موظفو غزة.. ضائقة تتفاقم ومصير مجهول بين فصيلين منقسمين

رواتب موظفين غزة
رواتب موظفين غزة

لا تزال الأزمة المالية الخانقة تضرب حياة الموظفين العموميين في قطاع غزة، سواء التابعين للسلطة الفلسطينية في رام الله أو التابعين لحكومة غزة التي تديرها حركة "حماس"، وذلك في ظل تعثر جهود إبرام المصالحة الوطنية، واستمرار الانقسام الفلسطيني منذ عام 2007م. 

وتبدو معالم الانهاك واضحة على الموظفين العموميين بالقطاع، فالتابعون للسلطة طالهم وقف العلاوات والترقيات والخصومات على رواتبهم وتراكم القروض عليهم، والتابعون لحكومة غزة يشكون قلة الرواتب والمديونيات، إلى جانب تظلمهم من التسكينات والترقيات.

ومنذ عام 2013، لم يتقاض موظفو غزة رواتب كاملة، واقتصر الأمر على صرف نسب من الرواتب تتراوح بين 40% إلى 60% في أفضل الأحوال. أما موظفو السلطة في غزة فتعرضوا منذ عام 2017م إلى سلسلة من الإجراءات، تمثلت في الانتقاص من نسبة صرف الرواتب وإحالة الكثير منهم للتقاعد المبكر.

ويعاني قطاع غزة المحاصر من جانب الاحتلال الإسرائيلي من أزمات اقتصادية مركبة، انعكست بالسلب على أوضاع السكان البالغين 2.2 مليون نسمة، إذ لامست معدلات الفقر معدل 70%، في حين وصلت معدلات البطالة إلى 50%.

يفتح "زوايا" ملف الموظفين في قطاع غزة، سواء التابعين لحكومة غزة أو سلطة رام الله، لمعرفة إلى أي حد تراكمت مستحقاتهم على الحكومتين؟ وإلى أي قدر تضاعفت مديونياتهم؟ وكيف انعكس ذلك على الحياة المعيشية للموظفين، وعلى والوضع الاقتصادي في القطاع بشكل عام؟

فضلاً عن محاولة استقراء الحلول التي يمكن أن تسلكها الحكومتان، لمعالجة هذا الملف المتفاقم منذ سنوات، وكذلك فرص إنصاف الموظفين بما يخص الترقيات والعلاوات وخلافه لدى الحكومتين.

موظفين حكومة غزة

فمن ناحية موظفي حكومة "حماس" بغزة، فقد تحدث لـ "زوايا" مصدر حكومي كبير في لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة، موضحا أن عدد الموظفين التابعين لهم بلغ 50 ألف موظف بين مدني وعسكري، حيث يتلقى الموظف منهم راتباً بما نسبته 60% منذ تولي رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعاليس مهامه قبل نحو عام ونصف، فيما كانت النسبة تتراوح في السابق ما بين 40-50%.

وأشار المصدر إلى أن من أولويات حكومة غزة فيما يخص موظفيها، زيادة نسبة الراتب أو على الأقل تثبيتها خلال الفترة الحالية وعدم نقصانها، وإطلاق الترقيات، عملاً بمبدأ أن راحة الموظف تجعله يقدم الأفضل.

وذكر المصدر الحكومي أن لدى اللجنة الحكومية بغزة إصرار على تسكين الموظفين والمدراء المكلفين، مبيناً أن لدى الوزارات 241 إدارة عامة مع وحدة بدوائرها، منها 119 إدارة ووحدة مسكنين عليها مدراء عامون، والباقي 122 مكلف بها مدراء عامون يحتاجون تسكيتهم إلى معالجة.

وأضاف: "عملت الحكومة بغزة على ترقية 155 مديراً عاماً A4 (الفئة العليا)، وتم تحويل 20 مديراً عاماً منهم إلى مستشارين في الوزارات"، لافتاً إلى أن الدعاليس يرفض في الوقت الحالي تحويل المدراء إلى مستشارين.

كما أن لدى الحكومة 51 مدير A3، فيما تم تسكين 340 مديرC للوصول إلى 500 تقريباً (الوظائف الإشراقية)، بعد خوضهم منافسات وخضوعهم لمقابلات في ديوان الموظفين.

ونوه المصدر إلى أن من المشكلات العالقة هو ملف تسكين وانتقال الموظفين من الفئة الثالثة إلى الثانية والخامسة للرابعة وعددهم 526 موظفا، حيث تم تداول القضية عبر المحكمة المختصة، مؤكدا أن الحكومة ستلتزم بقرار المحكمة.

اقرأ أيضاً: "المعشر": نتنياهو" يسعى لتحويل الضفة إلى سجن كبير على غرار غزة

يذكر أن قضية التسكينات تحتل مساحة كبيرة من الغضب والاحتجاج والشعور بالظلم الكبير لدى قطاع واسع من فئات الموظفين وخاصة من "الفئة الثالثة والرابعة والخامسة"، مستندين في ذلك إلى نص المـادة (12) من قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998م.

أما فيما يخص الشق العسكري لحكومة غزة، فقد أوضح المصدر أن لجنة المتابعة الحكومية أصدرت قرارات باحتساب 4434 رتبة عسكرية، منهم 1187 استحقوا الرتبة الثانية قبل ثلاثة أشهر من الآن.

وعلى المستوى المالي، أوضح المصدر أن لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة فتحت باب الاستفادة من المستحقات للحالات الطارئة مثل المهدمة بيوتهم بفعل الحروب، والعزاء، والطلبة وخلافه بنسب محددة، أما الشهداء فيتم دفعها بشكل كامل، في حين هناك 45 أسيرا لدى الاحتلال يتم صرف راتبهم كاملاً.

ويقول المصدر: "كان على طاولة لجنة متابعة العمل الحكومي 1800 قراراً معلقاً، ومن باب التسهيل تم إنجاز 85% منها، حيث يعتمد رئيس اللجنة سياسة عدم إبقاء الملفات دوارة بين الصادر والوارد دون قرار نهائي إما بالسلب أو الإيجاب".

وتطرق المصدر الحكومي للحديث عن قيمة المصروفات لدى حكومة غزة، والتي بلغت في العام 2022 (137 مليون شيقل)، مشيراً إلى أن لديهم فكرة استحداث هيئة تقاعد مستقلة بذاتها خاصة بموظفي قطاع غزة. 

ورفض المصدر الإفصاح عن عدد الموظفين ممن تم استيعابهم للعمل في حكومة غزة، بسبب انقطاع رواتبهم من قبل السلطة برام الله.

وفي نهاية حديثه، تطرق المصدر لمؤشرات الطفرة في البناء والعمران في قطاع غزة، والتي ربما لها علاقة بدخول عمال من غزة للعمل في الداخل المحتل، موضحا بقوله: "إن نسبة السحب من مقالع الرمال زاد خلال 2022 بنسبة 40%، في حين تداول سوق الذهب في غزة حوالي 1200 كيلو ذهب، منها نحو 2000 سبيكة ذهبية"، مشدداً على أن حكومته لا تأخذ من عمال غزة في الداخل المحتل "شيقل واحد".

 التخفيف بالاستفادة من المستحقات

ولجأت نقابة الموظفين الخاصة بموظفي غزة، بالتعاون مع الجهات الحكومية، إلى تقديم بعض التسهيلات المالية للموظفين للاستفادة من مستحقاتهم، في محاولة لتخفيف وطأة أزمة الرواتب المستمرة، التي أثرت بشكل كبير على الواقع المعيشي للموظفين.

وأوضح رئيس النقابة بغزة خليل الزيان، أن هذه التسهيلات تضمنت الاستفادة من أموال الموظفين المتراكمة على الحكومة، كالتأمين الصحي وترخيص السيارات والمساهمة في رسوم الجامعات إلى جانب مجالات أخرى، مشيرا إلى أن نقابتهم تبنت عددا من القضايا والمشاكل المؤجلة، والتي تخص فئات عريضة من الموظفين.

وتقدر المبالغ المالية المتراكمة على حكومة غزة، نتيجة عدم صرف الرواتب كاملة لقرابة 50 ألف موظف منذ نحو عشر سنوات، بنحو ملياري شيكل.

وذكر الزيان لـ"زوايا" أن من أهم القضايا العالقة، ما يعرف بقضية موظفي الفئة الثالثة، حيث ضغطت النقابة في كل الاتجاهات ومن خلال تواصلها واجتماعاتها مع صناع القرار لحل تلك القضية وانصاف الموظفين، وقد جاء قرار المحكمة أخيراً في صالح الموظفين.

وأشار إلى أن نقابته ضغطت على صناع القرار لحل قضية مرابحات ما قبل عام 2014، حيث تم إصدار قرار من لجنة متابعة العمل الحكومي بهذا الخصوص، وصرف 50% من قيمة المرابحات من المستحقات.

كما وأطلقت نقابة الموظفين في القطاع العام مشروع باصات نقل الموظفين، للتخفيف عن كاهل الموظفين، حيث أن الخصم سيكون بشكل شهري من الدفعة النقدية المحولة من وزارة المالية، بأسعار مناسبة ومخفضة.

ولفت إلى أن النقابة تسعى في القريب العاجل، لإطلاق مشروعها الثاني وهو "صندوق الموظف"، والذي يعد من المشاريع الواعدة التي تسعى للتخفيف عن كاهل الموظفين في ظل الظروف الحالية بتقديم جملة من التسهيلات والقروض الحسنة لهم.

وحول أبرز مطالبهم من متابعة العمل الحكومي، وما أهم المعوقات التي تواجههم؟ وما مدى الاستجابة؟ فقد زعم الزيان أن رئاسة متابعة العمل الحكومي مهتمة جداً بحل قضايا الموظفين والتخفيف عن كاهلهم، مستدلاً بالقرارات الحكومية التي تم اتخاذها في الفترة الماضية، والخاصة بتفكيك بعض القضايا العالقة منذ فترة طويلة، والتي من ضمنها الوظائف العليا والمسابقات التي جرت للوظائف الإشراقية والترقيات التي حصلت في وزارة الداخلية.

وأضاف الزيان أن نقابته تسير باتجاه فكفكة وحلحلة كافة القضايا والمشاكل التي يعاني منها الموظفون، للوصول إلى استرجاع كافة حقوقهم وتحقيق الرضا الوظيفي، وخاصة تقاضي الرواتب حسب سلم الرواتب للموظفين العموميين في فلسطين وفق الدرجة الوظيفية.

موظفو السلطة بغزة

أما فيما يخص موظفو غزة التابعين للسلطة الفلسطينية برام الله، فقد تعرضوا منذ عام 2017، إلى سلسلة من الإجراءات، تمثلت في صرف 70% فقط من رواتبهم، إلى جانب عدم صرف راتب شهر مارس/آذار من ذات العام، إلى جانب قطع رواتب المئات، وإحالة بعضهم للتقاعد المبكر قبل إعادتهم مؤخراً.

وخلال العام الماضي 2022، تعرضت السلطة لأزمة مالية جراء قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلية باقتطاعات مالية من أموال المقاصة التي تحصلها لصالح السلطة الفلسطينية، وهو ما أدى إلى عدم صرف السلطة رواتب موظفيها كاملة على مستوى الضفة وغزة.

وتشكل أموال المقاصة النصيب الأكبر من الإيرادات العامة الفلسطينية، وهي إجمالي الضرائب غير المباشرة على السلع والبضائع والخدمات الموردة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي، أو عبر الموانئ والمعابر الخاضعة لسيطرة الاحتلال.

وفي الإطار، قال نقيب الموظفين العموميين المحسوبين على السلطة الفلسطينية، عارف أبو جراد لمواقع صحفية: "إن الواقع المالي لموظفي السلطة في غاية الصعوبة، نتيجة عدم صرف كامل الراتب واقتصار نسبة الصرف على نسبة 80% فقط من الرواتب".
ويشير إلى أن العام الأخير شهد اقتطاعات من الراتب بلغت 20%، نتيجة للقرصنة الإسرائيلية على أموال المقاصة التابعة للسلطة الفلسطينية جراء صرف رواتب الشهداء والأسرى، وهو ما أدى إلى تراكم الحقوق المالية للموظفين في غزة والضفة على السلطة.

وبحسب نقيب موظفي السلطة في غزة، فإن إجمالي عدد الموظفين بشقيه المدني والعسكري تقلص حالياً إلى 35 ألف موظف، بعد أن كان قبل سنوات بسيطة يصل إلى 58 ألف موظف يعملون في مختلف الوزارات الحكومية.

ويعزو أبو جراد انخفاض أعداد الموظفين المحسوبين على السلطة الفلسطينية إلى غياب التوظيف في قطاع غزة، إلى جانب هجرة الكثيرين منهم إلى الخارج، فضلاً عن التقاعد المبكر ووفاة بعض الموظفين.

أزمة تفريغات 2005

ويطالب أكثر من 8 آلاف موظف في قطاع غزة عينتهم السلطة بين أعوام 2005-2007 (قبل الانتخابات التشريعية وبعدها)، باعتمادهم كموظفين رسميين، وصرف رواتبهم وعلاواتهم بشكل طبيعي أسوة بزملائهم بالضفة الغربية.

وأدرج هؤلاء في موازنة الطوارئ التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، ويصرف لهم 1500 شيكل مقطوعة شهرياً، تخصم منها 170 شيكلاً مقابل استهلاك الكهرباء، ولم تحل مشكلتهم حتى اليوم رغم الوعود المتكررة من قيادات السلطة.

وحول هذا الملف، أوضح رامي أبو كرش المتحدث باسم تفريغات 2005 لـ"زوايا" أن عددهم هو 8000 عنصر، منهم نحو 150 عنصر مقطوعة رواتبهم، و50 منهم تم قطع رواتبهم بعد وفاتهم مباشرة، رغم أنه كان في السابق يتم تحويل راتب المتوفى إلى مؤسسة أسر الشهداء والجرحى ويُصرف لعائلته.

في حين أشار أبو كرش إلى أنه لا يوجد منهم محالين للتقاعد الاجباري على اعتبار أنهم يتلقون رواتب مقطوعة أصلاً، لافتاً إلى أن عدداً من موظفي 2005 توجهوا للقضاء الفلسطيني، وحصلوا على قرار واضح من محكمة العدل العليا يفيد بأنهم موظفون رسميون لدى السلطة ويجب إنصافهم.

وذكر أبو كرش أنه "حتى اللحظة لا يوجد أي حلول تُنهي معاناة عناصر تفريغات 2005"، وقال: "الوعود بهذا الشأن لم تعد مطمئنة، ولاسيما أنها كثيرة وعمرها 17 عاماً".

 ومن وجهة نظره، فإن التعامل مع موظفي 2005 يجب أن يكون على وفق قانون قوى الأمن رقم 8 لعام 2005، لأن هؤلاء الموظفين يمتلكون أوراقا وأوامر إدارية ووثائق رسمية من تأمينات صحية عسكرية وشهادات دورات عسكرية.

وأرجع أبو كرش عدم تفاؤله بحلول قريبة لهذا الملف، نظرا لتكرار الوعود القديمة الجديدة، والتي كان آخرها ما تحدث بها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوضها في قطاع غزة أحمد حلس في مهرجان الانطلاقة الأخير بأن "عام 2023م سنعمل على إنهاء كافة الملفات العالقة في غزة ومنها ملف تفريغات 2005".

يذكر أن السلطة برام الله قطعت راتب أبو كرش في يناير 2022 الماضي، وذلك بعد زيارة وفد حركة فتح في رام الله لقطاع غزة في ذات الشهر، واجتماعها بكافة الأطر القيادية والمطالبة بحل عدد من القضايا العالقة ومنها قضية تفريغات 2005.

 تبعات اقتصادية وحلول

وحسب قراءات المراقبين والمحللين الاقتصاديين، فإن إجمالي الحقوق المالية المتراكمة على الجهات الحكومية المحسوبة على حركة حماس لصالح الموظفين تقدر بأكثر من 566 مليون دولار، فيما يبلغ إجمالي الحقوق المالية لموظفي السلطة لديها قرابة 500 مليون دولار.

من ناحيته، ذكر أستاذ الاقتصاد الدكتور سمير أبو مدللة، أن الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني والإجراءات التي تؤخذ بحق الموظفين من كلا الحكومتين في قطاع غزة والضفة الغربية "أدى إلى حدوث فجوة في الرواتب والدخل ما بين الضفة وغزة، حيث أن متوسط الدخل السنوي في القطاع يصل إلى 1100$، بالمقابل يصل في الضفة إلى 4700$، بما يمثل فجوة بنسبة 30%".

واعتبر أبو مدللة في حديث لـ"زوايا" أن المتضرر من أزمة الحكومتين في الضفة وغزة، بالأساس هو كل الشعب الفلسطيني ومنهم الموظفون، فمنذ العام 2017 نفذت حكومة رام الله بحق موظفيها التقاعد المبكر بشكل إجباري، وبالتالي جزء منهم تقاعد، وجزء ثان يتلقى 50% من راتبه، والجزء الآخر يتلقى في أحسن الأحوال 70%، في حين أن حكومة غزة تعطي موظفيها 50% من الرواتب، الأمر الذي دفع الكثير منهم للاقتراض من البنوك والمؤسسات وتراكم المديونيات عليهم. 

وحسب أبو مدللة، فإن جزء من الموظفين بدأ يتعامل بظاهرة "التكييش" في قطاع غزة، حيث يبيعون ما يشترونه بمبلغ مالي أقل، بهدف الحصول على السيولة النقدية، ما أغرق كثيرا من الموظفين في المديونية والملاحقة الأمنية والحبس على ذمم مالية.

وأشار إلى أن عجلة النمو الاقتصادي تراجعت بشكل لافت وكبير جداً في قطاع غزة، ذلك لأن ما يحرك هذه العجلة بشكل كبير هم الموظفون بشرائهم البضائع، وبالتالي قلت السيولة وعمليات البيع، وهذا أدى إلى تناقص وتراجع عمليات التجارة وعمليات الإنتاج.

ولفت إلى أن جزء من الموظفين يُصنفون ضمن دائرة الفقر، نظراً لانخفاض رواتبهم والتي لا تلبي الحاجات الأساسية لأسرهم.

واقترح أبو مدللة، وضع حلول للخروج من هذه الأزمة وإنهاء معاناة الموظفين، ومنها: التقشف في النفقات الجارية سواء في الضفة أو غزة في ظل شح الموارد المالية للحكومتين، والاعتماد فقط على المصاريف التشغيلية وفاتورة الرواتب.

اقرأ أيضاً: دراسات متخصصة ترصد اتجاهات حكومة "نتنياهو" مع الفلسطينيين والعرب وروسيا والصين

ونبه إلى أهمية تخفيض فاتورة رواتب كبار الموظفين بما يلبي حاجاتهم، حيث هناك فجوة واضحة في الأجور، فجزء من الموظفين راتبه لا يلبي احتياجاته، والجزء الآخر رواتبهم عالية جداً، الأمر الذي يتطلب تحديد حد أعلى لرواتب كبار الموظفين، كما يجري بتحديد حد أدنى لصغار الموظفين.

وركز أـبو مدللة على ضرورة البحث في العمق العربي عن تشغيل العاطلين عن العمل، وخاصة في ظل ارتفاع أعداد الخريجين، منوهاً إلى أهمية إعطاء قروض ميسرة بالتعاون مع البنوك للخريجين والعاطلين عن العمل، لإنشاء مشاريع صغيرة تعينهم على إعانة أسرهم والتغلب على مصاعب الحياة.

 توحيد منظومة العمل الحكومي

وكمن سبقه، فقد اعتبر محمد نصار الكاتب والمحلل في الشأن الاقتصادي، أن رواتب الموظفين وتحويل 40% منها للمستحقات كما هو الحال مع موظفي غزة، وكذلك تحويل 20% من رواتب موظفي السلطة برام الله للمستحقات، جاء "نتيجة طبيعية لمزاعم عدم قدرة الحكومتين في الضفة أو غزة على توفير الرواتب كاملة".

وفيما يخص موظفي السلطة بغزة، فقد عبر نصار لـ"زوايا" عن اعتقاده بأن حالة الجمود الحالية والتخطيط من قبل السلطة بترشيد النفقات من خلال تحويل آلاف الموظفين إلى التقاعد، إضافة إلى تجميد ترقياتهم، سيزيد من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها هؤلاء الموظفون، وسيكون لذلك آثار سلبية على الاقتصاد المحلي مستقبلاً.

قلة السيولة في أيدي الموظفين، دفعتهم إلى اللجوء لـ"التكييش" من خلال الشركات أو الأشخاص

وتناول نصار بعض هذه الآثار السلبية، منها ما هو على الصعيد الشخصي، حيث أن معظم الموظفين كانوا قد أخذوا قروضاً بنكية قبل أزمة الرواتب، مما دفع البنوك إلى إعادة جدولة هذه القروض وخاصة البنوك العادية، الأمر الذي تسبب في زيادة مدة تسديد هذه القروض، وبالتالي زيادة الضغط المادي على هؤلاء الموظفين. 

ولفت إلى أن قلة السيولة في أيدي الموظفين، دفعتهم إلى اللجوء لـ"التكييش" من خلال الشركات أو الأشخاص، مما تسبب بملاحقة عدد كبير منهم في أقسام الشرطة والمحاكم. 

أما على صعيد الاقتصاد المحلي، فقد أوضح نصار أن 20-40% من النقد الذي كان يتم ضخه إلى السوق قد توقف، بسبب عزوف الكثير من الموظفين عن استهلاك بعض السلع الكمالية، لافتاً إلى أن ذلك أدى إلى خروج مئات التجار من السوق وإعلان افلاسهم، الأمر الذي ترتب عليه حالة من الركود في الأسواق. 

ومن الآثار السلبية على الصعيد المجتمعي، أشار نصار إلى أن دفع الرواتب منقوصة، أدى إلى غياب بعض مظاهر التكافل الاجتماعي بين الموظفين وذويهم وأهلهم ممن لا يوجد لديهم مصدر دخل ثابت.

وحول الحلول المقترحة، فقد قلل نصار من وجود حلول ممكنة في الأمد القريب، دون عودة أموال المقاصة المحتجزة لدى الاحتلال وعودة الدعم الدولي والعربي لموازنة السلطة، مركزاً على أهمية التفكير بشكل جدي من أجل توحيد منظومة العمل الحكومي في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى لو لم يكن هناك أي آفاق لتحقيق المصالحة الوطنية.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo