مصدر لـ"زوايا": خلافات أوروبية داخلية تُؤخر المساعدات الفلسطينية

مواطن يستلم مساعدات غذائية
مواطن يستلم مساعدات غذائية

على وقع تأخر المساعدات الأوروبية المقدم للسلطة الفلسطينية عن هذه السنة، توجه وفد فلسطيني، مجددًا، برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، للمشاركة بإجتماع لجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني الذي يعقد الثلاثاء.

لكن، ما علاقة سفر الوفد الحكومة الفلسطيني وتأخر المساعدات الأوروبية؟، وماذا يمنع إقرارها حتى اللحظة؟

مصدر أوروبي قال لموقع "زوايا" إن ذهاب الوفد الحكومي الفلسطيني ليس متعلقًا بأية عقبات وقضايا عالقة بين السلطة وأوروبا؛ وإنما هي مشاركة روتينية في مثل هذه الحالة، لكنها ستكون فرصة لنقاش قضايا فنية وسياسية بين المسؤولين الفلسطينيين ونظرائهم الأوروبيين.

تأخر المساعدات لخلاف أوروبي داخلي..والسلطة ليست المشكلة

وكشف المصدر أن سبب تأخر المساعدات المقدمة للحكومة الفلسطينية، حتى اللحظة، ناجم عن خلافات في وجهات النظر بين دول الإتحاد الأوروبي، حول مقترحات الدعم، ولكن ليس متعلقاً بالسلطة الفلسطينية نفسها، مثل قضية تغيير المنهاج كما يُشاع، أو أي مسألة أخرى.

وبين المصدر أن القضايا العالقة مع السلطة تم معالجتها قبل ثلاثة أشهر، ما يعني أن ما يعيق إقرار المساعدات ووصولها للسلطة ليس مرتبطًا بالسلطة نفسها، وإنما خلافات بين الدول الأوروبية حول أجندات الدعم ومقترحاته.

وبالنسبة لما يُشاع عن موقف المنهاج الفلسطيني كعقبة أمام الدعم، نفى هذا المصدر مضمون النقاش الدائر في الشارع الفلسطيني، مشيرًا إلى عدم صحة الأقاويل عن اعتراض الاتحاد الأوروبي على وجود صورة للرئيس الراحل ياسر عرفات في الكتب المدرسية، أو صورة لجدار الفصل العنصري؛ ذلك أن أوروبا نفسها تتخذ موقفاً ضد الجدار.

وأوضح المصدر أن الملاحظات الأوروبية فيما يخص المنهاج الفلسطيني تتعلق بأمور يُمكن تطبيقها فلسطينيًا، مبينًا أن هذا الموضوع ليس سببًا في تأخر المساعدات؛ نظرًا للإنتهاء من نقاش الأمر مع السلطة الفلسطينية قبل بضعة أشهر.

اقرأ أيضاً: مساعدات فقراء غزة.. بين محاولات التوزيع الأمثل والعشوائية وشبهات الفساد

ورجح المصدر أن المساعدات الأوروبية تشهد مماطلة نتيجة النقاش المستمر بين الدول الأعضاء في ظل تباين وجهات النظر حيال بعض المقترحات التي تصب في صالح الفلسطينيين، لكنه قال إن هذه المساعدات ستصل في نهاية المطاف وبكل الأحوال إلى السلطة، وإن تأخرت.

مسؤول فلسطيني: استياء المفوضية الأوروبية بسبب موقفنا من الحرب الأوكرانية

بيدَ أن مسؤولا في الحكومة الفلسطينية اعتبر، في حديثه لموقع "زوايا" أنّ الخلافات الأوروبية الداخلية هي سببًا يُضاف إلى سببين آخرين لتأخير المساعدات الأوروبية المقدمة للسلطة. ويتصل السبب الثاني، بمسألة الاتهامات الموجهة للسلطة حول قضية التحريض، إضافة إلى سبب ثالث متعلق بغضب واستياء المفوضية الأوروبية من موقف السلطة الفلسطينية من الغزو الروسي لأوكرانيا؛ إذ يريد الإتحاد الأوروبي من رام الله أن تتخذ موقف إدانة قوي للغزو الروسي.

وكان مستشار رئيس الوزراء لشؤون التخطيط وتنسيق المساعدات استيفان سلامة، قال إن لقاءات متنوعة سيجريها الوفد الفلسطيني، جزء منها فنية تمت الإثنين، فيما معظم اللقاءات السياسية تتم الثلاثاء، مؤكداً أن "اللقاءات الفنية بمشاركة وزير المالية ورئيس سلطة الطاقة والمياه ووزارة الاقتصاد والأمانة العامة لمجلس الوزراء".

الثالوث المُعطّل: الحريات العامة، وانعدام الأفق السياسي، وحرب أوكرانيا

بدوره، قال الباحث بشؤون السياسة الأوروبية والفلسطينية د.أسامة عنتر، لموقع "زوايا"، إن هناك مسألتين تلقيان بظلالهما على الدعم الأوروبي للسلطة: الأولى، إنشغال أوروبا بالحرب الاوكرانية، وتأثير ذلك على الأمن والاقتصاد الاوروبيين، وسط تخوف من التضخم في العملة الأوروبية.

بينما تتعلق المسألة الثانية بالسياق الفلسطيني نفسه، حسب عنتر، وذلك من ناحية عدم وجود رؤية واضحة للمستقبل السياسي الفلسطيني-الاسرائيلي- وكذلك استياء أعضاء البرلمان الأوروبي من ضعف الحريات العامة وعدم إجراء الانتخابات العامة، وسط توقع بإرتباط الإستياء الأوروبي بشأن الحريات العامة في فلسطين، بما حدث مع نزار بنات، وطريقة معالجة السلطة للواقعة.

ناهيك عن مضامين المنهاج الفلسطيني الذي كان بخصوصه أكثر من تعليق أوروبي تجاهه من قبل متخذي القرار لدى المفوضية الأوروبية.

وحسب عنتر، فإن المستوى السياسي الأوروبي يصر على إجراء الانتخابات الفلسطينية، لتجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية، وتسويغ استمرار الدعم الأوروبي، بينما يتفهم المستوى الأمني في أوروبا لتأجيل الانتخابات الفلسطينية، خشية أن تكون وسيلة لفوز من يصفهم ب"مُعادي السلام" إلى الحكم الفلسطيني.

وبشأن الحريات العامة، تحدثت مصادر سياسية لموقع "زوايا" عن امتعاض أوروبا من تعيين الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي زياد هب الريح في منصب وزير الداخلية، بإعتبار أن جهازه الأمني متورط بقتل الناشط المعارض نزار بنات.

التعامل الأوروبي بالمساعدات..مؤشر على هوان السلطة وعدم احترامها

من جهته، يعتقد المحامي المقدسي والوزير الأسبق زياد أبو زياد أن طريقة تعامل أوروبا بموضوع المساعدات دليل ومؤشر على "هوان السلطة في عيون العالم الغرب وتآكل هيبتنا، لدرجة أن الكل يتطاول على شعبنا وسلطتنا وقيادتنا، ونحن نسهم بذلك باتجاهين: الأول، هناك عملية هدم مبرمج للمؤسسات الشرعية الفلسطينية بدءًا من عام 2007 بحل المجلس التشريعي، وتمادى فيما تسمى بمراسيم قرار بقانون الصادرة عن الرئيس، ثم تآكل السلطة القضائية والخلل بها، ثم هيمنة السلطة التنفيذية على كل المؤسسات".

اقرأ أيضاً: خبير أمني مصري: اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة وشيك

ورأى أبو زياد، في حديثه لـ "زوايا"، أن العالم "يتفرج علينا، ويرى أننا نهدم ما بنيناه ونتراجع، وأن هناك صراعا فتحاويا حمساويا من المستحيل حله، علاوة على تشظي داخل فتح والسلطة، وقد رأينا ذلك بفصل كوادر هامة من فتح".

وأكد أبو زياد أن هذه التطورات داخل السلطة تجعل العالم لا يحترمنا، منتقدًا الأصوات المتعالية من بعض الفلسطينيين في مواقع التواصل الإجتماعي تسيء للشعب الفلسطيني، وتطالب الأوروبيين بعدم مساعدة السلطة بحجة أن الأخيرة لا تحترم حقوق الإنسان. وقال أبو زُياد إن هذه الأصوات "نشطت كثيرا خصوصا في فترة استشهاد الأخ نزار بنات".

"ممثل دولة أوروبية كبيرة أخبرني أن فلسطينيين يطالبون بوقف دعم السلطة"

وكشف أبو زياد، أن ممثلًا لدولة أوروبية كبيرة في رام الله، قد أخبره مؤخرًا أن هناك فلسطينيين يطالبون بوقف الدعم عن السلطة. ووصف أبو زياد كل من يطالب بوقف دعم السلطة ب"إنسان غير وطني"؛ ذلك أن معاقبة السلطة هي بالمحصلة عقاب للشعب الفلسطيني.. فالسلطة تقدم خدمات للشعب، وإن تأخير الأموال هو ضغط سلبي على الشعب الفلسطيني، حسب الوزير المقدسي الأسبق.

وتابع أبو زياد: "أصبحنا رهائن بأيدي الأوروبيين. فالمساعدات الأمريكية موجهة للأمن الفلسطيني لضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية، لكن أجهزة السلطة المدنية هناك عدم اكتراث بما يؤول الوضع فيها.. انظر لإضراب المعلمين، لو كان للسلطة إمكانيات لما كان استمر هدم العملية التعليمية بشكل محزن ومؤسف جدا".

تراجع أداء السلطة بسبب الضغوط الخارجية..والخلل الداخلي والفساد

وشدد زياد أبو زياد ان هناك الكثير من التراجع في أداء السلطة نتيجة الضغوط الخارجية عليها، ونتيجة الخلل الداخلي والفساد الموجود فيها، وهذه العوامل كلها إذا استمرت، "فنحن في الطريق إلى الزوال، وتكريس الاحتلال والاستيطان، بينما نخطب ونتحدث عن الدولة والعاصمة الأبدية، دون ترجمة عملية لذلك".

وختم أبو زياد حديثه، بالقول: "ببساطة، الذي يحترم نفسه، فإن العالم يحترمه. ومطلوب من السلطة إعادة بناء الديمقراطية الفلسطينية، والفصل بين السلطات الثلاث، وإظهار جهد حقيقي لإنهاء الانقسام واستيعاب التيارات المختلفة داخل السلطة وفتح بدلا من الطرد والفصل".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo