اقتصاد الجماعة في غزة من نفط الدين الى غاز مارين

حقل الغاز "غزة مارين"
حقل الغاز "غزة مارين"

لم تحضر غزة في كل محطات النقاش والجدل السياسي الساخن المتعلق بمستقبلها ومصيرها منذ 17 عاما الى اليوم كمصدر لشيء آخر سوى بوصفها خزان للنضال وللقوة المجردة بعدما غيبت الجماعة تحت رواية الحصار والانقسام والفقر والحرب أوجهها المتعددة والتى لم يكتشف منها الناس سوى المعاناة والبؤس قبل الاعلان عن حق ونصيب الجماعة في ثرواتها الطبيعية وظل حقل "غزة مارين" المكتشف اوخر التسعينات يلوح في عرض البحر لهم ولقادتهم السياسيين كسراب سياسي واقتصادي تفصل بينهم وبينه أميال من المياه الممنوعة عليهم من الاسرائيلي لمجرد صيد السمك فما بالك بفكرة الاستحواذ على حقهم في غاز "مارين" والذي يبعد عن ساحل المدينة التي ابتلعها الظلام بسبب ازمة الطاقة ونقص الغاز 22 ميلا وعلى عمق 600 متر تحت سطح البحر وكان هذا الحلم القريب من الشاطئ بعيداً عن التداول في اروقة المقاتلين واصحاب نظريات الردع بل هو ابعد من حق تقرير المصير ولم تستثمرها يوما في ادارة المعركة كورقة للضغط في سياق ادارة الصراع فما يفصل بين الجماعة كما تدرك وهذا الحقل ليس مجرد امیال بحرية بل سياسية بسبب ازمة الشرعية و عدم واقعية القدرة حتى بصورتها الصاروخية في تحصيل هذا الحق وبعدما اكتفت الأخرى بجيوب وعرق الغزيين كبئر نفط لا ينضب ومصدر لتضخيم حساباتها وثرواتها أرهقتهم بمنظومة الضرائب والإفقار 

محاصصة الخمس

لقدر تُركت اسرائيل تفعل بالبحر ما تفعله بالبر وصنعت ذات الاميال بينها وبين غزة على الأرض التى لم تخلو هي الاخري من استثمارات الاسرائيلي عبر حصص التصاريح الممنوحة للعمال وتسهيلات اقتصادية بعد كل مواجهة وصولا الى مداعبة الجماعة بمبادرات حسن النوايا مقابل استدامة الهدوء الذى لم تخرقة اصلا منذ عام 2014 رغم انه لم يكن هناك فارق وجيه مطروح من ذي قبل او ارتباط اسست له بین انهاء الحصار البري او البحري فلماذا يكتسب حقل مارين اليوم وثروة غزة المسروقة من قبل 2007 ومن بعد كل هذه الزخم والتركيز هذه المرة وهي التى لم تطرح في يومها وعندما شط بها المخيال السياسي للمطالبة بميناء اي اشارة على طاولة مكاسب التهدئة سابقا وحاليا ولماذا تخشي الجماعة ان تخرج من اتفاق الغاز بين مصر والسلطة الفلسطينية واسرائيل دون الحصول على نصيب غزة كما صرح احد اعضاء مكتبها السياسي انه لا يمكن بأي حال من الاحوال ان تكون غزة غائبة عن هذه الثروة الطبيعية " والغياب هنا بالمنطق الشمولي يعني الجماعة وليس النطاق الجغرافي والسكاني ثم ماذا تعني الخشية من تحكم الاحتلال في تطوير حقل "غزة" مارين" طالما نتائجه على البر هي ذاتها في البحر وطالما ظلت اسرائيل بحكم الهيمنة على مصادر الثروات كلها وليس الغاز وحده هي المتحكم فالمطالبة اليوم بثروة وفردوس غزة الغارق في البحر ياتي من باب المحاصصة التي وصلت الى الموارد الطبيعية والاستثمار لا الحفاظ على الحق فمصادر الاقتصاد الريعي للجماعة والذي يعتمد على الضرائب فقط وصل الى حافة الخطر ولم يعد في جيوب الغزيين ما يملاء بيت المال.

اقرأ أيضاً: الغزيون في الضفة الغربية سكان بدون حقوق وهذه القيود عليهم

الحقل مقابل البيدر

او بالمعني الذي طرحه وزير خارجية الاحتلال يوما يائير لبيد "الاقتصاد" مقابل "الأمن" فالاشارات الاسرائيلية المطمئنة التي وصلت الجماعة رغم رفض تل أبيب لحماس ان تكون شريك في حوارات غاز مارين والربط بين إطلاق سراح الجنديين في غزة والاستفادة من عائدات الحقل ثم المطالبة بضمانات أمنية من الفصائل بعدم الاضرار بالمصالح الإسرائيلية في البحر والاشراف المصري على اليات العمل في الحقل كلها تعني أن ثمة قبول ضمني جرى يمكن الحركة من الحصول على حصتها وهو ما دفع بالموضوع على طاولة الحوار الاخير في القاهرة خلال اجتماع الأمناء العامين للفصائل بمعنى اخر ان لا جدوي من هذه الحوارات اى كان المسار الذي تمضي فيه على صعيد تهدئة طويلة الأمد او مصالحة توفر المزيد من الوقت للمناورة على الصعيد الفلسطيني حتى وان حمل المطلب اعلاميا حق غزة في ثرواتها الطبيعية سوى تأبيد هذا الانقسام وهذا ما يؤكده الانفتاح الاسرائيلي على هذه المطالب والتي تعني حرفيا تمسكها نفسها بهذا الوضع الذى يمهد من تحقيق رؤية الانفصال وعززته بمزيد من التسهيلات للحركة وان كانت مرهونة بالوضع الامني في قطاع غزة وذهبت الجماعة الى القاهرة هذه المرة على غير العادة " بكامل هيائتها التنظيمية " كما اعلن متسلحة بهذه الاشارات والتطمينات لجلب المنافع ودرء المفاسد فعائدات المعابر والتجارة البينية بين مصر وحماس والدعم القطري والتركي وحجيج قياداتها الى السعودية مؤخرا بعد فتور كبير في العلاقة يمنح الحركة المساحة للمطالبة بحصتها خاصة وان موضوع انهاء الانقسام شطب كما هو واضح من جدول التداول وتحول الى مدخل لنقاشات اخري ليس من بينها المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني واقترب يائير لبيد من تحقيق نبؤة الانفصال بعدما استسلمت الحالة الفلسطينية فعليا تحت الحصار والانقسام والحرب واشياء اخري .

ليس بالدين وحده تحيا الشعوب 

يكاد يكون هذا حال الجماعة اليوم التى كان هذا السبيل اول استثمارتها واحد اهم مصادر ومدخولات الثروة لاستدامة الامر الواقع في غزة لكن هذا النهج لم يعد يغذي بعد انكشافه الحالة المتعبة والمنهكة والتى تحتاج الى الخبز وليس الشعار الذي فقد هو الآخر انصاره وتعددت خوارجه في الساحة الفلسطينية لذلك كان على الحركة ان تنوع في استثماراتها وهى التى لم تطالب الاسرائيلي خلال كل معاركها معه بابعد من ذلك دون ان تحمل نفسها عبئ مشروع سياسي خلال هذا الصراع وطالما اضحت الساحة الفلسطينية جاهزة وقابلة للحلول الانسانية واضحت معها بندقية وقذيفة الجماعة مجرد ادوات لتحسين شروط ملكها وانقسامها .

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo