باحث مصري: حل الدولتين سيكون القضية الحاسمة في انتخابات الكنيست

لابيد في الأمم المتحدة
لابيد في الأمم المتحدة

حَمل خطاب رئيس حكومة الاحتلال "يائير لابيد" أمام الجمعة العامة للأمم المتحدة والتي أبدي فيه تأييده لمبدأ حل الدولتين دلائل وأهداف متعدّدة بعيدة كل البعد عن دلائل النص المعلن، ولا علاقة لها بتجديد المفاوضات، أو بالسعي للتوصل فعلا إلى حل الدولتين.

وحاول "لابيد" إحداث نقلة نوعية في انتخابات الكنيست المقبلة لصالحه، عبر خطاب مثل محاولةً لإعطاء الوسطيين المترددين أو غير المُصوتين سبباً للذهاب إلى صناديق الاقتراع، وذلك في رهانٍ ربما يعتبره "لابيد" أفضل فرصة له، بسحب ما يرى "محمد محمود السيد" الباحث المصري في الشؤون العربية والإسرائيلية.

وأضاف الباحث أن الخطاب حمل دلالات دبلوماسية وأيديولوجية وانتخابية وفقاً للداخل الإسرائيلي، حينما خاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي قادة العالم قائلاً: "إن غالبية عظمى في إسرائيل يؤيدون حل الدولتين"، في ترويج رصين للسياسة الإسرائيلية، التي يمكن لأصدقاء إسرائيل في الأمم المتحدة التعايش معها"، وهذا أمر يمنحه سمعة دبلوماسية بين قادة العالم، ويُوحي للمهتمين بعملية السلام أنه قد يمتلك "مشروع سلام حقيقي".

اقرأ أيضاً: رغم اتفاق الجزائر.. المصالحة رهينة "إسرائيل" وتحتاج ضغط شعبي

من جهتها رأت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أن خطاب "لابيد" غيّر المشهد الخامس للانتخابات في إسرائيل"، بعد أن كانت الانتخابات الأربعة السابقة تدور حول سؤال واحد، وكأنها استفتاء: هل نتنياهو مناسب للمواصلة في منصبه كرئيس للوزراء؟.

حيث ظهر بعد تصريحات "لابيد" اختلاف واضح بين معسكري اليمين واليسار في إسرائيل، حتى على مستوى ردود الأفعال، ويُرجِّح البعض أن "حل الدولتين" ربما يكون القضية الحاسمة للدورة الانتخابية القادمة في إسرائيل.

وأوضح الباحث المصري أن اليمين الإسرائيلي يرى أن الانسحاب من الضفة لن يؤدي أبداً إلى السلام، ولكنه سيؤسِّس لدولة مُعادية لإسرائيل في "قلب الأمة اليهودية التوراتية"، وفق تعبيراتهم، بينما يرغب اليسار الإسرائيلي في الانفصال عن الفلسطينيين بأي ثمن، على أمل أن التنازل عن الأرض وإنشاء دولة فلسطينية سيحمي بطريقة ما "الديمقراطية الإسرائيلية" وينهي الحديث عن "العنصرية الإسرائيلية".

وبالرغم من أن "لابيد" كان يُروِّج لنفسه -بمساعدة بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية- على أنه "وسطي"، فإن موقفه الأخير تبنّى وجهة نظر يسارية، وأعاد إلى الساحة الإسرائيلية القضية التي حددت الفرق بين اليسار واليمين منذ أن وقّع رئيس الوزراء الأسبق، إسحق رابين، على اتفاقيات أوسلو في عام 1993.

على صعيد آخر كشف الباحث في الشؤون العربية أن هناك ربط بين خطاب "يائير لابيد"، وبين موقفه الانتخابي، حيث أن استطلاعات الرأي كافة لم ترجح نجاحه في تشكيل الحكومة القادمة من خلال معسكره السياسي الذي شكّل منه حكومته الحالية. والخيارات هنا تدور بين فرص متواضعة لعودة لنتنياهو إلى الحكم، في مقابل فرص أكبر للوصول إلى "طريق مسدود"، لا يمنح أياً من الكتلتين أغلبية تسمح بتشكيل الحكومة.

وكان خطاب "لابيد" قد قوبل بانتقادات شديدة من اليمين الإسرائيلي، امتدت إلى داخل حكومة لابيد نفسها، حيث أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى وجود تحفظ داخل مجلس الوزراء على مبادرة لابيد، وأنه فاجأهم بالخطاب من دون استشارتهم.

اقرأ أيضاً: جيش الاحتلال يقر بعجزه عن وقف هجمات "عرين الأسود"

في المقابل لاقى تأييد "لابيد" لحل الدولتين دعم اليسار الإسرائيلي، ورأت زعيمة حزب ميرتس، زهافا غالون، أن خطاب لابيد كان "تاريخياً"، ووضع عملية السلام أخيراً على جدول الأعمال، ووعدت بأن يقف حزب ميرتس مع لابيد لتحويل رؤيته إلى واقع، لإنهاء معاناة الفلسطينيين والإسرائيليين.

وبينما جاءت ردود الفعل الإسرائيلية بين التأييد والمعارضة، كانت ردود الفعل الفلسطينية والعربية حذرة، بعد أن تفاجأ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وهو ما اتضح من خلال موقفه المُرتبك تجاهها؛ ففي البداية وصفها بأنه "خطوة إيجابية"، قبل أن يتراجع ويهاجم إسرائيل ويُحمّلها مسؤولية إفشال عملية السلام في مراحلها المختلفة، بدءاً من أوسلو وصولاً إلى الوقت الراهن.

وخلص الكاتب أن كل هذا أدى إلى استنتاج واحد، وهو أن "لابيد" يحتاج إلى تغيير استراتيجيته، بحيث يتجه إلى الحشد وليس الإقناع، أملاً في إحداث انقلاب أخير قبل الانتخابات، ويبدو أن تصريحاته كانت مُصممة لهذا الغرض، فهو يرغب في حشد القطاع المؤيد له أيديولوجياً، والذي لم يكن في السابق مبالياً أو متحمساً للتصويت.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo