التطبيع مع السودان

إسرائيل تريد قواعد عسكرية واقتصادية تطل على البحر الأحمر

البحر الأحمر
البحر الأحمر

تسعى "إسرائيل" لكسب علاقة جيدة مع المكون المدني في السودان، الذي يرفض التطبيع مع إسرائيل بدون حل القضية الفلسطينية، وهو ما يدفعها إلى تكثيف الاتصالات رسميا وسريا مع قيادات المكون المدني السوداني.

وتهدف "إسرائيل" من خلال وساطتها الأخيرة لإنهاء القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى فرض الهدوء والاستقرار الأمني في أرجاء السودان، وفتح تنسيق أمنى مكثف بشأن حدود السودان المطلة على البحر الأحمر، لتحييد خطر حضور إيران العسكري، وإقامة مشاريع اقتصادية ضخمة تُمكّن إسرائيل لأن تتحول مركزا إقليميا مهما.

تمثل "السودان" نقطة استراتيجية مهمة في حساباتها الجيواستراتيجية في الإقليم وبالتحديد في البحر الأحمر

وبحسب دراسة بحثية أعدها "شادي محسن" الباحث في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية فإن "إسرائيل" ترغب في تتبع هذا المسار "الجيوسياسي" الجديد، حيث تمثل "السودان" نقطة استراتيجية مهمة في حساباتها الجيواستراتيجية في الإقليم وبالتحديد في البحر الأحمر.

اقرأ أيضاً: فلسطينيو سوريا في لبنان يواجهون عاصفة الترحيل

وأوضح الباحث أن أهمية البحر الأحمر لدى "إسرائيل" تتخطى البعد الأمني، بل تقفز أهمية البحر باعتباره إقليمًا قد يشهد تطور العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والدول الخليجية الطامحة لاستقطاب كبرى الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا الفائقة.

تأمين خطوط ملاحية جديدة لها في البحر الأحمر من أجل اختراق أسواق أفريقية وآسيوية جديدة

وبينت الدراسة أن "إسرائيل" تحتاج إلى تأمين خطوط ملاحية جديدة لها في البحر الأحمر من أجل اختراق أسواق أفريقية وآسيوية جديدة، وضمان الربط البحري بين الموانئ الإسرائيلية المطلة على البحر المتوسط وميناء إيلات المطل على البحر الأحمر، وهو ما يُفسر إقامة خطوط سكك حديد وطرق برية بين ميناء أسدود وميناء إيلات.

وأكد الباحث أن الجيش الإسرائيلي يواجه مجموعة من التحديات الأمنية والفنية العسكرية تعيق تحقيق الطموح الجيواستراتيجي الإسرائيلي في البحر الأحمر.

وقال إن "إسرائيل" تمتلك حدودا طويلة تطل على البحر المتوسط، ما يجعل التجارة البحرية ذات أهمية استراتيجية كبيرة، وهو ما دفع جيش الاحتلال إلى التركيز على تطوير السلاح البحري.

حسابات جيواستراتيجية

وأشارت الدراسة إلى أن جيش الاحتلال استمر في تطوير مفهوم التفوق البحري في المنطقة، لضمان "السيطرة البحرية" بأساليب وتكتيكات جديدة تختلف عن التعريف الكلاسيكي للمفهوم قبل حرب أكتوبر 1973، إذ لا يعني التفوق البحري الحضور العسكري الدائم في البحار، بل باتباع تكتيكات جديدة.

وكشفت الدراسة أن "إسرائيل" لجأت إلى ثلاثة تكتيكات بغرض الوصول إلى سيطرة فعلية على حركة ما تسميهم بالأعداء في مسرح البحر الأحمر، عبر تطوير أسلحة نوعية من بينها "سفن وغواصات مسيرة"، يمكنها تنفيذ مهام متعددة سواء كانت هجومية، أو للتجسس، بالإضافة إلى انضمامها إلى القيادة المركزية التابعة للجيش الأمريكي "سنتكوم"، وهو ما منحها فرصة التعرض والاحتكاك للتكنولوجيا العسكرية.

تسعى "إسرائيل" إلى إقامة شبكة قواعد لوجستية في البحر الأحمر وخليج عدن

كما أجرت "إسرائيل" بين عامي 2021 و2022 ست مناورات بحرية مهمة في نطاق البحر الأحمر، سواء مع الولايات المتحدة أو مع دول عربية وأوروبية أخرى.

وبحسب الدراسة تسعى "إسرائيل" إلى إقامة شبكة قواعد لوجستية في البحر الأحمر وخليج عدن، من خلال اتفاقات التطبيع الابراهيمي، خاصة مع الامارات.

اقرأ أيضاً: "أين محور المقاومة"؟ سؤال يبحث سكان غزة عن إجابته

وتشير القراءات الاستراتيجية الإسرائيلية الصادرة من مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي إلى ضرورة إنشاء قاعد لوجستية في البحر الأحمر من جهة السودان، وهو ما يفسر سعي "إسرائيل" لتسريع عجلة "التطبيع" مع السودان.

ورأى الباحث "شادي محسن" من خلال دراسته أن القضية الفلسطينية تشكل عائقاً في ملف ترسيخ الحضور الجيواستراتيجي في البحر الأحمر، باحتمال تعرض مشاريع الربط اللوجستي للهجمات الصاروخية المحتملة من الفصائل الفلسطينية.

"إسرائيل" ستكثف اتصالاتها مع "السودان" لتحقيق طموحها في البحر الأحمر

كما يشكل تأخر اندماج "إسرائيل" في التشكيلات العسكرية الإقليمية، عائقاً آخر ويعرض البنية التحتية الإسرائيلية من بينها الموانئ لهجمات سيبرانية متفرقة.

وشددت الدراسة على أن غموض العلاقة بين "إسرائيل" والمكون المدني في السودان يعتبر العائق الأكبر أمام تحقيق الطموح الجيواستراتيجي لدولة الاحتلال في البحر الأحمر.

استئناف تفاهمات حول إقامة تشكيل أمني إقليمي في البحر الأحمر

ووفقا لذلك توقعت الدراسة أن تواصل "إسرائيل" جهودها الحثيثة لإنجاح عرض الوساطة بين جناحي المكون العسكري المتحارب في السودان، وعقد اتصالات سرية مع المكون المدني في السودان، بالإضافة إلى عقد اتصالات إسرائيلية-خليجية-أمريكية من أجل استئناف تفاهمات حول إقامة تشكيل أمني إقليمي في البحر الأحمر.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo