"محور القدس".. تهديدات جدية أم مجرد شعارات؟

اغلاق الاحتلال للقدس
اغلاق الاحتلال للقدس

شكل الخطاب الأخير ليحيى السنوار قائد حركة حماس في قطاع غزة، انتقالاً كبيراً في لغة التهديد على مدار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث هدد السنوار بكسر الحصار كاملاً عن قطاع غزة، وإعادة فتح الممر البحري بالتنسيق مع ما أسماه بـ "محور القدس".

وأكد السنوار استمرار العمل على قدم وساق مع "محور القدس" لإنجاز الأمر، متوجهاً بالتحية إلى إيران ومرشدها ومسؤوليها، الذين وصفهم بأنهم لم يترددوا في بذل كل غالٍ من أجل القدس.

ووفقاً للمعلومات المتوفرة، فإن أركان هذا التحالف "محور القدس" إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، يتألف من "الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الجمهورية العربية السورية، المقاومة الإسلامية (حزب الله) لبنان، حركة أنصار الله (اليمن)، الحشد الشعبي والحشد العشائري في العراق".

الدوافع والرهانات

وإلى جانب البناءات على تفعيل هذا الحلف "محور القدس"، فإن هناك بالمقابل انتقادات وُجهت لهذا المحور حول دوافعهم الحقيقية، وشككت في جدية وقدرة بعض أطراف هذا المحور على الخروج من الشعارات إلى الفعل الحقيقي.

اقرأ أيضاً: خبير أمني مصري: اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة وشيك

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد نشر الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور تغريدة له فيس بوك قال فيها: "سمعت أحد قيادات الفصائل في غزة يقول بأن السنوار ليس قائداً في غزة فقط بل هو قائد في محور القدس واغتياله سيؤثر على المنطقة، لم أفهم قصده بالضبط، ولكننا رأينا كيف تم اغتيال قاسم سليماني ولم تتأثر المنطقة لا من جانب إيران ولا من حزب الله، لذلك أتمنى ألا يتم جرنا إلى معارك دفاعاً عن جيران لا يدافعون عن أنفسهم باسم محور القدس، فكل فريق يدافع عن نفسه ويحمي الثغرة التي هو عليها وكثر الله خيره".

محور.jpeg

وفي ضوء ما سبق، فقد وجه موقع "زوايا" مجموعة من التساؤلات للساسة والمحللين حول حلف "محور القدس"، وتركزت هذه الأسئلة حول دوافع المقاومة الفلسطينية للانضمام لهذا المحور في هذه المرحلة، والتقييم لأطراف هذا المحور من حيث موقعهم الإقليمي والدولي وقوتهم، وما هي دوافعهم ومصالحهم من وراء هذا التحالف، وما مدى التعويل على هذا المحور في قضايا مُلحة في الوقت الراهن مثل: الدفاع عن الأقصى وكسر حصار غزة وصد أي عدوان عنها، وكيف ينظر الاحتلال وحلفاؤه للإعلان عن هذا المحور وجدية التلويح والتهديد به؟

وبالسؤال عن حقيقة هذا المحور للقيادي في حركة حماس محمود مرادوي، فقد أكد أن محور المقاومة "محور القدس" حقيقة من حقائق ما وصفها "المنطقة الأصيلة"، مؤكداً أن هذا المحور "موجه لمحاربة الكيان الصهيوني ويهدف لإزالته".

وأوضح مرادوي في حديثه لـ"زوايا" أن الدافع المركزي والوحيد لهذا المحور هو مقاومة العدو الصهيوني وعدم الاعتراف بوجوده على أرض فلسطين، مشيراً إلى أن دوافع ومصالح أطراف محور المقاومة تشترك بـ"هزيمة هذا الكيان، وعودة الاستقرار للمنطقة بعودة فلسطين لأهلها الأصليين، وإنهاء معاناة الفلسطينيين بتحرير أرضهم".

وأكد مرادوي بـأن حركته جزء دائم وأصيل من هذا المحور الذي أثبت قدرته على التماسك والثبات على موقفه الرافض للاعتراف بالكيان الصهيوني، عاداً أن محور المقاومة "شراكة استراتيجية حقيقية مضى على العمل المشترك بين أطرافه سنوات من الجهاد والتضحية والمقاومة لعدو الأمة المركزي المتمثل بالكيان الصهيوني".

ومن وجهة نظر مرادوي فإن "ظروف محور المقاومة تتحسن يوماً بعد يوم، حيث أن هذا المحور اليوم بات يفرض معادلة ردع حقيقية على العدو في كل الجبهات ويقف للمخططات الاحتلالية والتوسعية له بالمرصاد ويعرقلها، بل ويلجم العدو ويدفعه للتراجع في كثير من المراحل والجبهات".

وحول ما إذا كان يمكن التعويل على هذا المحور في قضايا مُلحة في الوقت الراهن مثل: الدفاع عن الأقصى وكسر حصار غزة وصد أي عداون عنها؟، يرى مرادوي أن "للمحور دور داعم ومساند على الدوام في دعم مقاومة الحركة في صد العدوان وكسر الحصار".

وذكر مرادوي أن المقاومة الفلسطينية جزء من هذا المحور وليس مجرد تعويل من عدمه، لافتاً إلى أن الدور المهم والمركزي لمحور المقاومة هو "البيئة الاستراتيجية الداعمة والحاضنة للمقاومة الفلسطينية، وتقديم كافة أنواع الدعم لها للقيام بمسؤوليتها أمام شعبها بتحرير الأرض والإنسان".

وأشار إلى أن الشراكة مع محور المقاومة استراتيجية وتنتمي لفكر مقاوم أصيل يحدد أهدافه بوضوح تجاه تحرير فلسطين، مشدداً على أنه لا يمكن لحماس ولا للمقاومة الفلسطينية التملص من مهمتها التي وجدت من أجلها وهي مقاومة الاحتلال.

اقرأ أيضاً: أوراق قوة بيد الفلسطينيين يمكن استغلالها لوقف العدوان

وفيما يتعلق بموقف الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤه من الإعلان عن هذا المحور وجدية التلويح والتهديد به؟، فقد ذكر مرادي أن العدو الصهيوني هو أفضل من يدرك حقيقة المحور وما يفعله مجتمعاً للجم الكيان وإيصاله إلى مصيره المحتوم بعدم البقاء على أرض الفلسطينيين.

وأوضح أن الحرب والعمليات الأمنية والعسكرية بين أطراف المحور والكيان لا تتوقف ويتعامل معها الكيان بجدية كما هو الحال لمحور المقاومة، مشيراً إلى أن عمليات القصف التي يقوم بها الكيان في سوريا وغيرها هي جزء من الصراع الدائر بين المحور وهذا الكيان، الذي يعلم علم اليقين أن الأمر ليس شعارات ولا مجرد تهديدات.

فلسطين.. رأس الحربة

أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب، وفي رده على دوافع المقاومة الفلسطينية للانضمام لهذا لمحور القدس في هذه المرحلة؟ فقد برر ذلك "بأن قضية فلسطين هي قضية عربية إسلامية، وبكل تأكيد القدس تهم الكل العربي والإسلامي، ولذلك من واجب العرب والمسلمين أن يكون لهم مساهمة وجهد من أجل حماية المسجد الأقصى وتحرير فلسطين".

وأوضح حبيب لـ"زوايا" أن المقاومة الفلسطينية تنظر بإيجابية إلى كل الأصوات التي ترفع شعار مقاومة الاحتلال وترفض الاعتراف به، مشيراً إلى قدر الفلسطينيين بأن يكونوا رأس حربة الأمة في الدفاع عن مقدسات وكرامة الأمتين العربية والإسلامية.

ويرى حبيب أن المجال مفتوح لكل القوى الحية ولأحرار العالم والمناصرين للقضية الفلسطينية العادلة للانضمام إلى هذا المحور والمساهمة في تسريع تحرير الأرض والمسرى، عاداً أن نصرة ومساهمة هذه الدول والقوى الحرة واجب عليها وليس مِنة على الفلسطينيين، وذلك انطلاقاً من أن هذا الكيان الغاصب هو خطر على كل المنطقة العربية والإسلامية وليس على فلسطين فقط.

وقال حبيب "نحن كمقاومة نقترب ونبتعد من الدول والأحزاب العربية بقدر قربها من فلسطين وبعدها ومعاداتها للكيان الصهيوني، ولذلك أي قوى أو دول تعلن أنها ضد هذا الكيان وعلى استعداد أن يكون لها مساهمة في نصرة وتحرير فلسطين، نحن في المقاومة الفلسطينية بغض النظر عن المسميات نعتبرها حليف وشريك في هذا المضمار".

وحول مصداقية هذه القوى والدول وجديتها بالإنضمام إلى محور القدس، رد حبيب قائلاً "نحن نعول في المقام الأول على عون رب العالمين ومن ثم على قوتنا التي كلفتنا آلاف الشهداء والجرحى والأسرى".

وأضاف "كما أن أغلب هؤلاء الشركاء لديهم ظروف صعبة ومعقدة، ولكن أي صوت معك أفضل أن يكون هذا الصوت ضدك، ولذلك نحرص على التقارب مع المحاور المعادية للاحتلال (..) فلسطين هي المركز والمحور والقدس هي القلب في هذا الصراع، ولذلك يجب أن تكون الأخيرة جامعة للجميع".

وأكد حبيب على حرص المقاومة الفلسطينية، على أن يكون لها شركاء ومناصرون من الأمة العربية والإسلامية سواء بالمال والسلاح أو حتى بالمظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني وقضيته، عاداً أن كثيرا من هذه الدول والحلفاء لديهم إمكانيات كبيرة إذا استخدموها سيكون ذلك عامل مهم في موازين القوى بين المقاومة وبين الكيان المدجج بالسلاح وكل أدوات القتل.

وحول نظرة الاحتلال الإسرائيلي لهذا المحور، فقد ذكر حبيب أنه في ظل هذه المعطيات والمشهد الحالي، فإن إنشاء هذا المحور أمر ضروري ومفيد للقضية الفلسطينية ويغيظ العدو الإسرائيلي وحلفاءه من الدول التي تهيمن على العالم بعنصريتها تجاه الدول والقوى المستضعفة.

 قدرات تحالف محدودة

وفي قراءته السياسية والتحليلية، أكد إبراهيم أبراش الكاتب والمحلل السياسي-وزير الثقافة الأسبق- أن ما يسمى بمحور المقاومة "موجود منذ سنوات وأن فصائل المقاومة جزء من هذا المحور خاصة حركة حماس"، عاداً أنه خلال هذه السنوات أهل فلسطين وحدهم من يدافعون عن المقدسات.

واعتبر أبراش في حديثه لـ"زوايا" أن هناك خطاب مضخم وشعارات وتهديدات لـ(إسرائيل) وأمريكا تصدر عن هذا المحور، ولكن ذلك لم يوقف هاتين الدولتين عن سياساتهم العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وخصوصا تجاه القدس والأقصى، بل كانت (إسرائيل) توظف هذه التهديدات للزعم بأنها مهددة من العالم الإسلامي وأن من حقها الدفاع عن نفسها.

ويرى أنه بالرغم من بعض مواقف هذا المحور أفضل من مواقف الدول المطبعة مع (إسرائيل)، إلا أن كل طرف من أطراف المحور كإيران وحزب الله وسوريا له مشاكله الداخلية أو مع دول الجوار، وبالتالي فإن قدرتهم على الفعل لمواجهة السياسة العدوانية الإسرائيلية في القدس تبقى محدودة.

وقال أبراش "الشعب الفلسطيني لا يريد أن يكرر ما كان يحدث في الستينات والسبعينات عندما كان هناك خطاب قومي عربي يرفع شعارات كبيرة وكانت إسرائيل تستغل ذلك بالزعم أنها محاطة بأمة عربية معادية لها وتريد القضاء عليها".

وأضاف "إسرائيل تدرك محدودية قدرة هذا المحور على الرد، ولكنها توظف تهديداته لها لتكسب تأييد دول العالم لها، وتبرير ممارساتها الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني بأنها تندرج في سياق الدفاع عن النفس".

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo