القوة الدولية لمراقبة اتفاق غزة بين ضمانات الاستقرار وتعقيدات الواقع

WhatsApp Image 2025-10-10 at 5.21.59 PM.jpeg
WhatsApp Image 2025-10-10 at 5.21.59 PM.jpeg

نشر القوات الأمريكية

كشفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت عن خطة لنشر ما يصل إلى 200 جندي أمريكي من القيادة المركزية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. سيتمركز هؤلاء الجنود داخل الأراضي الإسرائيلية، وسيعملون بالتنسيق مع قوات دولية أخرى، في خطوة تعكس الالتزام الأمريكي المباشر بضمان استمرارية الاتفاق.

يمثل هذا الانخراط العسكري الأمريكي المباشر نقطة تحول في طبيعة الدور الأمريكي، الذي لم يعد يقتصر على الوساطة السياسية، بل امتد ليشمل المساهمة الميدانية في آليات المراقبة والتنفيذ.

تركيا ومصر وقطر في الواجهة

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته هاكان فيدان مشاركة أنقرة ضمن قوة المهام، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر وقطر. يمنح هذا التحالف الإقليمي-الدولي الاتفاق بُعدًا جيوسياسيًا أوسع، ويعزز من شرعيته في نظر الأطراف الفلسطينية والعربية.

تشكل مشاركة هذه القوى الإقليمية ضمانة لتوازن المصالح، خاصة في ظل الدور المحوري الذي لعبته مصر وقطر في الوساطة خلال المفاوضات، فيما تمثل تركيا ثقلًا سياسيًا إضافيًا يعكس التوافق الإسلامي-الإقليمي على دعم الاتفاق.

الأمن اليومي تحت الإشراف الدولي

كشف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عن خطة لتولي شرطة فلسطينية مُدرَّبة من قبل كندا ومصر والأردن مسؤولية الأمن اليومي في قطاع غزة. من المقرر أن تُدعم هذه القوة لاحقًا ببعثة استقرار دولية بعد الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي.

يعكس هذا التوجه رغبة دولية في إيجاد بديل أمني فلسطيني لإدارة القطاع، بعيدًا عن سيطرة الفصائل المسلحة، وهو ما يتماشى مع تطلعات المجتمع الدولي لإعادة بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية في غزة.

من المساعدات إلى البحث عن الرهائن

أكد مسؤولون أمريكيون أن قوة المهام ستتولى تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والأمني اللازم لتطبيق بنود الاتفاق.

في سياق أكثر تعقيدًا، أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن القوة ستُكلف بمهمة تحديد مواقع جثث الرهائن الإسرائيليين في غزة، بعد إبلاغ حماس الوسطاء بصعوبة الالتزام بمهلة الـ 72 ساعة للعثور على جميع الجثث. تُظهر هذه المهمة الحساسة مدى تعقيد البيئة الميدانية التي ستعمل فيها القوة الدولية، وسط ركام الدمار والتحديات الإنسانية الهائلة.

من الاتفاق إلى "مجلس السلام"

يرى محللون أن انخراط قوة دولية في مراقبة الاتفاق يتكامل مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تنص على تشكيل "مجلس سلام" يتولى الإشراف على المرحلة الانتقالية في غزة بمشاركة دولية وعربية.

تمنح هذه الآلية المتعددة الأطراف الاتفاق ضمانات أوسع للاستمرارية، كما تعزز من فرص نجاح أي ترتيبات سياسية مستقبلية، خاصة فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة وإعادة هيكلة الإدارة المدنية في القطاع.

الشكوك الإسرائيلية

على الرغم من الترحيب الدولي بتشكيل قوة المهام، تتصاعد داخل إسرائيل شكوك عميقة حول قدرة هذه القوة على نزع سلاح حماس والفصائل المسلحة الأخرى في غزة. تخشى الأوساط الإسرائيلية من أن تقتصر مهمة القوة الدولية على المراقبة دون امتلاك آليات تنفيذية فعّالة لمنع إعادة تسليح الفصائل أو تكرار الهجمات ضد إسرائيل.

تمثل هذه الهواجس أحد أبرز التحديات التي قد تواجه استمرارية الاتفاق، خاصة في ظل غياب تفاصيل واضحة حول صلاحيات القوة الدولية وآليات فرض الالتزام بالاتفاق على الأطراف كافة.

ضمانات هشة في بيئة معقدة

تعكس مشاركة قوى إقليمية ودولية متعددة في قوة المهام نقلة نوعية في آليات الوساطة والمراقبة، ما يعزز من قدرة الأطراف على التعامل الاستباقي مع التحديات المحتملة. لكن نجاح هذه القوة يبقى رهينًا بعوامل عديدة، أبرزها: وضوح الصلاحيات، والتزام الأطراف، والقدرة على التعامل مع التعقيدات الميدانية الهائلة في قطاع دُمّر بنسبة كبيرة خلال أشهر الحرب.

يبقى السؤال المحوري: هل ستكون هذه القوة أداة فعّالة لتحقيق استقرار دائم، أم مجرد آلية مؤقتة لإدارة وقف إطلاق النار في انتظار جولة صراع قادمة؟

المصادر:

  1. تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض
  2. تقارير إسرائيلية حول مهام القوة الدولية
  3. تصريحات وزير الخارجية الفرنسي
  4. تحليلات إعلامية
المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo