المطلوب فلسطينياً بعد زيارة بايدن للمنطقة

عباس وبايدن
عباس وبايدن

إن خيارات الشعب والقيادة الفلسطينيه والتنظيمات الوطنية والاسلاميه ما بعد زيارة بايدن للمنطقه تجسد الاستراتيجيه والتكتيك اللذان يعبران دوما عن حقيقة القضية الفلسطينيه ومكامن المناعه والقوة والهجوم بها وجوهر الفعل الوطني الفلسطيني ما قبل الزيارة وما بعدها.

فلقد استطاع الفلسطينيون وبعد تجارب ومخاضات كفاحيه وتفاوضيه ودبلوماسيه ادراك خطورة الارتهان للامبرياليه الراسماليه الاستعمارية الأمريكية ومشاريعها ومن يقف معها كونها للأسف الشديد الراعي الاساسي والحامي لمشروع الحركة الصهيونيه بما يجمع بينهما تاريخيا وثقافيا وفكريا وسياسيا من جذور تكوينيه حيث انهما يمثلان مجتمعي مهاجرين (وإبادة الشعب الاصلاني) حيث أمريكا استهدفت ملايين الهنود الحمر، والصهاينه استخدموا الابادة والتطهير العرقي لتكون لهم دولة نقيه واثنيه عرقيا وخاليه من السكان الاصلانيين الفلسطينيين.

وإن تجاوز الجذور التاريخية والدينيه والاستعماريه التي تجمع قوى الإستعمار والاستيطان رغم الخطابات الشكلانيه المخادعه التي لا تكشف الجوهر العدواني والظالم والاستيطاني والاحتلالي لهذه المنظومات والمراهنه على الراعي الأمريكي الذي يسعى لانجاز مصالح أمريكا دوما على حساب الاخرين ويرفض الوجود الاخر سواء كان روسيا أو صينيا أو غيره، لن يحقق شعبنا وقضيتنا الوطنيه أي حلول أو انجازات حقيقيه.

وهذا لا يعني ادارة الظهر بالمطلق لهذه المعادلات السياسية الظالمه، لكن العمل معها بنفس الأسلوب والاليات والأدوات التي سبق واستخدمناها لن يحقق أي نتائج تذكر كوننا نجرب ذات التجربة بذات الانماط والأدوات ونتوقع ان نصل إلى نتائج مختلفه. وحتى نخرج من نفق الاخرين ونفتح لانفسنا بوابات الحرية والسيادة وتقرير المصير علينا أن نعيد تقييم مسيرة كفاحنا الوطني بشكل جريء وعميق ومهني وعلمي وشمولي بعيدا عن لغة المناكفات والخطاب والإنشاء واجتماعات تسجيل النقاط والاتهام فاللحظة الكفاحية الوطنية الحالية الفلسطينية لا تحتمل عقلية المزايدات وسياسة الحزبيات الخرقاء المقيتة والانشداد لأجهزة خاصة ورؤى لا تخدم المشروع الوطني الفلسطيني. فإدراكنا لطبيعة السياسة الأمريكية المنحازة بالمطلق للمشروع الصهيوني وإفرازاتها ورفض إسرائيل الصهيونية ، لأي مبادرة سلام حقيقية تؤدي إلى انجاز حقنا في السيادة وتقرير المصير واعطائنا حقوقنا وثوابتنا وسعيها لفرض سياسة التهويد والانتشار الاستيطاني وترسيخ الوقائع على الأرض والانزياح نحو اليمين القومي والديني المتطرف وغياب اليسار الاسرائيلي القادر على فرض رؤية الاعتدال والحلول القائمة على أساس الشرعية الدولية والتي تنهي العنف والقتل وتعزز السلام بين الشعوب.

اقرأ أيضاً: صفقة الأسرى بين المقاومة والاحتلال.. ثماني سنواتٍ فشلت في إذابة الجليدِ

إن الخيارات الفلسطينية واضحة ولكن الخلل الاستراتيجي الفلسطيني هو بتجاوزها والقفز عنها وفتح أبواب لا تغني ولا تسمن لمشروعنا الوطني وأهم هذه الخيارات :

١-هناك قانون عام للثورات وقانون خاص يعبر عن خصوصية كل شعب وطبيعة الصراع وأطراف الصراع وقد أثبت القانونان بأنه لا يمكن انجاز أي شيء حقيقي دون أن يكون هناك حركة تحرير وطني (جبهة وطنية واحدة) تجسد وتضم كل مكونات العمل الوطني الفلسطيني وتحت قيادة واحدة ولهذا فإن تعدد مصادر القرار بعيدا عن منظمة التحرير الفلسطينية عنوان الشرعية الوطنية لن يخدم قضيتنا الوطنية ولا بد من تعزيز العمل الوطني الفلسطيني الموحد عبر منظمة التحرير الفلسطينية كإطار وحدوي نضالي وبانضمام الجميع دون استثناء وترسيخ منهج القيادة الواحدة ونهج نضالي واحد متفق عليه وبرنامج عمل سياسي ومقاوم وإداري يمثل دليل عمل وطني شامل لأن التناسب الحزبي وهذا الانشطار في العمل والانقسام المأساوي بين شطري الوطن يصب في صالح عدونا الصهيوني.

٢-إن هزيمة هذا المشروع الصهيوني التفريغي الإحلالي العدواني لن يتم دون إرادة شعبية وجماهيرية حقيقية قادرة على الاشتباك المتواصل والحقيقي والميداني مع كل افرازات هذا الاستعمار وأدواته.

ونحن بحاجة إلى وسيلة كفاحية تجمع ما بين وحدة الشعب (أداة الكفاح الحقيقية) واللغة التي يفهمها العالم وتكسبنا تعاطفا دوليا وهذا يكون فعليا عبر أداة المقاومة الشعبية الجماهيرية الشاملة التي لا تحتكرها جماعة أو نخبة أو شريحة ؛لأن النخبوية في النضال يمكن محاصرتها أما العمل الكفاحي الجماهيري الشامل فهو تجسيد لارادة الشعب والثورة التي لا تقبل بالهزيمة أو الحصار أو الصمت أو الهدوء والخمول والاستكانة ونحن نرى الأخطبوط الصهيوني يتمدد دون توقف ومسلسل الطرد والتهجير والإبادة والتطهير العرقي لم يتوقف. فلماذا نختلف على الوسيلة الكفاحية ونحرق سنوات نضالنا دون أن ننجز أي تقدم أو نقيم أدوات عملنا.

اقرأ أيضا: بعد الخيبة من بايدن..هل من مسار فلسطيني جديد؟

٣- طريقة التفكير التي تصنع الخيارات والأدوات :

مما لا شك فيه أن حالة الاستعصاء والتراجع الوطني وغياب الحلول الحقيقية نتاج طبيعة العدو الصهيوني ومشروعه التوسعي لكن هناك دور في هذا التراجع لطبيعة المنهج والتفكير الفلسطيني الذي يطال كل الحركات والقوى الفاعلة فلا احد يمتلك الحق والحقيقة وليس بيننا من يدعي النبوة والوحي رغم ان ما نراه في الخطابات والتحليلات الداخلية يمثل وحيا مزيفا ومسكنا لنقاط القوة ومخدرا سياسيا للمناعة الوطنية وبعدها نتساءل لماذا لم نتقدم ؟! ولماذا لم نفرض رؤيتنا وسياستنا ؟! فالشعارات والنداءات والاستغاثات لا تصنع وجودا ولا تحرر وطنا ولا تخلق حقائق ولا نريد ان نكون غوغائيين وندعي القدرة على خوض حركة مسلحة فشلنا بها في أكثر من محطة لأننا نكثر من الشعارات ولا نطبقها فالتفكير المنهجي العلمي النضالي يفرض علينا أن نكسر كل الحواجز الفصائلية الشكلانية والحدود الوهمية والجدر النفسية فقضيتنا الوطنية تستحق أن يتنازل الجميع لأجلها لأن وجود الشرخ في الوطن الواحد والسياسات المتناقضة والتحالفات دون اتفاق وطني تطيل من عمر الاستعمار الصهيوني ومن يراهن على المقاومة اللفظية أو السلام دون شريك حقيقي لهذا السلام هو واهم لنراهن لمرة واحدة على وحدتنا الوطنية وعلى إرادتنا الشعبية وعلى امكانياتنا الفلسطينية وعلى قدراتنا الجماهيرية وطاقاتنا الكامنة الوطنية فنحن نمتلك الوعي والمعرفة والحضور الفلسطيني الأصلاني فلا نعطل ذلك ولا بد من زلزال حقيقي هادر لتشتعل الأرض تحت أقدام المستوطنين بمقاومة جماهيرية شاملة نستطيع التعايش معها لفترة زمنية طويلة تكشف إعلاميا عن حقيقة هذا الوجود الصهيوني الاستعماري الذي لا يريد السلام ولا يريد أن يعطينا أي حق من حقوقنا.

٤- ما يخص المحيط العربي والإسلامي لا بد من إعادة الروابط الشعبية والمؤسساتية مع كافة القوى الفاعلة الحزبية والمدنية في عالمنا العربي والإسلامي وعدم الاكتفاء في علاقة رسمية رغم أهميتها لتبقى فلسطين نبض الشعوب رغم ما تمر به العديد من الدول من مخاضات داخلية وفترات انتقالية لكن الصمود الفلسطيني الحي والذي يشتبك مع الاستعمار الصهيوني هو وقود قاطرة الدعم العربي والاسلامي الشعبي والرسمي.

٥- الإبتعاد عن مهاجمة أي نظام عربي رغم الانحراف الذي تعيشه العديد من الدول في التطبيع أو في البحث عن مصالحها والتركيز على فرض مطالبنا العادله على طاولة هذه الانظمه واجتماعاتها، الغطاء المالي العربي الذي تم محاربتنا به نتاج التهاني لامريكا احد الاهداف التي نسعى لنحررها من الهيمنه الاستعمارية عبر ضغط جماهيري فلسطيني وعربي وإسلامي فالموقف الاخير المجسد في قمة جده يمثل نقطة ضوء واستقلاليه بالامكان أن نبني عليها ضمن منطق ولغة المصالح.

٦- موضوع القدس ...

إضافة للاتفاقيه مع الاردن بما يخص الاشراف الاردني نحن بحاجة إلى حاضنه معنويه اسلاميه أعلى وإن تكون هناك سياده معنويه اسلاميه تساعدنا في حماية القدس وحماية صمود المقدسيين، وتدعم الصمود البطولي المقدسي فالاستقلاليه الفلسطينيه السياديه الحقيقية تكون فعليا بعد انجازنا التحرير، ونحن بحاجة إلى أن يكون هناك اشراف اسلامي ضمن اتفاق واضح مع القيادة الفلسطينيه يضمن مساهمة كل عربي ومسلم في حماية القدس، ويضمن حقنا السيادي الفلسطيني المستقبلي.

أن الحقائق التي تؤهلنا للانطلاق من عتمة وظلام الانتظار واضحه وجليه وتحتاج جرأة قياديه وقرارات استثنائيه داخليه، فلا داعي أن نفكر في إلغاء أي تنسيق يضمن لنا أي حق ، علينا أن نبدع في خلق واقع كفاحي شعبي موحد يتناغم مع الحالة السياديه الوطنيه، فلا نفرط في شئ لحساب شيء آخر، وإن نكون واقعيين وعمليين، فالاشتباك بمنطق سي وبي سيخلق واقعا اقليميا ودوليا لصالح قضيتنا، ويفتح لنا أبواب الدول والمبادرات، وغير ذلك سينهي حالة الخمول واللاعمل والانتظار والتمدد الصهيوني.

المصدر : صحيفة القدس

مواضيع ذات صلة

atyaf logo