لا ديمقراطية مع الاحتلال

مختصون: الشرخ الإسرائيلي يزداد.. والجيش لن ينقلب على الحكومة

اجتماع نتنياهو مع قيادة الجيش
اجتماع نتنياهو مع قيادة الجيش

مع تطور الأزمة الداخلية في "إسرائيل" بشكل دراماتيكي، بفعل التعديلات القضائية التي تصر حكومة "نتنياهو" اليمينية على تمريرها، تزداد التساؤلات حول الخارطة التي سيفرضها "الانقسام الإسرائيلي" في المستقبل على الإسرائيليين أنفسهم، وعلى القضية الفلسطينية؟، وحول موقف المنظومة العسكرية من هيمنة الأحزاب المتشددة على حساب ما تسمى بالديمقراطية والليبرالية داخل دولة الاحتلال؟.

وفي السياق توقع "نظير مجلي" الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية أن تستمر الأزمة الداخلية والمعركة ضد اليمين الحاكم في "إسرائيل" لعدة سنوات، حتى يستطيع المحتجون الانقلاب على ما أسماه الانقلاب اليميني، وأن يأتوا بقيادات وأفكار إسرائيلية جديدة، وأن يحدثوا تغييرات في العقيدة السياسية لحكومة "اسرائيل".

وبين "مجلي" خلال حوار مع موقع "زوايا" أن الذي يقود التظاهرات ضد اليمين الإسرائيلي ليسوا أحزاب اليسار والوسط فقط، بل أركان الدولة العميقة التي تشمل قيادة الجيش والمخابرات والشرطة، إضافة إلى معاهد الأبحاث والمؤسسات الأكاديمية، والجهاز الاقتصادي بكافة أنواعه، مشيرًا إلى أن كل هؤلاء يصبون في معركة واحدة اليوم لمنع هذا الانقلاب القضائي.

مخطط قديم

وكشف المختص في الشأن الإسرائيلي أن مخطط اليمين المتطرف للسيطرة على الحكم في "إسرائيل"، بدأ منذ قرابة عقدين من الزمن، وبالتحديد منذ بدء خطة الانسحاب أحادي الجانب عن قطاع غزة، والتي شملت إزالة 18 مستوطنة، واخلاء أكثر من 8 آلاف مستوطن.

اقرأ/ي أيضاً: صحيفة روسية: إسرائيل على شفا حرب أهلية

وأضاف "مجلي" أن اليمين الإسرائيلي المدعوم ماليًا وفكريًا وايديولوجيًا من اليمين الأمريكي، قرر منذ ذلك الوقت أن يعمل بكل قوة لمنع وجود حكومة إسرائيلية تقوم في المستقبل بانسحاب مماثل في الضفة الغربية، ولتحقيق ذلك أقام "جهاز فعال" لزرع نشطاء وقيادات يهودية شابة في مؤسسات الدولة العبرية لتغيير نظام الحكم، وضمان تشكيل حكومة يمينية خالصة، وهو ما تحقق في الحكومة الإسرائيلية الحالية.

ضرب عقيدة الجيش

وتطرق "مجلي" إلى مشاركة كبار الجنرالات في جيش الاحتلال في التظاهرات ضد الانقلاب القضائي، أمثال "دان حالوتس" رئيس أركان الجيش السابق، و"موشيه يعلون" وزير الأمن السابق، و"يوفال ديسكين" الذي كان رئيسًا للشباك، وقال إنهم يشعرون بالقلق أكثر من غيرهم، لاسيما وأن معركة اليمين المتطرف تستهدف الجيش بصورة مباشرة.

وأشار "مجلي" إلى أن جيش الاحتلال يرى أن اليمين الاسرائيلي يأخذ "اسرائيل" إلى متاهات، ومن الممكن أن يفقده الكثير من الحصانات التي يتمتع بها، مضيفاً أن الجيش يقود سياسة حربية لمنع وقع شلل داخل "إسرائيل" من جهة، ومن جهة أخرى يلعب دورًا اقليميًا في مواجهة عدد من القوى السياسية في المنطقة.

وأكد أن اليمين الإسرائيلي يدير حملة تحريض ويشن هجومًا عدائيًا لضرب عظام الجيش، تعود جذروه لعام 2010، عندما رفض قادة الجيش بمشاركة قادة الموساد والشاباك شن هجوم عسكري ضد إيران.

ورأى الباحث في الشأن الإسرائيلي أن منظومة الجيش تتدهور بشكل خطير، وصلت إلى درجة توجيه اليمين المتطرف اتهامات لقادة الجيش بالتنازل عن العقيدة القتالية، وغياب الشجاعة والإقدام تجاه العدو، كما حدث في مخيم جنين، وقطاع غزة، ومؤخرًا على الحدود مع لبنان.

الانقسام تجاوز الكنيست

من جهته قال "طلب الصانع" رئيس الحزب الديمقراطي العربي، وعضو الكنيست السابق إن الانتخابات القادمة في "إسرائيل" ستجري على وقع الانقسام الحالي، مشيرًا إلى أن هذا الانقسام تجاوز الكنيست، ووصل إلى أعضاء الليكود أنفسهم، حيث تشير استطلاعات الرأي في "إسرائيل" أن الائتلاف الحاكم فقد الأغلبية.

وكشف "الصانع" خلال حديث لـ"زوايا" أن اليمين الإسرائيلي المتطرف يؤمن بأرض "اسرائيل" الكبرى، ويعارض تقديم أي تنازل في الضفة الغربية، وضد إقامة دولة فلسطينية.

وأوضح أن التعديلات القانونية التي يقترحونها، تهدف إلى تقليص دور المحكمة العليا، ما يعني جنوح وجنون في القرارات الإسرائيلية المتطرفة دون حسيب ولا رقيب، مؤكدًا أن هؤلاء الفاشيين يشكلون خطرًا على المستوى الداخلي الاسرائيلي، وعلى فلسطيني الداخل، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمنطقة بأكملها.

وتابع عضو الكنيست السابق:" نحن كعرب لا نشعر بالديموقراطية، ولكن ما تبقى من الديموقراطية اليهودية نفسها اليوم في خطر، بعد تغلب البعد اليهودي التوراتي على البعد العلماني الليبرالي، وفي ظل إلغاء فصل السلطات وهيمنة السلطة التنفيذية".

وبين "الصانع" أن الانقسام الإسرائيلي ضرب أيضا منظومة جيش الاحتلال الذي يوجد فيه أغلبية علمانية، ويتأثر كذلك بهيمنة اليمين المتطرف.

عدم المبالغة

بدوره أكد "زياد أبو زياد" الوزير الفلسطيني السابق، والسياسي المقدسي، أن الانقسام الحالي في "إسرائيل" لن يغير من الأجندة السياسية للحكومة الإسرائيلية، ولا داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي يتجه نحو مزيد من اليمين والتطرف.

ودعا "أبو زياد" من خلال حديثه لـ"زوايا" إلى عدم المبالغة في تقييم آثار وانعكاسات ما يحدث في "إسرائيل" على مستقبل الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال، معربًا عن اعتقاده في أن تستمر دولة الاحتلال في سياستها التقليدية ضد الحقوق الفلسطينية.

اقرأ/ي أيضاً: خبير لـ "زوايا": الدولة العميقة هي من تقود التظاهرات في "إسرائيل"

وبين الوزير الأسبق أن دولة الاحتلال لا يحكمها دستور، وأن إلغاء رقابة المحكمة العليا على تصرفات الحكومة الإسرائيلية، وتشريعات الكنيست، يعطي الحكومة والوزراء الحرية في التصرف كيف يشاؤون.

وأضاف أن مصادقة الكنيست على قانون "عدم المعقولية" يلغي حق الاعتراض والطعن في أي قانون أو بعض التصرفات التي تصدر عن الحكومة والوزراء، أمام المحكمة العليا كما كان يحدث في الماضي.

وأشار "أبو زياد" أن ذلك يثير مخاوف ما يطلق عليهم بالديمقراطيين أو الليبراليين في "اسرائيل"، لأنهم يعتقدون ان ذلك سيكون مدخلًا لتحول "اسرائيل" من دولة تصف نفسها بالديمقراطية، إلى دولة دينية تسيطر فيها الشريعة اليهودية على كل مناحي الحياة.

واستدل السياسي المقدسي بتصريحات صدرت عن عدد من الوزراء المتدينين، أكدوا فيها في أكثر من مناسبة أن قوانين "التوراة" تعلو على كل شيء، وأنها المرجعية لكل شيء.

الجيش غير مسيس

ونفى "أبو زياد" أن يكون هناك في "إسرائيل" من يطلق عليهم بالديمقراطيين، قائلاً:" لا ديمقراطية مع الاحتلال، وأي نظام يقبل على نفسه أن يحتل شعب آخر، لا يستطيع أن يسمي نفسه نظام ديموقراطي".

وحول موقف جيش الاحتلال مما يجري على الأرض، استبعد "أبو زياد" أن ينقلب الجيش على الحكومة كونه غير مسيس، وينفذ سياسة وقرارات الحكومة، موضحا أن الذين انضموا للاحتجاجات على التعديلات القضائية، ويرفضون الخدمة في الجيش هم من الاحتياط وليس من النظاميين.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo