فلسطينيو المهجر يحولون أوروبا مسرحاً لنصرة قضيتهم

مؤسسات فلسطينية في أوروبا
مؤسسات فلسطينية في أوروبا

لم تكن الهجرة الى أوروبا غربة أو مساراً يبتعد بالفلسطيني عن قضيته، بقدر ما تحولت إلى ساحة للنضال والفعل الدؤوب، استثمرها الفلسطيني المهاجر لإعادة التأكيد على حقوقه بالمعنيين السياسي والإنساني، ووضعها أمام ضمير العالم الذي خاطبه بلغاته المختلفة.

واتجه الفلسطيني في مهجره إلى مأسسة هذا النضال عبر تنسيقيات وتحالفات ومؤسسات داخل أوروبا، منها: مؤتمر فلسطينيي أوروبا، والاتحاد العام للجاليات الفلسطينية، واتحاد المؤسسات والجاليات الفلسطينية في أوروبا، والعديد من الحركات والمنظمات التي نشطت في مجال المقاطعة والدفاع عن الحقوق السياسية والإنسانية الفلسطينية.

وتمكنت هذه المؤسسات من تخطي زيف الرواية التي ظلت لزمن طويل حكرا على الإسرائيلي، وكسرت حاجز العزلة الذي فرضه على الفلسطيني، وكان يشكل جدار صد مانعا للتواصل مع هذا العالم الذي بدا تواقا لمعرفة أبعاد الصراع والمعاناة الحقيقية.

اقرأ/ي أيضاً: زوايا تكشف.. لا إجماع وطني على إعادة مسيرات العودة

ومنذ ذاك الحين إلى اليوم لوحظ تغير الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة حول هذا الصراع، ولم تكن أوروبا أكثر قرباً من فلسطين كما هو الحال اليوم، بفضل هذا الدور الذى لعبته هذه المؤسسات في مناصرة القضايا الإنسانية.

في بروكسل جسد الفلسطيني هذا الحضور بشكل لافت من خلال العديد من الفعاليات والمؤتمرات والنشاطات، التي تمحورت حول المعاناة الإنسانية وتَنَكُّر الاحتلال للقانون الإنساني واتساع نطاق العنصرية داخله، وكيف أسهمت حالة الصمت الدولي وتحديدا الأوروبي وسياسة ازدواجية المعايير في اتساع نطاق هذا العدوان على الفلسطينيين وتعميق مأساتهم.

الجالية الفلسطينية في أوروبا من ثقل بشري الى قوة سياسية

رغم قدم الوجود الفلسطيني في أوروبا والذي يعود الى مطلع السبعينات، إلا إنه لم يكن بهذا المستوى من التأثير والحضور اليوم، والذي يعود إلى إيمان وقناعة تشكلت لدى الكثيرين بأن الساحة الأوروبية يمكنها أن تشكل قاعدة لمناصرة الحق الفلسطيني، مع ضرورة العمل على تحويل هذا الوجود إلى لوبي ضاغط على الحكومات الأوروبية، وتحريك الشارع باتجاه مناصرة الحق الفلسطيني ورفض الاحتلال.

عضو الأمانة العامة لاتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا حمدان الضميري، أكد في حديث لـ "زوايا" أن اتساع موجات الهجرة الفلسطينية إلى أوروبا مؤخرا، والتي بلغت وفق الإحصاءات أكثر من 800 ألف لاجئ، هي من شجعت إنشاء جمعيات ومؤسسات في أوساط الجاليات الفلسطينية في ألمانيا وبلجيكا والدول الاسكندنافية خاصة السويد والدنمارك للاستفادة من هذا الوجود والعمل على تنظيمه دخل إطار مؤسساتي.

وأضاف الضميري، أن هناك مساع حقيقة تبذل لخلق جسم تنسيقي لتوحيد الجهود بين جميع هذه المؤسسات في أوروبا، والعمل على استثمار هذا الثقل داخل الدول الأوروبية، للتأثير على التوازنات والخارطة السياسية والانتخابية، بما يخدم مصالح وقضايا شعبنا الحيوية، رغم أن الانقسام الفلسطيني ترك آثاره على الجميع حتى في أوروبا، وحد من قدرة الفلسطينيين ومؤسساتهم على التحرك وإيصال رسالتهم إلى العالم، على حد تعبير الضميري.

التحالف الأوروبي لمناصرة اسرى فلسطين

من برلين إلى بروكسل واستكهولم وصولا إلى مدريد، حشد الفلسطينيون المواقف المؤيدة لقضاياهم العادلة والإنسانية، والتي شكلت معاناة الأسرى أبرز عناوينها، من خلال التعريف بهذه المأساة التي يعيشها أكثر من 4000 آلاف أسير في سجون الاحتلال، وتمكنت من استقطاب الاهتمام الأوروبي لهذه القضية.

المنسق العام للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين د. خالد الحمد، أكد في حديث لـ "زوايا" على أن التحالف والذى تأسس قبل عشر سنوات بمبادرة من أكثر من ستين شخصية فلسطينية في أوروبا، أخذ على عاتقه تبني قضية الأسرى، ونقل معاناتهم إلى العالم الغربي ، لما تتمتع به هذه القضية من أبعاد إنسانية ووطنية وقانونية، حيث تمكن التحالف من تجنيد المواقف الأوروبية ضد الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية العنصرية ضد الأسرى عبر سلسلة من المؤتمرات التي انطلقت منذ عام 2014 إلى اليوم.

وأضاف الحمد، أن القائمين على التحالف يستعدون الى إطلاق النسخة الثامنة من المؤتمر الخاص بدعم الأسرى في العاصمة الإسبانية مدريد، نهاية شهر أيلول القادم (2023) بالتزامن مع اتساع حدة الانتهاكات والهجمة الإسرائيلية على الحركة الأسيرة.

اقرأ/ي أيضاً: حركة التضامن الدولية تعزل "إسرائيل" في بروكسل

وأوضح الحمد أن استعدادا أوروبيا غير مسبوق للضغط على حكومة الاحتلال، بعدما ضاقت الحكومات الغربية ذرعا بممارسات الحكومة العنصرية الحالية في إسرائيل، على حد تعبيره.

مؤتمرات ومؤسسات حقوقية في أوروبا تنتصر لفلسطبن

وقد شكلت الأبعاد الإنسانية والقانونية للقضية الفلسطينية على وجه الخصوص مدخلا للعديد من المؤسسات التي اتخذت من أوروبا قاعدة للنضال الحقوقي والمدني وحتى النقابي، لمخاطبة العالم الغربي تحت هذا العنوان، واستطاعت التأثير على السياسات الأوروبية، وليس مجرد المواقف من خلال التقارير التي كشفت للعالم هول جريمة الحرب التي تدور رحاها على الأراضي الفلسطينية.

وتوزعت هذه المنظمات على العواصم الأوروبية، وساهمت بشكل كبير في توفير مادة حقوقية للنضال على جبهة العالم الحر وصناعة الرأي العام، وتوثيق ما يدور من انتهاكات وممارسات لا إنسانية بحق الفلسطينيين، وشكل عملها محركا للعديد من لجان التحقيق الدولية التي انطلقت لتقصي الحقائق حول الجرائم الإسرائيلية والتي ترقى إلى مستوي جرائم الحرب.

كما تأسست العديد من الشبكات والمؤتمرات خارج أوروبا منها مؤتمر المهندسين الفلسطينيين في أوروبا ومؤتمر المرأة الفلسطينية في أوروبا ومؤتمر المؤسسات العاملة لفلسطين في أوروبا ومؤتمر الشاب الفلسطيني.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo