صراع حاد وعميق

مختصون لـ "زوايا": المجتمع الإسرائيلي يتجه لعصيان مدني وربما اغتيالات

مظاهرات في "إسرائيل"
مظاهرات في "إسرائيل"

تعد التظاهرات الحاشدة التي شهدتها "إسرائيل" وخروج عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع مثالاً واضحاً على اتساع الانقسام السياسي والاستقطاب في "اسرائيل"، حيث تنظر المعارضة إلى مقترحات الحكومة اليمينية للإصلاح القضائي الشامل على أنها مناهضة للديمقراطية.

الاستقطاب الحاد والتراشق الإسرائيلي ليس جديدا، ولكنه يختلف هذه المرة كونه أكثر عمقا وجماهيريًة

وأكد "نظير مجلي" الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية أن الاستقطاب الحاد والتراشق الإسرائيلي ليس جديدا، ولكنه يختلف هذه المرة كونه أكثر عمقا وجماهيريًة، ضد حكومة تريد أن تحدث تغييرًا إصلاحيًا بروح اليمين الجمهوري في العالم.

وكشف النقاب عن أن الهدف الأساسي من التغييرات التي تجريها حكومة الاحتلال الحالية، هو الدخول في معركة مع الجهاز القضائي حتى يتراجع عن محاكمة "بنيامين نتنياهو"، واصفاً القضاء في اسرائيل بغير النزيه والمعادي للعدالة خصوصا مع الفلسطينيين.

تقويض الحكم

هذه التظاهرات يمكن أن تقوض الحكم في إسرائيل، في حال ترفعت المعارضة الإسرائيلية عن صراعاتها الداخلية

ورأى "مجلي" في حديثه لـ"زوايا" أن هذه التظاهرات يمكن أن تقوض الحكم في إسرائيل، في حال ترفعت المعارضة الإسرائيلية عن صراعاتها الداخلية، وعن سياسة التمييز العنصري ضد الفلسطينيين، لافتًا إلى أهمية الحضور العربي في هذا الحراك الجماهيري، وخاصة الشعارات التي تُرفع حول قضية المساواة والاحتلال.

الإسرائيليين عادوا إلى انتخاب "نتنياهو"، لأنهم لم يجدوا بديلًا مقنعًا يستطيع أن ينقل "إسرائيل" إلى سيادة وعالم آخر يلائمها

وأكد الباحث في الشؤون الإسرائيلية وجود قلق حقيقي في الشارع الإسرائيلي من خطر اليمين المتطرف على مستقبل الدولة العبرية، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" تعاني من غياب القيادة التاريخية، وتذهب من أزمة إلى أزمة سياسية أخرى وأن الإسرائيليين عادوا إلى انتخاب "نتنياهو"، لأنهم لم يجدوا بديلًا مقنعًا يستطيع أن ينقل "إسرائيل" إلى سيادة وعالم آخر يلائمها.

السياسيون الإسرائيليون باتوا يفضلون المصلحة الشخصية على حساب مصالح الدولة العبرية

وأوضح "مجلي" أن مظاهر الفساد تنخر داخل المجتمع الإسرائيلي، من رأسه إلى أساسه، قائلاً:" نحن نتحدث عن رئيس حكومة فاسد وقائم بأعمال رئيس الحكومة فاسد، ووزير دفاع فاسد، كما يوجد نواب فاسدون، السياسيون الإسرائيليون باتوا يفضلون المصلحة الشخصية على حساب مصالح الدولة العبرية".

اقرأ أيضاً: المقدسات المسيحية لن تسلم من فاشية حكومة الاحتلال الجديدة

وأضاف: "هناك قطاع كبير من المجتمع الإسرائيلي بات يعاني من انهيار الديموقراطية والمبادئ داخل الكيان، ما دفع قسم منهم إلى الهجرة، وقسم آخر نزل إلى الشارع، ولكن القسم الأكبر غير مكترث لأنه يشعر بأنه جزء من هذا الفساد".

عصيان مدني

هناك صراع جدي داخل إسرائيل وأن الحراك الشعبي بدأ بالفعل وقد يصل إلى مرحلة العصيان المدني في المرحلة القادمة

من جهته أكد "طلب الصانع" رئيس الحزب الديمقراطي العربي وعضو الكنيست السابق أن هناك صراع جدي داخل إسرائيل وأن الحراك الشعبي بدأ بالفعل وقد يصل إلى مرحلة العصيان المدني في المرحلة القادمة.

يمكن أن يصل إلى حالة من المواجهة، أو اغتيال شخصيات سياسية

وأضاف لـ"زوايا" أن التوتر والانقسام داخل دولة الاحتلال هو انقسام واستقطاب جدي في قضايا جوهرية ورئيسية وليست ثانوية، ويمكن أن يصل إلى حالة من المواجهة، أو اغتيال شخصيات سياسية، كما جرى مع رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق "اسحاق رابين".

وقال "الصانع" إن التعصب الديني والقومي الصهيوني بات يسيطر على مناحي الحياة داخل "إسرائيل"، وهناك محاولات لتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات، وتغيير قواعد اللعبة في اسرائيل بما ينسجم مع توجهات اليمين المتطرف الفاشي.

وأوضح عضو الكنيست السابق أنه لا توجد قيادات تاريخية داخل دولة الاحتلال، في ظل التطور السياسي الحالي، مشيرًا إلى وجود معسكرين أحدهما اليمين الفاشي، والثاني يتبنى الطرح العلماني الذي يريد أن يحافظ على دولة اسرائيل كدولة يهودية.

وكشف "الصانع" النقاب عن أن "مرجعية من يشكلون الائتلاف الإسرائيلي الحاكم ليس الشعب أو الدولة وإنما "الحاخامات".

وتابع: "هناك تحول في وجهة النظر في الجيل الشاب في اسرائيل نحو الانصراف يمينًا، مع تغييب دور السلطة القضائية، وهو ما يؤشر إلى تحول مسيرة ونهج دولة الاحتلال وسياستها".

البحث عن الهوية العبرية

بدوره رأى "مصطفى إبراهيم" الكاتب والمحلل السياسي أن ما يجري في الساحة الاسرائيلية من انقسام سياسي يأتي في إطار البحث عن هوية الدولة العبرية وطبيعة النظام الديمقراطي، كما يأتي نتاجًا طبيعيًا لانتخابات الكنيست، وضد سياسة "نتنياهو" الذي يريد الاستفراد بالنظام السياسي بما يخدم مصالحه.

الانتهازية والمصالح الشخصية باتت سمة وصفة لدى النخبة السياسية الإسرائيلية سواء من اليمين أو الوسط

وأوضح خلال حوار مع "زوايا" أن الائتلاف الجديد بقيادة "نتنياهو" يريد أخذ دولة الاحتلال إلى الهوية الدينية المتطرفة التي ادعت خلال سنوات ماضية أن اليسار والوسط هم من يسيطرون على الجهاز القضائي.

وبين المحلل السياسي أن الانتهازية والمصالح الشخصية باتت سمة وصفة لدى النخبة السياسية الإسرائيلية سواء من اليمين أو الوسط وما يهمهم تحقيق مكاسب ومصالح حزبية، مشيراً إلى أن هذه المصالح تصب أيضا في إطار خدمة دولة الاحتلال والمشروع الاستعماري الصهيوني.

اقرأ أيضاً: فلسطين تعاني من غياب الرؤية.. و"إسرائيل" ستسرع في الحسم

وأعرب عن اعتقاده ألا تؤثر الأزمة السياسية الحالية على طبيعة الأفكار الصهيونية في الاستمرار الاستيطان، وضم الضفة الغربية، مؤكدًا أن الاختلاف ما بين أقطاب اليمين واليسار واليمين المتشدد هو نوع القناع الذي يلبسونه.

تصعيد باتجاه الفلسطينيين

القضية الفلسطينية والمشروع الاستيطاني يوحدان الشعب الاسرائيلي بشكل عام

من جهته قال "ياسر مناع" الباحث في الدراسات الإسرائيلية بجامعة بيرزيت إن حالة الاستقطاب بالتراشق ليست جديدة في الشارع الاسرائيلي، ولكنها تختلف عن سابقاتها اليوم بأنها خرجت إلى الميدان.

AlexKo_ALX19849.jpeg

واستبعد الباحث خلال حديثه لـ"زوايا" أن تصل التظاهرات بين الحكومة الإسرائيلية والمعارضة إلى حرب أهلية، وتوقع أن تتراجع الحكومة عن بعض قراراتها، أو تتجه إلى تصعيد المواجهة ضد الفلسطينيين لضبط إيقاع مجريات الأحداث، لاسيما وأن القضية الفلسطينية والمشروع الاستيطاني يوحدان الشعب الاسرائيلي بشكل عام.

وبين "مناع" أن الجيل الحالي في "اسرائيل" يلهث وراء السلطة وكرسي الحكم، وهو ما يفسر خوض الإسرائيليين خمس جولات انتخابية خلال السنوات الأخيرة.

وأكد الباحث الفلسطيني أن "اسرائيل" تعاني اليوم من أزمة سياسية، وتفتقر إلى قيادة تاريخية جامعة تعمل للمصلحة العليا كما كانت بداية تأسيسها بالاحتلال على أرض فلسطين.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo