كيف يتأثر قطاع غزة بافتتاح مطار العريش الدولي؟

تطوير مطار العريش الدولي
تطوير مطار العريش الدولي

من المنتظر أن يشهد شهر فبراير 2024، افتتاح مطار العريش الدولي الذي سيخدم أهالي شمال سيناء، وكذلك سكان قطاع غزة، حيث يقع المطار على مسافة قريبة من الحدود المصرية مع القطاع، ويمكن للراكب الوصول إليه في غضون ساعة من الوقت.

واستعرضت قناة صدى البلد المصرية، مراحل أعمال تطوير مطار العريش الدولي والذي يجرى العمل فيه في الوقت الراهن تمهيداً لتشغيله في شهر فبراير المقبل، وأظهرت أنه يحتوي على ممرات للإقلاع والهبوط وصالات استقبال ووصول وكذلك صالة الحجاج.

كما كشف المهندس أحمد العبد، مدير مشروع تطوير مطار العريش الدولي، أن العمل في مشروع المطار وميناء العريش بدأ منذ 3 سنوات، مضيفاً أن هناك 35 منشأة جديدة (مباني ) في مطار العريش الجديد.

هل انتهى مطار غزة؟

في ضوء ما سبق، استقرأ "زوايا" آراء المختصين والمراقبين، حول المعطيات والنتائج المترتبة سواء الاقتصادية أو السياسية وراء افتتاح مطار العريش الدولي، وهل يأتي هذا التطور ضمن تفاهمات مصرية فلسطينية أو اتفاقات عربية ودولية تؤسس لمرحلة جديدة في المنطقة والإقليم، وهل يمكن أن يكون الاحتلال الإسرائيلي جزء من هذه التفاهمات؟

وقبل الولوج في التفاصيل، فقد تباينت آراء المواطنين والنشطاء الفلسطينيين لدى سماعهم نبأ قرب افتتاح مطار العريش، فمنهم من عبر عن ارتياحه لأهمية هذه الخطوة التي ستسهل سفر الغزيين، ومنهم من عبر عن الفرحة الممزوجة بالحسرة، على اعتبار انتهاء حُلم عودة تشغيل مطار غزة الدولي مرة أخرى، ذلك بعد أن دمره الاحتلال الإسرائيلي عام 2001 بشكل كامل، بعد مضي ثلاثة أعوام فقط على إنشائه في العام 1998 وفقاً لاتفاقية أوسلو.

ومن جملة هؤلاء المهتمين، كتب الناشط حسين السقا على حسابه الشخصي فيس بوك " فكرة وحلم الياسر أبو عمار لإنشاء مطار غزة الدولي انتهت للأبد بعد أن كانت واقع لتحقيق السيادة، وللأسف انتهت بعد رحيل القائد وافتراق شطري الوطن، وترحيل وتقاعد كادر وموظفي المطار، لتبدأ فكرة ومخطط جديد للعمل وتشغيل مطار العريش بدلاً عنه كأول رحلات مع بداية شهر فبراير القادم للمسافرين من قطاع غزة".

منشور السقا.jpg
الهيقي.jpg
الزقوق.jpg
مطر.jpg
أما محمد خالد النجار صاحب شركة العارف للسياحة والسفر والحج والعمرة، يرى أن تشغيل مطار العريش الدولي "مهم جدا وإيجابي" بالنسبة لهم ولسكان القطاع، ويساهم في تسهيل حركة السفر بكل المقاييس، وخاصة من حيث تقليل التعقيدات والتكاليف الحالية.

وأوضح النجار لـ"زوايا" أن من البشريات المعلنة حول مطار العريش الدولي الجديد، بأنه سيتم تخصيص صالة للحجاج والمعتمرين، الأمر الذي من شأنه أن يسهل وصولهم إلى الديار الحجازية بشكل سلس وسريع، ويريحهم من عناء السفر الذي يواجهونه أثناء هذه الرحلة الإيمانية.

اقرأ أيضاً: كُتاب سعوديون: حان وقت "السلام" بين تل أبيب والرياض

وبالمقابل، عبر صاحب شركة العارف عن تمنياته بعودة تشغيل مطار غزة الدولي، والذي كان يشكل محطة سيادية لدولة فلسطين، معتبرا أن تدمير الاحتلال لهذا المطار كان المقصود منه كسر هذه السيادة ومضاعفة معاناة سكان قطاع غزة، وعزلهم عن العالم الخارجي.

وتاريخياً، فإن مطار العريش كان يعتبر مركز عمليات الخطوط الجوية الفلسطينية بعد تدمير مطار غزة الدولي من قبل الاحتلال في العام 2001، وقد استخدمه فلسطينيو قطاع غزة في نقل الحجاج والمعتمرين من وإلى السعودية، قبل أن يخصص المطار للأغراض العسكرية بعد العام 2013، كما استقبل المطار في العام 2014 طائرتين سعوديتين محملتين بالمساعدات الإنسانية لقطاع غزة في العام 2014.

مصلحة مشتركة

بدوره، اعتبر أسامة نوفل مدير عام وزارة الاقتصاد الوطني بغزة، أن مطار وميناء العريش الدوليين، كان محل تباحث بين الجانب المصري والوفد الفلسطيني من غزة خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أنه جرى توافق على تحقيق المصلحة والمنفعة للطرفين من ذلك.

ولفت إلى أن الأنباء عن قرب الانتهاء من إنشاء المطار في فبراير 2024 لا يعني أن عمليه تشغيله ستكون في نفس الفترة، وإنما ستكون في فترة لاحقة، ربما ليست بالقريبة، منوها إلى أن "تشغيل مطار العريش سوف يُسهل حركة السفر للأفراد ذهاباً وعودة، كما سيسهل نقل البضائع إلى القطاع".

وأوضح نوفل لـ"زوايا" أن الهدف من إنشاء المطار والميناء بالعريش ليس فقط منفعة قطاع غزة، وإنما هناك مصلحة مصرية في إطار خطة التنمية في شمال سيناء، والتي كان قد أعلن عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأشار نوفل إلى أن البُعد الاقتصادي واضح من وراء تشغيل المطار والميناء، وهي لا تقتصر على تسهيل حركة المسافرين من قطاع غزة وخاصة الحجاج والمعتمرين، وإنما أيضاً الاستفادة منهما في عملية الاستيراد والتصدير من قطاع غزة وبالعكس.

ونوه نوفل إلى التأثير الاقتصادي "الإيجابي" على قطاع غزة من وراء المطار والميناء المصريين، من حيث تخفيف تكاليف الشحن والنقل بالنسبة للتجار الغزيين المستوردين من مصر، فضلاً عن الاستيراد المباشر من مصر.

وحول رؤيته للموقف الإسرائيلي من التبادل التجاري بين غزة ومصر عبر مطار وميناء العريش؟، فقد استبعد نوفل أن يكون لـلاحتلال الإسرائيلي موقف معارض أو معرقل لهذه الخطوة، لأن المطار والميناء خاضعان للسيادة المصرية، والتبادل التجاري بين مصر وقطاع غزة يجري حاليا ومازال مستمراً حتى اللحظة، حسب تعبيره.

تفاهمات فلسطينية مصرية

من ناحيته، يرى د. محمد السعيد ادريس أستاذ العلوم السياسية ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن إنشاء مطار العريش الدولي سيكون مفيدا جداً للتنمية في محافظة شمال سيناء، وسيكون متنفساً كبيراً لسكان قطاع غزة في التنقل والسفر، بدلاً من السفر الطويل إلى مطار القاهرة.

وعلى الصعيد السياسي، فقد أشار ادريس في حديث مقتضب لـ"زوايا" إلى أن ما يتردد هو أن مطار العريش يأتي ضمن التفاهمات والتسويات بين مصر وحركة حماس في قطاع غزة والسلطة الفلسطينية في رام الله"، منوهاً إلى أنه ربما يكون "الجانب الإسرائيلي" طرف غير مباشر في هذه التفاهمات.

وعقب إدريس قائلاً: "بشكل عام، مطار من هذا النوع، لا يمكن أن يؤسس إلا في إطار تفاهمات إقليمية ممكن أن تكون إسرائيل طرف فيها ولو بشكل غير مباشر"، وعاد ليؤكد "إنما هو تفاهم مصري فلسطيني بشكل أساس يخص الطرفين، وأولاً وأخيراً مطار العريش الدولي هو ضمن مخطط تعمير سيناء ومُنشأ على أرض مصرية"، حسب تعبيره.

 تخفيف للأعباء

من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أيمن الرقب، أن تشغيل مطار العريش خلال فترة قريبة "خطوة مهمة للتخفيف على الفلسطينيين الذين يعانون مشقة السفر في الوصول إلى مطار القاهرة، وخاصة الذين ينوون السفر لخارج مصر"، معتقدا أنه "يخفف بعض الأعباء الاقتصادية، حيث يوفر على الفلسطينيين مبالغ تُدفع للمواصلات والفنادق".

غير أن الرقب في حديثه لـ"زوايا" لا يرى في الخطوة المصرية لإنشاء وتشغيل مطار العريش الدولي أي تأثيرات سياسية، متمنياً على جمهورية مصر أن تُعامل الفلسطيني من قطاع غزة كما تعامل الأردن الفلسطيني من الضفة الغربية، لاسيما في مجال التعليم والصحة والإقامة والتنقل كما كان الوضع في ستينيات القرن الماضي.

ومن وجهة نظر الرقب فإن إنشاء المطار الدولي في العريش "ليس مرتبطاً بأي أطراف أخرى لا عربية ولا الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكداً أن تشغيل المطار يعتبر جزء من مبادرة مصرية وتفاهمات بين الجانبين المصري والفلسطيني، تم الاتفاق عليها قبل قرابة عام للتخفيف على الفلسطينيين حركة التنقل، ومن ضمنها تشغيل محطة سكة حديد وميناء العريش.

يجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة للمعابر والحدود بغزة، أعلنت في بيان لها، أنه تم تسجيل مغادرة 113,234 مواطناً منذ بداية العام الجاري 2023، عبر كشوفات وزارة الداخلية وكشوفات التنسيق، فيما تم تسجيل وصول116,651 مواطناً.

تداعيات إيجابية على غزة

وضمن رؤيته التحليلية، ذكر محمد نصار الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي، أن تشغيل مطار وميناء العريش لفلسطينيي قطاع غزة كان حاضراً في اللقاءات التي جرت في مايو الماضي، والتي جمعت الأشقاء في مصر مع رئاسة لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة من جهة، ومن جهة أخرى ضمن الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون بين الحكومة الفلسطينية والحكومة المصرية، وذلك من أجل التسهيل عن الفلسطينيين في قطاع غزة.

ولفت نصار في حديث لـ"زوايا" إلى أن إعادة العمل وتطوير ميناء العريش ومطار العريش، يأتي ضمن خطة الأشقاء في مصر لتنمية شمال سيناء، والتي تأتي بالدرجة الأولى من أجل جذب رجال الأعمال المصريين والأجانب، وكذلك السياح إلى شمال سيناء، مما يوفر فرص عمل للسكان المحللين ويعمل على تنمية شمال سيناء اقتصادياً، ويعزز الإيرادات الحكومية من العملة الأجنبية.

وتوقع نصار أن يكون لافتتاح مطار العريش الدولي وميناء بالعريش تداعيات إيجابية على الصعيد الفلسطيني منها تعزيز التعاون الإقليمي المصري الفلسطيني، كما سيساهم في إحياء الخطوط الجوية الفلسطينية، وربما يعود مطار العريش كمركز عمليات للشركات الفلسطينية، وربما نجد شركات نقل بحري فلسطينية ترسو في ميناء العريش، كما ستجذب المنطقة رجال الأعمال الفلسطينيين، حسب تعبيره.

وعلى صعيد قطاع غزة، ذكر نصار أنه استخدام هذه المرافق سيؤثر على واقع قطاع غزة عبر تعزيز التجارة والسياحة وتوفير فرص العمل، من خلال تسهيل حركة المسافرين وتقليل مدة السفر وزيادة خيارات السفر لديهم، وتسهيل حركة البضائع من وإلى قطاع غزة، والتخلي عن الموانئ "الإسرائيلية"، وعدم السماح لدولة الاحتلال باستغلال الفلسطينيين من خلال استخدام مطار رامون.

ويرى أن هذا سيساعد في الانفكاك الفلسطيني التدريجي عن دولة الاحتلال، وربما مستقبلاً يتم تسيير رحلات سياحية عربية إلى قطاع غزة، متوقعا أن يؤدي الربط بين قطاع غزة ومصر إلى استقرار المنطقة، ما قد يساعد في الوصول إلى اتفاق هدنة طويل المدى.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo