المخطط مستمر

مشاريع التهجير الهادئة تنشط بعد الحرب

خيام النازحين في جنوب قطاع غزة
خيام النازحين في جنوب قطاع غزة

استمرار عمليات نزوح المواطنين تحت ضغط القصف والابادة التي تديرها الة القتل الإسرائيلية للشهر الثالث على التوالي، والدفع باكثر من 1.7 مليون من السكان نحو جنوب القطاع، لا يترك تفسيرا اخر للمراقبين سوى ان الاحتلال ماض في مخطط التهجير القسري، والذى اعلنه منذ بداية هذه المعركة وما راققه من تصورات جيوسياسية وضغوط وابتزازات دولية، لفرضه على مصر، لكنه فشل امام الرفض العربي لهذا الحل ، الا ان تل ابيب اختارت كما يبدو المضي نحو مشروع الترانسفير بهدوء، ومازالت تراهن على عدة عوامل ترتكز على سلاح التجويع والتعطيش وتدمير كل مقومات وممكنات الحياة، مما يتيح للمخط ان يمضي بهدوء بعيدا عن صخب الحرب وما يرافقها من تركيز عالمي على جرائم الاحتلال .

هل تخلت إسرائيل عن مخطط التهجير

من المبكر الجزم بفشل مخطط تهجير الفلسطينين بحسب العديد من الخبراء، وتبدو الحقائق على الأرض مغايرة فآلة الحرب الإسرائيلية تواصل فرض الوقائع على الارض وتكرس هذا المخطط بهدف خلق انفجار تحت الضغط العسكري والإنساني وهو ما اتضح في بيانات الجيش الإسرائيلي التي طالبت سكان أحياء خان يونس بالتوجه نحو مناطق "مخيم الشابورة وتل السلطان والفخارى"، وهي مناطق في أقصى جنوبي القطاع قرب الحدود المصرية.

افيخاي.png

الى ذلك اكد رئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتية، إن مخطط التهجير القسرى ما زال على طاولة الاحتلال الإسرائيلى الذى يعمل على تحويل قطاع غزة الآن لمكان غير قابل للحياة

وأضاف اشتية ان العدوان على قطاع غزة دخل شهره الثالث، وصور العدوان والقتل الجماعي تزداد بشاعة فالاحتلال دفع المواطنين من الشمال إلى الجنوب بقوة السلاح، والآن القصف على مناطق جنوب غزة في خان يونس ودير البلح، ويجري دفعهم جميعا نحو رفح".

هذا الموقف شاركه وزير الخارجية المصري سامح شكري في جلسة مجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط، حيث اكد أن "سياسة التهجير القسري والنقل الجماعي التي رفضها العالم ويعدها انتهاكاً للقانون الدولي، ما زالت هدفاً لإسرائيل، ليس فقط من خلال التصريحات والدعوات التي صدرت عن مسؤولين إسرائيليين، وإنما من خلال خلق واقع مرير على الأرض يستهدف طرد سكان غزة الفلسطينيين من أرضهم".

المحلل الفلسطيني، أشرف العكة، أكد أن دعوة إسرائيل للسكان بالتوجه نحو رفح "يعني مضيه قدما في عملية تهجير باتجاه رفح ولاحقا سيناء، وتتم العملية تحت وطأة الجوع والحصار والأمراض والقصف".

وأوضح أن "الولايات المتحدة الداعم الأول لإسرائيل، حذرتها من التهجير"، لافتا إلى دعوات النزوح إلى منطقة المواصي جنوبي القطاع منذ بداية الحرب.

من جهته حذر الخبير الفلسطيني، اشرف عوكل من مخطط التهجير القسري لأهالي غزة، وقد بدأت سلطات الاحتلال الإٌعداد لتلك المؤامرة من خلال طلب إسرائيل ما يقارب من 250 ألف خيمة لكي يضعوها في منطقة المواصي، واستكمالا لهذا المشهد وتلك المؤامرة هناك محاولة من رئيس قبرص لتوفبر ممرات مائية آمنة عبر البواخر والسفن والمستشفيات الراسية على تلك السفن، من أجل التعامل مع السكان المتواجدبن في المواصي”.

وتعليقًا على مثل هذا السيناريو، كتب الأمين العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، محمد البرادعي، عبر إكس: "أرجو أن نكون مدركين للمخطط الإسرائيلي الغادر للتهجير القسري لأهالي غزة المخالف لكل القوانين والقيم، وأن نفعل ما بوسعنا لوقفه.. وأعتقد أن لدينا ما يمكن أن نفعله".

محمد.png

سلاح التجويع

قصف البني التحتية ومصادر المياه ومنع الاحتلال دخول المساعدات ووضع الاشتراطات لدخولها الى شمال القطاع وتركيز عمليات الإغاثة الإنسانية في الجنوب على محدوديتها كلها كانت اشارت لم تغقل عنها الأطراف الانمسانية التي اكدت ان تل ابيب تستخدم هذا الشكل من العقوبات للدفع بمخطط التهجير

واكد رئيس قسم الشؤون الإنسانية في منظمة أوكسفام الدولية ماثيو تروسكوت ان دولة الاحتلال تمارس حملة تجويع وتعطيش متعمدة لأكثر من مليوني إنسان يعيشون في القطاع، وهو أمر لا يجب على المجتمع الدولي السكوت عنه.

وبالتالي، فإن على العالم التحرك فورا لوقف القتال وإدخال المساعدات بشكل عاجل ومحاسبة كل من خرق القانون الدولي، والأهم من كل هذا: وضع حل سياسي للصراع الذي وصل بنا إلى هذه المرحلة المروعة.

هذه المخاوف شاركها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الذى حذر من خطر حدوث مجاعة في قطاع غزة، مؤكدا أن الإمدادات غير كافية على الإطلاق للتعامل مع مستوى الجوع الذي رصده موظفو البرنامج في ملاجئ الأمم المتحدة وأماكن النزوح الأخرى.

وقال برنامج الأغذية العالمي إنه من المحتمل جدا أن يكون سكان غزة، وخاصة النساء والأطفال، معرضين بشدة لخطر المجاعة إذا لم يتم ضمان الوصول المستمر للغذاء.

الى ذلك حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن أوامر الإخلاء الجديدة الصادرة عن الجيش الإسرائيلي والتوسيع الحاصل لعمليات التوغل البري لتشمل محافظة خان يونس من شأنها أن تمهد لتوسيع إضافي لدائرة حظر توريد الإمدادات الإنسانية في إطار مخطط التهجير القسري ضد السكان.

وأشار المرصد إلى أن إسرائيل استخدمت منذ بدء حربها على قطاع غزة من سياسة التجويع كأداة للإخضاع.

بدوره ووصف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل الوضع في غزة بأنه "كارثي ومروع" مع دمار "أكبر" نسبياً مما شهدته ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن عشرات آلاف النازحين الذين وصلوا إلى رفح منذ 3 ديسمبر "يواجهون ظروفاً كارثية في أماكن مكتظة بالسكان داخل وخارج الملاجئ".

وكان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، حذر من أن القتال في جنوبي قطاع غزة "سيوفر احتمالية كبيرة بأنهم (سكان غزة) ربما يرغبون في الفرار إلى أقصى الجنوب وتخطي الحدود".

مخطط الهجرة الطوعية

كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية أن خطة إسرائيلية عُرضت على مسؤولين كبار من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، و"نالت مباركتهم"، وفق الصحيفة، سيُرَوَّج لها مباشرة عقب الموافقة عليها.

وتشمل الخطة 4 مبادرات اقتصادية لـ 4 دول في المنطقة، هي مصر والعراق واليمن وتركيا، بحيث تقبل "هجرة طوعية وليس بالإكراه" للفلسطينيين إلى أراضيها.

هذا التوجه كشف عنه وزيرُ الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر أن بلاده تدرُس إمكانية تشجيع الهجرة الطوعية من قطاع غزة. وتحدثت مصادرُ إسرائيلية عن إمكانية توفير ممر جوي أو بري لمن يرغب في الخروج من القطاع.

من جهته قال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، خلال تصريح على حسابه على منصة "إكس"، اعتبر أن "الحل الإنساني الصحيح هو هجرة عرب غزة إلى دول العالم بشكل طوعي". مضيفا "الهجرة الطوعية واستيعاب سكان غزة في دول العالم هو حل إنساني ينهي معاناة اليهود والعرب".

الى ذلك قال المحلل السياسي عريب الرنتاوي إن إسرائيل تحاول ابتزاز المقاومة وتأليب السكان عليها، لكنها في الوقت نفسه تمضي في تنفيذ مخطط التهجير على نهج كل الأنظمة النازية عبر التاريخ من خلال التدمير والتجويع وجعل المكان غير قابل لأي حياة.

وقال الرنتاوي إن واشنطن ترفض التهجير القسري لكنها تؤيد الهجرة الطوعية لكي تقول إن الفلسطينيين مارسوا حقهم في التنقل.

الوعي بمخطط التهجير والاستعداد لمواجهته

في الاطار ذاته كشف الخبير الاستراتيجي اللواء أيمن جبريل إن وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي أكد أن القضية الفلسطينية تواجه منحنى شديد الخطورة والحساسية وتصعيدًا عسكريًا، غير محسوب لفرض واقع على الأرض هدفه تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن السلام لا بد له من قوة تحميه وتؤمّن استمراره، فالعالم اليوم ليس فيه مكان للضعفاء.

وتابع الخبير المصري أن مصر لن تصمت أمام مخطط تهجير الفلسطينيين وسبق وأن أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن هذا خط أحمر،

إلا أن خبراء ومحللين اعتبروا أيضا ان الحديث الإسرائيلي عن منطقة عازلة على طول القطاع من الشمال إلى الجنوب هو وثيق الصلة بمخطط لدفع الفلسطينيين نحو التهجير، حيث رأى اللواء سمير فرج مدير الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري أن هناك خطة وسيناريوهات موجودة وضعها الجيش المصري على خط الحدود مع غزة لمنع مخطط التهجير دون إيذاء أهالي غزة. وأضاف في تصريحات أن الخطط العسكرية جاهزة ومعدة سلفا وستنفذ فورا، إذا بدأ التهجير حماية للأمن القومي المصري والحدود.

يقول الكاتب محمد امين أن التصريحات الأردنية والمصرية المتكررة حول رفض التهجير هي في جوهرها أصداء لما يتردد في الغرف المغلقة، أو ما تحكيه فعليا خارطة الحرب التي يشنها الاحتلال على الأرض، وهو ما أكدته لاحقا ورقة سياسات صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية وتشير إلى أن تهجير الفلسطينيين من غزة نحو سيناء هو الخيار الأكثر مثالية بالنسبة للاحتلال على المدي الطويل.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo