تقرير مساعدات فقراء غزة.. بين محاولات التوزيع الأمثل والعشوائية وشبهات الفساد

فقراء يتلقون مساعدة.jpg
فقراء يتلقون مساعدة.jpg

الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب:

  • بعض العائلات تحصل على عشرات المساعدات في حين عائلات أخرى تستحق لا تنال سوى الفتات.
  • غياب المعلومات الحقيقية عن احتياجات المواطنين، وتركيز المساعدات الغذائية التي لا تلبي هذه الاحتياجات والتركيز على محال بعينها، قد تكون بوابة لشبهات الفساد.

أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامي د. علاء الرفاتي

  • 180 جمعية تحوي قاعدة بيانات مشتركة من أصل 840 جمعية تعمل في قطاع غزة.
  • العمل الخيري في قطاع غزة قيد التطور ولم نصل للمرحلة المثلى بعد.
  • قاعدة البيانات الموحدة للمستفيدين المشكلة من 180 جمعية، تضم بيانات أكثر من 200 ألف أسرة فلسطينية، وتعمل بالشراكة مع جهات حكومية لمنع الازدواجية.

الناطقة باسم وزارة التنمية بغزة عزيزة الكحلوت: 

  • الممول يفرض شروطه في كيفية صرف المساعدات، سواءً كانت مالية أو عينية.
  • المساعدات المالية أكثر تعقيدًا، فقد تصرف المساعدة لمواطنين ويأتون في اليوم التالي للمطالبة بمساعدات لأنها لا تكفيهم
  • عقدنا مؤتمرا لتوحيد قاعدة بيانات المستفيدين لـ500 مؤسسة خلال 2020 وتوقف العمل نتيجة جائحة كورونا.

يكتظ قطاع غزة بالجمعيات العاملة في المجال الخيري، في حين يشكو العديد من الفقراء والمهمشين عدم حصولهم على مساعدات، وحصول آخرين على عشرات المساعدات، مما أثار ضجّة على مدار سنين طويلة عبر "منصات التواصل" وفي الأوساط المجتمعية حول الجمعيات وآليات عملها وجدوى دورها الإغاثي.

وفي هذا التقرير ترصد تستنطق زوايا المختصين حول المساعدات النقدية والعينية التي تصرف للفقراء وآلية توزيعها، وإجبار المستفيدين على تلقي مساعدة بعينها، بغض النظر عن احتياجاتهم، وكذلك اختصاص محال بعينها في عملية الشراء.

 

 

مشروع لم يكتمل

من جهتها، قالت الناطقة باسم وزارة التنمية في غزة، أن وزارتها فتحت الأبواب للجمعيات الخيرية في قطاع غزة، لتوحيد المساعدات ومنع الازدواجية، مبينة عملية توزيع المساعدات مضبوطة وينقصها الجمعيات التي لا تتعاون مع الوزارة وتعمل بشكلٍ خاص.

وأشارت إلى أن الوزارة دعت الجمعيات الخيرية لـ مؤتمر في عام 2020 لعمل آلية لتوحيد قواعد المستفيدين لـ 500 جمعية مرخصة في قطاع غزة، إلا أن جائحة كورونا أوقفت العمل في هذا المشروع، مؤكدة أن وزارتها ما زالت تسعى لهذا الأمر

وأفادت بوجود قواعد مشتركة لـ 250-300 جمعية في قطاع غزة مطبقة فعليًا، وأن من يحصل على أي مساعدةٍ تكون مسجلة لدى هذه الجهات المختلفة.

 وأشارت إلى أن الوزارة تعتمد على المانحين بالدرجة الأولى سواء كانت المساعدات عينية أو نقدية، وأن الوزارة لها برامجها المتعددة مثل صرف المساعدات النقدية كل ثلاث شهور لـ80,000 أســرة، والقسائم الشرائية عبر نظام الغذاء العالمي لـ23,300 أسرة التي لا تحمل كرت التموين.

الممول يفرض شروطـه

وحول فرض الجمعيات سلعًا معينة على المستفيد، قالت "الكحلوت": "هناك شروط من الممول في كيفية صرف المساعدات، ويتم التوافق معه سواء كانت مساعدة مالية أو مساعدة مواد غذائية، يقضي المستفيد من خلالها حاجياته".

وحول المساعدات المالية، قالت "الكحلوت": "المساعدات المالية أكثر تعقيدًا، فقد تصرف المساعدة لمواطنين ويأتون في اليوم التالي للمطالبة بمساعدات لأنها لا تكفيهم"، منوهًة إلى ضرورة المساعدات المالية ولكن المانح هو الذي يتصرف في كيفية المساعدة، وأن عملية توزيع القسائم الشرائية تتم بدقة عالية.

توزيعٌ غير عادلٍ

وقال الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، أن المساعداتِ تحتاجُ إلى ربط وتحكم على مستوى قاعدة المستفيدين، وعدالة في التوزيع من قبل المؤسسات، وعدم التركيز على فئات معينة، وفي المقابل تجاهل فئات أخرى، مشيرًا إلى أن بعض العائلات تحصل على عشرات المساعدات في حين عائلات أخرى تستحق لا تنال سوى الفتات.

ونبّه خلال حديثـه لـ "زوايا" إلى وجوب توحيد قاعدة المستفيدين بالتعاون مع المؤسسات الخاصة والحكومية والأهلية وتوحيد التوزيع، لتصل المساعدات لمختلف القطاعات الهشة التي تستحق، وألا يتم الاقتصار على تركيبة دون الأخرى.

شبهاتُ فسادٍ

وحول فرض المؤسسات سلعًا معينة على العائلات، وتراكمها دون تلبية احتياجاتها الأخرى، قال "أبو جياب" "هناك معضلة حقيقة، فنحن نتحدث عن غياب المعلومات الحقيقية عن احتياجات المواطنين، وتركيز المساعدات الغذائية التي لا تلبي احتياجات المواطنين، قد تكون بوابة لشبهات الفساد".

ونبّه إلى أن تركيز المؤسسات على الشراء من خلال بعض المحال دون الأخرى، قد يفتح الباب لشبهات فسادِ وعقد صفقات، مؤكدًا على ضرورة وجود منظومة شفافة بعيدًا عن "إحداث التخمـة الغذائية" على حساب الاحتياجات الأخرى

وعن إمكانية تطبيق نظام المساعدات الموحد، قال "أبو جياب": "هناك تجارب عديدة ناجحة في هذا الأمر، والكثير من المؤسسات تتعاون مع بعضها ومع وزارة التنمية"، مطالبًا المؤسسات والحكومة بإعداد سياسات واضحة لتقديم المساعدات التي تحتاجها العائلات وأنواعها وتصنيفها، وتطبيقها عمليًا.

ظاهرة بدأ تصحيحها

وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الإسلامية علاء الرفاتي، أن ظاهرة العشوائية في توزيع المساعدات قد بدأ تصحيحها عبر توحيد بيانات 180 جمعية ناشطة في العمل الخيري، تقدم المساعدات للأسر الفقيرة عبر إيجاد قواعد بيانات مشتركة بين الجمعيات العاملة، وتلبية احتياجات الأسر الفقيرة من ملبسٍ ومأكلٍ وإيجار منزل وأشياء أخرى.

وبيّن في حديثــه لـ "زوايا" أن قاعدة البيانات الموحدة للمستفيدين المشكلة من 180 جمعية، تضم بيانات أكثر من 200 ألف أسرة فلسطينية، وتعمل بالشراكة مع جهات حكومية مثل الاتصالات ووزارة الداخلية الجهة المشرفة عن الجمعيات، لمنع تكرار العشوائية وازدواجية المساعدة.

لم نصل للمرحلة المثلى

ويُذكر أن 840 مؤسسة خيرية تعمل في قطاع غزة ، 180 مؤسسة موحدة فقط ومنضوية تحت التجمع المؤسساتي الذي يمتلك قاعدة موحدة لدى لجان الزكاة في قطاع غزة، حسب ما ذكر "الرفاتي".

وأوضح أن العملَ الخيري في قطاع غزة قيد التطور، منبهًا أن إجبار المستفيد شراء سلعًا معينة، بحاجة لإعادة النظر، وبحاجة إلى تطويرٍ، لافتًا إلى أن توزيع المساعدات في غزة لم يصل للمرحلة المثلى، داعيًا لإيجاد قواعد بيانات تضم الجميع، لكيلا يتم تكرار المساعدة لأشخاص معينين، وحرمان فئات أخرى.

وبخصوص المحال المعينة خلال عملية شراء المستفيد، قال "الرفاتي" في إطار التجمع هناك مناقصات رسمية يتبعها تدقيق من وزارة الداخلية التي من حقها أن تحاسب الجمعيات، وكيف تتم عملية ترسية العطاء، لتوزيع الطرود الغذائية والقسام الشرائية من خلال عروض رسمية".

وحول مساعدات عيد الأضحى المتعلقة بـ "اللحوم"، قال إن وزارة الداخلية، فرضت بعض المحددات حول حجم الأضحية، وبيانات المستفيدين من أجل تحسين جودة التوزيع والرقابة على الجمعيات وبالتنسيق مع الوزارات المختصة في توفير جميع البيانات للأسرة المستفيدة (..) وأن أخطاء الأعوام التي سبقت العام الماضي من تلف للحوم خلال التغليف وعدم التبريد، قد تجاوزته الجمعيات الموحدة".

المصدر : خاص زوايا
atyaf logo