<!-- Google Tag Manager --> <script>(function(w,d,s,l,i){w[l]=w[l]||[];w[l].push({'gtm.start': new Date().getTime(),event:'gtm.js'});var f=d.getElementsByTagName(s)[0], j=d.createElement(s),dl=l!='dataLayer'?'&l='+l:'';j.async=true;j.src= 'https://www.googletagmanager.com/gtm.js?id='+i+dl;f.parentNode.insertBefore(j,f); })(window,document,'script','dataLayer','GTM-TPKQ4F92');</script> <!-- End Google Tag Manager -->

"خذوا وقتكم كي تقتلوا الله فيكم!"

مواجهة مواقع التواصل الاجتماعي
مواجهة مواقع التواصل الاجتماعي

مررتُ قبل أيام بتجربةٍ قاسية جعلتني أرجع خطوات كثيرة إلى الخلف، وأقف على عتبة النص الكلي من جديد، بعد أن قامت شركة فيس بوك بتعطيل حسابي الموثق، بعد اشتراك دام لثلاثة عشر عامًا بحجة أن الحساب أو صاحبه، لا يراعي المعايير المجتمعية للشركة، هذه المعايير التي وُضعت خصيصًا للإجهاز على ما تبقى من صوت للقضية الوطنية الفلسطينية.

أنا هنا لا أدعي أنني صوت القضية، وإن كنت أساهم على قدر استطاعتي في إحياء ما يمكن من المفاهيم والأدوات التي ربما تساعد البعض على عدم "الكفر" بما وصلت إليه القضية الوطنية على أيدي الساسة والفصائل الفلسطينية، ولكني هنا أريد الحديث عن التاريخ الشخصي لي، ولا أظن أنه يوجد تاريخ شخصي لفلسطيني ينفصل عن قضيته الوطنية، فهنا الشخصي ذاب في الكلي الوطني، فخُبزنا ومزاجنا ودمنا هو صناعة قضيتنا، وها هي صفحاتنا الشخصية تُعطل بتهمة مناصرة القضية، وما أعلاها من تهمة!

اقرأ أيضاً: "فتح" في الميدان المقدسي: لمنع الاشتعال.. أم إثبات الوجود؟

إن فكرة الارتهان إلى حسابات الكترونية ربما تختفي في لحظة واحدة، ويختفي معها الشخص؛ إن كان رهانه فقط على هذه الأداة التي أثبت بالتجربة أنها أداة في يد من صنعها يتحكم فيها كيفما يشاء دون أي رادع، ويحتكم في هذا السلوك إلى معايير يضعها هو ويبدِّل فيها كيفما شاء فكرة مُخيفة خاصة في ظلِّ عالمٍ باع نفسه تمامًا للمال السياسي تتطلب منا نحن الفلسطينيون البحث عن بدائل تحفظ لنا حقنا في الكلام وفي الألم!

ثلاثة عشر عامًا، أي ما يُقارب من نصف عمري، وهو النصف الذي وصلت فيه إلى درجة من الوعي تؤهلني لأن أبدأ في صناعة المحتوى المكتوب من صنوف الأدب وأنواع المقالة، ناهيك عن الذكريات والصور والتدوين اليومي الذي نفعله جميعنا بشكلٍ عشوائي ربما، لكنه يبقى جزءًا أصيلًا من التاريخ الشخصي الذي يساعد الإنسان على مواصلة مسيرة حياته بتفاصيلها المتشابهة نوعًا ما.

هذا الفعل يطرح تساؤلًا كبيرًا عن جدوى الكتابة والتدوين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتحكم فيها من قبل مالكي تلك المواقع، أي نعم أن لها الأثر البالغ في الانتشار والتأثير، لكن المصيبة أن المالك الدكتاتوري ذاك قد يُقرر أن يمنع هذا الشخص ويقتل حضوره بضغطة زر واحدة. كمن يصنع الترياق والسم في جيبه!

لقد مُورس هذا الفعل العقابي من قبل شركة فيس بوك على المحتوى الفلسطيني منذ عدّة سنوات تحت حجج واهية، والهدف الأساس معروف وهو: حماية الرواية الاسرائيلية من خلال كتم الرواية الفلسطينية المضادة. تلك الرواية الحقيقة التي ترتكن على الحق الطبيعي في مقاومة المحتل بكافة الأشكال التي أقرتها الشرعية الدولية، ولكن يبدو أن الشرعية الدولية أقدم من شركة فيس بوك وعلينا الآن أن نحكم لشرعية معايير مجلس حكماء فيس بوك!

اقرأ أيضاً: أزمة الدواجن بغزة.. ولدت المقاطعة وكشفت الضعف الحكومي في إدارتها

فيما سبق، وعند ارتكاب الاحتلال لجريمة ما في حقنا فيقابلها صمت فلسطيني رسمي، وفقدان أمل شعبي، كنا نسخر من هًوانِنا عندما نصنع وسمًا "هاشتاق" نغرد عليه ونصنع من خلاله انتفاضة الكترونية نعزي بها أنفسنا، اليوم أصبحت هذه "التعزاية" غير مسموح بها، فبعدما أغلق علينا الاحتلال كل الأبواب، ودخل علينا من نوافذ التطبيع العربي المجاني، وحاصرنا حتى بات جزءًا كبير منا يستحضر خطاب الاستسلام للزعيم سياتل، ولكنه يعود من جديد ليضرب الكف على الجبين وينتبه بعدما يستذكر ماذا حلَّ بمن استسلم ويقرأ ما قاله الشاعر محمود درويش في خطبة الهندي الأحمر:

"لن أوقّع باسمِي على بيع شبرٍ من الشّوك حول حقول الذّرة"

لن يُوقع القلم الفلسطيني، ولن يَعدم الوَسيلة، وهو مَن خَلَقَ مِن جَزمةٍ أُفقا، هذا لأن الحق ينتصر دومًا بالكلمة والمبدأ الصحيح، ونحن نجلس في راحة تامة بأن المستقبل لنا، وما دُمنا نُحارَب على الكلمة، فهذه حَربنا التي سوف ننتصر فيها يقينًا، ولن نكون هنودًا حُمرا، ولن نسجل مثله خطاب الاستسلام، بل سنُردد جُملة واحدة جاءت في خطابه يقول فيها "الأرض لا تعود إلى إنسان، بل هو الإنسان يعود إلى الأرض" ونحن هنا على هذه الأرض، وليس الكلام من باب الإنشاء، بل هو حقيقة ليعرف المحتل وأعوانه أن الرهان على هزيمة الكلمة رهان خاسر بأمارة أننا نقتبس الآن عن خطبة يزيد عمرها عن القرن ونصف القرن، كانت قبل الفيس بوك وسوف تعيش إلى الأبد، ومهما حصل من كتم للأنفس وخنق لأعناق الأقلام لن نوقع معاهدة الصلح بين القتيل وقاتله!

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo