حيث رمزية العدالة الدولية، إذ إنها تعزز من فكرة أن الجرائم ضد الإنسانية يجب أن تُعاقب مهما كانت قوة الدولة أو مكانتها الدولية.

ويؤكد أن المجتمع الدولي بحاجة إلى إعادة التفكير في دوره في تطبيق العدالة، وأن هذه المذكرة هي بمثابة بداية لتغيير قواعد اللعبة في النزاعات المسلحة.

أما رابعهم فهو المدعي خان

أما الكاتب سليمان جودة، فيتناول في مقاله المنشور بصحيفة "الشرق الأوسط" تأثير مذكرة الاعتقال على مستوى العدالة الدولية، ويفتح الباب للنقاش حول قدرة المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة الأنظمة التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

ويشير "جودة" إلى أن المذكرة تمثل خطوة هامة نحو محاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الفلسطينيين في غزة، ويربط بين المذكرة وحالة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات المدافعة عن تطبيق العدالة في جميع أنحاء العالم.

يعتبر الكاتب أن خطوة خان ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي تأكيد على مبدأ المحاسبة الدولية ضد الظلم والإبادة الجماعية، مشيرًا إلى أن خان يحاول أن يتبع خطى شخصيات تاريخية مثل داغ همرشولد وبطرس غالي، اللذين تعرّضا لضغوط كبيرة بسبب مواقفهما المناهضة للظلم، مع فارق أن خان يقف اليوم أمام تحديات أكبر في ضوء الدعم الدولي لإسرائيل، خصوصًا من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.

يُشدد جودة على أن هذه الخطوة من قبل المحكمة الجنائية الدولية هي بمثابة رسالة قوية للمنظمات الدولية ولحكومات العالم، مفادها أن الجرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تمر بدون محاسبة، بغض النظر عن حجم القوة العسكرية والسياسية للدول المعنية.

ويرى أن خان سيبقى في التاريخ باعتباره المدعي الذي تحدى القوى الكبرى وأصر على تطبيق العدالة.

تحولات كبرى في المواقف الدولية

تظل مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق قادة إسرائيل خطوة محورية في تاريخ العدالة الدولية.

ورغم التحديات التي قد تواجهها المحكمة في تنفيذ هذه المذكرات، فإن تأثيرها الرمزي يبقى قويًا، حيث تعكس التزام المجتمع الدولي بمبادئ العدالة والمحاسبة.

ويرى الكتاب الأربعة، أن هذه المذكرة قد تكون بداية تحولات كبيرة في موقف المجتمع الدولي من إسرائيل، وتُعد نقطة انطلاق لتطوير آليات أكثر فعالية لمحاسبة قادة الدول على جرائم الحرب والانتهاكات ضد حقوق الإنسان.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo