لتقليل التكاليف التشغيلية

"العمل عن بُعد" في فلسطين.. نجاحات نسبية بحاجة لاستراتيجيات وقانون ناظم

مساحات العمل عن بعد في غزة
مساحات العمل عن بعد في غزة

أكدت ورقة دراسية أن العمل عن بُعد في فلسطين له فوائد محتملة ومن شأنه أن يترك آثارًا ايجابية على كل من العاملين والشركات، خاصة إذا ما تم تبني استراتيجيات فعالة وطويلة الأمد من قبل الشركات والمؤسسات لإدماج العمل عن بعد ضمن نماذج الأعمال المختلفة.

وبينت الورقة التي أعدها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" أن العمل عن بُعد يعمل على تقليل الحاجة إلى التنقل من وإلى مكان العمل، واستقطاب الكفاءات في مختلف أماكن تواجدهم، بالإضافة إلى تقليل الفجوات بين الجنسين في سوق العمل.

كما أوضحت الورقة التي حملت عنوان "تغير مفهوم العمل بعد جائحة كوفيد-19 في فلسطين: ما مدى استمرارية العمل عن بُعد والعمل الهجين؟" أن العمل عن بُعد يساهم في تقليل التكاليف التشغيلية المرتبطة بوجود الموظفين في مكاتبهم، مثل تكاليف الإنارة، والتدفئة وتكييف الهواء، والتنظيف وخدمات الكافتيريا، وغيرها.

واشارت "ماس" إلى أن وجود العديد من الدراسات والمسوح في معظم أنحاء العالم والتي هدفت إلى تقييم تجربة العمل عن بُعد، وتحليل التوجه العام لدى المشغلين في قبول استمرار العاملين لديهم في العمل عن بُعد حتى بعد انحسار الوباء.

اقرأ أيضاً: "السلع المزدوجة".. هاجس إسرائيلي يحرم غزة من الانتعاش الاقتصادي

وتشير نتائج معظم الدراسات إلى أن تجربة العمل عن بُعد قد سارت بشكل أفضل مما كان متوقعا من قبل المُشغلين، حيث أدت الفوائد المتحققة منها إلى قيام العديد من المشغلين في أنحاء العالم بزيادة كبيرة في خطط التوظيف المستقبلية والتي تتضمن العمل عن بُعد أو العمل الهجين.

وحول قابلية العمل عن بُعد أو العمل الهجين "المدمج" بينت الورقة أن القطاعات العالمية التي تتوفر فيها البنية التحتية والقابلية للانتقال لأداء الوظائف عن بُعد، مثل قطاعات البنوك والخدمات المالية، والقطاعات التقنية وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع التعليم، زادت حظوتها في الانتقال للعمل عن بُعد خلال وبعد الجائحة، وتوافقت هذه التوجهات العالمية مع توجهات العمل عن بُعد في فلسطين.

وفي تقرير نشرته منظمة العمل الدولية عن قابلية القطاعات في التحول نحو العمل عن بُعد في فلسطين نتيجة للإغلاقات الطارئة، قدر التقرير أن حوالي 12% من العمال في فلسطين كانوا قادرين على الانتقال إلى العمل عن بُعد والاحتفاظ بأجورهم المعتادة.

وكشفت ورقة "ماس" عن أبرز القطاعات ذات القابلية الكبيرة في الانتقال فيها للعمل عن بُعد تمثلت في قطاع التعليم، وقطاع المنظمات غير الحكومية الأهلية، والمنظمات الدولية، وممثليات وقنصليات الدول، والعاملون في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وتابعت: "التعليم عن بعد كان يستخدم قبل الجائحة، ولكن وتيرته ارتفعت بشكل كبير بعد الجائحة، لكن تبقى سلبياته بعدم توفر الإنترنت والأجهزة في بعض المناطق، ما أدى إلى انتقال بعض الطلبة من أماكن سكنهم.

وتطرقت الورقة إلى أهمية الإشارة إلى تنظيم توجه العمل عن بُعد والعمل الهجين من الناحية القانونية لضمان استمراريته ولحماية مصلحة أطراف عقد العمل.

اقرأ أيضاً: ما حقيقة توقف دعم إيران للفصائل الفلسطينية.. وما تداعياته؟

وطالبت بمشاركة الجهات الحكومية والرسمية بوضع قواعد للسلوك ودليلاً إرشادياً لتوجيه كل من العاملين والمشغلين أثناء العمل عن بُعد، بحيث تتضمن توضيحاً عاماً للحقوق والواجبات والمسؤوليات لكل طرف من أطراف العمل.

كما دعت "ماس" إلى تأسيس وتوضيح القاعدة القانونية التي تحكم وتنظم حقوق وواجبات كل طرف، بالإضافة إلى تحديد قواعد أمن المعلومات والشبكة، وطرح توصيات من شأنها زيادة كفاءة العمل عن بُعد، وتسهيل دمجه بروتين العمل اليومي لتسهيل الانتقال إليه بشكل كامل في حالات الطوارئ.

ونوهت الورقة إلى أن جائحة كوفيد-19 تسببت بانعكاسات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني الكلي بشكل عام وعلى سوق العمل الفلسطيني بشكل خاص.

وأثّر الوباء على انخفاض عدد ساعات العمل المعتادة، حيث عمل 26.9% من إجمالي العاملين في العام 2020 أقل من عدد الساعات المعتاد، كما انعكس ذلك في وجود تباين كبير بين الجنسين في انخفاض عدد ساعات العمل، حيث زادت نسبة النساء اللواتي يواجهن ساعات عمل مخفضة إلى 62.4% أثناء الوباء مقارنة بنسبة 41.3% للرجال.

وبحسب الورقة فإن معدلات العمل عن بُعد كانت أعلى بين العاملين في الشركات الكبيرة وكون غالبية المنشآت العاملة في فلسطين متناهية الصغر وصغيرة الحجم فالاستفادة من مزايا العمل عن بعد ستكون محدودة.

اقرأ أيضاً: حتى الحماية المحدودة للفلسطينيين، فإن الحكومة الجديدة ستلغيها

وخلصت الورقة إلى أنه وعلى الرغم من النمو التكنولوجي في فلسطين خلال العقد الماضي في نجاح الانتقال إلى العمل عن بُعد، إلا أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ما زال يعاني من بعض التحديات التي يفرضها الاحتلال وتعيق فرص العمل عن بُعد.

وطرحت الورقة العديد من التساؤلات حول الخطوات الواجب اتخاذها من قبل الأطراف ذات العلاقة حول الحاجة إلى تبني خطوات وإجراءات رسمية لتشجيع التحول ولو بشكل تدريجي للعمل عن بُعد في القطاعات والوظائف المناسبة بهدف الاستفادة من الايجابيات التي تم اثباتها من التجارب العالمية بعد الجائحة.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo