قراءة عربية لـ "ثأر الأحرار"

أزمة "إسرائيل" الداخلية والتحولات الإقليمية عجلت العدوان على غزة

العدوان على عزة
العدوان على عزة

كما كان متوقعاً نجحت الوساطة المصرية في استعادة التهدئة بعد خمسة أيام من القتال والهجمات المتبادلة بين المقاومة في قطاع غزة وجيش الاحتلال.

ومما لا شك فيه أن مصر اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل مع موجات القتال المتكررة في غزة، حيث تسعى القاهرة لتكثيف اتصالاتها بالجانبين وتقديم الاقتراحات التي يمكن التفاوض حولها لاستباق تدهور الأوضاع على الأرض.

ولكن كيف يرى الكتاب والسياسيون المصريون موجة القتال الحالية، وما الدوافع الإسرائيلية والإقليمية التي ساهمت في تكرار المواجهات العسكرية في القطاع؟.

وفي هذا السياق كشف السفير "محمد بدر الدين زايد" ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن التصعيد الإسرائيلي ضد غزة، جاء ضمن خطة واضحة لتنفيذ مخططات الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، وتصدير الأزمة الداخلية في اتجاه آخر، كما جاء كتعويض للقوى اليمينية، في مقابل تأجيل خططها القانونية.

وأضاف خلال مقال له أن "إسرائيل" لجأت إلى عمليات الاغتيال الأخيرة في غزة لضمان حدوث ردود فعل، وتصعيد إضافي يناسبها لتحقيق المزيد من مخططاتها الاستيطانية والتهودية.

اقرأ أيضأ: "أين محور المقاومة"؟ سؤال يبحث سكان غزة عن إجابته

وأكد السفير المصري السابق أن الحكومة الإسرائيلية والمعارضة، في حالة تنافس وتصارع لخنق الشعب الفلسطيني ومطاردته والتضييق عليه، من خلال الاقتحامات المتكررة للمدن والأحياء الفلسطينية وللمقدسات الدينية، ومواصلة التوسع الاستيطاني.

كما شدد "بدر الدين" على أن التصعيد الإسرائيلي جاء في ظل تحولات إقليمية متضاربة في ساحات الصراع بها، والتي تحمل ضمنًا مقاربات مختلفة في التعاطي مع دول الجوار، وخاصة إيران، والانفجار السوداني.

وأضاف أن "إسرائيل" كانت تراهن أيضًا على انشغال المنطقة والعالم بهذه التطورات الإقليمية، فضلًا عن الصراع الأخطر في الحرب الأوكرانية لتحقيق مكاسب جديدة على الأرض ولتُذكِّر العالم العربي مرة أخرى بأن مثل هذا النهج المتكرر لا يقدم فرصة حقيقية لاستيعاب إسرائيل في المنطقة.

ورأى السفير المصري الأسبق أن "إسرائيل" لا تدرك أن هذه المكاسب هشّة، وتستند أساسًا إلى حالة الخلل العربي، وأنها قد تفرز سياقات جديدة تفرغ هذه المكاسب الإسرائيلية من مضمونها، مطالبًا الفلسطينيين بضرورة إدراك صعوبة التحديات الراهنة والتحسُّب لما تريد إسرائيل فعله.

خارج الحسابات

من جهته قال "عمرو الشوبكي" الكاتب والمفكر السياسي المصري إن جولات الصراع المسلح بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية على مدار ٢٠ عامًا لم تثمر عن أي تغيير في طبيعة الصراع أو تحقيق مكاسب لصالح القضية الفلسطينية، إلا تأكيد حضور المقاومة المسلحة وشرعيتها طالما بقي الاحتلال.

وأوضح أن حركة الجهاد الإسلامي اعتادت أن تصف أي هدنة مع "إسرائيل" بأنها تمثل نهاية جولة في معركة مستمرة، بما يعني أنها في انتظار جولة جديدة من المواجهات.

ورأى "الشوبكي" خلال مقال نشرته صحيفة "المصري اليوم" أن عدم استهداف الاحتلال لقادة حركة حماس العسكريين يعنى أن هناك احترامًا لقواعد الاشتباك بين الجانبين، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان، مشيرا إلى أن حماس تضع نفسها خارج الحسابات الاستراتيجية الإيرانية، وأنها رغم علاقتها الجيدة معها، فإنها حافظت على قدر من الاستقلالية.

ودعا المفكر المصري إلى تحويل الهدنة مع الاحتلال إلى مسار تسوية سلمية، لاسيما وأن جولة القتال الأخيرة لم تغير مثل سابقتها المشهد الفلسطيني أو الدولي، الذي أبدى تعاطفا مع الفلسطينيين دون أن تترجم ذلك في مسار سياسي يفرض على إسرائيل تسوية سلمية عادلة وحل الدولتين.

تقاسم النفوذ

بدوره شدد الكاتب "إياد أبو شقرا" الصحفي والباحث اللبناني، على أن السياسات الأمريكية في عهديها الديموقراطي والجمهوري، أرسلت إشارات خطرة ومكلفة للاعبين الإقليميين في الشرق الأوسط.

وقال إن ما يحصل في قطاع غزة قد يكون مجرد "رسائل" صاروخية ودموية غايتها تحديد السقوف وحدود المطامح، مؤكدا أن ما يحصل بين ما أسماهم غلاة إيران وغلاة إسرائيل سيقلل فرص أي سلام واقعي وعادل على مستوى المنطقة.

وأكد "أبو شقرا" في مقال له أن تجاهل القضية الفلسطينية ودفنها حية في صفقة "تقاسم نفوذ" غير عربية في قلب المنطقة العربية، سيناريو سيئ جدًّا على مختلف الأصعدة.

اقرأ أيضاً: "وحدة الساحات" شعارات وحسابات سياسية فاقت الأمنيات

وأضاف أن تصفية "الهوية الفلسطينية" قد تفتح الباب أمام فوضى إعادة تعريف هويات ورسم حدود بديلة وهدم كيانات هشة، وهو "سيناريو" مقلق ولا يصب في مصلحة شعوب المنطقة.

وبين الصحفي اللبناني أن مصلحة "طهران" تقوم على "تقاسم النفوذ" في منطقة الشرق الأوسط كلاعب فاعل، في ظل تعذّر تحقيقها الغلبة المطلقة وتحدى إرادات كبرى، ترحّب بشراكتها، لكنها لا تقبل احتكارها.

كما شدد على أن تشجيع التطرّف الإسرائيلي يعتبر الوصفة السحرية لتغذية مختلف أشكال التطرف العنصري والتعصبين الديني والمذهبي في عموم المنطقة.

ورأى أن طرح "حل الدولتين" بات مستحيلًا على مستوى المنطقة بأكملها، وأن انهيار مفهوم "الدولة" في العديد من الدول العربية المُسيطر عليها إيرانيًّا، وانهيار فكرة "الديمقراطية" في إسرائيل وإيران، يحولان دون احتواء أي انفجار مستقبلي.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo