المؤتمر الثامن.. حركة "فتح" إلى أين؟

اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح الدورة الحادية عشر
اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح الدورة الحادية عشر

حدد الرئيس محمود عباس في كلمته في دورة المجلس الثوري الحادية عشرة التي عقدت في الـ25 من الشهر الماضي، موعداً للمؤتمر الثامن لحركة فتح يوم السابع عشر من شهر ديسمبر للعام الحالي.

وتأتي الدعوة لانعقاد المؤتمر بعد انقطاع دام سبعة أعوام منذ عقد نظيره السابع في (نوفمبر) 2016، وسط أزمات داخلية تعصف بحركة فتح، وحالة من الترهل في الأطر والمكاتب التنظيمية، وآمال كبيرة معلقة على نتائجه، حيث يطمح الكثيرون أن يكون مخرجًا للحركة من مآزقها العميقة والعديدة؟ وألا يكون استنساخاً للمؤتمرين السابقين اللذان عقدا في بيت لحم ورام الله.

استعادة وحدة فتح

وأكد القيادي في فتح "أحمد غنيم" أن عقد المؤتمر الثامن على أرضية الطريقة التي يجري التحضير لها، سيعزز الانقسام الداخلي لحركة فتح.

وقال خلال مقال له إن هناك متطلبات لعقد "مؤتمر ثامن" ناجح أهمها استعادة الوحدة الداخلية لحركة فتح، بعد أن خرجت الخلافات بين أعضاء اللجنة المركزية للحركة للعلن، وأحدثت خللاً في وحدة الحركة.

وأضاف أن المطلوب لقاء حركي واسع لكوادر الحركة لإعادة انتاج الوحدة الداخلية، التي تتضمن انهاء سياسة الاقصاء والتهميش التي تمارسها قيادة الحركة مع ابناء الحركة المختلفين معهم من وجهة نظر سياسية وتنظيمية، وإلغاء كل قرارات الفصل التي اتخذت بحق قيادات حركية خلافاً للنظام الداخلي.

وشدد "غنيم" على أن عقد المؤتمر العام لحركة فتح شأن يتخطى البعد الداخلي التنظيمي، ويمس كافة أبناء الشعب الفلسطيني، ودول المحيط وعدد من الدول التي يدخل الشرق الأوسط في مجال مصالحها الحيوية.

اقرأ/ي أيضا: فلسطينيو المهجر يحولون أوروبا مسرحاً لنصرة قضيتهم

وأشار إلى أن عقد المؤتمر يأتي ضمن حالة ضعف وتفكك داخلي وانغلاق سياسي في مواجهة أعتى حكومة يمينية صهيونية تستهدف حسم الصراع وقلع الفلسطينيين من أرضهم، وأمام تحولات عالمية هائلة لعالم تتجه إلى تعدد الأقطاب، وبعد موجة تطبيع لم ينته اندفاعها بعد من بعض الأنظمة العربية مع دولة الاحتلال.

ودعا القيادي الفتحاوي إلى تجنب استنساخ تجربة المؤتمرين السادس والسابع، في البعدين النظامي والإجرائي والبعد الموضوعي المتعلق بأهداف المؤتمر وأوراق العمل السياسية والوطنية والتنظيمية، مؤكدًا أن نسخ تجربة المؤتمر السادس والسابع مرة أخرى سوف تطيح بكل الآمال المعلقة على المؤتمر الثامن.

إلغاء ظاهرة التهميش والإقصاء

من جهته دعا "نبيل عمرو" القيادي في فتح والوزير الفلسطيني السابق حركة "فتح" لمعالجة كومة من القضايا الداخلية والوطنية وتوفير مخارج منها، وعدم الانشغال بصراعاتها التنافسية الداخلية.

وشكك "عمرو" خلال مقال له في عقد مؤتمر فتح في موعده المحدد، وفي أن يستطيع المؤتمر أن يُخرج الحركة من مآزقها العميقة والعديدة، مشيراً إلى أن فتح بحاجة إلى مؤتمر توحيدي يتخذ سمة ووظيفة المؤتمر التأسيسي.

وأضاف: "المطلوب مؤتمر يلغي ظاهرة التهميش والاستبعاد والاستثناء، ولا تسيطر عليه هواجس الخلافة، ولا يتم اختيار اعضاءه على طريقة التقاسم المسبق للأصوات ويبحث في الخيارات السياسية وآليات تنفيذها.

وطالب الوزير السابق بوجود مراقبين من كافة دول العالم، وأن تشرف لجنة الانتخابات المركزية على انتخابات المؤتمر، لتوفير مصداقية أمام الشعب الفلسطيني والعالم، بأن وضع حركة فتح الداخلي متين وموحد، وتمتلك قيادة منتخبة بصورة عادلة وصحيحة.

وشدد على أن مؤتمر فتح يجب أن يكون اختبارا مفصليا لفتح كلها، وليس لمن تبقى فيها.

مسار حركة فتح

هذا وقدم "يونس العموري" الكاتب والمحلل السياسي مقدمة لمطالعة نقدية لواقع حركة "فتح" وسبل استنهاضها خلال مؤتمرها الثامن.

وقال إن هناك تيار في فتح يدفع الحركة باتجاه تبني ما يسمى بالواقعية السياسية والتسليم بوقائع العصر الجديد، وأن تخلع ثوبها من الناحية النظرية، فيما يحاول تيار آخر أن يعتمد على أسلوب إعادة لململة مبعثرات فتح خدمة لمنهاج سياسي ما ولصالح أجندة إقليمية ودولية، وبعيدا عن المتطلبات الوطنية واستحقاقات المرحلة والتي تتطلب استنهاضًا سياسيًا مستندًا على الثوابت الكفاحية واستعادة فتح لزمام المبادرة الوطنية.

وأشار "العموري" في مقال له إلى الأصوات التي تنادي بأن تتحول فتح إلى حزب سياسي يمارس احتراف العمل والفعل السياسي على الساحة الفلسطينية، معتبرًا أن ذلك يشكل مقتلاً لحركة فتح، كونها حركة تحرر وطني وليست حزبا سياسيا أيدولوجيا أو عقائديا، حسب قوله.

وأكد الكاتب أن الخلاف الداخلي الفلسطيني كان جزءا من أجندة الخلافات الإقليمية، التي ألقت بظلالها على حركة فتح، مستبعدا أن يتم حل الخلافات الداخلية ما بين فتح وحماس واستعادة أواصر الوحدة، إلا من خلال إعادة صياغة فتح تنظيميا وسياسيا وقياديا.

ورأى "العموري" أن حركة فتح اليوم بعيدة كل البعد عن ما جاء في نصوص وأدبيات مؤتمراتها الخمسة الأولى، وهو ما يتطلب بحسب رأيه إلى رصد وقائع فتح وحقائقها للإجابة على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان الكثير من الباحثين والمراقبين والدارسين لمسار حركة فتح.

اقرأ أيضا: نفخ إعلامي في التطبيع العربي يقابله تقصير فلسطيني

ووصف الكاتب ما تتعرض له فتح في الظرف الراهن بمعايشتها لمخاض ما قبل الولادة الجديدة لفتح، والتي قد تكون ولادة مشوهة تأتي بشيء آخر غير فتح التي نعلم ونعرف، أو أن تكون انبعاث لطائر الفينيق الفتحاوي من تحت رماد وركام أزماتها وتناقضاتها.

الوطن المعنوي

بدوره اعتبر "عاطف أبو سيف" الكاتب والروائي ووزير الثقافة الفلسطيني أن عقد حركة فتح لمؤتمرها الثامن، ضرورة وطنية، ويشكل إعادة تجديد لمفاصل أساسية في النظام السياسي الفلسطيني.

وكشف خلال مقال له أن فتح بحاحة لتقديم أفكار جديدة، تعالج الواقع وتنظر إلى أخطاء الطريق وعثرات المسيرة وتستجيب لبعض التحولات الحقيقية في وعي الناس وفي تصوراتهم الحديثة لأن الحياة تتطور ومنظور المواطنين يتغير.

كما أشار إلى وجود مزيد من التشتت الفلسطيني بفعل الحروب داخل الدول العربية ما يخلق حاجة نحو تطوير مفاعيل جديدة للحفاظ على الحالة الوطنية كشيء متكامل ومن أجل تقديم برامج تمثيلية تضم الكل ضمن نطاق مؤسسات النظام السياسي والوطن المعنوي الذي تمثله منظمة التحرير.

وطالب "أبو سيف" بأن تكون "منظمة التحرير" جملة مفتاحية لبرامج حركة فتح المستقبلية ضمن مخرجات المؤتمر الثامن للحركة، وأن تكون "فتح" أشد حرصاً على مواصلة منظمة التحرير التي وصفها بالوطن المعنوي الذي يضم الجميع.

وقال الوزير الفلسطيني إن حركة "فتح" ظلت متماسكة في زمن تفككت فيه كل التنظيمات العربية الكبرى، وبقيت منظمة التحرير في وقت آل فيه الكثير من الدول إلى السقوط والانزياح والاختفاء عن الخريطة.

وأضاف أن هذا التوجه الفتحاوي يجب أن يظل المحرك الأساسي في النضال من أجل الحفاظ على الحركة ووجودها، وأن يشمل مؤتمرها الثامن على تطوير برامج قادرة على قراءة الواقع الفلسطيني والاستناد إليه في صياغة الوعي الفتحاوي في المرحلة المقبلة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo