بفعل الانقسامات.. تراجع قوة نفوذ اللوبي الموالي لتل أبيب في أمريكا

الصهاينة الأمريكيين
الصهاينة الأمريكيين

بدأ نفوذ اللوبي الموالي لإسرائيل داخل الولايات المتحدة الأمريكية يتضاءل بعد أن ظل فترة طويلة من الزمن مؤثراً لا سيما في الكونغرس الأمريكي، بحكم الواقع الذي يشهده من انقسامات بين الطوائف المتنوعة من المنظمات المختلفة التي تملك برامج تنافس بعضها البعض.

ورأى "دوف واكسمان" الكاتب والمحلل سياسي والمحاضر في العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا أن النظرة إلى اللوبي الموالي لإسرائيل على نطاق واسع باعتباره  ثاني أقـوى لوبي محلي يؤثر بشكل كبير في سياسات الولايات المتحدة، باتت غير دقيقة اليوم.

وأضاف أن الخلافات السياسية العميقة بين الجماعات الموالية لإسرائيل داخل اللوبي جعل من المستحيل عليها أن تعمل يدا بيد وأن تتحدث بصوت واحد إلى حكومة الولايات المتحدة، مثلما كانت تفعل في مستهل عهدها.

وكان لتوقيع اتفاق "أوسلو" للسلام بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 الأثر الكبير الذي أفضى إلى تشرذم اللوبي الموالي لإسرائيل وانقسامه أكثر من أي شيء آخر.

ويعد اللوبي الموالي لإسرائيل في يومنا هذا أكثر تشرذما وتشتتاً مما كان عليه في أي وقت مضى، حيث لا يمثل هذا اللوبي جماعة واحدة موحدة على الإطلاق، بل يتألف في حقيقة أمره من جماعات متباينة، كل جماعة منها تناصر سياسات شتى لصالح "إسرائيل" ولصالح الولايات المتحدة.

وقال "واكسمان" إنه في حالات ليست بالقليلة تتصارع الجماعات المؤيدة لإسرائيل على الوصول إلى أروقة السياسة والتأثير فيها، وكثيرًا ما تتعارض برامج الضغط التي تضعها كل منها، الأمر الذي قوض القدرة الجماعية التي تملكها هذه الجماعات على تشكيل سياسة الولايات المتحدة تجاه "إسرائيل". 

اقرأ أيضاً: ماذا تهدف "إسرائيل" من وراء نسب عمليات الداخل لداعش؟

وكشف "واكسمان" أن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية لم تعد تملك أدوات التأثير التي كانت تملكها في سابق عهدها، حيث كان نفوذها في الماضي لم يضاهيه نفوذ وكانت تتحدث بالنيابة عن طائفة اليهود الأميركيين، ولكن مع الانقسامات المتزايدة التي باتت تعصف باليهود الأميركيين في مواقفهم إزاء إسرائيل, وخاصة في الآراء التي يحملونها بشأن الصراع "الإسرائيلي-الفلسطيني" ما عاد في وسع اللجنة أن تصدق في ادعائها بأنها تمثل الأغلبية الساحقة من يهود أميركا. 

وأوضح المحاضر اليهودي أن سبباً آخر يكمن في إثارة تساؤلات جوهرية حول معنى مصطلح "موالاة إسرائيل" حيث لم تعد ماهية الموقف أو السياسة المرتبطة فعليًا بعبارة "مولاة إسرائيل" واضحة في نظر واضعي السياسات, أو أي واحد آخر في هذا الخصوص. 

وتساءل هل يتساوق تأييد الاتفاق النووي مع إيران أم الاعتراض عليه مع "مولاة إسرائيل"؟ وهل يعد تقديم المساعدات الاقتصادية الأميركية للسلطة الفلسطينية من باب "موالاة إسرائيل" أم لا؟، وهل يندرج دعم إقامة الدولة الفلسطينية ضمن "مولاة إسرائيل"؟ مضيفاً أن الإجابات على هذه الأسئلة تعتمد على الجماعات "الموالية لإسرائيل" التي تُطرح عليها. 

وأضاف:" بينما كانت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية تتمتع في سالف أيامها بما يشبه احتكار توظيف وسم "موالاة إسرائيل"، فهي اليوم تفقد زمام السيطرة على هذا المصطلح، وهو ما أتاح القدرة لواضعي السياسات أن يسوقوا الادعاء بأنهم هم أنفسهم "موالون لإسرائيل" حتى عندما يروجون سياسات عارضتها اللجنة، كما أتاح لواضعي السياسات هؤلاء أن يحصلوا على المعلومات والتحليل والدعم من أي جماعة من الجماعات المؤيدة لإسرائيل وفي وسعهم أيضًا أن يتوجهوا إلى جماعات مختلفة بالاستناد إلى الظروف القائمة واحتياجاتهم المحددة في وقت معين من الأوقات.

اقرأ أيضاً: قبيل شهر رمضان..القدس على صفيح ساخن

وأكد "واكسمان" أن مصطلح "مولاة إسرائيل" نفسه فقد معناه اليوم، فكون المرء "مواليًا لإسرائيل" فهو يحظى بالقبول على نطاق واسع حيث كان يعني مساندة إسرائيل ويدل في مضمونه على دعم حكوماتها وتأييدها.

وأشار إلى أن غاية هذه الجماعات في السابق كانت تكمن في الدفاع بقوة وحماسة عن الإجراءات والسياسات التي تنفذها أي حكومة إسرائيلية كانت في سدة الحكم، والسعي إلى ضمان أكبر قدر ممكن من الدعم الأميركي لتلك الحكومة. 

أما اليوم فيرى الكاتب السياسي أن المنظمات المناصرة لإسرائيل تروج لآرائها والسياسات التي تفضلها والتي تتعارض في أغلب أحوالها مع تلك التي تتبناها الحكومات في إسرائيل.

وقد دأبت الجماعات "المؤيدة لإسرائيل" من تياري اليسار واليمين على فعل ذلك المرة تلو المرة، حيث عارضت الجماعات اليسارية بناء المستوطنات الإسرائيلية، بينما اعترضت الجماعات اليمينية على عملية السلام. 

وبين "واكسمان" أن اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة بات اليوم يشكل مجموعة متباينة من المنظمات، التي تدعو كل واحدة منها إلى برامج السياسات التي تخصها هي دون غيرها، وفي الكثير من الحالات، تنافس هذه المنظمات بعضها
بعضا لجلب انتباه واضعي السياسات الأميركيين ودعمهم وتأييدهم.

يذكر أن اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة يتألف من طائفة من جماعات المناصرة، ولجان العمل السياسي، ومعاهد الخبرة، وجماعات مراقبة وسائل الإعلام التي تسعى إلى التأثير في سياسة حكومة الولايات المتحدة إزاء "إسرائيل"، فيما يشكل اليهود الأمريكيين غالبية الأفراد المنتسبين إلى عضوية هذه المنظمات، بالإضافة إلى الصهاينة المسيحيين الذين يشاركون في الأنشطة التي تؤيد إسرائيل وتناصرها وهو السبب الذي يوجب استخدام المصطلح "اللوبي الموالي لإسرائيل"، بدلاً من مصطلح "اللوبي اليهودي".

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo